مصر: تضاعُف نسب «الشائعات» رغم استنفار الحكومة لمواجهتها

تقرير رسمي يتحدث عن «أخبار مضللة»

أبراج وفنادق ومكاتب شركات على نهر النيل في العاصمة المصرية القاهرة (رويترز)
أبراج وفنادق ومكاتب شركات على نهر النيل في العاصمة المصرية القاهرة (رويترز)
TT

مصر: تضاعُف نسب «الشائعات» رغم استنفار الحكومة لمواجهتها

أبراج وفنادق ومكاتب شركات على نهر النيل في العاصمة المصرية القاهرة (رويترز)
أبراج وفنادق ومكاتب شركات على نهر النيل في العاصمة المصرية القاهرة (رويترز)

تشكو الحكومة المصرية من «تضاعُف نسب الشائعات» رغم استنفارها لمواجهتها، في حين تواصل مؤسسات رسمية بشكل يومي نفي الكثير من «الأنباء المتداولة» على بعض مواقع التواصل الاجتماعي، بوصفها مجرد «ادعاءات وأكاذيب».

وتحدث تقرير حكومي، الأحد، عن زيادة معدل انتشار «الأخبار المضللة» في 2024 بنسبة 16.2 في المائة، مقارنةً بـ15.7 في 2023، وزيادتها 3 أضعاف خلال الفترة من 2020 إلى 2024 مقارنةً بالفترة من 2015 إلى 2019.

ورأى التقرير الذي أصدره «المركز الإعلامي لمجلس الوزراء»، الجهة المنوطة بالتواصل مع الوزارات للاستفسار عن أي «شائعة» يتم رصدها ثم نفيها في إفادة رسمية، أن قطاعي الاقتصاد والصحة «الأكثر استهدافاً» بـ«الشائعات» بنسبة 19.4 في المائة خلال العام الماضي.

ووجه رئيس مجلس الوزراء، مصطفى مدبولي، في نهاية أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، الوزراء بالرد على ما يثار عبر «السوشيال ميديا»، مؤكداً حينها أن ذلك «يدخل في صميم دور الحكومة... حتى لا نترك المجال لبعض الأخبار غير الصحيحة للانتشار».

وربط التقرير الحكومي، الأحد، بين «زيادة الشائعات» و«الجهود التنموية والتداعيات السلبية للأزمات العالمية». ووفق عضو مجلس النواب المصري (البرلمان)، فريدة الشوباشي، فإن «الشائعات سلاح يستخدمه البعض ضد الدولة، في محاولة لزعزعة الثقة بين الجمهور والحكومة، أو زعزعة ثقة المصريين في أنفسهم».

وجاءت «الشائعات» المتعلقة بالتداعيات السلبية للأزمات العالمية في المرتبة الأولى لإجمالي الشائعات في البلاد، مسجلة «54 في المائة 2024، مقارنةً بـ53.8 في المائة عام 2023، و46 في المائة في 2022». كما بلغت نسبة «الشائعات» المتعلقة بالجهود التنموية 32.5 في المائة عام 2024»، ومن بينها «اعتزام الحكومة بيع المطارات المصرية لجهات أجنبية»، حسب التقرير.

الحكومة المصرية تشكو من «تضاعُف نسب الشائعات» (الشرق الأوسط)

كان الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، قد قال خلال الاحتفال بعيد الشرطة في يناير (كانون الثاني) الماضي: «لا أحد يستطيع أن يمس مصر، رغم ما يتردد من إشاعات وأكاذيب ومحاولات لاستهدافنا».

الخبير الإعلامي المصري، خالد البرماوي، يرى أنه «رغم الجهود الرسمية الجيدة في رصد الشائعات، لكن لا تزال الإشكالية تتمثل في القدرة على دحضها ومواجهتها»، معتبراً أن إصدار بيانات لتكذيبها رغم أهميتها غير كافٍ، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن «مواجهة الشائعات تحتاج إلى جهود كبيرة من مؤسسات علمية متخصصة مصرياً وعربياً، لكن ما يحدث حالياً جهود منفردة وغير منظمة، ولا تستند إلى جانب علمي وأكاديمي في دراسة هذه الشائعات وطرق انتشارها والجهات الصادرة عنها وطرق مواجهتها».

مسؤولون مصريون خلال تفقد منافذ لبيع السلع بأسعار مخفضة (وزارة التموين)

في حين أثنت الشوباشي على «الجهود الرسمية لمواجهة الشائعات»، قائلة لـ«الشرق الأوسط» إن رد الحكومة على الشائعات بمجرد رصدها «يرسخ الشفافية بين المواطن والحكومة، ويدحض الادعاءات والهدف منها».

وأعلن «المجلس الأعلى للإعلام» في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، إطلاق حملة «امسك مزيف»، التي هدفت إلى «رصد وإغلاق الصفحات المزورة التي تنتحل أسماء مسؤولين وشخصيات عامة وفنانين، وتنشر أخباراً مفبركة ومضللة».

وحسب تقرير «مجلس الوزراء»، جاءت قطاعات «التعليم والسياحة والآثار» في مرتبة متقدمة لانتشار الشائعات بنسبة 11.3 في المائة، ثم «التموين والزراعة» بنسبة 9.7 في المائة، و«الطاقة والوقود» بنسبة 4.8 في المائة.

ويقترح البرماوي أن تستبق الحكومة الشائعة، بدلاً من انتظار انتشارها ونفيها، وذلك من خلال تقنيات لتوقعها، لا سيما «الموسمية» منها، مثل «شائعات نقص السلع قبل شهر رمضان»، على حد قوله، داعياً أيضاً إلى تفعيل صفحات الوزارات على «السوشيال ميديا» بمحتوى معلوماتي شارح للمواطنين، بدلاً من اقتصارها حالياً على رصد نشاط الوزراء.


مقالات ذات صلة

مصر تعوّل على مشروعات الاستصلاح الزراعي لتحقيق الأمن الغذائي

شمال افريقيا مدبولي يتابع تأمين الاحتياجات الداعمة لمشروعات التنمية الزراعية بالدلتا الجديدة وسيناء (مجلس الوزراء المصري)

مصر تعوّل على مشروعات الاستصلاح الزراعي لتحقيق الأمن الغذائي

تعوّل مصر على الانتهاء من مشروعات الاستصلاح الزراعي الجديدة بهدف المساهمة في تحقيق الأمن الغذائي، بحسب رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
أفريقيا آبي أحمد يتفقد سير العمل بمشروع سد النهضة (حساب رئيس وزراء إثيوبيا على «إكس»)

إثيوبيا تعلن أنها ستدشن سد النهضة خلال الأشهر الستة المقبلة

قال رئيس الوزراء الإثيوبي، الخميس، إن سد النهضة موضع الخلاف على النيل الأزرق سيدشن «خلال الأشهر الستة المقبلة».

«الشرق الأوسط» (أديس أبابا)
يوميات الشرق فيلم «الدشاش» شهد عودة محمد سعد إلى السينما بعد سنوات (الشركة المنتجة)

إيرادات هزيلة للسينما المصرية خلال موسم رمضان

طقوس موسم رمضان واجتذاب المسلسلات للناس وراء هذا الانخفاض الملحوظ في الإيرادات السينمائية، والذي يُتوقّع استمراره حتى موسم عيد الفطر.

داليا ماهر (القاهرة )
شمال افريقيا مشاركة وزير الدفاع المصري عدداً من رجال القوات البحرية والمنطقة الشمالية العسكرية تناول وجبة الإفطار (المتحدث العسكري المصري)

قائد الجيش المصري يوصي «بأعلى درجات الجاهزية والاستعداد القتالي»

أكَّد القائد العام للقوات المسلحة المصرية، وزير الدفاع والإنتاج الحربى، عبد المجيد صقر، «حرص القوات المسلحة على تطوير إمكاناتها القتالية والفنية في كل التخصصات»

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
شمال افريقيا وزير الصحة المصري خالد عبد الغفار خلال تفقده مشروع معمل التحاليل المركزية بمدينة بدر مطلع الأسبوع (وزارة الصحة المصرية)

مصر لإنهاء قوائم الانتظار في العلاج على نفقة الدولة

أقرت مصر اعتمادات مالية إضافية لبرنامج العلاج على نفقة الدولة ضمن «حزمة الحماية الاجتماعية» التي تم اعتمادها مؤخراً، بهدف إنهاء قوائم الانتظار.

عصام فضل (القاهرة)

السودان: الجيش يتقدم نحو القصر الرئاسي في الخرطوم وسط قتال ضارٍ

مقاتل قرب عربة عسكرية مدمرة في شمال الخرطوم 17 مارس 2025 (أ.ف.ب)
مقاتل قرب عربة عسكرية مدمرة في شمال الخرطوم 17 مارس 2025 (أ.ف.ب)
TT

السودان: الجيش يتقدم نحو القصر الرئاسي في الخرطوم وسط قتال ضارٍ

مقاتل قرب عربة عسكرية مدمرة في شمال الخرطوم 17 مارس 2025 (أ.ف.ب)
مقاتل قرب عربة عسكرية مدمرة في شمال الخرطوم 17 مارس 2025 (أ.ف.ب)

شهد محيط القصر الرئاسي بوسط العاصمة السودانية، الخرطوم، معارك طاحنة بين الجيش و«قوات الدعم السريع»، طوال ليل الأربعاء، واستمرت حتى صباح الخميس، حقّق خلالها الجيش تقدماً لافتاً، وألحق خسائر فادحة بـ«قوات الدعم»، المتحصنة بالقصر والمؤسسات الحكومية والبنايات المحيطة، فيما أكدت «قوات الدعم» أنها سيطرت على منطقة «المالحة» الاستراتيجية قرب الحدود السودانية - الليبية.

ومنذ الشهر الماضي، استعاد الجيش العديد من المناطق في العاصمة الخرطوم، وتبقت مناطق محدودة تحت سيطرة «قوات الدعم السريع»، بينها القصر الرئاسي، وكل الوزارات وبنك السودان المركزي والمؤسسات الحكومية المهمة. وتحاول قوات الجيش، المدعومة بالمستنفرين وكتائب الإسلاميين، استرداد القصر باعتباره رمزاً للسيادة والسيطرة.

مبنى متضرر بشدة جراء القتال في شمال الخرطوم 17 مارس 2025 (أ.ف.ب)

وكان قائد «قوات الدعم السريع» محمد حمدان دقلو (حميدتي) قد قال، يوم السبت الماضي، إن الحرب ضد الجيش السوداني باتت الآن داخل الخرطوم، مشدداً على أن قواته لن تخرج منها أو من القصر الجمهوري. وتسيطر «قوات الدعم السريع» على معظم غرب السودان وأجزاء من العاصمة، بعد ما يقرب من عامين من اندلاع الحرب، لكنها تتكبد خسائر في وسط البلاد أمام الجيش.

وواصل الجيش الأسبوع الماضي تقدمه على حساب «الدعم السريع»، واستطاع إعادة وصل وربط منطقة سلاح المدرعات بالقيادة العامة، بعد أن ظلتا جزيرتين معزولتين منذ الأيام الأولى للحرب، وأعلن «التحام» جنود المدرعات بالقوات المرابضة في القيادة العامة وسط الخرطوم.

وذكر الشهود أن معارك وسط الخرطوم قد استخدمت فيها أنواع الأسلحة كافة، وعلى رأسها المدفعية الموجهة والطيران الحربي والطائرات المسيرة، ما ألحق خسائر فادحة بالمباني والمنشآت، بما فيها القصر الرئاسي، ونقلت منصات موالية للجيش مقاطع فيديو لمبانٍ تشتعل فيها النيران إلى الجنوب من القصر.

مبنى متضرر جراء القتال في شمال الخرطوم 17 مارس 2025 (أ.ف.ب)

ولم تصدر تصريحات رسمية من طرفي القتال بشأن المعارك الضارية التي شهدتها منطقة وسط الخرطوم، لكن منصات موالية للجيش ذكرت أن الطيران المسير لعب دوراً مهماً في القتال، ودمر عشرات المركبات القتالية التابعة للجيش.

وقالت المنصات إن المسيرة التركية من طراز «بيرقدار» التي حصل عليها الجيش السوداني أخيراً، مكّنته من إحكام الحصار على «الدعم السريع»، وحالت دون محاولات انسحاب مجموعات من جنوده.

وذكرت المنصات أن الجيش دمر معظم القوات الموجودة في منطقة السوق العربي وشارع النيل، وقضى على قوات حاولت الانسحاب بالقوارب النهرية إلى منطقة أم درمان، ودمر شاحنات ذخائر وأمداد وعربات قتالية، وأخرى مزودة بأجهزة تشويش متطورة.

وقال موالون للجيش إن «الدعم السريع» حاول إدخال قوات إسناد «فزع» آتية من الجنوب، لنجدة قواته المحاصرة وسط الخرطوم، لكن الجيش قطع الطريق عليها مستخدماً المسيرات والمدفعية الموجهة، وألحق بها خسائر فادحة، ما اضطرها للتراجع جنوباً.

سودانية تمر قرب البوابة الرئيسية لمستشفى بأم درمان في وقت خرجت منشآت صحية عديدة من الخدمة جراء القتال بين الجيش و«قوات التدخل السريع» الأربعاء (أ.ف.ب)

وبثّت منصة «إعلام الدروع» التابعة لسلاح المدرعات، مقطع فيديو يظهر حرائق كبيرة في مناطق جنوب القصر الرئاسي، قالت إنها عملية دمرت خلالها قوات تابعة لـ«الدعم السريع» حاولت الانسحاب جنوباً، بجانب نشر مقاطع فيديو لأعداد من القتلى زعمت أنهم جنود من «قوات الدعم السريع».

وأظهر إعلام «قوات الدعم السريع» مقطع فيديو لجنوده، وهم على أعلى جسر «المنشية» الذي كان الجيش قد سيطر على ضفته الشرقية، وقال إن قواته تتجه إلى ضاحية «شرق النيل» وتحكم الحصار على القيادة العامة، فيما أكدت المنصات الموالية له إفشال هجوم القصر، وبثّت مقاطع فيديو، قالت إنها من «داخل» القصر.

وفي شمال دارفور، قالت «قوات الدعم السريع» في نشرة وزّعها الإعلام التابع لها، إنها استولت على منطقة «المالحة» بولاية شمال دارفور، وتسلمت معسكر القوات المشتركة الموالية للجيش، واستولت على كميات كبيرة من الأسلحة والذخائر والعربات القتالية.

سودانيون ينتظرون للحصول على وجبة إفطار تقدمها جمعية خيرية في أم درمان الأربعاء (أ.ف.ب)

و«المالحة» من المناطق التي يسيطر عليها الجيش والقوات المشتركة الحليفة له، في شمال دارفور، لكنها تخضع لحصار من «قوات الدعم السريع» وتقع في قلب الصحراء بالقرب من الحدود مع ليبيا، وتعد نقطة وصل بين مدينة «الدبة» في الولاية الشمالية، ومدينة «حمرة الشيخ» في ولاية شمال كردفان.

وأرسل الجيش السوداني تعزيزات عسكرية إلى «المالحة» منذ فبراير (شباط) الماضي، محاولاً فكّ الحصار عنها، ومن ثم فكّ الحصار الذي يفرضه «الدعم السريع» على مدينة الفاشر منذ مايو (آيار) 2024.

يذكر أنه في 2021، نفّذ الطرفان العسكريان انقلاباً أدى إلى تعطيل عملية الانتقال للحكم المدني، واندلعت الحرب في أبريل (نيسان) 2023 بعد أن أدّت خطط تسليم جديدة للحكم إلى نشوب صراع عنيف. وأدّت الحرب إلى ما وصفتها الأمم المتحدة بأنها أكبر أزمة إنسانية في العالم، مع اتهام كل من «قوات الدعم السريع» والجيش بارتكاب انتهاكات واسعة النطاق لحقوق الإنسان.