وفاة الداعية المصري أبو إسحاق الحويني تشعل معركة في مواقع التواصل حول أفكاره

جدل بسبب نعي الأزهر... وابنة سيد القمني «تثأر لوالدها الراحل»

الداعية أبو إسحاق الحويني (حاتم الحويني فيسبوك)
الداعية أبو إسحاق الحويني (حاتم الحويني فيسبوك)
TT
20

وفاة الداعية المصري أبو إسحاق الحويني تشعل معركة في مواقع التواصل حول أفكاره

الداعية أبو إسحاق الحويني (حاتم الحويني فيسبوك)
الداعية أبو إسحاق الحويني (حاتم الحويني فيسبوك)

أشعل رحيل الداعية المصري أبو إسحاق الحويني، الاثنين، معركة كبيرة على مواقع التواصل الاجتماعي في مصر، بين أنصاره ومنتقدي أفكاره وفتاويه، التي اتهمها البعض بـ«الرجعية والمتشددة»، فيما فاقم نعي نشره الأزهر للحويني، من حالة الجدل تلك.

ويعد أبو إسحاق، واسمه الحقيقي حجازي محمد يوسف، واحداً من أشهر مشايخ السلفية في مصر، وتوفى في مستشفى بقطر إثر أزمة صحية، عن 69 عاماً.

الحويني ونجله حاتم الحويني (صفحة حاتم الحويني فيسبوك)
الحويني ونجله حاتم الحويني (صفحة حاتم الحويني فيسبوك)

ورغم أنه لم يدرس العلوم الشرعية في الأزهر، بل تخرج في كلية الألسن قسم إسباني، تخصص الداعية الشهير في «علم الحديث»، وذاع صيته ليتجاوز تلاميذه من شباب السلفية، إلى الكثيرين مع ظهور القنوات الفضائية الدينية.

واستعاد منتقدو الحويني، مقاطع من دروس له في المساجد أو عبر برامجه التليفزيونية، وقالوا إنها «تُكفر مخالفين»، أو «تتشدد في التحريم»، معتبرين أنها «كانت أحد أسباب ظهور الحركات المتطرفة».

وفي المقابل، أعاد أنصاره وتلاميذه نشر مجهوداته في الحديث، بمشاركة مجلدات كتب ألفها، أو دروس ألقاها، فضلاً عن سيرته العلمية أو مواقف جمعتهم به، مشيدين بـ«صبره على المرض» الذي أدى إلى بتر إحدى ساقيه بسبب مرض السكري قبل سنوات.

وزاد حالة الجدل، نعي مؤسسة الأزهر للحويني، ووصفه في بيان بأنه «سخَّر وقتَه وجهدَه لخدمة السنة النبوية وعلومها». وقدم الأزهر «خالص العزاء إلى أسرة الفقيد الراحل وطلابه ومحبيه».

وانتقد البعض نعي الأزهر للداعية السلفي، خصوصاً أنه لم يتلق العلم فيه، لكن آخرين دافعوا عن النعي بعدّه درساً في التعامل مع المخالفين في الرأي.

لكن أستاذ الفقه المقارن في جامعة الأزهر الدكتور سعد الدين هلالي، رفض الخوض في نعي الأزهر للحويني، قائلاً لـ«الشرق الأوسط» إن «العزاء عمل إنساني... خصوصاً أن الأزهر مؤسسة لها علاقات مع الآخرين، وتقييم علاقاتها والتدخل فيها، لا يصح».

في المقابل، رأى الباحث في الإسلام السياسي عمرو فاروق، أن الأفضل كان في اختيار الأزهر «الصمت» رغم اعتقاده أن النعي جاء «لتعليم السلفيين درساً في الاختلاف في الرأي». وأوضح أن مؤيدي الحويني «يستغلون النعي لإضفاء هالة خاصة حول الراحل».

وعدد فاروق في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، مخاطر التيار المتشدد الذي يتبعه الراحل في أنه «تسبب في فتنة وشرخ في المجتمع المصري، ومهد لظهور تيارات متشددة، بالتحدث في الدين من دون علم، ما أدى إلى انحرافات فكرية كثيرة».

ومنذ إعلان وفاته استرسل أنصار الحويني في الإشادة بالداعية الراحل، حتى بـ«خطه»، واعتبروا أن «حُسن رسمه، علامة من علامات كبار المشايخ والمحدثين».

وذكّر بعض منتقدي الداعية، أنصاره بأنه اعتذر قبل عدة أعوام عن بعض ما ورد في كتبه الأوائل، فضلاً عن أخطاء وقع فيها لعدم علمه بدرجات الأحكام الشرعية، بعدّ ذلك دليلاً على افتقاد هؤلاء العلم الذي يؤهلهم للظهور للعامة وإفتاء الناس.

ولم تقف المعركة عند التباري في الأفكار، إذ استغلت إيزيس القمني، ابنة المفكر الراحل سيد القمني، موت أبو إسحاق الحويني، لتقتص من ابنه الذي سبق وشمت في رحيل أبيها.

وكتبت إيزيس: «أخيراً كنت مستنياها... الحويني هلك». وكان حاتم الحويني كتب قبل 3 أعوام بعد وفاة القمني - وهو مفكر مصري علماني- «مات سيد القمني، فالحمد لله أن قطع أنفاسه».

ويرى الباحث فاروق أن رحيل الحويني، قد يكون مناسبة لفتح نقاش فكري حقيقي حول السلفية وتأثيراتها على المجتمع المصري، بعيداً عن المعارك في مواقع التواصل، وإن كانت «مهمة للرد على هذه الأفكار، وتحذير الشباب منها».


مقالات ذات صلة

مصر: إلغاء الرحلات المتجهة لمطار هيثرو في لندن بسبب حريق

شمال افريقيا مشهد علوي من العاصمة المصرية القاهرة (رويترز)

مصر: إلغاء الرحلات المتجهة لمطار هيثرو في لندن بسبب حريق

أعلنت شركة «مصر للطيران»، الناقل الوطني في البلاد، عن إلغاء عدة رحلات لمصر للطيران المتجهة، الجمعة، من القاهرة إلى مطار هيثرو بلندن.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
تحليل إخباري بنايات على نيل القاهرة (الشرق الأوسط)

تحليل إخباري ما سيناريوهات مصر للتعامل مع تحديد إثيوبيا موعد افتتاح «سد النهضة»؟

أثار إعلان رئيس الوزراء الإثيوبي، آبي أحمد، افتتاح مشروع «سد النهضة»، الخلافي مع مصر والسودان، خلال «الستة أشهر المقبلة»، تساؤلات بشأن سيناريوهات تعامل القاهرة.

أحمد إمبابي (القاهرة )
شمال افريقيا شاحنات تصطف لإدخال المساعدات لقطاع غزة في مدينة العريش شمال سيناء 10 مارس 2025 (رويترز)

مصر تنفي كلياً استعدادها لنقل نصف مليون مقيم من غزة مؤقتاً لشمال سيناء

نفت مصر بشكل قاطع «الادعاءات» باستعدادها لنقل نصف مليون مقيم من غزة بشكل مؤقت إلى مدينة في شمال سيناء جزءاً من إعادة الإعمار.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا مدبولي يتابع تأمين الاحتياجات الداعمة لمشروعات التنمية الزراعية بالدلتا الجديدة وسيناء (مجلس الوزراء المصري)

مصر تعوّل على مشروعات الاستصلاح الزراعي لتحقيق الأمن الغذائي

تعوّل مصر على الانتهاء من مشروعات الاستصلاح الزراعي الجديدة بهدف المساهمة في تحقيق الأمن الغذائي، بحسب رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
أفريقيا آبي أحمد يتفقد سير العمل بمشروع سد النهضة (حساب رئيس وزراء إثيوبيا على «إكس»)

إثيوبيا تعلن أنها ستدشن سد النهضة خلال الأشهر الستة المقبلة

قال رئيس الوزراء الإثيوبي، الخميس، إن سد النهضة موضع الخلاف على النيل الأزرق سيدشن «خلال الأشهر الستة المقبلة».

«الشرق الأوسط» (أديس أبابا)

«أزمات الداخل» قد تدفع «حماس» ونتنياهو لاستئناف مفاوضات «هدنة غزة»

امرأة فلسطينية تحمل أمتعتها أثناء فرارها من بيت لاهيا شمال قطاع غزة (أ.ف.ب)
امرأة فلسطينية تحمل أمتعتها أثناء فرارها من بيت لاهيا شمال قطاع غزة (أ.ف.ب)
TT
20

«أزمات الداخل» قد تدفع «حماس» ونتنياهو لاستئناف مفاوضات «هدنة غزة»

امرأة فلسطينية تحمل أمتعتها أثناء فرارها من بيت لاهيا شمال قطاع غزة (أ.ف.ب)
امرأة فلسطينية تحمل أمتعتها أثناء فرارها من بيت لاهيا شمال قطاع غزة (أ.ف.ب)

استئناف الحرب على قطاع غزة بعد نحو شهرين من «الهدنة»، وسّع من دائرة أزمات حركة «حماس»، لا سيما بمزيد من فقد القيادات، وعودة المنع الإسرائيلي للمساعدات الإغاثية، بخلاف مظاهرات وخلافات داخلية تواجه حكومة بنيامين نتنياهو.

وفي مقابل تلك الأزمات، هناك مساعٍ للوسطاء لبحث العودة للهدنة، عقب إعادة طرح مقترح مبعوث واشنطن للشرق الأوسط، ستيف ويتكوف، للنقاش مجدداً، وفق تأكيدات من «حماس» بعدما قدمت ملاحظات بشأنه، وهو ما يرى خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، أنه سيقود إلى استئناف المفاوضات والذهاب إليه كحل وسط، مع إجراء تعديلات عليه تقبل بها الحركة الفلسطينية، وكذلك نتنياهو الذي يكتفي بعمليات فقط وليس العودة لمربع الحرب الشاملة.

وبعد تشاور مع إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب، استأنفت إسرائيل هجماتها على قطاع غزة في 18 مارس (آذار) الجاري، بعد هدنة استمرت 6 أسابيع، في حين لا يزال هناك 59 رهينة في غزة يُعتقد أن نحو 24 منهم لا يزالون على قيد الحياة، بعد أن سمحت المرحلة الأولى التي انتهت مطلع مارس الجاري من اتفاق الهدنة الذي انطلق قبل نحو شهرين، بإطلاق سراح 33 رهينة ونحو 1800 أسير فلسطيني.

وتقف «حماس» أمام أزمات عديدة، أبرزها ما أعلنته الجمعة «وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين» (الأونروا)، في بيان، أن «مخزونات الأغذية والمعدات الطبية في قطاع غزة توشك على النفاد، بخلاف مقتل ما لا يقل عن خمسة من كبار مسؤولي الحركة إلى جانب أفراد من عائلاتهم».

كما أفادت إذاعة «الأقصى» الفلسطينية، الجمعة، بأن مجموعة من آليات الجيش الإسرائيلي توغَّلت في عدة مناطق جنوب وشمال القطاع.

أيضاً نتنياهو على جانب آخر يواجه أزمات لم تكن أصوات الحرب المستأنفة أعلى منها، وأصدرت المحكمة العليا الإسرائيلية، الجمعة، أمراً قضائياً مؤقتاً يمنعه من إقالة رئيس جهاز الأمن الداخلي (الشاباك)، رونين بار، وفق ما أفادت صحيفة «تايمز أوف إسرائيل»، بعد تقديم المعارضة استئنافاً ضد قرار الحكومة الإسرائيلية الذي اتُّخذ تحت دعوى «استمرار انعدام الثقة».

طفل فلسطيني نازح يحمل بطانية في حين يُقيم الناس مخيماً في مكب نفايات بمنطقة اليرموك (أ.ف.ب)
طفل فلسطيني نازح يحمل بطانية في حين يُقيم الناس مخيماً في مكب نفايات بمنطقة اليرموك (أ.ف.ب)

وقبل أزمة بار، طالب 25 جنرالاً من قادة الأجهزة الأمنية الأساسية السابقين، الأربعاء، ببدء إجراءات قانونية لعزل نتنياهو «المنفلت في الدوس على القانون والمساس بالأمن القومي»، وفق بيان لهم، في حين اتهم نجله يائير نتنياهو، بار، عبر صفحته بـ«فيسبوك»، بمحاولة «تنفيذ انقلاب» على والده.

ورد نتنياهو بالدعوة لجلستين؛ الأولى الخميس، لإقالة رئيس جهاز «الشاباك»، وقد جُمدت مؤقتاً الجمعة. والثانية الأحد، لإقالة المستشارة القضائية للحكومة، غالي بهاراف ميارا، التي تعارض بدورها إقالة بار، وسط مظاهرات مناهضة لرئيس الوزراء شارك فيها 40 ألف شخص، من بينهم رئيس الحكومة الأسبق، إيهود باراك، الذي انتقد بشدة وقف اتفاق الهدنة.

عضو «المجلس المصري للشؤون الخارجية»، الأكاديمي المتخصص في الشؤون الإسرائيلية، الدكتور أحمد فؤاد أنور، يرى أن «حماس» تواجه أزمات بالفعل، سواء استهداف القيادات أو الوضع الإنساني المتردي، وكذلك إسرائيل تخوض خلافات وأزمات داخلية شديدة، لكنها لم توسع قاعدة الاشتباك، وتكتفي فقط بعمليات؛ ما يعني إمكانية التوصل لنقطة العودة، وتحقيق الوسطاء اختراقاً يوازن بين الشطط الإسرائيلي وفرص التهدئة.

ويتوقع المحلل السياسي الفلسطيني، عبد المهدي مطاوع، أن الأزمات ستلاحق «حماس»، والتفاوض سيستمر تحت النار، مشيراً إلى أن نتنياهو قد يستطيع الخروج من أزماته كعادته منذ بداية الحرب، ويحافظ على ائتلافه الحكومي بشكل كامل، وهذا يتوقف على طبيعة الأحداث القادمة.

وفي المقابل، يرى الخبير في الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية»، الدكتور سعيد عكاشة، أن تلك الأزمات ليس لها تأثير مباشر على عودة المفاوضات، خاصة أن المظاهرات لن تؤثر على نتنياهو، وكذلك لن توقف الضغوط العسكرية على «حماس».

وعقب إعلان «كتائب القسام»، الجناح العسكري لحركة «حماس»، أنها أطلقت رشقة صواريخ من غزة باتجاه تل أبيب، نفت الحركة في بيان، الجمعة، ما أوردته صحيفة «يديعوت أحرونوت» الإسرائيلية بأن الحركة قطعت كل الاتصالات المتعلقة بمفاوضات هدنة غزة.

وشددت على أنها لا تزال في قلب المفاوضات، و«تتابع بكل مسؤولية وجدية» مع الوسطاء، و«لا تزال تتداول في مقترح ويتكوف والأفكار المختلفة المطروحة، بما يحقق إنجاز صفقة تبادل تؤمّن الإفراج عن الأسرى، وإنهاء الحرب، وتحقيق الانسحاب».

إخلاء سكان مخيمَي النصيرات والبريج للاجئين خلال العمليات الإسرائيلية بقطاع غزة في وقت سابق (إ.ب.أ)
إخلاء سكان مخيمَي النصيرات والبريج للاجئين خلال العمليات الإسرائيلية بقطاع غزة في وقت سابق (إ.ب.أ)

وكان ويتكوف قدّم في 13 مارس الجاري اقتراحاً «مُحدَّثاً» لتمديد وقف إطلاق النار في غزة حتى 20 أبريل (نيسان) المقبل، وقبلت «حماس» بإطلاق الرهينة الأميركي - الإسرائيلي عيدان ألكسندر فقط، واعتبر المبعوث الأميركي رد الحركة «غير مقبول»، وذلك قبيل يومين من استئناف إسرائيل الحرب.

وسط ذلك تحدث مسؤول فلسطيني عن أن مصر قدمت أيضاً مقترحاً، بحسب ما ذكرته «رويترز» التي نقلت عن مصدرين أمنيين مصريين أن القاهرة اقترحت «وضع جدول زمني لإطلاق سراح باقي الرهائن، إلى جانب تحديد موعد نهائي لانسحاب إسرائيلي كامل من غزة بضمانات أميركية»، وسط موافقة مبدئية من واشنطن على المقترح، وتوقع أن ترد «حماس» وإسرائيل، الجمعة.

ويرى أنور أن «حماس» تبدو منهكة، وخسائرها تتزايد، لكن لديها ورقة الرهائن الرابحة، متوقعاً انخراطها في المفاوضات، وإمكانية قبولها بصيغة معدلة من مقترح ويتكوف، والوصول لحل وسط يمنع العودة لمربع 8 أكتوبر (تشرين الأول) والمواجهة الشاملة.

وفي اعتقاد مطاوع، فإن مقترح ويتكوف طرحته واشنطن على الطاولة ليؤخذ كاملاً أو يُترك، وبالتالي «يجب أن تعلن (حماس) موافقتها عليه لكي نتحدث عن مفاوضات قابلة للوصول لاتفاق، وليس كما حدث من الحركة واستغله نتنياهو لعودة الحرب»، مشيراً إلى أن الوسطاء لن يستطيعوا تجسير الهوة بأي مقترح ما دام هناك تشدد من أحد الطرفين.

وفي تقديرات عكاشة، فإن «حماس» ستعمل على إيجاد أي تعديل في مقترح ويتكوف بزيادة عدد الأسرى الفلسطينيين مقابل الرهائن، حتى لا تظهر في موقف عبثي، وخاصة أنها سبق أن التفت حول هذا المقترح واستغل نتنياهو ذلك، مرجحاً أن تدور محادثات الوسطاء حول هذا المخرج باعتباره حلاً وسطاً.