لماذا تندلع النار في الأصابعة الليبية؟... 3 سيناريوهات متضاربة

«الوحدة» تشكل لجنة لحصر الأضرار قبل تعويض من احترقت منازلهم

فريق من «المركز الوطني لإدارة الطوارئ والأزمات والكوارث» في ليبيا يعاين حرائق الأصابعة (المركز)
فريق من «المركز الوطني لإدارة الطوارئ والأزمات والكوارث» في ليبيا يعاين حرائق الأصابعة (المركز)
TT

لماذا تندلع النار في الأصابعة الليبية؟... 3 سيناريوهات متضاربة

فريق من «المركز الوطني لإدارة الطوارئ والأزمات والكوارث» في ليبيا يعاين حرائق الأصابعة (المركز)
فريق من «المركز الوطني لإدارة الطوارئ والأزمات والكوارث» في ليبيا يعاين حرائق الأصابعة (المركز)

لم تفلح عمليات فك «السحر والطلاسم» في وقف اندلاع «الحرائق الغامضة» بمدينة الأصابعة الليبية، كما لم تتمكن جولات فريق «المركز الوطني لإدارة الطوارئ» في كشف السر وراء ذلك. وظل السؤال حائراً من يقف وراء هذه النيران التي أتت على 160 منزلاً حتى الآن.

فريق من برنامج «حصين لمكافحة أعمال السحرة والمُشعوذين» يصل للأصابعة (البرنامج)

بعض من الهدوء يسيطر راهناً على المدينة الواقعة (غربي ليبيا)، لكن المخاوف لا تزال حاضرة من النيران «التي تتجدد» وتزحف على جدران منازلها كحية رقطاء دفعت عدداً من المواطنين إلى هجر ديارهم، انتظاراً لوقوف الأجهزة المعنية على الأسباب الحقيقية.

ومنذ اشتعال ألسنة اللهب في أول منزل بالأصابعة في 19 فبراير (شباط) الماضي، وحتى الآن، لا يزال البعض يتهم «الجن» بالضلوع في هذه الحوادث، غير أن هذا السيناريو لم يصمد أمام تفسيرات أخرى يرى أصحابها أنها تستند إلى العلم وتدحض الخرافة.

وفيما تحركت فرق الإطفاء بعد قرابة أسبوع على اندلاع الحرائق، وبدأ جهاز المباحث الجنائية هو الآخر في التحقيقات، كانت النيران تجولت على أكثر من 110 منازل، ومن وقتها تحولت الأنظار إلى الأصابعة فتعددت السيناريوهات المتضاربة وتداخلت التأويلات.

ومن هناك، نشطت لجنة تابعة لـ«برنامج حصين لمكافحة أعمال السحرة والمُشعوذين»، وهي لجنة رسمية تتبع الهيئة العامة للأوقاف والشؤون الإسلامية بغرب ليبيا.

وقال أعضاء في اللجنة إنهم ذهبوا إلى الأصابعة «لمؤازرة إخوانهم والوقوف إلى جانبهم في هذه المحنة»، وانتظر مواطنو المدينة انتهاء المحنة، لكن بعد أسبوعين من بدئها، أطلّت النيران من منازل جديدة في مناطق عديدة.

فريق من «المركز الوطني لإدارة الطوارئ والأزمات والكوارث» في ليبيا يعاين حرائق الأصابعة (المركز)

وكما أن لسيناريو تورط «الجن» من يدعمه في الأصابعة ومن حولها، فهناك من يشكك فيه، بالنظر إلى أن «الشياطين تصفد في رمضان»، وبالتالي ذهبوا إلى أن تحميل «الجن» مسؤولية هذه الحرائق ليس إلا «دجلاً».

ودخل على خط الأزمة الشيخ علي أبو سبيحة رئيس «المجلس الأعلى لقبائل ومدن فزان»، وقال إنه «لم يتناول هذه المسألة بسبب الغموض الذي أحاط بها؛ لكن نبينا عليه الصلاة والسلام يقول تصفد الشياطين في الليلة الأولى من رمضان، وما زالت النيران تندلع بمنازل أهلنا في الأصابعة»؛ منتقداً ما تمارسه لجنة «حصين».

وأمام عجز «حصين» عن وقف اندلاع النيران، تبنى وزير التعليم العالي عمران القيب، «تفسيراً علمياً»، بعيداً عن «الظواهر الخارقة»، وأرجع الأمر إلى تسرّب «غاز الميثان».

وكان القيب قال إنه تم رصد هزة أرضية بقوة 3.5 على مقياس «ريختر» على عمق 5 كيلومترات بالقرب من الرحيبات؛ «وأن تلك الهزة تسببت في تشققات أرضية أسهمت في انبعاث غاز الميثان القابل للاشتعال والذي تم رصده بشكل كبير عبر الأجهزة بالأصابعة».

غير أن ما ذهب إليه القيب لم يرق لرئيس حكومة «الوحدة الوطنية» المؤقتة، عبد الحميد الدبيبة، الذي عنّف الوزير وانتقد تصريحاته وعدّها «متسرعة ولا تستند إلى تحقيقات نهائية»، بل إن الدبيبة توعّد «المتسرعين» في التصريحات بـ«المساءلة القانونية».

المركز الوطني لإدارة الطوارئ يجري بعض التجارب في الأصابعة الليبية (المركز)

ولا تزال السلطات المحلية تحقق في أسباب الحرائق، بعد 21 يوماً من اندلاعها في ظل غموض يحيط بالحادثة، وذهاب البعض إلى أن اشتعال هذه النيران «بفعل فاعل»، وهو السيناريو الثالث الذي لم تثبته أو تنفه جهات التحقيق.

ويقول «المركز الوطني لإدارة الطوارئ والأزمات والكوارث» إنه يواصل جهوده لكشف أسباب وتداعيات حرائق الأصابعة، مشيراً إلى أن الفريق الميداني التابع له، والمكون من خبراء وفنيين مختصين، يتفقدون العديد من المواقع داخل المدينة والمناطق المجاورة لها.

وأوضح الجهاز أن الفريق أخذ قياسات ميدانية تهدف إلى تقييم تأثير الحرائق على البيئة والصحة العامة، ودراسة الأسباب المحتملة لاندلاع هذه الحرائق.

وكان فريق من «مركز بحوث النفط» برفقة بعض الجهات الأمنية أجرى جولة ميدانية في مناطق عدة بالأصابعة وجمع أدلة من مواقع مختلفة بالمنطقة، لافتاً إلى أنه يجري راهناً تحليل بقايا المواد المحترقة، ومحاولة تحديد مصدر النيران، وذلك باستخدام «تقنيات متقدمة في هذا المجال لتسهيل عملية التحقق والاستكشاف».

المركز الوطني لإدارة الطوارئ يجري بعض التجارب في الأصابعة الليبية (المركز)

وطالب رئيس «المجلس الأعلى لقبائل ومدن فزان» لجنة «حصين» بمغادرة مدينة الأصابعة، داعياً حكومة الدبيبة إلى تحمّل مسؤولياتها و«الاستعانة بالخبرات العلمية التطبيقية لدراسة هذه الظاهرة بعيداً عن الدجل».

وسبق وأمر الدبيبة بتخصيص 70 مليون دينار لتعويض المتضررين من الحرائق، وتشكيل لجنة تتولى تنفيذ عملية التعويض. و(الدولار يساوي 4.82 دينار في السوق الرسمية).

وتشتكي البلدية من ضعف الإمكانات التي تساعدها على مواجهة الحرائق، وأعلنت أن «هيئة السلامة الوطنية تعاني من نقص السيارات والمعدات... ولا توجد غير سيارة إطفاء واحدة بالبلدية، وبالتالي لا يمكنها إطفاء جميع الحرائق في الوقت ذاته».


مقالات ذات صلة

عضو في «المجلس الرئاسي» الليبي يسعى لـ«حوار جديد» لحلّ الأزمة السياسية

شمال افريقيا صورة أرشيفية لاجتماع اللافي مع المبعوثة الأممية (المجلس الرئاسي الليبي)

عضو في «المجلس الرئاسي» الليبي يسعى لـ«حوار جديد» لحلّ الأزمة السياسية

لم يحدد اللافي موعداً لبدء هذه الحوارات الليبية أو مكانها مكتفياً بالإشارة إلى أنها ستعقد خلال الفترة المقبلة.

خالد محمود (القاهرة)
شمال افريقيا من حفل إفطار أقامه مستشار الدبيبة وحضره قادة ميليشيات مسلحة في طرابلس  (حسابات ليبية موثوقة)

إفطار رمضاني لقادة ميليشيات طرابلس يثير تساؤلات بشأن «نفوذهم السياسي»

جمع إبراهيم الدبيبة مستشار رئيس حكومة «الوحدة» الليبية المؤقتة على مائدة إفطار قيادات أمنية رسمية، بالإضافة إلى أمراء التشكيلات المسلحة البارزين في طرابلس.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا رئيس مجلس النواب الليبي خلال اجتماعه مع رئيس ديوان المحاسبة (مجلس النواب)

​«الوحدة» الليبية تتجاهل اشتباكات ميليشياتها جنوب طرابلس

رصدت وسائل إعلام ليبية محلية وجود ما وصفته بحالة من التوتر الأمني في مدينة غريان جنوب العاصمة طرابلس على خلفية اشتباكات

خالد محمود (القاهرة)
شمال افريقيا عناصر من قوة الردع بطرابلس غربي ليبيا (قوة الردع)

«الاعتقالات التعسفية»... سلاح السلطات في ليبيا لمواجهة معارضيها

قالت البعثة الأممية لدى ليبيا إن موجة من الاحتجازات والتوقيفات التعسفية نفَّذتها أجهزة إنفاذ القانون وأطراف أمنية في عموم ليبيا أثارت ذعرها.

جمال جوهر (القاهرة)
شمال افريقيا قادة الجيش الوطني الليبي على مائدة إفطار القيادة العامة (الجيش الوطني)

موائد إفطار قادة ليبيا تتحول إلى فرصة للتوظيف السياسي

حرص أغلب أفرقاء المشهد الليبي على تنظيم موائد إفطار رمضانية، لكنها لم تخلُ من توجيه الرسائل السياسية.

جاكلين زاهر (القاهرة)

البرلمان المصري يقرّ تشكيل مجلس التنسيق الأعلى مع السعودية

ولي العهد السعودي والرئيس المصري خلال لقاء سابق بينهما (واس)
ولي العهد السعودي والرئيس المصري خلال لقاء سابق بينهما (واس)
TT

البرلمان المصري يقرّ تشكيل مجلس التنسيق الأعلى مع السعودية

ولي العهد السعودي والرئيس المصري خلال لقاء سابق بينهما (واس)
ولي العهد السعودي والرئيس المصري خلال لقاء سابق بينهما (واس)

وافق مجلس النواب المصري (البرلمان)، الاثنين، برئاسة المستشار الدكتور حنفي جبالي، على تشكيل مجلس التنسيق الأعلى السعودي - المصري، الذي يستهدف الارتقاء بالعلاقات الثنائية إلى آفاق استراتيجية غير مسبوقة.

وكان الأمير محمد بن سلمان، ولي العهد رئيس مجلس الوزراء السعودي، والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، قد شهدا في ختام مباحثاتهما بالقاهرة، منتصف أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، التوقيع على تشكيل «مجلس التنسيق الأعلى المصري - السعودي» برئاسة الرئيس السيسي وولي العهد السعودي.

ونهاية العام الماضي، وافقت الحكومة المصرية على قرار تشكيل المجلس، الذي يهدف إلى «تكثيف التواصل وتعزيز التعاون بين السعودية ومصر في مختلف المجالات التي تهم الجانبين»، وفق الإعلان الرسمي.

وجاءت موافقة مجلس النواب المصري، الاثنين، بعد استعراض النائب أحمد فؤاد أباظة، رئيس لجنة الشؤون العربية، تقرير اللجنة المشتركة من لجنة الشؤون العربية ومكتبي لجنتي الشؤون الاقتصادية، والدفاع والأمن القومي، على قرار رئيس الجمهورية رقم (55) لسنة 2025 والخاص بمحضر تشكيل مجلس التنسيق الأعلى السعودي - المصري.

بدر عبد العاطي خلال استقبال الأمير فيصل بن فرحان بالقاهرة (أرشيفية - الخارجية المصرية)

وكان وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي أكد خلال مؤتمر صحافي مع نظيره السعودي، الأمير فيصل بن فرحان، في القاهرة، سبتمبر (أيلول) الماضي، أن «مجلس التنسيق الأعلى»، «سيكون مظلة شاملة لمزيد من تعميق العلاقات الثنائية بين البلدين، والدفع لآفاق التعاون بينهما في المجالات السياسية والاقتصادية والتجارية والتنموية والاستثمارية، بما يحقق مصالح الشعبين».

ووفق بيان الحكومة المصرية، «يتألف المجلس من عدد من الوزراء والمسؤولين من البلدين في المجالات ذات الصلة»، كما «يعقد اجتماعات دورية بالتناوب في البلدين، ويحق له عقد اجتماعات استثنائية كلما دعت الحاجة إلى ذلك». والمجلس «سيحل محل الاتفاق الخاص بإنشاء اللجنة العليا المشتركة».

ويعد أمينا الجانبين محضراً مشتركاً يتضمن حوكمة لأعمال المجلس ولجانه ومهماتها وآليات التنسيق والتواصل بما يكفل تحقيق الغايات المنشودة من تشكيل المجلس، وتعتمد الحوكمة بموافقة رئيسي الجانبين.

وقال النائب أحمد فؤاد أباظة، رئيس لجنة الشؤون العربية بمجلس النواب، إن المجلس الجديد يستهدف تحقيق أهداف استراتيجية عدة، من بينها تكثيف التنسيق والتشاور بين البلدين حول القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك، بما يساهم في تحقيق الأمن والاستقرار في المنطقة.

وأضاف: «يعمل كذلك على تعزيز الشراكة الاقتصادية والتجارية والاستثمارية، وتذليل العقبات أمام تدفق الاستثمارات السعودية إلى مصر، وتشجيع القطاع الخاص في البلدين على إقامة مشاريع مشتركة»، كما يستهدف تبادل الخبرات والمعلومات في المجالات الأمنية والعسكرية، وتعزيز التعاون في مكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة.

وأكد أباظة أن المجلس يعمل على تطوير التعاون في مجالات التعليم والصحة والزراعة والبيئة والثقافة والصناعة والتقنية والاتصالات والنقل والتعاون الرقمي والبنى التحتية والطاقة وغيرها من المجالات الحيوية.