أثار حديث مبعوث الرئيس الأميركي إلى الشرق الأوسط، ستيف ويتكوف، بشأن الوضع في مصر امتعاضاً في القاهرة. وبينما عده البعض «رسالة تهديد وتحذير مبطنة» للبلاد، رأى آخرون أنه تضمن «تعبيرات حادة»، في محاولة للإشارة إلى أنه «لا يمكن السماح بخسارة مصر».
حديث ويتكوف عن مصر، جاء في معرض رده على سؤال بشأن تأثير الأوضاع في قطاع غزة على دول الجوار، وما إذا كان ذلك يثير نوعاً من القلق. وقال ويتكوف، في مقابلة مع الإعلامي الأميركي، تاكر كارلسون، نشرت على منصة «يوتيوب»: «مصر في الواجهة... وأعتقد أن كل الأمور الجيدة التي حصلت بعد الانتخابات بسبب القضاء على نصر الله والسنوار، يُمكن عكسها إذا خسرنا مصر».
وأوضح أن «البيانات في مصر تشير إلى معدل بطالة ضخم، نحو 45 في المائة. لا يُمكن أن تستمر دولة هكذا. وهم (المصريون) مفلسون بصورة كبيرة وبحاجة إلى الكثير من المساعدة». وأضاف: «إذا ما حصل شيء سيئ في مصر، فقد يدفعنا ذلك إلى الوراء... ولهذا علينا حل موضوع غزة».
وتداول إعلاميون ونشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي تصريحات ويتكوف، منتقدين حديثه عن مصر، ومطالبين برد رسمي على ما تضمنه من معلومات «مغلوطة» أو رسائل «تهديد وتحذير مبطنة».

وأبدى الإعلامي المصري، نشأت الديهي، امتعاضاً من حديث ويتكوف، ووصفه في منشور عبر حسابه على منصة «إكس»، بأنه «مطور عقاري لم يقرأ التاريخ، ولم يعرف خطوط الجغرافيا، ولا يفهم طبيعة وتعقيدات المنطقة، ولم يعرف الدور المصري في الإقليم». وقال: «مصر ليست دولة مفلسة. ولتذهب معونتكم إلى الجحيم». وأكد الديهي أن «نسبة البطالة في مصر لا تزيد على 6 في المائة، وأن نظام الحكم مستقر وراسخ».
المطور العقاري ويتكوف لم يقرأ التاريخ ولم يعرف خطوط الجغرافياولا يفهم طبيعة وتعقيدات المنطقة ولم يعرف الدور المصري في الإقليمواقول له :- مصر ليست دولة مفلسة ولتذهب معونتكم إلى الجحيم- مصر لا تعاني من نسبة بطالة ٤٥٪ كما قلت كذبا او جهلا وعليك بالاتصال بصندوق النقد والبنك... pic.twitter.com/WSnRayr1zj
— نشأت الديهي (@eldeeehy) March 22, 2025
ووصف عضو مجلس النواب المصري السابق (البرلمان)، محمد أبو حامد، في منشور عبر حسابه على «إكس»، تصريحات ويتكوف بأنها «محبطة»، مشيراً إلى أن حديثه «يوحي بأن الدولة المصرية هشة، وأن استقرارها مرتبط بغزة أو غيرها».
تصريحات المبعوث الأميركي للشرق الأوسط ستيف ويتكوف بخصوص مصر جاءت محبطة ، وأعتقد أن الحكومة ملزمة بالرد عليها خاصة: ما يوحي من تصريحاته بأن الدولة المصرية هاشة وأن استقرارها مرتبط بغزه او غيرها ، وكلامه عن أن مصر مفلسة تماماً ، و كلامة عن نسبة البطالة بين الشباب .
— Mohamed Abu Hamed (@MohamedAbuHamed) March 22, 2025
وأكد الإعلامي المصري، أحمد موسى، عبر حسابه على «إكس»، أن ويتكوف «ذكر أرقاماً خاطئة تماماً، ومعلومات مضللة وليست دقيقة في معظمها عن مصر»، مشيراً إلى أنه «طبقاً لبيانات المسح التتبعي لسوق العمل في مصر، سواء تقرير (منتدى البحوث الاقتصادية) و(الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء) فإن معدلات البطالة 6 في المائة، وبالنسبة للشباب من 15 حتى 24 عاماً بلغت البطالة 14.7 في المائة عام 2023».
وقال إن «شعب مصر يتحمل الظروف وكل الضغوط مهما كانت، ولن يسمح بتمرير مخطط التهجير للحفاظ على أمننا القومي، والكلام عن إفلاس مصر مجرد أمنيات».
ماذا جاء فى مقابلة المبعوث الأمريكى ستيف ويتكوف مع الإعلامى الأمريكى تاكر كارلسون فيما يتعلق بمصر والأردن والسعودية وسوريا ؟طبعا ذكر أرقام عن مصر خاطئة تماما ومعلومات مضللة وليست دقيقة فى معظمها .السؤال كان عن غزة وتأثير ما يجرى على الأوضاع فى مصر والمملكة العربية السعودية...
— أحمد موسى - Ahmed Mousa (@ahmeda_mousa) March 22, 2025
وشاركت الإعلامية داليا أبو عمر جزءاً من تصريحات ويتكوف عبر حسابها على منصة «إكس»، مصحوباً بتعليق «مصر باقية بقاء الدهر».
مصر باقيه بقاء الدهر اعملوا حسابكم علي كده https://t.co/ovmRe1HAeh
— Dalia Abou Omar (@daliaAO) March 21, 2025
وعدّ مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق، السفير حسين هريدي، حديث ويتكوف، «تهديداً مبطناً لمصر». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التصريحات تضمنت نوعاً من الابتزاز والترهيب لمصر، بهدف الضغط عليها لتقبل التهجير القسري للفلسطينيين، ولا تقف في مواجهة محاولات تصفية القضية الفلسطينية».
وأضاف: «تضمنت التصريحات رسائل مبطنة، مفادها أن الولايات المتحدة قد تتخذ إجراءات ضد مصر تزيد من قساوة الوضع الاقتصادي في البلاد»، مشيراً إلى أنه «ليس من قبيل المصادفة أن تأتي تصريحات ويتكوف بعد يوم من مزاعم إعلامية عن استقبال مصر نصف مليون فلسطيني من غزة في سيناء». وتابع: «كل هذا يصب في محاولة الضغط على مصر لقبول مخطط التهجير».
ونفت مصر بشكل قاطع أخيراً «مزاعم» روّج لها إعلام إسرائيلي بشأن نقل نصف مليون فلسطيني من قطاع غزة إلى محافظة شمال سيناء شرق البلاد المتاخمة للحدود مع غزة، مؤكدة تمسكها بـ«خطة إعمار القطاع».
ولا يعدّ عضو مجلس الشيوخ المصري (الغرفة الثانية في البرلمان)، الدكتور عبد المنعم سعيد، تصريحات ويتكوف عن مصر «تحذيراً أو تهديداً مبطناً»، وإن كان يرى أنه «استخدم تعبيرات حادة عند حديثه عن مصر لم يستخدمها عند الحديث عن دول أخرى في المنطقة».
وقال سعيد لـ«الشرق الأوسط»: «ويتكوف كان يتحدث عن ضرورة إيقاف الحرب في غزة، لأن تأثيرها يمتد للمنطقة ككل، لكنه استخدم تعبيرات حادة عند الحديث عن الوضع في مصر وتضمنت تصريحاته معلومات غير دقيقة». وأوضح أن «حديث ويتكوف يُمكن فهمه في سياق ما كان يتردد في الدوائر الغربية منذ أحداث عام 2011، وهو أن مصر كبيرة جداً لتفشل»، بمعنى «أن دولة بحجم مصر لو سقطت لأي سبب فستكون العواقب وخيمة على العالم أجمع».
وأشار إلى أنه «بدا من حديث ويتكوف أنه لا يعلم شيئاً عن الوضع الحالي في مصر، حيث قدم معلومات غير صحيحة عن نسب البطالة ووضع الاقتصاد». وحمَّل سعيد الإعلام مسؤولية «عدم إيصال صورة حقيقية عن الأوضاع في مصر».

ولفت عضو «المجلس المصري للشؤون الخارجية»، السفير محمد حجازي، إلى أن «ويتكوف محق في تقدير مخاطر ممارسات إسرائيل في غزة على دول المنطقة، وكذلك محق في تقدير أهمية مصر ومكانتها، وأنه لا يمكن أن يتحقق الاستقرار في المنطقة دونها».
لكن حجازي أشار في حديثه لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «ويتكوف خالفه الصواب في تقديره لمناعة مصر وقدرتها على الصمود ومواجهة التحديات»، متسائلاً: «من أين جاء ويتكوف بأرقامه غير الدقيقة عن معدلات البطالة في مصر»، موضحاً أنه «على المبعوث الأميركي أن يستمع أكثر عن مصر ليدرك طبيعة الأمور وحقيقة الأوضاع».
وسبق أن لوَّحَ الرئيس الأميركي دونالد ترمب بإمكانية وقف المساعدات لمصر، إذا لم تقبل استقبال اللاجئين الفلسطينيين. وقال للصحافيين الشهر الماضي: «ربما أوقف المساعدات للأردن ومصر إذا لم يستقبلا اللاجئين». وذلك عقب طرحه مقترحاً لتهجير الفلسطينيين من قطاع غزة وتحويله إلى «ريفييرا الشرق الأوسط». وهو المقترح الذي واجه رفضاً دولياً وعربياً واسعاً، تم على أثره اعتماد خطة عربية لإعادة إعمار قطاع غزة في قمة طارئة عقدت بالقاهرة مطلع الشهر الحالي.