الجزائر تقضي بسجن الكاتب صنصال 5 سنوات... وفرنسا تندد

مارين لوبان: القرار فضيحة... وسيبقى وصمة لا تُمحى على النظام الجزائري

الكاتب الفرنسي - الجزائري بوعلام صنصال (أ.ف.ب)
الكاتب الفرنسي - الجزائري بوعلام صنصال (أ.ف.ب)
TT
20

الجزائر تقضي بسجن الكاتب صنصال 5 سنوات... وفرنسا تندد

الكاتب الفرنسي - الجزائري بوعلام صنصال (أ.ف.ب)
الكاتب الفرنسي - الجزائري بوعلام صنصال (أ.ف.ب)

أصدرت محكمة الدار البيضاء للجنح بالجزائر العاصمة، ليلة الخميس، حكماً بالسجن 5 سنوات مع النفاذ في حق الكاتب الفرنسي - الجزائري، بوعلام صنصال، الموقوف منذ نوفمبر «تشرين الثاني» الماضي بتهم عدة، منها «المساس بوحدة الوطن»، بحسب مراسل «وكالة الصحافة الفرنسية».

يافطة كتب عليها «أطلقوا سراح بوعلام صنصال» في بلدة بيزيي جنوب فرنسا (أ.ف.ب)
يافطة كتب عليها «أطلقوا سراح بوعلام صنصال» في بلدة بيزيي جنوب فرنسا (أ.ف.ب)

وجاء في منطوق حكم القضية أن المحكمة «حكمت حضورياً وابتدائياً على بوعلام صنصال بالسجن النافذ 5 سنوات، وغرامة مالية 500 ألف دينار»، أي نحو 3500 يورو. وكانت النيابة قد طالبت خلال المحاكمة، التي جرت في 20 من مارس (آذار) الحالي، بالسجن 10 سنوات، وغرامة مليون دينار (700 يورو) بتهم «المساس بوحدة الوطن، وإهانة هيئة نظامية، والقيام بممارسات من شأنها الإضرار بالاقتصاد الوطني، وحيازة فيديوهات ومنشورات تهدد الأمن والاستقرار الوطنيَّين»، وهي جنح منصوص عليها في قانون العقوبات.

تنديد فرنسي

عقب إعلان الحكم، دعا محاميه الفرنسي، فرنسوا زيميراي، الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون إلى «الإنسانية» من خلال العفو عن الروائي لأن «سنّه وحالته الصحية تجعلان كل يوم من السجن أكثر قسوةً» كما قال.

ومن جانبه، قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الفرنسي، كريستوف لوموان، إن باريس «تأسف للحكم»، الصادر عن محكمة جزائرية بحق الكاتب صنصال بالسجن 5 سنوات، وتدعو إلى إنهاء ذلك الوضع «بسرعة وعلى نحو يصون الكرامة». كما ندَّدت وزارة الخارجية الفرنسية بهذا الحكم.

أعربت فرنسا، الخميس، عن أسفها لإدانة الكاتب الفرنسي - الجزائري بوعلام صنصال بالسجن 5 سنوات مع النفاذ في الجزائر، داعية السلطات الجزائرية إلى إيجاد حل «سريع، إنساني ومشرف لهذا الوضع».

وزير الداخلية الفرنسي برونو روتاليو يلقي كلمة خلال مشاركته في مظاهرة للمطالبة بإطلاق سراح صنصال (أ.ب)
وزير الداخلية الفرنسي برونو روتاليو يلقي كلمة خلال مشاركته في مظاهرة للمطالبة بإطلاق سراح صنصال (أ.ب)

وأضاف المتحدث باسم وزارة الخارجية الفرنسية: «نأسف لإدانة مواطننا بوعلام صنصال بعقوبة السجن النافذة... ونجدِّد دعوتنا إلى حل سريع، إنساني ومشرف لهذا الوضع». كما تجمَّع مئات الأشخاص في باريس؛ للمطالبة بالإفراج عنه، بينهم شخصيات من اليمين المتطرف، مثل مارين لوبان وإيريك زمور.

في سياق ذلك، ندَّد نواب فرنسيون من جميع الأطياف بشدة بصدور حكم بالسجن 5 سنوات على الكاتب صنصال، أحد أسباب تفاقم الأزمة في العلاقات بين فرنسا والجزائر.

مارين لوبان عدّت قرار سجن الكاتب صنصال «فضيحةً... وسيبقى وصمة لا تُمحى على النظام الجزائري» (رويترز)
مارين لوبان عدّت قرار سجن الكاتب صنصال «فضيحةً... وسيبقى وصمة لا تُمحى على النظام الجزائري» (رويترز)

وقالت زعيمة التجمع الوطني اليميني المتطرف، مارين لوبان، إن إدانة صنصال «هي في الواقع، بالنظر إلى عمره وحالته الصحية، حكم بالسجن مدى الحياة»، عادّةً القرار «فضيحةً... وسيبقى هذا وصمةً لا تُمحى على النظام الجزائري. وفي الواقع، بوعلام صنصال هو رهينة النظام الجزائري الذي يستخدمه لإرضاخ فرنسا». من جهتها، أكدت ماتيلد بانو من حزب اليسار الراديكالي «فرنسا الأبية»، أن «جريمة الرأي يجب ألا يكون لها وجود. نحن نطالب مرة أخرى بإطلاق سراحه فوراً» كما كتبت على منصة «إكس».

رئيس الوزراء السابق غابرييل أتال ندد بقرار سجن صنصال ووصفه بـ«مهزلة قضائية» (أ.ف.ب)
رئيس الوزراء السابق غابرييل أتال ندد بقرار سجن صنصال ووصفه بـ«مهزلة قضائية» (أ.ف.ب)

وكذلك عدّ لوران فوكييه، زعيم نواب حزب اليمين «الجمهوريون»، على منصة «إكس» «إدانة صنصال غير عادلة من نظام يكره الحرية»، داعياً إلى «الخروج من الخضوع للنظام في الجزائر». أما رئيس الوزراء السابق، غابرييل أتال، رئيس الحزب الرئاسي «النهضة» ومجموعته البرلمانية في الجمعية الوطنية، فقد ندَّد عبر منصة «إكس» بـ«مهزلة قضائية». ودخل الكاتب، الذي يعاني مرض السرطان، قاعة المحاكمة غير مقيد اليدين برفقة عناصر شرطة، وظهر حليق الرأس ومرتدياً بزة خضراء، ثم أخذ مكانه في القاعة قبل أن يناديه القاضي ليسمع الحكم.

تجمع لليمين الفرنسي وسط باريس للمطالبة بإطلاق سراح الكاتب بوعلام صنصال (رويترز)
تجمع لليمين الفرنسي وسط باريس للمطالبة بإطلاق سراح الكاتب بوعلام صنصال (رويترز)

ونفى الروائي، البالغ 80 سنة، بحسب دار «غاليمار» للنشر المتعاقد معها، خلال المحاكمة أي نية للإضرار ببلده، عادّاً أنه «مجرد تعبير عن الرأي، كما يفعل أي مواطن جزائري»، ومشيراً إلى «عدم إدراكه لما قد تحمله بعض عباراته من مساس بالمؤسسات الوطنية»، بحسب ما أوردت صحيفة جزائرية حضرت المحاكمة. وجاء توقيف صنصال وسط أزمة دبلوماسية تسبَّب بها إعلان باريس الصيف الماضي تأييدها تطبيق الحكم الذاتي في الصحراء، ما دفع الجزائر الى سحب سفيرها من فرنسا. وقبل النطق بالحكم رأى محللون أن مصير صنصال قد يلعب دوراً حاسماً في تهدئة أكبر أزمة دبلوماسية في العلاقات بين الجزائر وباريس منذ عقود، من خلال «إدانة مخففة، أو مع وقف التنفيذ لأسباب طبية»، أو حتى عقوبة سجن «يتبعها عفو رئاسي» في نهاية رمضان. والأربعاء ذكر موقع «كل شيء عن الجزائر» أن باريس تحضر زيارة لوزير الخارجية جان نويل بارو إلى الجزائر. ويقول المحلل في مركز البحث في شؤون العالم العربي والمتوسط في جنيف، حسني عبيدي، إن تبون يتمنى «نتيجةً سريعةً ومشرفةً». وبمجرد حل قضية صنصال، يرى أنه سيكون لدى ماكرون مساحة أكبر للتحرك لاستعادة السيطرة على ملف العلاقات مع الجزائر، الذي يحتكره وزير داخليته برونو روتاليو، بحسب رأيه. وبات صنصال غير المعروف على نطاق واسع في فرنسا قبل هذه القضية، يحظى بتضامن واسع بين الفرنسيين. وقد تجمَّع مئات الأشخاص قبل يومين في باريس للمطالبة بالإفراج عنه، وبالتزامن مع المحاكمة، قال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إنه يثق بـ«فطنة» نظيره الجزائري عبد المجيد تبون «ليدرك أن كل هذا (التهم ضد صنصال) ليس أمراً جدياً»، مطالباً مرة أخرى بالإفراج الفوري عن الكاتب. وقبل سجنه، كان صنصال الذي شغل مناصب ذات مسؤولية رفيعة المستوى في الحكومة الجزائرية سابقاً، صوتاً ناقداً للسلطة، لكنه كان يزور الجزائر بشكل عادي وكتبه تُباع فيها من دون قيود.

إشارات إيجابية

بالنسبة لباريس، أعطى الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون إشارات إيجابية عندما اعتمد موقف تهدئة في مقابلة السبت مع وسائل إعلام حكومية، مشيراً إلى الرئيس ماكرون بوصفه «نقطةً مرجعيةً وحيدةً» لحل الخلاف بين بلاده وفرنسا، وعادّاً أن القضية «بين أيادٍ أمينة». وحول ملف الصحراء، قال تبون إنه ليس لديه أي شيء ضد الصداقة المتجددة بين باريس والرباط. وتحدَّث الرئيس الجزائري عن «لحظة سوء فهم» مع باريس. وتعدّ الجزائر نفسها ضحيةً لحملة من اليمين واليمين المتطرف الفرنسي، الذي يكثِّف الدعوات لمعاقبة الجزائر، أو حتى قطع العلاقات معها. ويقود وزير الداخلية الفرنسي برونو روتاليو، الذي يقوم بحملة لرئاسة حزب الجمهوريين اليميني، هذه المعركة. وهدَّد روتاليو الذي يعدّ نفسه صديقاً لصنصال، بـ«رد متدرج»، بعدما رفضت الجزائر استقبال مؤثرين جزائريين طُردوا في يناير «كانون الثاني» الماضي من فرنسا بعد تهديدهم معارضين على الإنترنت.

تعدّ الجزائر نفسها ضحية حملة من اليمين المتطرف الفرنسي يقودها وزير الداخلية الفرنسي برونو روتاليو (رويترز)
تعدّ الجزائر نفسها ضحية حملة من اليمين المتطرف الفرنسي يقودها وزير الداخلية الفرنسي برونو روتاليو (رويترز)

وأشار الوزير الفرنسي أيضاً إلى الجزائر بعد هجوم دامٍ في 22 من فبراير «شباط» الماضي في فرنسا نفَّذه جزائري فرضت عليه السلطات مغادرة ترابها، غير أن الجزائر رفضت مرات عدة استعادته.



السودان: تصاعد لغة الحرب بين طرفي النزاع

مبانٍ مُدمّرة في حيّ «جنوبي» بالخرطوم (أ.ف.ب)
مبانٍ مُدمّرة في حيّ «جنوبي» بالخرطوم (أ.ف.ب)
TT
20

السودان: تصاعد لغة الحرب بين طرفي النزاع

مبانٍ مُدمّرة في حيّ «جنوبي» بالخرطوم (أ.ف.ب)
مبانٍ مُدمّرة في حيّ «جنوبي» بالخرطوم (أ.ف.ب)

ارتفعت لغة التصعيد العسكري في خطابين أدلى بهما طرفا الحرب في السودان؛ قائد الجيش عبد الفتاح البرهان وقائد «قوات الدعم السريع» محمد حمدان دقلو (حميدتي)، إذ أكد كل منهما على مواصلة الحرب حتى النهاية، وقضاء كل طرف على الآخر.

ويأتي خطابا البرهان وحميدتي بعد متغيرات ميدانية كبيرة، إذ أعلن الجيش مؤخراً السيطرة الكاملة على العاصمة الخرطوم بعد طرد «قوات الدعم السريع» منها.

وبينما تعهد البرهان في خطاب العيد أن تقاتل قواته حتى النصر، مستبعداً السلام مع «الدعم السريع» ما لم تسلم أسلحتها، تعهد «حميدتي» من جانبه أن قواته التي انسحبت من الخرطوم «ستعود إليها أشد قوة ومنعة وانتصاراً».

وأثارت أنباء عن انسحاب «الدعم السريع» من الخرطوم من دون قتال كبير جدلاً واسعاً حول وجود اتفاق بين الطرفين، لكن البرهان و«حميدتي» أكدا أنه لا صحة إطلاقاً لهذا الحديث.