المعارضة الموريتانية تحذر من وصول الفساد لـ«مستويات قياسية»

ولد مولود: خطاب الحكومة حول محاربة الظاهرة «مجرد أحلام يقظة»

الوزير الأول خلال استقبال سابق لزعيم المعارضة في مكتبه بنواكشوط (الوزارة الأولى)
الوزير الأول خلال استقبال سابق لزعيم المعارضة في مكتبه بنواكشوط (الوزارة الأولى)
TT

المعارضة الموريتانية تحذر من وصول الفساد لـ«مستويات قياسية»

الوزير الأول خلال استقبال سابق لزعيم المعارضة في مكتبه بنواكشوط (الوزارة الأولى)
الوزير الأول خلال استقبال سابق لزعيم المعارضة في مكتبه بنواكشوط (الوزارة الأولى)

حذرت المعارضة الموريتانية من انتشار الفساد في البلاد، وقال رئيس حزب «اتحاد قوى التقدم» المعارض محمد ولد مولود إن الفساد وصل إلى مستويات قياسية في السنوات الأخيرة، مشيراً إلى وصول متهمين بالفساد إلى مناصب قيادية في الحكومة.

جاءت هذه التصريحات بالتزامن مع سن قوانين جديدة لمحاربة الفساد، وإعلان الحكومة أنها ماضية في القضاء على ظاهرة الفساد، وتشكيل جهاز حكومي جديد تحت اسم «السلطة الوطنية لمكافحة الفساد».

محمد ولد مولود رئيس حزب اتحاد قوى التقدم المعارض (إعلام محلي)

عقد رئيس حزب اتحاد قوى التقدم (يسار تقدمي)، أمس، مؤتمراً صحافياً في نواكشوط، تحدث فيه عن سياسة الحكومة لمحاربة الفساد، وقال إن جميع الخطابات الرسمية التي تتبناها الحكومة بهذا الخصوص «مجرد أحلام يقظة»، مشيراً إلى أنه في الوقت الذي ترفع الحكومة فيه شعار محاربة الفساد، يتولى مفسدون مناصب حكومية رفيعة، وتجدد فيهم الثقة وراء كل عملية فساد يتورطون فيها، وفق تعبيره.

وشدد ولد مولود على أن الفساد يؤثر بشكل واضح على حياة الموريتانيين، موضحاً أن أكبر مثال للفساد هو «مشروع آفطوط الساحلي بوصفه مشروعاً جديداً لتوزيع المياه، ومع ذلك فالمواطن لا يستفيد منه إلا بنسبة 50 في المائة، في حين يعاني كثير من المواطنين من العطش».

وأضاف ولد مولود أن «ظاهرة الفساد منتشرة بشكل واضح في موريتانيا، لكن لا يعاقب أي مسؤول تورط فيه»، لافتاً إلى أن الإفلات من العقاب «هو أكبر سبب لانتشار الفساد في البلاد».

قوانين جديدة

تعترف الحكومة الموريتانية بوجود عمليات فساد، وهو ما دفعها إلى المصادقة قبل شهر على قوانين جديدة للحد من فساد الموظفين العموميين، كان من أبرزها «مشروع قانون يتعلق بالتصريح بالممتلكات والمصالح»، وقالت الحكومة إن الهدف منه «تعزيز الشفافية، ومنع تضارب المصالح، ومكافحة الإثراء غير المشروع، وترسيخ النزاهة والأخلاق في الحياة العامة».

وينص مشروع القانون الجديد على «إلزامية التصريح بالممتلكات والمصالح، مع توسيع نطاق الإلزام ليشمل فئات جديدة من الموظفين العموميين، الذين يتمتعون بمناصب عليا، أو يملكون سلطة اتخاذ القرار، أو التأثير خلال مزاولة مهامهم»، علماً بأن القانون كان يشمل في السابق رئيس الجمهورية وبعض الوزراء، لكنه اتسع ليشمل كبار الموظفين ونواب البرلمان.

الوزير الأول الموريتاني المختار ولد أجاي (إعلام محلي)

وصدّقت الحكومة أيضاً على «مشروع قانون يتضمن مكافحة الفساد»، يحتوي على تعديلات على القانون الصادر عام 2016، الذي كان يوصف بأنه أهم خطوة قطعتها موريتانيا في محاربة الفساد منذ الاستقلال، حيث تضمن عقوبات صارمة، وحوّل الفساد إلى جريمة لا تسقط بالتقادم.

وقالت الحكومة إن مشروع القانون الجديد يسد بعض الثغرات، التي لوحظت على قانون 2016 لمحاربة الفساد، خاصة تلك التي تتماشى مع تنفيذ أحكام اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الرشوة، موضحة أن مشروع القانون الجديد أضيفت له أحكام جديدة «تتعلق بتعزيز التجريم والعقاب في مجال تنفيذ، واستلام ومراقبة الصفقات العمومية، وإعطاء الأوامر والتعليمات بمنح الصفقات، والامتيازات بشكل مخالف للقانون».

سلطة وطنية

علاوة على ذلك، قررت الحكومة الموريتانية تشكيل هيئة جديدة، تحملُ اسم «السلطة الوطنية لمكافحة الفساد»، وأسندت إليها مهام عديدة، من أهمها «الوقاية من الفساد، وترسيخ مبادئ الحكم الرشيد، وتعزيز النزاهة والشفافية، والحد من التجاوزات من خلال تبني آليات فعالة للرصد والرقابة، وإشراك الأطراف المعنية».

غير أن الحكومة لم تعلن أي تفاصيل بخصوص آلية عمل هذه السلطة الجديدة، ومستوى الصلاحيات الذي ستتمتع به، في ظل مخاوف من أن تكون مجرد هيئة شكلية لا تتمتع بأي نفوذ لمواجهة الفساد.

الرئيس محمد ولد الغزواني (أ.ب)

وعقد الوزير الأول الموريتاني المختار ولد أجاي، قبل أيام، اجتماعاً مع مسؤولين في الحكومة لبحث آليات تنفيذ الاستراتيجية الجديدة لمحاربة الفساد، وتطبيق القوانين الجديدة. وقال في حديثه مع المسؤولين، إن هذه القوانين «تعكس رؤية الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني من أجل مكافحة الفساد، وتعزيز حماية المال العام، والتصميم على شن حرب لا هوادة فيها على الفساد».


مقالات ذات صلة

موريتانيا: سجن ناشط في الحزب الحاكم بتهمة إهانة الرئيس

شمال افريقيا الناشط السياسي سيدي محمد ولد الداه ولد بدكي (إعلام محلي)

موريتانيا: سجن ناشط في الحزب الحاكم بتهمة إهانة الرئيس

أصدر القضاء الموريتاني، في وقت متأخر من ليلة (الخميس)، حكماً بالسجن في حق ناشط سياسي في حزب الإنصاف الحاكم، بعد إدانته بتهمة «إهانة وسب شخص رئيس الجمهورية».

الشيخ محمد (نواكشوط)
شمال افريقيا رئيس موريتانيا محمد ولد الشيخ الغزواني (د.ب.أ)

الحكومة الموريتانية: هدفنا من الحوار المرتقب معالجة القضايا السياسية المطروحة

قال الناطق الرسمي باسم الحكومة الموريتانية إن رئيس الجمهورية يهدف من خلال الحوار السياسي المرتقب إلى تعزيز التوافق الوطني، ومعالجة القضايا المطروحة.

«الشرق الأوسط» (نواكشوط)
شمال افريقيا زعيم المعارضة متحدثاً للإعلام العمومي (الوزارة الأولى)

معارضون موريتانيون يدعون لمقاطعة «الحوار الوطني» المرتقب

دعا ساسة معارضون بارزون في موريتانيا إلى مقاطعة الحوار الوطني السياسي المرتقب، الذي دعا إليه الرئيس الموريتاني محمد ولد الشيخ الغزواني.

«الشرق الأوسط» (نواكشوط)
شمال افريقيا مقر «الجامعة العربية» في القاهرة (جامعة الدول العربية)

«الجامعة العربية» تشدد على مواجهة أي مخططات تسعى لزعزعة استقرار سوريا

ذكرت الأمانة العامة لجامعة الدول العربية، في بيان لها، السبت، أنها تتابع بقلقٍ بالغٍ تطورات الأوضاع الأمنية في منطقة الساحل بسوريا، والمواجهات التي وقعت هناك.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
الخليج عززت النسخة الثانية من المؤتمر أبعاد الألفة الإسلامية نحو فعالية تجاوزت مُعاد الحوارات ومكرَّرها (رابطة العالم الإسلامي)

مؤتمر «بناء الجسور بين المذاهب» يعزز منهج الاعتدال ويدحض خطاب الطائفية

عززت النسخة الثانية من مؤتمر «بناء الجسور بين المذاهب الإسلامية»، أبعار الألفة الإسلامية عبر عمل مؤسسي منهجي تبلور في مبادراتٍ ومشروعاتٍ تعزز من منهج الاعتدال.

إبراهيم القرشي (مكة المكرمة)

مسؤولة أميركية لـ«الشرق الأوسط»: أولويتنا في السودان وقف القتال

نائبة المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأميركية مينيون هيوستن (الشرق الأوسط)
نائبة المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأميركية مينيون هيوستن (الشرق الأوسط)
TT

مسؤولة أميركية لـ«الشرق الأوسط»: أولويتنا في السودان وقف القتال

نائبة المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأميركية مينيون هيوستن (الشرق الأوسط)
نائبة المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأميركية مينيون هيوستن (الشرق الأوسط)

أكدت الإدارة الأميركية أنها لا تزال منخرطة جداً في السودان، ولن تتخذ طرفاً في النزاع الدائر حالياً في البلاد، وتدعم الشعب السوداني وطموحاته نحو حكومة مدنية. وقالت نائبة المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأميركية، مينيون هيوستن، في مقابلة خاصة مع «الشرق الأوسط» هي الأولى لمسؤول أميركي في عهد الرئيس دونالد ترمب عن ملف السودان، إن هذا الموقف لن يتغيَّر رغم كل المكاسب الميدانية التي حققها الجيش السوداني في الفترة الأخيرة.

وشدَّدت هيوستن على ضرورة وقف الأعمال العدائية فوراً، مشيرة إلى تعاون وثيق من قبل إدارة ترمب مع دول المنطقة للحرص على إنهاء الصراع الدائر، و«ضمان وقف الأعمال العدائية لتهيئة الظروف لحكومة بقيادة مدنية تعطي الشعب السوداني ما يستحقه، وأن الولايات المتحدة لن تتنازل عن هذا الجهد». كما أكدت على الاستمرار في سياسة المحاسبة عبر العقوبات، وضرورة الاستمرار في توفير المساعدات الإنسانية.

وقالت هيوستن: «نحن نعلم أن الوضع في السودان كارثي. إنها أكبر أزمة إنسانية في العالم. ما نراه في السودان أمر مؤسف، ومن المهم أن يعرف المتابعون والعالم أن الولايات المتحدة لا تزال منخرطة جداً في هذا الملف». وأضافت أن الإدارة الأميركية الحالية تعمل على جبهات متعددة، و«تشمل جهودنا الدبلوماسية الانخراط مع الاتحاد الأفريقي، والأمم المتحدة، والهيئة الحكومية الدولية المعنية بالتنمية، بالإضافة إلى السعودية ودول أخرى».

واشنطن مستعدة للضغط

قائدا الجيش عبد الفتاح البرهان (يسار) و«الدعم السريع» محمد حمدان دقلو بعد تعاونهما في إطاحة نظام عمر البشير عام 2019 (أ.ف.ب)

وأوضحت هيوستن أن واشنطن مستعدة للضغط من أجل وقف الأعمال العدائية لأنها تعلم أن هذا هو السبيل الوحيد لتحقيق سلام دائم في السودان، وهو السبيل لخلق سودان موحد، ومنح شعب السودان المستقبل الذي يستحقه.

وأكدت، المسؤولة الأميركية أن الولايات المتحدة كانت واضحةً للغاية بشأن ما تحاول تحقيقه في السودان، قائلة: «كنا صريحين للغاية حول ضرورة أن يكون تدخل الشركاء والدول الأخرى في الأزمة (السودانية) تدخلاً بنّاءً يؤدي إلى وقف الأعمال العدائية، لأنه بخلاف ذلك فستكون هذه الدول متواطئةً في إطالة أمد النزاع، ومتواطئةً في خلق مزيد من المعاناة للسودانيين، وخلق مزيد من عدم الاستقرار، وهذا لن يؤدي إلى السلام».

كما تعمل الإدارة الأميركية على الجبهة الإنسانية، إذ إن هناك كثيرًا من العمل بمشاركة الشركاء المنفذين الذين يعملون على دعم الاحتياجات الحيوية للناس في السودان، وكذلك اللاجئين في الدول المجاورة ودعم جهودها لقبول اللاجئين. وأشارت إلى أهمية تدابير المساءلة فيما يتعلق بالعقوبات.

ولدى واشنطن 31 تصنيفاً للعقوبات في الوقت الحالي بين «قوات الدعم السريع» والقوات المسلحة السودانية، وهذا أمر مهم للإدارة الأميركية بوصفه إجراء آخر لدفع الطرفين المتحاربين للجلوس إلى طاولة المفاوضات، ووقف الأعمال العدائية، وإعطاء الشعب السوداني ما يستحقه.

التزام طويل تجاه السودان

الحرب والقيود المفروضة على توصيل المساعدات تسببتا في مجاعة بشمال دارفور (رويترز)

وفيما يتعلق بطرف أو آخر، قالت المسؤولة الأميركية: «كنا واضحين جداً في هذا الموقف بأن كلا الطرفين انخرط في أعمال ضارة وزَعزعَ استقرار البلاد، وخلقَ حالةً من عدم الاستقرار الشامل. وقد دعونا كلا الطرفين إلى العمل معاً لخلق عملية سياسية من شأنها أن تؤدي إلى تهيئة الظروف لحكومة يقودها مدنيون».

وأوضحت أن واشنطن تطلب من الشركاء الإقليميين الاستمرار في لعب دور بنّاء في الجمع بين الطرفين، وأن نركز على احتياجات الشعب السوداني «وهو أمر أكثر أهميةً من أي شيء آخر».

وشدَّدت هيوستن على أن التزام واشنطن «هو تجاه شعب السودان، والالتزام بالسلام الدائم، والالتزام بوقف الأعمال العدائية، وهذا الالتزام لا يتزعزع ». وأكدت أن وزارة الخارجية الأميركية، تحت قيادة الوزير ماركو روبيو، تواصل العمل مع الشركاء المنفذين على الأرض للتأكد من وصول المساعدات الإنسانية إلى مَن يحتاجونها، كما تواصل الوزارة دعوة الجهات الفاعلة الإقليمية والحكومات الدولية، إلى بذل مزيد من الجهد، وأن تبذل الدول المانحة مزيدًا، لأن ما نراه في السودان وفي جنوب السودان يظهر أهمية تضافر الجهود العالمية لحل الأزمة.

لا استثمار مع الأسلحة

ظلت العاصمة السودانية الخرطوم مسرحاً دموياً للمعارك (أ.ف.ب)

وأشارت المسؤولة الأميركية إلى أنه لا يمكن دعم أي جهود تتعلق بالتقدم الاقتصادي والاستثمار ما لم يتم إخماد نار الأسلحة، لذلك «سنركز في هذا الوقت على الشعب السوداني وإنهاء القتال، فكلا الطرفين مسؤول عن الدمار في السودان، وعن عدم الاستقرار الإقليمي. لذا يبقى تركيزنا منصبّاً على جلب الطرفين إلى طاولة المفاوضات لتهيئة الظروف لوصول المساعدات الإنسانية إلى مَن يحتاجونها قبل كل شيء».

وأشارت إلى أنه خلال الأسبوعين الأولين من مارس (آذار)، كان يوجد 2.1 مليون شخص تلقوا مساعدات إنسانية مهمة لأنهم كانوا على حافة المجاعة. وعن العقوبات، قالت هيوستن، إنها مهمة بوصفها أداةً لدفع الطرفين المتحاربَين إلى وقف الأعمال العدائية.