أعلن عدد من النواب الفرنسيين، بعضهم من أصل جزائري، إطلاق تحرك لوقف التوترات بين الجزائر وفرنسا التي تشهد تصاعداً بسبب ما بات يعرف بـ«أزمة المهاجرين المرحّلين»، وهم مواطنون جزائريون أبعدت وزارة الداخلية الفرنسية بعضهم بذريعة «العنف»، بينما رفضت الجزائر استقبالهم.
ويشكل هؤلاء النواب الذين ينتمون إلى أحزاب فرنسية عدة «مجموعة الصداقة الفرنسية- الجزائرية» في «الجمعية الوطنية» الفرنسية، يقودهم عضو الحزب الاشتراكي لوران لارديت المنتخب عن مدينة مرسيليا بالجنوب الفرنسي؛ حيث يعيش عدد كبير من أبناء الجالية الجزائرية.

وتم تشكيل الفريق البرلماني في السادس من الشهر الحالي؛ حيث خلف النائب بلخير بلحداد لوران لارديت في رئاسة مجموعة الصداقة، وفق ما أوردته صحيفة «لابروفانس» التي تصدر بمرسيليا في عددها الصادر السبت، والتي أكدت أن الفريق «وضع لنفسه هدفاً يتمثل في بناء علاقات قوية بين البلدين».
وتتكون المجموعة من 45 نائباً، يتحدر 3 من مساعدي رئيسها الستة من أصول جزائرية، هم: صبرينة صبايحي من حزب الخضر، وفتيحة كلوة حاشي من الحزب الاشتراكي، وإيدير بومرتيت من حزب «فرنسا الأبية».

«إعادة الهدوء»
وكتبت صبرينة صبايحي على حسابها في وسائل التواصل الاجتماعي: «فخورة بكوني نائبة رئيس مجموعة الصداقة الفرنسية الجزائرية، التي ستعمل من أجل إعادة الهدوء إلى علاقات بلدينا».
ونقلت «لابروفانس» عن رئيس الفريق البرلماني، أن العلاقات بين البلدين «تواجه توتراً بسبب سجن الكاتب بوعلام صنصال، وقضية أوامر الطرد من التراب الفرنسي؛ لكن يجب أن نحرص على عدم اختزال العلاقات بين فرنسا والجزائر في صراعات سياسية داخلية مع رئيس الوزراء فرنسوا بايرو الذي يلاحق (وزير الداخلية) برونو ريتايو الذي يلاحق بدوره (التجمع الوطني)».
ويشير النائب الاشتراكي في كلامه، إلى الروائي ذي الجنسية المزدوجة صنصال، المسجون في الجزائر منذ منتصف نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، بسبب تصريحات صحافية له يزعم فيها أن مناطق من الغرب الجزائري «اجتزأتها فرنسا من المغرب» خلال فترة احتلالها شمال أفريقيا خلال القرنين الـ19 والـ20.
كما يشير إلى قرارات إدارية بإبعاد عدد كبير من المهاجرين الجزائريين من فرنسا، بتهمة «التحريض على العنف»، و«المس بالنظام العام»، وهي قضية فاقمت التوترات بين البلدين.
أما حديث لارديت عن بايرو فيقصد به أنه «يزايد» على ريتايو في تصعيد الأزمة مع الجزائر، بينما الإشارة إلى الحزب اليميني المتطرف «التجمع الوطني»، يفهم منها أن ريتايو يغازل الوعاء الانتخابي لليمين المتطرف المعادي للهجرة؛ خصوصاً المهاجرين الجزائريين، استعداداً لاحتمال خوضه الاستحقاق الرئاسي المقرر في 2027.

«خطة عمل»
وأكد النائب نفسه -وفق «لابروفانس»- أن في مرسيليا «300 ألف شخص من أبناء وأحفاد الجزائريين، وغيرهم كثيرون تربطهم علاقة بالجزائر. لهذا من واجبنا تسليط الضوء على أهمية هذه العلاقة في وقت يجب على كل دولة أوروبية أن تعرف من هو الحليف الذي يمكنها الاعتماد عليه»، مبرزاً أنه أعد «خطة عمل» بخصوص ترميم العلاقات الثنائية المتدهورة، تتضمن -حسبه- «مواصلة الاشتغال على الذاكرة وتعزيز التبادلات الاقتصادية، من خلال الطرق البحرية بين مرسيليا والمواني الجزائرية»؛ موضحاً بأن المجموعة طلبت لقاء السفير الفرنسي بالجزائر ستيفان روماتيه، لبحث التوترات مع الجزائر.
ويحيل «ملف الاشتغال على الذاكرة»، إلى جهد مشترك بدأ في 2022 يهدف إلى معالجة الجوانب التاريخية المؤلمة التي طبعت العلاقات بين البلدين، وخصوصاً فترة الاستعمار (1830- 1962) وثورة التحرير (1954- 1962)، وفهمها والتصالح معها. وقطع البلدان خطوات إيجابية في العامين الأخيرين، تمثلت في استرجاع الجزائر جزءاً من أرشيف مرحلة الاحتلال. وكان يفترض أن يُدفَع هذا الجهد دفعاً قويّاً، بمناسبة زيارة كانت مقررة للرئيس الجزائري عبد المجيد تبون إلى فرنسا في خريف 2024؛ لكنها ألغيت بسبب التوترات المتلاحقة بين البلدين.