تُعوِّل مصر على التوسع في «المشروعات الصناعية» من أجل زيادة العوائد الدولارية للبلاد خلال الفترة المقبلة، خصوصاً مع تخصيص المصانع حصصاً من إنتاجها للتصدير إلى الخارج.
وتحدَّث رئيس الوزراء المصري، مصطفى مدبولي، خلال جولة تفقدية، السبت، لعدد من المصانع في مدينة العاشر من رمضان (على طريق القاهرة - الإسماعيلية الصحراوي) عن إقبال المستثمرين «الكبير» من أجل إقامة مصانع جديدة، مشيراً إلى أن المصانع الجديدة التي دخلت حيِّز الإنتاج تُمثل «إنجازاً نحو توطين مختلف الصناعات».
وأكد مدبولي -في تصريحات صحافية خلال الجولة التي شملت مصانع بقطاعات مختلفة- أن «الدولة قطعت شوطاً مهماً في ملف دعم الصناعة وتيسير إجراءات إقامة المنشآت الصناعية بالنظر لدور قطاع الصناعة المحوري في تحسين عدد من المؤشرات الاقتصادية، وإتاحة مزيد من فرص العمل للشباب».
وتعاني موازنة العام المالي الحالي، التي تختتم في 30 يونيو (حزيران) المقبل، من فجوة تمويلية تُقدر بـ«نحو 10 مليارات دولار»، حسب بيانات رسمية صادرة في وقت سابق عن وزارة المالية. (الدولار الأميركي يساوي 51 جنيهاً في البنوك المصرية).
وترى عضو «لجنة الصناعة» بمجلس النواب المصري (البرلمان)، إيفلين متى، تحركات الحكومة للاستفادة من عوائد الصناعة يجب أن تسير بوتيرة أسرع، في ظل وجود مشكلات لدى عدد من المصانع لم تتم معالجتها بشكل جذري، لافتة إلى أن الصناعة تُعد من القطاعات التي يمكن استغلال عائداتها بشكل جيد لتحسين الوضع الاقتصادي.
وأضافت لـ«الشرق الأوسط» أن الاهتمام بالتصنيع يتصدَّر أولويات الحكومة في الوقت الحالي؛ لكن هناك ضرورة للتعامل مع هذا الاهتمام على مستويات كثيرة، وبشكل يتناسب مع مختلف أشكال المصانع ومراعاة الخصوصية لبعض الصناعات، بالإضافة إلى ضرورة العمل على حل مشكلات المصانع المتوقفة أو التي أغلقت لأسباب إدارية.
وخلال الأسابيع الماضية، التقى نائب رئيس الوزراء وزير النقل والصناعة، كامل الوزير، عدداً من المستثمرين في مختلف المدن المصرية للاستماع إلى مشكلاتهم والمعوقات الموجودة من أجل استئناف العمل بالمصانع المختلفة، كان آخرها الأسبوع الماضي مع مستثمري محافظتي الأقصر وأسوان (صعيد البلاد).
عضو «الجمعية المصرية للاقتصاد السياسي»، محمد أنيس، قال لـ«الشرق الأوسط» إن الفرصة سانحة لتعزيز قطاع الصناعة، مع التغلُّب على العقبات الموجودة بالفعل، وفي مقدمتها «الإجراءات البيروقراطية التي تقيد النشاط الاستثماري، فضلاً عن أهمية تحديد الأولويات بشكل دقيق، وتدريب العمالة الفنية المؤهلة للعمل بالمصانع من وقت مبكر، عبر التوسع في إنشاء المدارس الثانوية والجامعية المتخصصة».
واتخذت الحكومة المصرية عدداً من الإجراءات التي تُسهل بناء المصانع الجديدة، من بينها «تسريع منح الرخصة الذهبية للمستثمرين الراغبين في إنشاء مصانع جديدة، وهي رخصة جامعة لكل التصاريح المطلوبة لتأسيس الشركات وإداراتها وتشغيلها، وتُمنح من مجلس الوزراء بهدف التيسير على المستثمرين وتحسين بيئة الأعمال».
وتفقد مدبولي، السبت، مصانع أدوية وأخرى للصناعات المتطورة، وتعرَّف على خطوط الإنتاج الجديدة. وأكد «التزام الحكومة بتقديم الدعم اللازم لأي مصنع، لدفع العمل به، وإقامة توسعات باستثماراته».
وذكر رئيس الوزراء المصري أن «ما نشهده (اليوم) من تقدُّم في ملف الصناعة يُمثل إنجازاً مُهماً على طريق تحقيق مستهدفات الدولة المصرية لتغطية متطلبات السوق المحلية، بجانب أن معظم هذه المصانع تُخصص حصصاً من إنتاجها للتصدير، ما يُسهم في زيادة العوائد من العملة الأجنبية».
عضو «لجنة الصناعة» بالبرلمان أشارت إلى أن جزءاً من المشكلات الموجودة بالقطاع الصناعي «يُمكن حلها من قبل الحكومة، خصوصاً أن المشكلات نفسها تقريباً تتكرر باستمرار من دون تدخل، ووضع حلول جذرية».
في حين لفت محمد أنيس إلى أهمية وجود رؤية حكومية لاستهداف الاستثمار الأجنبي المباشر في الصناعة القائمة على التصدير، وفهم طبيعة هذه الاستثمارات، ومطالبها التي تعتمد على توفير الأراضي والمباني بجانب العمالة المدربة، وهو «أمر تعاني البلاد من ندرة فيه بشكل لافت».