تباين ليبي بشأن نقل مقار مؤسسات حكومية من العاصمة إلى بنغازي

الدبيبة التزم الصمت بعد قرار حمّاد المفاجئ

حماد مستقبلاً وئام العبدلي مدير عام الشركة العامة للكهرباء المعيَّن من جانبه (مكتب حماد)
حماد مستقبلاً وئام العبدلي مدير عام الشركة العامة للكهرباء المعيَّن من جانبه (مكتب حماد)
TT
20

تباين ليبي بشأن نقل مقار مؤسسات حكومية من العاصمة إلى بنغازي

حماد مستقبلاً وئام العبدلي مدير عام الشركة العامة للكهرباء المعيَّن من جانبه (مكتب حماد)
حماد مستقبلاً وئام العبدلي مدير عام الشركة العامة للكهرباء المعيَّن من جانبه (مكتب حماد)

تباينت آراء سياسيين ومحللين ليبيين بشأن مدى إمكانية تنفيذ قرار أسامة حماد، رئيس الحكومة المكلفة من البرلمان، نقل المقر الرئيسي للشركة العامة للكهرباء من العاصمة طرابلس إلى بنغازي، خصوصاً أن هذا القرار سبقته خطوات مماثلة بشأن مقار مؤسسات سيادية لم تُنفَّذ بعد.

ويُعد الجدل بشأن مقار المؤسسات السيادية حلقة في صراع سياسي مستمر، في بلدٍ تتنازع سُلطته حكومتان: الأولى «الوحدة الوطنية» المؤقتة برئاسة عبد الحميد الدبيبة التي تتخذ من طرابلس مقراً لها، والثانية بقيادة حماد؛ وتدير المنطقة الشرقية وبعض مدن الجنوب.

والتزمت حكومة طرابلس الصمت بشأن قرار حماد، الذي برَّره بـ«مركزية اتخاذ القرار في الشركة، التي أدت إلى تردٍّ ملحوظٍ في الخدمات المقدَّمة»، وفق نص القرار.

ويقف في جبهة المدافعين عن إمكانية تنفيذ هذا القرار، عضو مجلس النواب محمد عامر العباني، الذي تحدَّث، لـ«الشرق الأوسط»، عما وصفه بـ«زوبعة في فنجان» بشأن ما عدَّه «قراراً إدارياً قابلاً للتنفيذ».

ومن منظور العباني، فإن «القرار صادر عن حكومة شرعية حائزة ثقة البرلمان بنقل مقر شركة أو مؤسسة من مدينة إلى أخرى في دولة بسيطة وليست مركبة»، وفق تعبيره.

ويدفع المؤيدون لقرار حماد بـ«سند تاريخي» عبر مرسوم للملك الراحل إدريس السنوسي في 1967 بإنشاء مؤسستين عامتين للكهرباء؛ إحداهما للمحافظات الغربية ومقرها طرابلس، والثانية للمحافظات الشرقية ومقرها بنغازي.

رئيس مجلس إدارة الشركة العامة للكهرباء محمد المشاي في اجتماع مع مديري الشركة بطرابلس (الشركة)
رئيس مجلس إدارة الشركة العامة للكهرباء محمد المشاي في اجتماع مع مديري الشركة بطرابلس (الشركة)

وسبق أن طالب سياسيون ليبيون بإنشاء شركة كهرباء لبرقة وفزان (الإقليمين التاريخيين في شرق وجنوب البلاد)، بحجة «تفكيك مركزية الشركة بطرابلس». ومِن بين الداعين لذلك وكيل وزارة الخارجية السابق، حسن الصغير، الذي أكد أن قرار نقل شركة الكهرباء إلى بنغازي «يجنبها تبِعات إنشاء شركات جديدة تتطلب شبكات خاصة وأصولاً مالية وعقارية جديدة، وتعيين موظفين، وإجراءات للتعاقدات والتوريدات الدولية».

في المقابل، فإن المستبعدين لتنفيذ قرار نقل المقر يستندون إلى أن قانون إنشاء شركة الكهرباء الليبية، الصادر في عام 1959، جعل مقرها الرئيسي في طرابلس، وهو ما ينطبق أيضاً على قانون أصدره نظام الرئيس الراحل معمر القذافي عام 1984.

وهنا يرى المحلل السياسي صلاح البكوش أنه «لا يمكن تعديل قانون عبر قرار تنفيذي»، ويرى أن «التشريع لا يعدله أو يلغيه إلا قانون آخر من الهيئة التشريعية». واستنتج أن حماد «وجد من الصعب تمرير قانون بالخصوص في مجلس النواب الذي يشكل فيه الطرابلسيون الكتلة الكبرى».

في الوقت نفسه، يستند البكوش، في تصريح، لـ«الشرق الأوسط»، إلى «الانعكاسات السلبية لتنفيذ قرار نقل 7 آلاف موظف وعائلاتهم إلى بنغازي، مع كل ما يصاحب ذلك من تكاليف واضطرابات في حياتهم».

أما المحلل السياسي عبد الحكيم فنوش فيرى أن حكومة حماد «لا تملك آليات لذلك، ما دامت لا تتحكم في الميزانية وتوزيعها»، وفق ما ذكر، لـ«الشرق الأوسط».

ووفق اعتقاد فنوش، فإن «القبول بنقل مقر شركة الكهرباء قد يشجع على المطالبة بنقل جميع الهيئات والمؤسسات إلى طرابلس، وعلى رأسها المصرف المركزي والمؤسسة الوطنية للنفط وغيرهما».

ولا تجد قرارات نقل المؤسسات السيادية الليبية إلى بنغازي تنفيذاً في ليبيا، إذ سبق أن أصدر رئيس الوزراء الأسبق علي زيدان، في يونيو (حزيران) 2013، قرار نقل المؤسسة إلى بنغازي.

أما بخصوص المصرف المركزي، ورغم انقسامه إلى إدارتين في طرابلس والبيضاء (شرق ليبيا) لمدة 9 أعوام، قبل أن يتوحد في عام 2023، لكن تصريف الأمور المالية والنقدية في ليبيا خضع عملياً لسلطة المصرف في طرابلس.

من جهته، عدَّ عضو المجلس الأعلى للدولة، سعد بن شرادة، قرار نقل مقر شركة الكهرباء «غير صائب»، و«يزيد من تشرذم مؤسسات الدولة المتبقية». وقال، لـ«الشرق الأوسط»، إن تطبيق قرار النقل إلى بنغازي «يعني انقساماً كلياً لشركة الكهرباء».

ويتزامن قرار الحكومة في شرق ليبيا مع استمرار جدل سياسي ودستوري بشأن الدعوة إلى «ضرورة العمل بنظام الأقاليم الثلاثة بمجالس تشريعية مستقلة» وهو الطرح الذي تبنّاه نائب رئيس «المجلس الرئاسي» موسى الكوني.

ولم يتوقف الجدل عند حدود نقل مقر شركة الكهرباء إلى بنغازي، بل إن تعيين وئام العبدلي رئيساً لمجلس إدارتها كان مثار جدل أوسع، علماً بأن العبدلي كان رئيساً للشركة في طرابلس، إلى أن أوقفه الدبيبة وأحاله إلى التحقيق، قبل أن يُعين محمد عمر المشاي رئيساً في يوليو (تموز) 2022.


مقالات ذات صلة

الدبيبة يحمّل البرلمان الليبي مسؤولية «غياب» القوانين اللازمة للانتخابات

شمال افريقيا الدبيبة في ملتقى ضباط جهاز دعم المناطق بطرابلس (حكومة «الوحدة»)

الدبيبة يحمّل البرلمان الليبي مسؤولية «غياب» القوانين اللازمة للانتخابات

حمّل الدبيبة المسئولية الكاملة لعقيلة صالح رئيس مجلس النواب وأعضائه، باعتباره الجهة المخولة بإصدار هذه التشريعات. واتهمه بالإخفاق في توفير الأساس القانوني.

خالد محمود (القاهرة)
شمال افريقيا عدد من المهاجرين «المحررين» في شرق ليبيا (جهاز البحث الجنائي)

ليبيا: حبس 4 متهمين بقتل 10 مهاجرين والاتجار بالبشر

قالت النيابة الليبية إن شبكة التهريب أخضعت المهاجرين لمعاملة قاسية لإجبار ذويهم على دفع مبالغ مالية تحت وطأة مشاهدة التسجيلات المرئية التي توثِّق مشاهد تعذيبهم.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا صدام حفتر (رئاسة أركان القوات البرية التابعة للجيش الوطني)

ليبيا: مطالب بالتحقيق في «أنشطة مشبوهة» لشركة نفطية تابعة لنجل حفتر

رغم نفي المؤسسة الوطنية للنفط في ليبيا بشأن ما يتعلق بشركة «أركنو»، فإن «التحالف الليبي لأحزاب التوافق الوطني» يدعو الأجهزة الرقابية لفتح تحقيق في جميع أنشطتها.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا صورة أرشيفية لاجتماع اللافي مع المبعوثة الأممية (المجلس الرئاسي الليبي)

عضو في «المجلس الرئاسي» الليبي يسعى لـ«حوار جديد» لحلّ الأزمة السياسية

لم يحدد اللافي موعداً لبدء هذه الحوارات الليبية أو مكانها مكتفياً بالإشارة إلى أنها ستعقد خلال الفترة المقبلة.

خالد محمود (القاهرة)
شمال افريقيا من حفل إفطار أقامه مستشار الدبيبة وحضره قادة ميليشيات مسلحة في طرابلس  (حسابات ليبية موثوقة)

إفطار رمضاني لقادة ميليشيات طرابلس يثير تساؤلات بشأن «نفوذهم السياسي»

جمع إبراهيم الدبيبة مستشار رئيس حكومة «الوحدة» الليبية المؤقتة على مائدة إفطار قيادات أمنية رسمية، بالإضافة إلى أمراء التشكيلات المسلحة البارزين في طرابلس.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

الحوثيون يتهمون واشنطن بشن غارتين على صعدة

يمنيون يتفقدون الأضرار في مبنى مستشفى  لعلاج السرطان والأورام بعد يوم من استهدافه بغارة أميركية (أ.ف.ب)
يمنيون يتفقدون الأضرار في مبنى مستشفى لعلاج السرطان والأورام بعد يوم من استهدافه بغارة أميركية (أ.ف.ب)
TT
20

الحوثيون يتهمون واشنطن بشن غارتين على صعدة

يمنيون يتفقدون الأضرار في مبنى مستشفى  لعلاج السرطان والأورام بعد يوم من استهدافه بغارة أميركية (أ.ف.ب)
يمنيون يتفقدون الأضرار في مبنى مستشفى لعلاج السرطان والأورام بعد يوم من استهدافه بغارة أميركية (أ.ف.ب)

أعلنت قناة «المسيرة» التابعة للحوثيين، الثلاثاء، أن غارات جديدة نسبتها إلى الولايات المتحدة استهدفت محافظة صعدة معقل الحركة.

وأفاد مراسل القناة في المنطقة بـ«عدوان أميركي بغارتين على مديرية سحار».

ومنذ 15 مارس (آذار)، تشنّ الولايات المتحدة ضربات جوية كثيفة ضدّ الحوثيين الذين قالوا إنهم ردّوا باستهداف حاملة طائرات أميركية في البحر الأحمر مرات عدة.

وفي ذاك اليوم، وجّهت الولايات المتحدة ضربات جويّة عدّة قالت إنها أودت بحياة مسؤولين كبار في الحركة التي أعلنت من جهتها مقتل 53 شخصاً جرّاء الغارات الأميركية.

ومذاك، تشهد المناطق التي تسيطر عليها الجماعة في اليمن غارات أميركية بوتيرة شبه يومية.

وتوعّد الرئيس الأميركي دونالد ترامب الأسبوع الماضي بالقضاء على الحركة المدعومة من إيران، محذّراً طهران من استمرار تقديم الدعم لها.

وعقب اندلاع الحرب في غزة إثر الهجوم غير المسبوق لحركة «حماس» على جنوب إسرائيل في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023، شنّ المتمرّدون الحوثيون عشرات الهجمات الصاروخية على إسرائيل وفي البحر الأحمر، حيث استهدفوا سفناً اتهموها بأنها على ارتباط بالدولة العبرية؛ وذلك دعماً للفلسطينيين، على حدّ قولهم.

وهم أوقفوا هجماتهم على إسرائيل والبحر الأحمر مع بدء سريان الهدنة في غزة في 19 يناير (كانون الثاني) 2025، لكنهم استأنفوها مع خرق الدولة العبرية للهدنة وتوعدوا بتكثيفها ما دام استمرّ القصف على القطاع.

وارتباطاً بالموضوع توعد الحوثيون في اليمن، بمواصلة عملياتها الهجومية إسناداً لغزة في مواجهة إسرائيل مهما كانت التبعات.

وقال رئيس المجلس السياسي الأعلى للحوثيين مهدي المشاط في خطاب تابعته وكالة الأنباء الألمانية: «موقفنا واضح وثابت في مساندة الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، ولن يتغير حتى وقف العدوان، ورفع الحصار مهما كانت التبعات ومهما كانت النتائج، ولدينا من الخيارات ما يدفع عن بلدنا تجاوز أي متغطرس، وسنعلن عنها عند اللزوم».

وشدد المسؤول الحوثي قائلاً: «لن يثنينا العدوان الأميركي بكل أشكاله، عن الاستمرار في تلك المساندة التي كشفت عن صوابية موقفنا، وحقيقة التوحش والإجرام الأميركي، وتسقط كل ادعاءات وشعارات الحرية والحقوق عن هذا العدو أمام العالم وأمام أبناء شعبنا».

وأردف: «شرفنا الله في هذه الليالي الرمضانية، بالاستمرار بمشاركة إخواننا في فلسطين بقيادة غزة الإسلام والعروبة جهادهم العظيم وتضحياتهم العزيزة التي يقدمونها بسخاء في سبيل الله ودفاعاً عن شرف الأمة المهدور، ومقدساتها وحقوقها المغتصبة، وخوض البحر في وجه فرعون العصر أميركا».

ومضى قائلاً: «شعب الإيمان والحكمة لن يتأثر ولن يتراجع، بقدر ما يزيده العدوان الأميركي إصراراً على الصمود، واستمراراً في المساندة والنصرة».

ومنذ أيام يشن الحوثيون ضربات صاروخية ضد مواقع إسرائيلية وحاملة طائرات أميركية في البحر الأحمر، عقب فشل الهدنة بين إسرائيل وحركة «حماس»؛ «مساندة ودعماً لغزة»، على حد وصف الجماعة المتحالفة مع إيران.