هدوء حذر يعود إلى غريان الليبية بعد اشتباكات مسلحة

تيتيه تُطْلع السفراء الأفارقة على تطورات الأحداث في البلاد

الدبيبة مستقبلاً اللجنة الموفدة لمتابعة أوضاع الليبيين المخالفين في تونس (حكومة «الوحدة»)
الدبيبة مستقبلاً اللجنة الموفدة لمتابعة أوضاع الليبيين المخالفين في تونس (حكومة «الوحدة»)
TT
20

هدوء حذر يعود إلى غريان الليبية بعد اشتباكات مسلحة

الدبيبة مستقبلاً اللجنة الموفدة لمتابعة أوضاع الليبيين المخالفين في تونس (حكومة «الوحدة»)
الدبيبة مستقبلاً اللجنة الموفدة لمتابعة أوضاع الليبيين المخالفين في تونس (حكومة «الوحدة»)

تسود حالة من الهدوء المؤقت مدينة غريان، الواقعة شمالي غرب ليبيا، بعد اشتباكات مسلحة استُخدمت فيها الأسلحة المتوسطة بين فصيلين يتبعان سلطات طرابلس، بينما استعرضت الممثلة الخاصة للأمين العام، هانا تيتيه، الأزمة الليبية مع عدد من السفراء الأفارقة لدى ليبيا.

تيتيه خلال اجتماع استضافه سفير غانا مع عدد من السفراء الأفارقة (البعثة الأممية)
تيتيه خلال اجتماع استضافه سفير غانا مع عدد من السفراء الأفارقة (البعثة الأممية)

وشهدت مدينة غريان، الواقعة جنوب العاصمة طرابلس، مواجهات عنيفة بين ميليشيا تتبع غنيوة الككلي، آمر «جهاز دعم الاستقرار»، التابع للمجلس الرئاسي، و«اللواء 444 قتال» التابع لحكومة «الوحدة»، وذلك على خلفية اعتقال «اللواء 555»، التابع للككلي، ثمانية عناصر من غريان يتبعون «اللواء 444 قتال»، الذي يترأسه محمود حمزة مدير الاستخبارات العسكرية في غرب ليبيا.

وتوقفت الاشتباكات على نحو غير معلوم، وسط حالة من الحذر بالنظر إلى تربص الميليشيات المسلحة بهدف تمديد نفوذها على الأرض.

الحداد مستقبلاً عدداً من عمداء البلديات الليبية (رئاسة الأركان)
الحداد مستقبلاً عدداً من عمداء البلديات الليبية (رئاسة الأركان)

واتصالاً بالملف الأمني، قالت رئاسة الأركان العامة، التابعة لحكومة «الوحدة الوطنية»، إن رئيسها الفريق أول محمد الحداد بحث مع عمداء بلديات كل من زوارة ونالوت وجادو ويفرن والقلعة، بالإضافة إلى عدد من الضباط والعسكريين، المشكلات الأمنية في هذه المناطق وآلية حلها. موضحةً أن الحداد أكد للعمداء أن المؤسسة العسكرية «تدعم المطالب الشرعية لأهالي هذه المناطق، وتقف معهم في العمل على تحقيق الاستقرار بها، وفي كل ربوع ليبيا».

في شأن آخر، قالت البعثة الأممية إن رئيستها تيتيه، يرافقها نائبها المنسق المقيم ومنسق الشؤون الإنسانية، أنيس تشوما، التقت مجموعة السفراء الأفارقة في طرابلس، الأربعاء، ضمن جولتها الأولية من المشاورات مع السلك الدبلوماسي.

وأوضحت البعثة في بيانها أن الاجتماع، الذي استضافه سفير غانا في طرابلس، تناول عمل البعثة، وأتاح فرصة لتقديم تحديث حول عمل اللجنة الاستشارية، واستعراض التحديات الإقليمية التي أثرت أو تأثرت بالتطورات في ليبيا. كما ركزت المشاورات على تحسين التنسيق بين الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي لتعزيز التعاون في معالجة القضايا ذات الاهتمام المشترك، بما في ذلك الأمن الإقليمي والهجرة، ودعم المصالحة الوطنية في ليبيا.

في غضون ذلك، افتتحت السفارة الألمانية لدى ليبيا مقرها الجديد في منطقة جنزور (غربي طرابلس)، مساء الأربعاء، في خطوة وصفتها وزارة الخارجية في حكومة «الوحدة» بأنها تعكس «التزام برلين بتعزيز حضورها الدبلوماسي في ليبيا، بعد استئناف عملها في البلاد منذ 9 سبتمبر (أيلول) 2021».

الباعور يشارك في افتتاح السفارة الألمانية مقرها الجديد في طرابلس (وزارة الخارجية بحكومة «الوحدة»)
الباعور يشارك في افتتاح السفارة الألمانية مقرها الجديد في طرابلس (وزارة الخارجية بحكومة «الوحدة»)

وأعرب المكلف بتسيير أعمال وزارة الخارجية، الطاهر الباعور، الذي حضر الافتتاح، عن تقدير حكومته هذه الخطوة، مؤكداً التزامها بتوفير التسهيلات اللازمة كافة للبعثات الدبلوماسية العاملة في ليبيا؛ بما يسهم في تعزيز العلاقات الثنائية ويدعم جهود تحقيق الاستقرار.

وعدّت الخارجية افتتاح المقر الجديد للسفارة «تأكيداً على أهمية العلاقات الليبية - الألمانية؛ ويعكس حرص برلين على دعم ليبيا سياسياً واقتصادياً، وتعزيز قنوات التعاون بين البلدين في مختلف المجالات».

في شأن مختلف، قدمت اللجنة الموفدة من حكومة «الوحدة» لمتابعة أوضاع الليبيين المخالفين العابرين للحدود إحاطة لرئيس الحكومة عبد الحميد الدبيبة، حول مستجدات عملها خلال زيارتها تونس، ونقلت، حسب الحكومة، «استجابة وتعاون السلطات التونسية في متابعة أوضاع الموقوفين ومعالجة الملفات العالقة».

وأبلغت اللجنة الدبيبة بأنه جرى الإفراج عن أربعة موقوفين حتى الآن، مع استمرار الجهود لمتابعة أوضاع الآخرين بالتنسيق مع الجهات المختصة.

وقال الحكومة إن الدبيبة «شدد على أن حماية الليبيين وصون كرامتهم أينما كانوا التزام وطني ثابت»، مؤكداً أن الدولة «لن تتهاون في الدفاع عن حقوق مواطنيها، وتتابع من كثب جميع القضايا المتعلقة بالليبيين في الخارج لضمان معاملتهم بعدالة واحترام»، مشدداً على أن كرامة المواطن الليبي «خط أحمر، ولن يُسمح بأي تجاوزات تمس حقوقه».

تأتي هذه الجهود في إطار تعزيز العلاقات الثنائية بين ليبيا وتونس، وتأكيد الحكومة وقوفها الدائم إلى جانب مواطنيها، واتخاذ كل ما يلزم لضمان حقوقهم وحريتهم.

الدبيبة يجتمع برؤساء الأجهزة التنفيذية الجدد (حكومة الوحدة)
الدبيبة يجتمع برؤساء الأجهزة التنفيذية الجدد (حكومة الوحدة)

كان الدبيبة قد بحث مع رؤساء الأجهزة التنفيذية المعينين حديثاً، تنفيذ مشروعات الإسكان والمرافق، وتنمية وتطوير المراكز الإدارية، وتنفيذ مشروعات المواصلات، كما ناقش الحاضرون التوجهات العامة للحكومة في مجال البنية التحتية، وآليات تسريع تنفيذ المشاريع وفق الأولويات الوطنية.

كما وجَّه الدبيبة الإدارات الجديدة بضرورة الالتزام باستراتيجية الحكومة التي تقوم على الكفاءة، والشفافية، وتسريع الإنجاز، مشدداً على أهمية العمل بروح الفريق، وتكامل الجهود بين الأجهزة التنفيذية لضمان تحقيق التنمية المستدامة.

وفيما يتعلق بمكافحة الفساد، أعلنت النيابة العامة إدانة 4 متهمين باختلاس مليون ونصف المليون دينار من حسابات فرع مصرف «الصحارى - الخُمس».

وقال مكتب النائب العام، مساء الأربعاء، إن النيابة اختصمت أمام محكمة استئناف الخُمس مديراً سابقاً للفرع وثلاثة من موظفي قسم الحسابات، مشيراً إلى أنه في آخر جلساتها أدانت المحكمة المتهمين الأربعة، وقضت بمعاقبة المدير بالسجن 10 سنوات، وألزمته بردّ مليون و542 ألفاً و66 ديناراً، وغرّمته 3 ملايين و480 ألفاً و532 ديناراً، مع حرمانه من حقوقه المدنية حرماناً دائماً. كما قضت المحكمة بمعاقبة المتهمين الثلاثة الآخرين عن واقعة الإهمال بالحبس سنة واحدة، مع وقف التنفيذ لخمس سنوات.


مقالات ذات صلة

عضو في «المجلس الرئاسي» الليبي يسعى لـ«حوار جديد» لحلّ الأزمة السياسية

شمال افريقيا صورة أرشيفية لاجتماع اللافي مع المبعوثة الأممية (المجلس الرئاسي الليبي)

عضو في «المجلس الرئاسي» الليبي يسعى لـ«حوار جديد» لحلّ الأزمة السياسية

لم يحدد اللافي موعداً لبدء هذه الحوارات الليبية أو مكانها مكتفياً بالإشارة إلى أنها ستعقد خلال الفترة المقبلة.

خالد محمود (القاهرة)
شمال افريقيا من حفل إفطار أقامه مستشار الدبيبة وحضره قادة ميليشيات مسلحة في طرابلس  (حسابات ليبية موثوقة)

إفطار رمضاني لقادة ميليشيات طرابلس يثير تساؤلات بشأن «نفوذهم السياسي»

جمع إبراهيم الدبيبة مستشار رئيس حكومة «الوحدة» الليبية المؤقتة على مائدة إفطار قيادات أمنية رسمية، بالإضافة إلى أمراء التشكيلات المسلحة البارزين في طرابلس.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا رئيس مجلس النواب الليبي خلال اجتماعه مع رئيس ديوان المحاسبة (مجلس النواب)

​«الوحدة» الليبية تتجاهل اشتباكات ميليشياتها جنوب طرابلس

رصدت وسائل إعلام ليبية محلية وجود ما وصفته بحالة من التوتر الأمني في مدينة غريان جنوب العاصمة طرابلس على خلفية اشتباكات

خالد محمود (القاهرة)
شمال افريقيا عناصر من قوة الردع بطرابلس غربي ليبيا (قوة الردع)

«الاعتقالات التعسفية»... سلاح السلطات في ليبيا لمواجهة معارضيها

قالت البعثة الأممية لدى ليبيا إن موجة من الاحتجازات والتوقيفات التعسفية نفَّذتها أجهزة إنفاذ القانون وأطراف أمنية في عموم ليبيا أثارت ذعرها.

جمال جوهر (القاهرة)
شمال افريقيا قادة الجيش الوطني الليبي على مائدة إفطار القيادة العامة (الجيش الوطني)

موائد إفطار قادة ليبيا تتحول إلى فرصة للتوظيف السياسي

حرص أغلب أفرقاء المشهد الليبي على تنظيم موائد إفطار رمضانية، لكنها لم تخلُ من توجيه الرسائل السياسية.

جاكلين زاهر (القاهرة)

رفض مصر محاولات مقايضتها اقتصادياً بتهجير الفلسطينيين يثير تفاعلاً واسعاً

نازحون فلسطينيون يعبرون ممر نتساريم وهم في طريقهم إلى الأجزاء الشمالية من قطاع غزة (أ.ف.ب)
نازحون فلسطينيون يعبرون ممر نتساريم وهم في طريقهم إلى الأجزاء الشمالية من قطاع غزة (أ.ف.ب)
TT
20

رفض مصر محاولات مقايضتها اقتصادياً بتهجير الفلسطينيين يثير تفاعلاً واسعاً

نازحون فلسطينيون يعبرون ممر نتساريم وهم في طريقهم إلى الأجزاء الشمالية من قطاع غزة (أ.ف.ب)
نازحون فلسطينيون يعبرون ممر نتساريم وهم في طريقهم إلى الأجزاء الشمالية من قطاع غزة (أ.ف.ب)

حصد البيان المصري الذي جدد رفض القاهرة القاطع تهجير الفلسطينيين، حتى ولو مقابل دعمها اقتصادياً، تفاعلاً واسعاً على مواقع التواصل الاجتماعي، فضلاً عن إشادة برلمانيين وإعلاميين به.

وقالت الهيئة العامة المصرية للاستعلامات، الأحد، إن القاهرة أعادت التأكيد على رفض أي محاولة لتهجير الفلسطينيين من قطاع غزة قسراً أو طوعاً لأي مكان خارجه.

وجاء في بيان هيئة الاستعلامات أن مصر «ترفض بشكل تام أي مزاعم تتداولها بعض وسائل الإعلام تتعلق بربط قبولها بمحاولات التهجير... بمساعدات اقتصادية يتم ضخها لها».

وأضافت الهيئة: «السياسة الخارجية المصرية عموماً لم تقم قط على مقايضة المصالح المصرية والعربية العليا بأي مقابل، أياً كان نوعه».

وذكرت هيئة الاستعلامات المصرية أن القضية الفلسطينية هي «جوهر الأمن القومي المصري والعربي»، مشيرةً إلى أن موقف مصر من القضية الفلسطينية لأكثر من 75 عاماً «ظل موقفاً مبدئياً راسخاً يُعلي من اعتبارات هذا الأمن القومي وحقوق الشعب الفلسطيني».

ومنذ 25 يناير (كانون الثاني) اقترح الرئيس الأميركي ترمب استقبال مصر والأردن لفلسطينيين بعد تهجيرهم من غزة، قبل أن تبدأ سلسلةٌ من الرفض المصري والعربي، كان أبرزها حديث الرئيس عبد الفتاح السيسي بأن «تهجير الفلسطينيين ظلم لن نشارك فيه»، مروراً ببيانات لوزارة الخارجية ومجلس النواب ترفض ذلك الاقتراح.

وأشاد عضو مجلس النواب المصري، الصحافي مصطفى بكري، ببيان الهيئة العامة المصرية للاستعلامات، وقال في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، إن «هناك محاولاتٍ لإغراء مصر بتقديم مبالغ مالية مقابل استقبالها الفلسطينيين في أرضها، ولكن مصر رفضت هذ الأمر، والرئيس عبد الفتاح السيسي قال أكثر من مرة إنه لن يباع شبر من أرضنا بمال الدنيا».

وأشار بكري إلى أنه من الواضح أن «السيناريو القادم هو ممارسة الضغوط على أهل غزة لدفعهم إلى التهجير الطوعي القسري تجاه الحدود المصرية، وهذا ما أعلنته السلطات الإسرائيلية، ولكن مصر تقف أمام هذا المخطط، وسبق أن قدمت خطة تعمير غزة بهدف إجهاض مخطط التهجير وتمكين الشعب الفلسطيني من إقامة دولته، ولكن من الواضح أن هناك سيناريو كبيراً للشرق الأوسط ومسألة التهجير جزء منه».

فيما قال رئيس لجنة الثقافة والإعلام بمجلس الشيوخ المصري، محمود مسلم، إن البيان المصري بالرفض القاطع لمقايضة القاهرة اقتصادياً مقابل الرضوخ لمخطط التهجير هو موقف يستحق الإشادة، لأن «مصر أكثر من تضررت اقتصادياً بسبب حرب غزة، حيث تخسر قناة السويس مليارات الدولارات، وكذلك تأثرت السياحة القادمة لمصر، فضلاً عن الدعم المالي الكبير في شكل مساعدات الذي تقدمه مصر لغزة».

مسلم أضاف لـ«الشرق الأوسط» أنه في ظل كل ذلك، فإن مصر «تبرهن للعالم واقعياً وفعلياً أنها لن تقبل بتصفية القضية الفلسطينية مقابل حل أزمتها الاقتصادية، لأن مصر دفعت ثمناً غالياً لدعم القضية الفلسطينية، وهو الدم، بالتالي فالمال أقل ثمن يمكن أن تدفعه».

فيما يرى عضو مجلس الشيوخ المصري، أسامة الهواري، أنه مع تثمين بيان هيئة الاستعلامات فإنه لم «تكن هناك حاجةٌ للرد على الأقاويل التي تزج باسم مصر في أمور لا يصدقها أحدٌ عن قبولها أموالاً مقابل الرضوخ لمخطط تهجير الفلسطينيين».

وشدد الهواري، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، على أن «موقف مصر واضح من قديم الأزل، وليس في الحرب الحالية فقط، وهو رفض تصفية القضية الفلسطينية ورفض تهجير الفلسطينيين، وعدم التفريط في شبر واحد من أرض مصر مهما كانت الضغوط والإغراءات».

فيما شارك الإعلامي المصري أحمد موسى بيان هيئة الاستعلامات على صفحته في موقع «إكس»، وغرد قائلاً: «على مدى ثلاثة أرباع القرن، ظل موقف مصر ثابتاً وراسخاً، ويعلي من مصلحة الأمن القومي وحقوق الشعب الفلسطيني، وتحملت مصر أعباء اقتصادية ومالية هائلة لم تدفعها في أي لحظة مطلقاً نحو أي تنازل، ولو طفيف، في مقتضيات أمنها القومي الخاص وأمن الأمة العربية العام، ولا في حق واحد مشروع للشعب الفلسطيني، وجددت مصر التأكيد على مبادئ سياستها الخارجية، التي تقوم على الأخلاق والرفض التام لأن يكون لاعتبارات المقايضة أي تأثير عليها».

فيما غرد حساب باسم محمد شعت، صحافي وباحث على موقع «إكس»، قائلاً: «كلمات حاسمة وصفت موقف مصر من التهجير في بيان هيئة الاستعلامات... رافض وقاطع ونهائي ولا نقبل المقايضة».

وأضاف أن «تكثيف مفردات الرفض يعني أن لا مجال للقبول بالفكرة تحت أي ظرف مهما مورست الضغوط، ومستعدون لأي سيناريو مهما كانت العواقب».

فيما غرد حساب باسم ahmed على موقع «إكس» قائلاً: «موقف مصر ثابت... التهجير مرفوض وخط أحمر بالنسبة لمصر، وسيناء للمصريين ومش هنفرّط في شبر واحد من أرضها».