خبراء: القلق الإسرائيلي من السلاح المصري «لا يزعزع» التزامات السلام

الفريق أحمد خليفة رئيس أركان الجيش المصري يتفقد معبر رفح من الجانب المصري نهاية العام الماضي (الجيش المصري)
الفريق أحمد خليفة رئيس أركان الجيش المصري يتفقد معبر رفح من الجانب المصري نهاية العام الماضي (الجيش المصري)
TT

خبراء: القلق الإسرائيلي من السلاح المصري «لا يزعزع» التزامات السلام

الفريق أحمد خليفة رئيس أركان الجيش المصري يتفقد معبر رفح من الجانب المصري نهاية العام الماضي (الجيش المصري)
الفريق أحمد خليفة رئيس أركان الجيش المصري يتفقد معبر رفح من الجانب المصري نهاية العام الماضي (الجيش المصري)

يتنامى القلق الإسرائيلي من الوجود العسكري المصري على الحدود بين البلدين، وتزايد تسليح الجيش خلال السنوات الأخيرة، إلا أن مصدراً مصرياً مطلعاً وخبراء، قللوا من تأثير ذلك على اتفاقية السلام الموقعة بين الطرفين.

وبحسب تقارير إعلامية إسرائيلية حديثة، فقد حذر أعضاء بالكنيست الإسرائيلي من «حشد عسكري مصري في سيناء يتجاوز اتفاقية السلام»، في مؤتمرٍ عُقد بالكنيست حول الوضع الأمني على الحدود المصرية.

ووفق موقع «jdn» الإخباري الإسرائيلي، فقد دعا المشاركون إلى «إعادة النظر في الفرضيات الأمنية، والاستعداد لأي سيناريو، مؤكدين أن دروس الحرب تتطلب يقظةً متزايدة، وأن مصر قد تتحول في أي لحظة لجبهة قتالية».

وخلال المؤتمر الذي عُقد بعنوان: «الحدود الإسرائيلية - المصرية: واقع أمني متغير»، أعرب أعضاء الكنيست ومسؤولو الأمن عن «قلقهم إزاء التطورات الأخيرة على الحدود الجنوبية، وحذروا من الاعتماد المفرط على اتفاقية السلام مع مصر».

وبحسب الموقع الإسرائيلي، فقد ركز المؤتمر الذي حضره أعضاء من الكنيست، وباحثون وممثلون عن معاهد الأبحاث الإسرائيلية، وسكان المناطق الحدودية، وخبراء أمنيون، على «تسليح مصر، وتوسيع الانتشار العسكري في سيناء، والآثار المحتملة على الاستقرار الإقليمي».

وتعليقاً على ذلك، قال مصدر مصري مطلع لـ«الشرق الأوسط»: «نسمع حديث القلق والمخاوف في إسرائيل من احتمالية نشوب مواجهات عسكرية مع مصر»، موضحاً أن هذا القلق الإسرائيلي المتنامي من السلاح المصري «لا يزعزع» التزامات السلام التعاهدية بين البلدين.

وشدد المصدر على أن «الخلافات الراهنة بين البلدين مثل (محور فيلادلفيا)، والسيطرة الإسرائيلية على معبر رفح من الجانب الفلسطيني، تُحل بالتفاهم، وهناك آليات لحل مثل هذه الخلافات».

وسيطرت القوات الإسرائيلية على طول حدود غزة مع مصر، بما فيها «محور فيلادلفيا»، وكذلك معبر رفح، في مايو (أيار) 2024، واتهمت مصر بأنها «لم تقم بما يكفي لمنع وصول السلاح عبر الأنفاق على حدودها إلى قطاع غزة»، وهو ما نفته القاهرة.

وزير الدفاع المصري عبد المجيد صقر يتناول وجبة الإفطار مع مقاتلي القوات البحرية والمنطقة الشمالية العسكرية (الجيش المصري)

وتقول إسرائيل إن قواتها كشفت عن كثير من الأنفاق في المنطقة، في حين تنفي مصر أن تكون هناك أنفاق تصل بين الجانبين، معتبرة أن التصريحات الإسرائيلية «هدفها استمرار القوات في المحور، وإفساد اتفاق وقف إطلاق النار وتبادل المحتجزين».

ويعدّ «محور فيلادلفيا» منطقة عازلة ذات خصوصية أمنية، كما يمثل ممراً ثلاثي الاتجاهات بين مصر وإسرائيل وقطاع غزة، يمتد على مسافة 14 كيلومتراً. وجغرافياً، يمتد هذا الشريط الحدودي من البحر المتوسط شمالاً حتى معبر كرم أبو سالم جنوباً.

وبموجب ملحق معاهدة السلام المصرية - الإسرائيلية، فإن «محور فيلادلفيا» هو منطقة عازلة كان يخضع لسيطرة وحراسة إسرائيل قبل أن تنسحب الأخيرة من قطاع غزة عام 2005 فيما عُرف بخطة «فك الارتباط».

ونقلت تقارير إعلامية أن «مصر ردت على احتلال إسرائيل لطول حدود غزة مع مصر بزيادة الوجود العسكري قرب الحدود، وهو ما تراه أصوات في تل أبيب خرقاً لمعاهدة السلام، وتهديداً لأمن إسرائيل».

وبحسب بنود اتفاق وقف إطلاق النار مع «حماس»، والذي نقضته إسرائيل، كان من المفترض أن تبدأ الانسحاب من «محور فيلادلفيا» في اليوم الأخير من المرحلة الأولى للاتفاق؛ أي اليوم الأول من الشهر الجاري، على أن تستكمل الانسحاب خلال 8 أيام، ولكنها لم تفعل، واستأنفت القصف على غزة.

وكيل المخابرات المصرية السابق اللواء محمد رشاد، قال لـ«الشرق الأوسط» إن «إسرائيل هي التي خرقت التزاماتها في معاهدة السلام أولاً، ومصر لم تفعل شيئاً سوى الرد على ذلك بالعمل على تأمين حدودها من أي تطور للعدوان الذي تقوم به إسرائيل هناك».

رشاد الذي كان يشغل رئيس ملف الشؤون العسكرية الإسرائيلية بالمخابرات المصرية، أكد أن «طريقة الإسرائيليين هي إطلاق التصريحات المستفزة للتغطية على خروقاتهم، ومصر تعي ذلك جيداً، ولن تنجر إليه؛ فهم يريدون صرف الأنظار عن خطة مصر التي أقرها العرب لإعادة إعمار غزة».

واتفق معه عضو «المجلس المصري للشؤون الخارجية» السفير رخا أحمد حسن الذي قال لـ«الشرق الأوسط»، إن «مصر إلى الآن متمسكة باتفاق السلام رغم أن إسرائيل تهدد كل دول المنطقة المحيطة بها».

ووصف تصريحات أعضاء الكنيست الإسرائيلي بأنها «نوع من التعبئة للرأي العام الداخلي قبيل الميزانية المزمع مناقشتها قريباً من أجل الحصول على دعم لرغبتهم في زيادة الإنفاق العسكري».

وشدد على أن «إسرائيل هي من أخلت تماماً بالإطار العام الذي وضعه اتفاق (كامب ديفيد للسلام). وكونها استأنفت القتال في غزة وخرقت اتفاق وقف إطلاق النار، فهي تريد عرقلة خطة إعادة الإعمار التي وضعتها مصر، وتسعى لتنفيذ مخطط التهجير، ومصر تعي ذلك جيداً ومستعدة له، ولكن سياستها ليست العدوان أو تهديد دول الجوار».

وفي 25 مارس (آذار) عام 1979، وقّعت مصر مع إسرائيل معاهدة أكدت فيها الدولتان التزامهما بـ«إطار السلام في الشرق الأوسط المتفق عليه في كامب ديفيد»، والمؤرخ في 17 سبتمبر (أيلول) 1979.

وتمنع الاتفاقية التهديد باستخدام القوة أو استخدامها بين طرفَيها، وتلزمهما بحل كل المنازعات التي تنشأ بـ«الوسائل السلمية». ونظمت كذلك شكل الوجود العسكري على الحدود بين البلدين، وشُكلت بموجبها لجنة تنسيق عسكرية مشتركة.

وفي مؤتمر الكنيست السابق نفسه، قال عضو الكنيست عيدان رول، إن «الهدوء الأمني على طول الحدود المصرية هو نتيجة لتوازن واضح للقوى، وليس بالضرورة رغبة عميقة في المصالحة».

وأضاف أن «استقرار الاتفاق يعتمد أيضاً على حاجة مصر للرعاية الأميركية، وعلى الوضع الداخلي في مصر، فإن أي تغيير في واحدة أو أكثر من المصالح التي ذكرتها قد يؤدي إلى صراع عسكري مع مصر، وفي هذه الحالة لن تغير أي ورقة موقعة شيئاً». لكن خبير الشؤون الدولية المقيم في نيويورك محمد السطوحي، قال لـ«الشرق الأوسط» إنه لا يعتقد «وجود أي نيات من جانب مصر لمخالفة اتفاقية السلام مع إسرائيل؛ فلا توجد مصلحة مصرية، ولا رغبة في عودة التوتر والصراع، ولا أقول الحرب. هذا الأمر تدركه المؤسسات الأمنية والعسكرية الإسرائيلية، وهي الأكثر حرصاً على استمرار العمل والتمسك بالاتفاقية لإدراكها أنها حجر الزاوية في الأمن والاستقرار الإقليمي». لكن السطوحي يرى أن المشكلة الحقيقية تتمثل في «سيطرة اليمين واليمين المتطرف على العملية السياسية داخل إسرائيل، وهؤلاء لديهم مشاكل دائمة مع مصر وبقية دول المنطقة؛ فالسلام بالنسبة لهم قائم على القوة وفرض الهيمنة، وأن تقبل القاهرة بالإملاءات الإسرائيلية، وهذا ينطبق على قضية غزة حالياً».

ويعتقد أن «التصعيد الحالي يصب في اتجاه الضغط للقبول بعملية التطهير العرقي التي تعتزم إسرائيل القيام بها للفلسطينيين في غزة، ومعها الضفة الغربية في مرحلة لاحقة، أو حتى موازية».


مقالات ذات صلة

«حماس» تقترح «الرزمة الشاملة» في غزة... إطلاق جميع الرهائن مقابل وقف الحرب

المشرق العربي فلسطينيون يتفقدون موقعاً في شمال غزة قصفته إسرائيل يوم 18 أبريل 2025 (رويترز) play-circle

«حماس» تقترح «الرزمة الشاملة» في غزة... إطلاق جميع الرهائن مقابل وقف الحرب

باتت حركة «حماس» تعوّل على خيار الصفقة الشاملة من خلال «رزمة شاملة» للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في قطاع غزة، بعد فشل كل الجهود في تقريب وجهات النظر.

«الشرق الأوسط» (غزة)
المشرق العربي الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متحدثاً إلى دفعة جديدة من قوات الكوماندوز خلال حفل تخرجها الخميس (الرئاسة التركية)

قوات تركية تدمر الأنفاق وتطهّر الألغام في مناطق كانت تسيطر عليها «قسد» في شمال سوريا

أكد الرئيس التركي رجب طيب إردوغان رغبة بلاده في تحقيق الاستقرار في سوريا وعدم وقوع أزمات جديدة في المنطقة.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
تحليل إخباري مُسيَّرة إسرائيلية من نوع «كواد كابتر» (غيتي)

تحليل إخباري إسرائيل تكثف استخدام «مسيّرات انتحارية» في غزة... و«حماس» تعود للمواجهة

كثفت إسرائيل خلال الأيام الأخيرة استخدامها للطائرات المسيرة الانتحارية في عملياتها العسكرية بقطاع غزة، خصوصاً خلال استهدافها غزيين بشكل مباشر.

«الشرق الأوسط» (غزة)
المشرق العربي عناصر من الدفاع المدني يعاينون موقع غارة إسرائيلية في عيترون (متداولة) play-circle

قتيل في ضربة إسرائيلية على جنوب لبنان

قُتل شخصٌ جراء غارة إسرائيلية في جنوب لبنان، اليوم (الخميس)، وفق ما أفادت وزارة الصحة اللبنانية.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي فلسطينيون يسيرون وسط الأنقاض في حي النصر غرب مدينة غزة (أ.ف.ب) play-circle

«أطباء بلا حدود»: قطاع غزة أصبح «مقبرة جماعية للفلسطينيين وللذين يساعدونهم»

رأت منظمة «أطباء بلا حدود» غير الحكومية أن قطاع غزة أصبح «مقبرة جماعية للفلسطينيين وللذين يهبون لمساعدتهم»، جراء العمليات العسكرية ومنع إسرائيل دخول المساعدات.

«الشرق الأوسط» (جنيف)

مجلس الأمن «قلق للغاية» من عواقب هجمات الفاشر على السودان

لاجئون سودانيون فرُّوا من مخيم زمزم للنازحين بعد سقوطه تحت سيطرة «قوات الدعم السريع» 13 أبريل (أ.ف.ب)
لاجئون سودانيون فرُّوا من مخيم زمزم للنازحين بعد سقوطه تحت سيطرة «قوات الدعم السريع» 13 أبريل (أ.ف.ب)
TT

مجلس الأمن «قلق للغاية» من عواقب هجمات الفاشر على السودان

لاجئون سودانيون فرُّوا من مخيم زمزم للنازحين بعد سقوطه تحت سيطرة «قوات الدعم السريع» 13 أبريل (أ.ف.ب)
لاجئون سودانيون فرُّوا من مخيم زمزم للنازحين بعد سقوطه تحت سيطرة «قوات الدعم السريع» 13 أبريل (أ.ف.ب)

عبر أعضاء مجلس الأمن عن «قلقهم البالغ» من تصاعد العنف في السودان، ولا سيما في مدينة الفاشر وحولها بشمال دارفور، منددين بشدة بهجمات «قوات الدعم السريع» في المنطقة وضد مخيمي زمزم وأبو شوك للنازحين، مطالباً كل دول العالم بوقف تدخلاتها في الشؤون السودانية.

وتزامن هذا الموقف القوي من مجلس الأمن مع دخول الحرب عامها الثالث، وسط دعوات من وكالات الأمم المتحدة إلى تحرك دولي «فوري ومنسق» لتخفيف «المعاناة الإنسانية الهائلة الناجمة عن النزاع»، ومن الأمين العام للمنظمة الدولية أنطونيو غوتيريش الذي قال إن «السودان لا يزال عالقاً في أزمة ذات أبعاد مذهلة يدفع فيها المدنيون الثمن الأعلى»، مطالباً بـ«إنهاء هذا الصراع العبثي».

صورة قمر اصطناعي تُظهر نيراناً مشتعلة في مخيم «زمزم» للاجئين 11 أبريل (رويترز)

ووافق أعضاء مجلس الأمن بإجماع الأعضاء الـ15 فيه على البيان، الذي أبدوا فيه «القلق حيال تقارير تفيد بأن هجمات قوات الدعم السريع أدت إلى مقتل 400 شخص على الأقل، بينهم أطفال وما لا يقل عن 11 عامل إغاثة»، مطالبين بـ«مساءلة قوات الدعم السريع على هذه الهجمات». وإذ أشاروا إلى القرار 2736 الصادر عام 2024، أكدوا على «مطالبتهم بإنهاء قوات الدعم السريع لحصار الفاشر، ودعوتهم إلى الوقف الفوري للقتال وإلى تهدئة التصعيد في الفاشر وما حولها». ودعوا أطراف الصراع إلى حماية المدنيين والامتثال لالتزاماتها بموجب القانون الدولي والوفاء بالقرار 2736، وتعهداتها بموجب إعلان جدة.

وأدى عامان من الحرب في السودان إلى أكبر أزمة إنسانية ونزوح في العالم، تفاقمت بسبب التخفيضات الحادة في المساعدات الدولية. فهناك أكثر من 13 مليون شخص نازحين في البلاد، بينما لجأ 3.9 مليون عبر الحدود إلى الدول المجاورة خلال العامين الماضيين وحدهما، بحثا عن الأمان والغذاء والمأوى. ويحتاج أكثر من 30 مليون شخص، أي ثلثا سكان البلاد، إلى مساعدة إنسانية عاجلة.

غوتيريش يذكّر بإعلان جدة

وإذ أشار غوتيريش أخيراً إلى الالتزامات التي أعلنتها الأطراف في شأن حماية المدنيين بما في ذلك في إعلان جدة في مايو (أيار) 2023، بالإضافة إلى الالتزامات التي تقع عليها بموجب القانون الدولي وقانون حقوق الإنسان، قال: «يواصل المدنيون تحمل عبء تجاهل الأطراف للحياة البشرية»، مؤكداً ضرورة ترجمة مثل هذه الالتزامات إلى عمل حاسم، وأهمية إجراء تحقيقات مستقلة ومحايدة وشفافة في كل التقارير التي أفادت بوقوع انتهاكات.

الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش قلق مما يجري في السودان (إ.ب.أ)

وفي بيانهم، دعا أعضاء المجلس إلى مساءلة قوات الدعم السريع ومرتكبي الهجمات على المدنيين وانتهاكات حقوق الإنسان في السودان. كما طالبوا كل أطراف الصراع بحماية واحترام العاملين في المجال الإنساني ومنشآتهم وأرصدتهم بموجب التزاماتها وفق القانون الدولي. ودعوا الأطراف إلى السماح بالوصول الإنساني الآمن ودون إعاقات إلى السودان وجميع أنحائه. وأبدى الأعضاء قلقهم البالغ بشأن مرور عامين على اندلاع الصراع في السودان وأثره على الشعب السوداني والمنطقة، داعين الأطراف جميعاً إلى «السعي إلى الوقف الفوري للأعمال القتالية»، وشجعوها على «الانخراط بنية صادقة في حوار سياسي للتوصل إلى وقف دائم لإطلاق النار وعملية سياسية جامعة وشاملة يمتلك زمامها السودانيون». وكذلك حضوا الأطراف على «استغلال فرصة المحادثات غير المباشرة التي تقودها الأمم المتحدة للاتفاق على خطوات تحقيق تلك الأهداف والعمل على مسار إنهاء الأزمة في السودان بشكل دائم». ودعا كل الدول الأعضاء بالأمم المتحدة الى «الامتناع عن التدخل الخارجي الذي يسعى إلى تأجيج الصراع وعدم الاستقرار، وأن تقوم بدلاً من ذلك بدعم جهود التوصل إلى سلام دائم».

سودانيون فروا من مخيم زمزم للنازحين داخلياً بعد سقوطه تحت سيطرة «قوات الدعم السريع» 13 أبريل (أ.ف.ب)

وذكـّر الأعضاء كل أطراف الصراع والدول الأعضاء بالامتثال لالتزاماتها بشأن تدابير الحظر المفروض على الأسلحة وفق المنصوص عليه في قرار مجلس الأمن الرقم 1556 لعام 2004، التي تم التأكيد عليها في القرار 2750. وكشف غوتيريش أخيراً عن أن أعمال القصف والغارات الجوية العشوائية تواصل قتل وتشويه الناس، فيما تُهاجَم الأسواق والمستشفيات والمدارس وأماكن العبادة ومواقع النزوح. وأضاف أن العنف الجنسي متفش، لتتعرض النساء والفتيات لأعمال مروعة. كما يعاني المدنيون من انتهاكات جسيمة من جميع الأطراف المتقاتلة. وأشار إلى أن السودان أصبح أكبر أزمة نزوح في العالم، إذ نزح ما يقرب من 12 مليون شخص، عبر أكثر من 3.8 مليون منهم الحدود إلى الدول المجاورة. وتطرق إلى تدمير الخدمات الأساسية وحرمان ملايين الأطفال في التعليم، وعدم قدرة سوى أقل من ربع المنشآت الصحية على مواصلة العمل في أكثر المناطق تضرراً. وذكر أن العاملين في المجال الإنساني غير قادرين على تعزيز وجودهم في الكثير من المناطق التي تشتد فيها الحاجة، بسبب الصراع وانعدام الأمن المقرونين بالعوائق البيروقراطية والخفض الحاد للتمويل.

اليونيسف قلقة

من جهة ثانية، أفادت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسف)، الجمعة، بمقتل ما لا يقل عن 15 طفلاً خلال أسبوع واحد مع استمرار المعارك في ولاية شمال دارفور بغرب السودان. وقالت كاثرين راسل المديرة التنفيذية للمنظمة عبر منصة «إكس» إن أكثر من 330 ألف شخص فروا من مخيم زمزم للاجئين بشمال دارفور على مدار الأسبوع الماضي. وأكدت راسل على ضرورة وقف القتال بالمخيم لحماية المدنيين والسماح بإيصال المساعدات.

وفي هذا السياق، قالت المنسقية العامة للنازحين واللاجئين بدارفور (مجموعة محلية) الجمعة، إن استخبارات الجيش السوداني والقوة المشتركة لحركات الكفاح المسلح، شنت حملة اعتقالات واسعة استهدفت قيادات ونشطاء النازحين في معسكر أبو شوك للنازحين، بتهم التعاون مع «قوات الدعم السريع»، والتحريض على مغادرة المخيم إلى مناطق أكثر أماناً.

سودانيون فرُّوا من دارفور إلى أدري في تشاد (أرشيفية - رويترز)

وقال المتحدث باسم المنسقية، آدم رجال إن «هذه التهم باطلة، والهدف الأساسي، هو قمع النازحين والقضاء عليهم لا أكثر». وأشارت المنسقية في بيان على منصة «فيسبوك»، إلى «تمركز الجيش السوداني والقوة المشتركة حول المعسكر، رافضين السماح للنازحين بالمغادرة، مستخدمين إياهم دروعاً بشرية». وأدان رجال سلوك أطراف الحرب التي وصفها بـ«غير الأخلاقية ولا إنسانية»، لمهاجمة النازحين بالأسلحة الثقيلة، بينما يستخدمهم طرف آخر وقوداً للحرب ودروعاً بشرية. وقال إن «هذه الأفعال تمثل جريمة حرب مكتملة الأركان».

مجاعة في المخيمات

وأضاف آدم رجال، أن سكان المخيمات يعانون من الجوع، ونقص المياه، بعد تدمير آبار مياه الشرب بسبب القصف المدفعي، مشيراً إلى ندرة السلع وارتفاع أسعارها، وإغلاق الأسواق، «كلها أمور تثير القلق». وذكر البيان: «تحمل المنسقية العامة لمخيمات النازحين واللاجئين، الجيش السوداني والقوة المشتركة، المسؤولية الكاملة عن سلامة هؤلاء المعتقلين، فهم ليسوا مجرمين»، ويجب إطلاق سراحهم فوراً دون قيد أو شرط، ووقف استخدام النازحين كدروع بشرية. وطالب «قوات الدعم السريع» بالتوقف فوراً عن قصف المخيمات، «لأن استهداف الأبرياء يعد جريمة حرب».

وناشدت المنسقية الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي، بحماية النازحين في المخيمات، وفقاً للاتفاقيات الدولية لحماية المدنيين في حالات النزاع. وتعد تلك الأحداث تصاعداً في وتيرة العنف بشمال دارفور، بعد أيام من استيلاء «قوات الدعم السريع» على مخيم زمزم للنازحين بالقرب من مدينة الفاشر.