ترهيب أطباء بإطلاق نار داخل مستشفى في جنوب ليبيا

البعثة الأممية تدعو لإنجاح ثاني مراحل الانتخابات المحلية

مقر المجلس البلدي بغدامس (المكتب الإعلامي للمجلس)
مقر المجلس البلدي بغدامس (المكتب الإعلامي للمجلس)
TT

ترهيب أطباء بإطلاق نار داخل مستشفى في جنوب ليبيا

مقر المجلس البلدي بغدامس (المكتب الإعلامي للمجلس)
مقر المجلس البلدي بغدامس (المكتب الإعلامي للمجلس)

وقع اعتداء مسلح داخل مستشفى غدامس بجنوب ليبيا، مما تسبب في ترهيب الأطقم الطبيبة والممرضين والعاملين، واضطرهم جميعاً إلى الهرب إلى الشارع، وجاء ذلك فيما تبحث البعثة الأممية مع حكومة «الوحدة الوطنية» المؤقتة، التحديات التي تواجه المجالس البلدية.

وقالت نقابة المهن الطبية المساعدة بغدامس، في ساعة مبكرة من صباح (الجمعة)، إن إدارة المستشفى العام بالمدينة، «أعلنت تعليق العمل إلى حين حلحلة المشاكل الأمنية، بعد الاعتداء بالأسلحة على الطواقم الطبية والعاملين مما دفعهم للهروب».

مستشفى غدامس العام (متداولة على حسابات العاملين بها)

وغدامس مدينة تقع قرب مثلث الحدود مع تونس والجزائر أقصى غرب البلاد. وسبق أن شهد محيطها في أغسطس (آب) الماضي، توتراً أمنياً بين تابعين لحكومة «الوحدة» وموالين لـ«الجيش الوطني»، بقيادة المشير خليفة حفتر.

وقالت إدارة مستشفى غدامس العام إنه «نظراً للاعتداء اللفظي والمسلح على العناصر الطبية والطبية المساعدة وإطلاق أعيرة نارية داخل المستشفى؛ فإن العمل بها سيقتصر على استقبال الحالات الطارئة فقط».

هروب المرضى والأطباء والعاملين

لم تحدد إدارة المستشفى إذا كان أحد الأطقم قد تعرض للإصابة أم لا، لكنها نوهت إلى حدوث حالة «هلع وارتباك داخل الأقسام، ما أدى إلى هروب المرضى والأطباء والعاملين»، واكتفت «بالعمل على الحالات الطارئة فقط، وإنقاذ الحياة إلى حين حلحلة مشكلة الأمن».

وتكثر في ليبيا عمليات الاعتداء المسلح على العاملين بالمشافي الصحية، وإن كانت حدتها تراجعت كثيراً بالنظر إلى السيطرة الأمنية النسبية في بعض المدن.

وفيما لم تعلق في حينه وزارة الصحة بحكومة «الوحدة» على الحادثة، استنكر المجلس البلدي بغدامس بـ«قلق بالغ»، ما وصفه بـ«الاعتداء الآثم» الذي استهدف المستشفى. وأوضح المجلس في بيان، صباح (الجمعة)، أن المستشفى «شهد عملية إطلاق نار بين قسمي العناية الفائقة والنساء والتوليد؛ ما عرّض حياة المرضى والأطقم الطبيبة للخطر؛ وشكل انتهاكاً صارخاً لحرمة المنشأة الصحية وحقوق الإنسان».

وبينما أدان المجلس ما وصفه بـ«الفعل الإجرامي»، أكد على «ضرورة حماية المرافق الصحية من أي أعمال عنف أو انتهاكات»، وطالب الجهات الأمنية بـ«تحمل مسؤوليتها في فتح تحقيق عاجل لكشف ملابسات الحادثة، ومحاسبة الجناة وفق القانون».

وأهاب المجلس البلدي بغدامس بجميع الأطراف تغليب لغة العقل والحوار، و«الابتعاد عن كل ما من شأنه تعريض أرواح الأبرياء للخطر، أو عرقلة الخدمات الصحية؛ خاصة في ظل الظروف، التي تتطلب تضامناً مجتمعياً واسعاً للحفاظ على أمن واستقرار غدامس».

التومي وزير الحكم المحلي بحكومة «الوحدة» مستقبلاً تيتيه (المكتب الإعلامي للوزارة)

في غضون ذلك، بحث وزير الحكم المحلي، بدر الدين التومي، مع المبعوثة الأممية إلى ليبيا، هانا تيتيه، «التحول إلى اللامركزية وتعزيز منظومة الإدارة المحلية في ليبيا».

وقالت منصة «حكومتنا» التابعة لـ«الوحدة» إن التومي، الذي استقبل المبعوثة في مقر وزارته، مساء الخميس، ناقش معها «التحديات التي تواجه المجالس البلدية»، إضافة إلى بحث سبل تعزيز التعاون المشترك بين الوزارة والمنظمات الدولية لدعم البلديات، وتطوير آليات تقديم الخدمات.

ونقلت المنصة عن المبعوثة الأممية «إشادتها بجهود الوزارة في دعم الانتخابات البلدية»، مؤكدة أن العملية الانتخابية «تعد جزءاً أساسياً من مسار اللامركزية في ليبيا». كما شددت المبعوثة على «أهمية استمرار التعاون لضمان نجاح المرحلة الثانية من الانتخابات البلدية، وتعزيز الاستقرار والتنمية في البلاد».

في سياق قريب، عقد عبد الحميد الدبيبة، رئيس حكومة «الوحدة»، لقاءً مع عدد من أعضاء مجلس النواب عن مدينة الزاوية (غرب)، إلى جانب عدد من أعيان البلديات، تطرق إلى بحث مشكلات محلية بالمدينة، التي تشهد اشتباكات متكررة بين الميليشيات المسلحة.

وتناول اللقاء، الذي حضره وزيرا الحكم المحلي، بدر الدين التومي، والدولة للاتصال والشؤون السياسية وليد اللافي، مستجدات العملية الانتخابية الجارية للبلديات. وقال مكتب الدبيبة إن الحاضرين أكدوا على «أهمية الالتزام بأحكام قانون الحكم المحلي (رقم 59) وتعديلاته، مع مراعاة الحدود الإدارية المعتمدة، بما يضمن نزاهة وشفافية الانتخابات».

الدبيبة مستقبلاً وفداً من الزاوية (مكتب الدبيبة)

وتحدث الدبيبة عن حكومته التي «نجحت في تأمين الانتخابات في الجولة الأولى، التي أُجريت في 58 بلدية في نوفمبر (تشرين الأول) من عام 2024، وشهدت نسبة مشاركة بلغت 74 في المائة من الناخبين المؤهلين».

وشدد الدبيبة على أن حكومته «تقف مع مطالب أهالي الزاوية للحفاظ على استقرارها وضمان نجاح العملية الانتخابية». فيما شدد المجتمعون «على رفض أي محاولات لإثارة الفتنة وتقسيم المدينة»، مؤكدين على «ضرورة الحفاظ على وحدة واستقرار الزاوية؛ ورفض أي تدخلات سلبية قد تؤثر على سير العملية الانتخابية، أو تهدد أمن المنطقة».


مقالات ذات صلة

​«الوحدة» الليبية تتجاهل اشتباكات ميليشياتها جنوب طرابلس

شمال افريقيا رئيس مجلس النواب الليبي خلال اجتماعه مع رئيس ديوان المحاسبة (مجلس النواب)

​«الوحدة» الليبية تتجاهل اشتباكات ميليشياتها جنوب طرابلس

رصدت وسائل إعلام ليبية محلية وجود ما وصفته بحالة من التوتر الأمني في مدينة غريان جنوب العاصمة طرابلس على خلفية اشتباكات

خالد محمود (القاهرة)
شمال افريقيا عناصر من قوة الردع بطرابلس غربي ليبيا (قوة الردع)

«الاعتقالات التعسفية»... سلاح السلطات في ليبيا لمواجهة معارضيها

قالت البعثة الأممية لدى ليبيا إن موجة من الاحتجازات والتوقيفات التعسفية نفَّذتها أجهزة إنفاذ القانون وأطراف أمنية في عموم ليبيا أثارت ذعرها.

جمال جوهر (القاهرة)
شمال افريقيا قادة الجيش الوطني الليبي على مائدة إفطار القيادة العامة (الجيش الوطني)

موائد إفطار قادة ليبيا تتحول إلى فرصة للتوظيف السياسي

حرص أغلب أفرقاء المشهد الليبي على تنظيم موائد إفطار رمضانية، لكنها لم تخلُ من توجيه الرسائل السياسية.

جاكلين زاهر (القاهرة)
شمال افريقيا اجتماع عقيلة صالح مع رئيس مؤسسة النفط (مجلس النواب)

ليبيا: توقيف مسؤول سابق بتهمة «تسريب وثائق أمنية» حساسة

دعا عقيلة صالح خلال اجتماعه مع الرئيس المكلف بمؤسسة النفط، مسعود سليمان، إلى دعم تطوير المؤسسة وتنميتها.

خالد محمود (القاهرة)
شمال افريقيا حماد مستقبلاً وئام العبدلي مدير عام الشركة العامة للكهرباء المعيَّن من جانبه (مكتب حماد)

تباين ليبي بشأن نقل مقار مؤسسات حكومية من العاصمة إلى بنغازي

يُعد الجدل بشأن مقار المؤسسات السيادية حلقة في صراع سياسي مستمر بليبيا، وذلك على أثر قرار رئيس حكومة شرق البلاد نقل مقر شركة الكهرباء من العاصمة إلى بنغازي.

علاء حموده (القاهرة)

الانفراجة بين الجزائر وفرنسا تضع «قانون تجريم الاستعمار» على المحك

رئيس البرلمان يلقي كلمة بمناسبة تأسيس لجنة قانون تجريم الاستعمار (البرلمان)
رئيس البرلمان يلقي كلمة بمناسبة تأسيس لجنة قانون تجريم الاستعمار (البرلمان)
TT

الانفراجة بين الجزائر وفرنسا تضع «قانون تجريم الاستعمار» على المحك

رئيس البرلمان يلقي كلمة بمناسبة تأسيس لجنة قانون تجريم الاستعمار (البرلمان)
رئيس البرلمان يلقي كلمة بمناسبة تأسيس لجنة قانون تجريم الاستعمار (البرلمان)

بينما بدأ برلمانيون في الجزائر بتدبيج نص قانوني يُحمّل فرنسا «مسؤولية جرائمها في الجزائر» خلال الاستعمار (1830 - 1962)، توقع مراقبون لتطور التوترات السياسية بين الجزائر وباريس، «انطفاء» هذا المسعى مع ظهور بوادر انفراجة في العلاقات بين البلدين، على خلفية تصريحات للرئيس عبد المجيد تبون، أوحت بأن البلدين عازمان على طي الأزمة.

أعضاء لجنة قانون تجريم الاستعمار يتوسطهم رئيس البرلمان (البرلمان)

وكان قد تم يوم الأحد تشكيل «لجنة خاصة» بمقر البرلمان الجزائري لصياغة القانون المذكور تتكون من 7 نواب، وبدأت اجتماعاتها الاثنين، حسب مصادر حزبية، لكن لم يعلن البرلمان رسمياً أي شيء عن مهلة عمل «اللجنة»، ولا تاريخ إحالة النص على التصويت في جلسة عامة.

وأكد عضو «اللجنة» كمال بن خلوف عن حزب «حركة البناء الوطني» المؤيد لسياسات الرئيس، في أول نشاط لأعضائها، أن «خطوتنا لا تستهدف الشعب الفرنسي، وإنما هي إدانة للنظام الاستعماري الذي ارتكب أبشع الجرائم في حق الجزائريين»، مشيراً إلى أن «المصالحة الحقيقية مع فرنسا لا يمكن أن تتم دون اعتراف واضح وصريح بما جرى في الماضي الاستعماري»، عادّاً القانون الجاري الإعداد له، «خطوة أساسية لاستكمال مسار تصفية الاستعمار».

وشكل الرئيسان الجزائري عبد المجيد تبون والفرنسي إيمانويل ماكرون عام 2022، «لجنة لمصالحة الذاكرتين»، تتكون من 6 مؤرخين من كل بلد، جرى تكليفهم بالبحث عن تسوية للنزاعات التاريخية بين البلدين، بهدف تجاوز إرهاصات الماضي المشترك الذي حال دون بناء علاقات عادية. والتوترات الحالية التي تمر بها العلاقات الثنائية، تعكس جيداً مدى صعوبة تحقيق مصالحة بين فرنسا ومستعمرتها القديمة.

اجتماع الإعلان عن لجنة لصياغة قانون تجريم الاستعمار (البرلمان)

وبحسب كمال بن خلوف، «يعد تجريم الاستعمار الفرنسي في الجزائر، خطوة ضرورية لاسترجاع الحقوق التاريخية والمعنوية للشعب الجزائري»، حسبما جاء في تصريحاته للإذاعة، مبرزاً أن مقترح القانون قيد التحضير «سيستند إلى معطيات تاريخية موثقة تثبت حجم الجرائم التي ارتكبها الاحتلال الفرنسي طيلة 132 سنة، من مجازر جماعية وتدمير منظم للهوية الجزائرية، إلى جانب التجارب النووية (أجرتها فرنسا في صحراء الجزائر بين 1960 و1967) التي خلفت آلاماً وكوارث بيئية لا تزال آثارها قائمة حتى اليوم».

وأكد البرلماني أن النص «سيتضمن مواد قانونية صريحة تجرّم مختلف أشكال القمع والانتهاكات التي مارسها الاستعمار الفرنسي، بهدف إلزام فرنسا على الاعتراف بمسؤوليتها التاريخية ودفع تعويض للضحايا وعائلاتهم»، مبرزاً أن القانون المنتظر «ليس مجرد إجراء رمزي، بل هو مطلب شعبي يهدف إلى حماية الذاكرة الوطنية، ومنع أي محاولة لإنكار الجرائم الاستعمارية».

الرئيس الجزائري أعلن عن اتفاق مع نظيره الفرنسي لتجاوز التوترات الحالية (الرئاسة)

وعن الترتيبات التي ستتبع لإتمام النص قبل التصويت عليه، قال بن خلوف إن نواب «المجلس الشعبي الوطني» (407 أعضاء) «يدعمون المسعى بشكل واسع، ويتعاملون مع هذا القانون كأولوية وطنية»، مؤكداً أنه «سيتم تعزيز النص ليصبح قوياً وملزماً من الناحية التشريعية»، عندما يحال، على النقاش أولاً في «اللجنة القانونية» بالبرلمان تمهيداً لإحداث تعديلات عليه.

وأوضح أن بلاده «لم تتوقف عن المطالبة باسترجاع حقوقها التاريخية من فرنسا، سواء عبر الخطاب الرسمي، أو من خلال المساعي الدبلوماسية، وعلى هذا الأساس، سيكون هذا القانون رسالة واضحة إلى فرنسا والعالم بأن الجزائر لن تتنازل عن حقها في الحقيقة والاعتراف بالجريمة الاستعمارية، والاعتذار عنها والتعويض عن أضرارها».

وتضم «لجنة صياغة قانون تجريم الاستعمار» 6 نواب آخرين من «جبهة التحرير الوطني»، و«حركة مجتمع السلم»، و«التجمع الوطني الديمقراطي»، و«جبهة المستقبل»، بالإضافة إلى كتلة المستقلين، وما يُسمى «تكتل النواب غير المنتمين».

اعتراف ماكرون بسيادة المغرب على صحرائه فاقم الخلافات بين فرنسا والجزائر (أ.ب)

وبمناسبة إنشاء «اللجنة»، صرح رئيس البرلمان إبراهيم بوغالي، أن «قضية التاريخ في بلادنا لا نطرحها ورقة للضغط والمساومة بخلاف الاعتقاد السائد، بل هي بمثابة وفاء لتضحيات شعبنا وواجب أخلاقي وتاريخي»، موضحاً أن تبون «كان صريحاً عندما قال إن ملف الذاكرة لا يتآكل بالتقادم أو التناسي، ولا يقبل التنازل والمساومة». ويقصد بوغالي أن بلاده ليس في نيتها توظيف «قانون تجريم الاستعمار» لإزعاج فرنسا.

ويطرح مراقبون تساؤلات حول هامش الحرية المتاح للبرلمان للذهاب إلى آخر الترتيبات فيما يخص هذا القانون، بعد أن أعلن الرئيس تبون السبت، في مقابلة صحافية بثها التلفزيون العمومي، عن وجود إرادة لدى رئيسي فرنسا إيمانويل ماكرون، والجزائر لطي الأزمة.

وفي تقدير المراقبين أنفسهم، سيخلف الإبقاء على المسعى، انطباعاً بأن الجزائر لا تريد التخلي عن التصعيد مع فرنسا، بينما نبرة التهدئة في كلام تبون أكدت أنه اتفق مع الرئيس ماكرون على مخرج من الأزمة، التي نشأت الصيف الماضي بإعلان باريس انحيازها للمغرب في نزاع الصحراء.

الرئيس الفرنسي جاك شيراك في مارس 2007 (أ.ف.ب - أرشيفية)

وقد تم تقديم «قانون تجريم الاستعمار» عندما بلغت الأزمة ذروتها، ولم يكن ليعرض لولا حصول البرلمان على دعم سياسي من أعلى السلطات في البلاد، حسب المراقبين إياهم.

وأكثر ما يلفت في هذه المبادرة، أنها أخذت شكل «مقترح قانون»، وليس «مشروع قانون». الأول يأتي من برلمانيين، أما الثاني فتصدره الحكومة التي تحاشت أن تبادر به هي، تفادياً لمزيد من التصعيد مع فرنسا، لذلك يتوقع أنها توجه إيعازاً للبرلمان، بوقف هذه المبادرة عندما تظهر مؤشرات تهدئة جديدة مع فرنسا.

الرئيس الجزائري الراحل عبد العزيز بوتفليقة (إعلام جزائري)

ويشار إلى أن مبادرة مماثلة قامت عام 2005 رداً على قانون فرنسي يتضمن تمجيداً للاستعمار في شمال أفريقيا خلال القرنين الـ19 والـ20. وتم إطلاق خطوات لإصدار مقترح قانون لتجريمه الاستعمار، لكن عندما اتفق الرئيسان الراحلان عبد العزيز بوتفليقة وجاك شيراك على إنهاء الخلاف سياسياً، تمت التضحية بالنص، ووضع في الأدراج من دون أن يخلف أي رد فعل.