الجزائر وتونس لحماية الحدود المشتركة ومواجهة التهريب

بحثا الأوضاع الأمنية على الحدود بين البلدين

وزير خارجية تونس خالد النوري مستقبلاً نظيره الجزائري إبراهيم مراد (الداخلية الجزائرية)
وزير خارجية تونس خالد النوري مستقبلاً نظيره الجزائري إبراهيم مراد (الداخلية الجزائرية)
TT
20

الجزائر وتونس لحماية الحدود المشتركة ومواجهة التهريب

وزير خارجية تونس خالد النوري مستقبلاً نظيره الجزائري إبراهيم مراد (الداخلية الجزائرية)
وزير خارجية تونس خالد النوري مستقبلاً نظيره الجزائري إبراهيم مراد (الداخلية الجزائرية)

بحث وزير خارجية تونس خالد النوري في الجزائر، الثلاثاء، مع نظيره الجزائري إبراهيم مراد الأوضاع الأمنية على الحدود بين البلدين. وتندرج زيارة المسؤول التونسي في إطار الاجتماعات التي تُنظم عدة مرات سنوياً لبحث المخاطر والتهديدات على الحدود.

وقالت وزارة الداخلية الجزائرية في بيان إن زيارة النوري تستمر لمدة يومين، مشيرة إلى أنها «تأتي في إطار تعزيز التعاون الثنائي بين القطاعين الوزاريين، وبحث عدد من القضايا ذات الاهتمام المشترك»، دون تقديم تفاصيل إضافية.

وأكدت مصادر متابعة للزيارة أن مراد والنوري تناولا خطة تم إطلاقها مطلع عام 2024 تهدف إلى تعزيز مراقبة المناطق الحدودية ضد نشاط المسلحين، وتهريب الوقود والماشية والمواد الغذائية، بالإضافة إلى شبكات الهجرة غير النظامية. كما تشمل الخطة جانباً صحياً يتمثل في التصدي للأوبئة، التي قد تنشأ أحياناً في المناطق الحدودية.

الوزير التونسي مع مسؤولين إداريين من الجزائر (الداخلية الجزائرية)
الوزير التونسي مع مسؤولين إداريين من الجزائر (الداخلية الجزائرية)

جرى الإعداد لهذه الخطة خلال اجتماع بين مراد ووزير الداخلية التونسي السابق، كمال الفقي، في إطار «اللجنة الثنائية لترقية وتنمية المناطق الحدودية الجزائرية - التونسية»، التي أسستها الحكومتان في أكتوبر (تشرين الأول) 2023.

ضمن هذه «اللجنة» الكبرى، توجد «لجنة فرعية مشتركة» خاصة بالمسائل الأمنية، تجتمع سنوياً لتقييم الوضع على الحدود فيما يتعلق بالتهريب والهجرة السرية، وتهديدات الجماعات المسلحة المتطرفة، وفقاً للمصادر ذاتها، التي أوضحت أن تونس والجزائر «تواجهان تحديات كبيرة نتيجة تعدد أصناف التهديدات على الحدود، بسبب الموقع الجغرافي للبلدين، وتداخلهما مع مناطق تشهد اضطرابات أمنية، خاصة في ليبيا ومالي».

وعقد مسؤولو المحافظات الحدودية من الجانبين اجتماعات خلال عامي 2023 و2024، ناقشوا خلالها إطلاق مشروعات لامتصاص البطالة الزائدة في المنطقة، بهدف ثني شباب المناطق الحدودية عن الانخراط في الأنشطة غير المشروعة مثل التهريب.

وحسب تقارير رسمية جزائرية، فإن أكبر ما يثير القلق لدى الحكومة هو «استنزاف منتوجها الوطني»، بسبب تهريب كميات كبيرة من السلع إلى تونس، مثل المواد البترولية، والسلع الاستهلاكية، والأسلحة. وتنتعش هذه الأنشطة نتيجة للفوارق في الأسعار بين البلدين لبعض السلع، بالإضافة إلى وجود جماعات مسلحة تستغل المناطق الحدودية لنقل الأسلحة والمواد الممنوعة، مما يعقد جهود مكافحة التهريب.

وقالت دراسة مستقلة حديثة إن مهربي الوقود يكسبون ما بين 150 إلى 300 دولار في اليوم، وتشكّل هذه الأنشطة 75 في المائة من الحركة الاقتصادية في المنطقة الحدودية. وأكدت أن تهريب السلع المحظورة من وإلى تونس يشكّل «إحدى فرص العمل الثمينة» لسكان المناطق الحدودية، التي تتسم عادة بمعدلات بطالة مرتفعة. وأشارت إلى أن هذا النشاط قد «أدى إلى نشوء اقتصاد موازٍ غير مشروع».

وأكد تقرير أمني جزائري حديث أن التنسيق الأمني بين البلدين يواجه تحديات كبيرة، خصوصاً في المناطق التي تشترك فيها تونس مع ليبيا والجزائر مع مالي، حيث تعد الأنشطة الإرهابية والعصابات المسلحة من العوامل المعقدة في محاربة التهريب، إذ تستفيد الجماعات المسلحة من الثغرات الأمنية لنقل الأسلحة والمواد الممنوعة، مما يزيد من صعوبة الجهود الأمنية، وفقاً للتقرير.


مقالات ذات صلة

الجيش اللبناني: القوات الإسرائيلية أطلقت النار قرب إحدى وحداتنا بالجنوب

المشرق العربي مركبة للجيش اللبناني تسير في بلدة الخيام بالقرب من الحدود مع إسرائيل في جنوب لبنان 12 يوليو 2023 (رويترز)

الجيش اللبناني: القوات الإسرائيلية أطلقت النار قرب إحدى وحداتنا بالجنوب

قال الجيش اللبناني إن القوات الإسرائيلية أطلقت النار على مقربة من وحدة تابعة له أثناء عملها على إزالة سواتر ترابية في بلدة بجنوب البلاد لإجبارها على الانسحاب.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
آسيا وقّعت طاجيكستان وقرغيزستان وأوزبكستان اتفاقاً حدودياً من شأنه أن يضمن استقرار المنطقة (أ.ف.ب)

ترسيم الحدود بين طاجيكستان وقرغيزستان وأوزبكستان بعد توتر

وقّعت طاجيكستان وقرغيزستان وأوزبكستان اتفاقاً حدودياً خلال قمّة غير مسبوقة، من شأنه ضمان استقرار المنطقة التي لم تسلم من النزاعات منذ انهيار الاتحاد السوفياتي.

«الشرق الأوسط» (خجندة)
المشرق العربي عون يؤكد للشرع ضرورة التنسيق لحل قضية الحدود بين لبنان وسوريا

عون يؤكد للشرع ضرورة التنسيق لحل قضية الحدود بين لبنان وسوريا

أكد الرئيس اللبناني جوزيف عون في اتصال هاتفي مع نظيره السوري أحمد الشرع، الجمعة، ضرورة التنسيق بين البلدين لمعالجة موضوع الحدود المشتركة.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
أفريقيا جنود كاميرونيون في كولوفاتا بالكاميرون 16 مارس 2016 (رويترز)

مقتل 20 جندياً كاميرونياً في هجوم نفّذته «بوكو حرام»

قُتل 20 جندياً كاميرونياً، الثلاثاء، في هجوم نفذه متطرفون من جماعة بوكو حرام في شمال شرقي نيجيريا قرب الحدود مع الكاميرون.

«الشرق الأوسط» (أبوجا)
أميركا اللاتينية مهاجرون فنزويليون وصلوا من المكسيك ينزلون من الطائرة في مطار سيمون بوليفار الدولي في مايكيتيا بفنزويلا يوم الخميس 20 مارس 2025 بعد أن تخلوا عن آمالهم في الوصول إلى الولايات المتحدة بسبب حملة الرئيس ترمب على الهجرة (أ.ب)

فنزويلا تستعيد مئات المهاجرين آتين بالطائرة من المكسيك (صور)

وصل أكثر من 300 مهاجر فنزويلي إلى كاراكاس آتين من المكسيك الخميس في طائرة استأجرتها السلطات الفنزويلية.

«الشرق الأوسط» (كاراكاس)

ليبيا: دعوات تحريض ضد المهاجرين تضاعف أوجاع السودانيين الفارين من ويلات الحرب

أطفال يلعبون أمام خيام للنازحين السودانيين على أطراف مدينة الكفرة الليبية (الصفحة الرسمية لبلدية المدينة)
أطفال يلعبون أمام خيام للنازحين السودانيين على أطراف مدينة الكفرة الليبية (الصفحة الرسمية لبلدية المدينة)
TT
20

ليبيا: دعوات تحريض ضد المهاجرين تضاعف أوجاع السودانيين الفارين من ويلات الحرب

أطفال يلعبون أمام خيام للنازحين السودانيين على أطراف مدينة الكفرة الليبية (الصفحة الرسمية لبلدية المدينة)
أطفال يلعبون أمام خيام للنازحين السودانيين على أطراف مدينة الكفرة الليبية (الصفحة الرسمية لبلدية المدينة)

ضاعفت دعوات تحريض ضد المهاجرين غير النظاميين في ليبيا من أوجاع السودانيين الفارين من الحرب، الذين يقيمون في مدينة الكفرة (جنوب البلاد).

ويأتي قلق السودانيين على وقع جدل سياسي وشعبي في ليبيا، بشأن توطين المهاجرين غير النظاميين، وهو ما نفته السلطات الليبية على لسان مسؤولين حكوميين.

وانتشرت أخيراً على بعض صفحات التواصل الاجتماعي في ليبيا دعوات تحريضية لـ«ترحيل المهاجرين غير النظاميين»، ودافع بعض المدونين، خلال اليومين الماضيين، عن هذه الدعوات بالحديث عن «عدم الترحيب بالمهاجرين».

كما رصد حقوقيون، ومن بينهم الناشط الليبي طارق لملوم، ما قال إنها «دعايات وحملات تحريض»، متحدثاً عن «منع وصول العمال والمهاجرين المسلمين إلى ساحة الشهداء في العاصمة طرابلس للاحتفال بعيد الفطر، بحجة عدم حملهم أوراق هوية».

سلال غذائية للنازحين السودانيين في مدينة الكفرة الليبية (الصفحة الرسمية للبلدية)
سلال غذائية للنازحين السودانيين في مدينة الكفرة الليبية (الصفحة الرسمية للبلدية)

وأعاد لملوم عبر حسابه بـ«فيسبوك» نشر صور متداولة لحافلات، تابعة لجهاز «مكافحة الهجرة غير الشرعية»، وهي تطوق ساحة الشهداء، فيما لم يصدر تعليق رسمي عن الجهاز بشأن هذا الإجراء.

وسبق أن هيمنت على السودانيين الشهر الماضي مخاوف وهواجس من «الاعتقال والزج بهم في مراكز الاحتجاز وترحيلهم»، وفق بيان السفارة السودانية في ليبيا، التي حاولت أيضاً تهدئة مواطنيها، قائلة إن «سياسات الحكومة الليبية المعلنة تجاه الوافدين السودانيين تُقدم التسهيلات والمساعدات لهم، بوصفهم ضيوفاً».

الناطق باسم بلدية الكفرة، عبد الله سليمان، قال لـ«الشرق الأوسط»، إن «المجتمع المحلي يرحب بالنازحين السودانيين، ولا يكن أي عداء تجاههم»، لكنه تحدث عن «ضغوط قاسية على مرافق المدينة، مثل الكهرباء والصرف الصحي والمستشفيات».

وسبق أن نشرت بعثة الأمم المتحدة في ليبيا بياناً، حذرت فيه مما وصفته بـ«المعلومات المضللة وخطاب الكراهية» ضد اللاجئين، وشددت على أن ذلك «لا يؤدي سوى إلى تفشي الخوف وحالة العداء».

ولم تفارق مشاعر الحنين لأجواء «العيد» في السودان قطاعاً واسعاً من النازحين إلى ليبيا، ومنهم خالد العاقب (48 عاماً)، الذي حل عليه «العيد» بمشاعر «خوف وحنين إلى الوطن»، فهو «عيد جديد من أعياد الأحزان ووجع الغربة والنزوح»، على حد وصفه.

وتذكر العاقب جانباً من ذكريات عيده في الخرطوم، التي نزح منها منذ 3 أعوام، قائلاً لـ«الشرق الأوسط»: «أشتاق لتجمعات الأهل والأصدقاء والحلوى، ومشاهد لعب الأطفال ومعايدتهم، ومطعم شهير كنت أرتاده».

ويحرص النازح السوداني، وكما في الأعياد السابقة بالكفرة، على التواصل مع من تبقى من أهله في السودان والاطمئنان على أحوالهم، علماً أن بعض أفراد عائلته يوجدون أيضاً في مصر، وفي هذا السياق يقول: «شتتت الحرب شملنا ومزقت فرحة أعيادنا».

خيام بأحد التجمعات السكانية للنازحين السودانيين في مدينة الكفرة الليبية (بلدية الكفرة)
خيام بأحد التجمعات السكانية للنازحين السودانيين في مدينة الكفرة الليبية (بلدية الكفرة)

وتذهب تقديرات الأمم المتحدة إلى اعتبار مدينة الكفرة باتت نقطة عبور رئيسية للفارين السودانيين إلى ليبيا، حيث استقبلت 240 ألف شخص منذ اندلاع الصراع في أبريل (نيسان) 2023، وهو رقم شكك الناطق باسم بلدية الكفرة في صحته، قائلاً: «يستحيل حصر أعداد اللاجئين القادمين عبر الحدود الليبية-السودانية لأنها لا تخضع لمراقبة دقيقة»، ورجح دخولهم «عبر مسارات التهريب»، مبرزاً أن البلدية أصدرت أكثر من 120 ألف شهادة صحية للاجئين حتى الآن.

وخلال أيام عيد الفطر، لم يطرأ تحسن على الأوضاع الإنسانية للسودانيين الموجودين في ليبيا، حيث تشكو شرائح واسعة منهم، ومن بينهم النازح العاقب، من «صعوبة أوضاعهم المعيشية، حيث يعمل بعضهم في مهن متواضعة، وأيضاً من تصاعد دعوات التحريض ضد المهاجرين».

وفي شهر رمضان الماضي، تداول سودانيون في الكفرة عبر صفحات تواصل خاصة بهم منشور نداء من إحدى السيدات، تدعى «م.م»، تطلب فيه سلة مساعدات فيها «دقيق وعدس وفول»، وكتبت: «نحن نازحون وأيتام ونحتاج إلى المساعدة من فاعل خير».

وهنا يقر المتحدث باسم بلدية الكفرة بصعوبة الوضع الإنساني للسودانيين في بلاده، لكنه يشير إلى «مبادرات من البلدية وأهالي الكفرة والمجتمع المدني لمساعدتهم».

ووزعت بلدية الكفرة 3 آلاف سلة غذائية على السودانيين في رمضان، تشمل الحليب والأرز والزيت والطماطم والدقيق، إلى جانب تجهيز 7 موائد إفطار، وفق الناطق باسم البلدية.

لكن رغم تلك الجهود، فإن «السودانيين في الكفرة استقبلوا (العيد) في خيام ضيقة، مصنوعة من القماش في مزارع على أطراف المدينة أو مستودعات تحولت إلى أعشاش، لا تقيهم حر الصيف أو برد الشتاء».

وسبق أن أعدت الأمم المتحدة خطة استجابة إنسانية للسودانيين في ليبيا، عبر جمع 106.6 مليون دولار أميركي يغطي قطاعات الصحة والتغذية والتعليم، والأمن الغذائي والمياه والصرف الصحي والحماية.

ويقر عبد الله سليمان بما قال إنها «وقفات استجابة إنسانية من جهات دولية، تقدم مواد غذائية وأدوات تنظيف وطهي»، ضارباً المثل بكل من «منظمات الأغذية العالمية، والهجرة الدولية، واليونيسف».

ومع ذلك، توجه بلدية الكفرة «انتقاداً» للأمم المتحدة، بحجة أن «ما تم تقديمه للاجئين غير كافٍ»، وقال الناطق باسمها: «نحتاج إلى دعم للاجئين والمجتمع المضيف، بناء على الاحتياج وليس الاجتهاد». مطالباً «بدعم المؤسسات الخدمية التي تواجه ضغطاً شديداً في مدينة كان يبلغ عدد سكانها 60 ألف نسمة قبل موجة النزوح».