تنسيق مصري - قطري لتعزيز التعاون في مجال المواني البحرية

مسؤول حكومي تحدث عن شراكات صناعية بين القاهرة والدوحة

نائب رئيس الوزراء المصري ووزير النقل والصناعة خلال لقاء السفير القطري في القاهرة («النقل» المصرية)
نائب رئيس الوزراء المصري ووزير النقل والصناعة خلال لقاء السفير القطري في القاهرة («النقل» المصرية)
TT

تنسيق مصري - قطري لتعزيز التعاون في مجال المواني البحرية

نائب رئيس الوزراء المصري ووزير النقل والصناعة خلال لقاء السفير القطري في القاهرة («النقل» المصرية)
نائب رئيس الوزراء المصري ووزير النقل والصناعة خلال لقاء السفير القطري في القاهرة («النقل» المصرية)

تنسق مصر وقطر لتعزيز التعاون في مجال المواني البحرية، في حين تحدث مسؤول حكومي مصري عن «شراكات صناعية بين القاهرة والدوحة».

وتسعى القاهرة لتوسيع شراكاتها العربية والدولية في مجال الخدمات البحرية والنقل البحري لمواجهة التراجع في إيرادات «قناة السويس»، بسبب التوترات في البحر الأحمر، وفق خبراء أشاروا إلى أن «إقامة تحالفات بحرية، السبيل المثلى لمواجهة تحديات الملاحة البحرية».

وتعتمد مصر بشكل كبير على «قناة السويس» في توفير العملة الصعبة. وقدر الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، حجم الخسائر في إيرادات القناة العام الماضي، بـ7 مليارات دولار (الدولار الأميركي يساوي نحو 50.30 جنيه في البنوك المصرية).

وأكد نائب رئيس الوزراء المصري، ووزير النقل والصناعة، كامل الوزير، خلال محادثات مع سفير قطر بالقاهرة، طارق بن علي فرج الأنصاري، الجمعة، ضرورة «إعطاء دفعة للتعاون بين البلدين في مجالَي الصناعة والنقل، بما يحقق المنفعة الاقتصادية المشتركة».

وشدد على «أهمية تفعيل التعاون بين وزارة النقل في بلاده ونظيرتها القطرية، في مجال المواني البحرية». وأشار إلى «زيارة عدد من الشركات القطرية لميناء غرب بورسعيد أخيراً، وأبدوا رغبتهم في المشاركة بنسبة من الميناء».

وذكر بيان لوزارة النقل المصرية، الجمعة، أن «وزير النقل المصري سيبحث مع نظيره القطري، في الدوحة الأسبوع المقبل، التعاون في مجال النقل البحري».

وتشهد العلاقات المصرية - القطرية تطوراً نوعياً الفترة الحالية. وناقش رئيس الوزراء المصري، مصطفى مدبولي، مع نظيره القطري ووزير الخارجية، الشيخ محمد بن عبد الرحمن بن جاسم آل ثاني، «اتخاذ خطوات في مشروعات الاستثمار المشترك بين البلدين خلال الفترة المقبلة»، على هامش مشاركتهما في منتدى «دافوس 2025» بسويسرا، الشهر الماضي.

وأكد الوزير المصري ضرورة قيام المستثمرين القطريين بتوجيه أنظارهم للتصنيع في مصر، وخاصة أن هناك فرصاً متميزة أمامهم لإقامة شراكات صناعية سواء من خلال إقامة مصانع مصرية - قطرية مشتركة في مصر، أو مصانع قطرية خالصة تعمل في السوق المصرية، وذلك في الصناعات المستهدفة التي حددتها وزارة الصناعة، والتي تضم نحو 23 صناعة واعدة تحرص الوزارة على تشجيع المستثمرين الأجانب والمحليين على ضخ استثمارات جديدة فيها لتلبية احتياجات السوق المصرية منها والتصدير للخارج.

بدوره، أكد السفير القطري لدى مصر «حرص بلاده على تعميق التعاون مع القاهرة على الصعيد الاقتصادي، خاصة في مجالَي النقل والصناعة»، مشيراً إلى «استعداده لتنسيق التعاون اللازم بين بلاده ومصر».

وأعلنت الدوحة في مارس (آذار) 2022 ضخ استثمارات في مصر بنحو 5 مليارات دولار، في إطار تعزيز التعاون الاقتصادي والاستثماري مع القاهرة، وفق مجلس الوزراء المصري.

ويأتي التعاون المصري - القطري في مجال النقل البحري ضمن توجه مصري لتوسيع الشراكات الدولية والعربية والأفريقية، لتسويق خدماتها البحرية، وفق مستشار النقل البحري المصري، الخبير في اقتصادات النقل، أحمد الشامي، مشيراً إلى أن «تعدد الشراكات المصرية في مجال النقل البحري عربياً وأفريقياً، خطوة ضرورية لمواجهة تحديات الملاحة في قناة السويس، بسبب هجمات الحوثيين خلال الفترة الأخيرة، ولتطوير الاستفادة من المواني البحرية».

وقال الشامي لـ«الشرق الأوسط» إن «القاهرة تسعى لتسويق خدماتها البحرية واللوجستية، والتعاون مع دول عربية وإقليمية، لربط خطوط ملاحة بحرية، بما يحقق مصالح اقتصادية مشتركة، ولتطوير تحالفات وتكتلات بحرية في مواجهة التحديات القائمة».

ووفق رئيس هيئة قناة السويس المصرية، الفريق أسامة ربيع، «تستهدف مصر الانفتاح على الأسواق الدولية والعربية، للتعاون وتسويق خدماتها البحرية»، مشيراً خلال مشاركته في اجتماع «مجلس اتحاد المواني البحري» بالدوحة، الأربعاء، إلى أن «قناة السويس تتبنى استراتيجية لتعظيم قدراتها في مجال الخدمات البحرية واللوجستية، وتوطين الصناعات البحرية في الشركات والترسانات التابعة لها»، منوهاً بـ«تحسن البنية التحتية للقناة بعد انتهاء مشروع تطوير القطاع الجانبي بها».

ويتوقف الخبير الاقتصادي المصري، وليد جاب الله، مع أهمية «التعاون المصري - القطري في مجال التصنيع»، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن «قطر تمتلك عديداً من الكيانات الاستثمارية، ورؤوس أموال كبيرة، يمكن الاستفادة منها بإقامة شراكات صناعية مع شركات مصرية»، إلى جانب «الاستفادة من خبرات تلك الكيانات الصناعية في الصناعات التي تستهدفها الحكومة المصرية».

والتنسيق بين القاهرة والدوحة في مجال المواني البحرية والتصنيع، خطوة ضمن حزمة من الإجراءات التي تستهدفها الحكومة المصرية لتطوير عوائد هذه القطاعات اقتصادياً، وفق جاب الله الذي أشار إلى أن «مصر تقدم حوافز كثيرة أخيراً لجذب استثمارات أجنبية مختلفة، وتعظيم الاستفادة من مواردها».

واستضافت القاهرة في نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، فعاليات «المنتدى الاقتصادي الاستثماري المصري» بمشاركة مستثمرين ورجال أعمال من البلدين، ووقّع خلاله عدد من الشركات المصرية مع نظيرتها القطرية اتفاقيات في مجالات العقارات والصناعات الغذائية والسيارات.


مقالات ذات صلة

«نفحات رمضانية»... أزياء تجمع بين الأناقة والاحتشام

يوميات الشرق مجموعة «نفحات رمضانية» تلبي إقبال الكثيرات على أزياء تناسب أجواء شهر الصيام (الشرق الأوسط)

«نفحات رمضانية»... أزياء تجمع بين الأناقة والاحتشام

تصاميم بروح رمضانية، نُفذت بمهارة وابتكار، لتواكب التقاليد الشرقية والموضة العصرية، تقدمها مصممة الأزياء المصرية والفنانة التشكيلية نيها حتة.

محمد عجم (القاهرة )
يوميات الشرق مشهد من المسلسل (الشركة المنتجة)

«الكابتن»... كوميديا فانتازية لأكرم حسني في «عالم الأرواح»

في إطار كوميدي لا يخلو من الطابع الفانتازي الخيالي، دارت أحداث المسلسل المصري «الكابتن» الذي قام ببطولته أكرم حسني، وعرض خلال النصف الأول من شهر رمضان.

أحمد عدلي (القاهرة )
يوميات الشرق ياسمين عبد العزيز وخالد سليم في لقطة من مسلسل «وتقابل حبيب» (الشركة المنتجة)

«وتقابل حبيب»... دراما الصراع حول «إشكالية الحب والخيانة»

مع وصول مسلسل «وتقابل حبيب» لمنتصف حلقاته يشتعل الصراع بين «ليل الحسيني» (ياسمين عبد العزيز) و«رقية العسكري» (نيكول سابا).

انتصار دردير (القاهرة )
يوميات الشرق المتحف الكبير في مرحلة الافتتاح التجريبي (الشرق الأوسط)

انتقادات لمؤثرة سورية تعيد الجدل حول شخصية «فرعون موسى»

أعادت انتقادات وجهها متابعون سوشياليون لمؤثرة سورية الجدل حول شخصية «فرعون موسى»، بعدما نشرت مقطع فيديو للملك رمسيس الثاني من داخل المتحف المصري الكبير.

عصام فضل (القاهرة )
شمال افريقيا اجتماع السيسي مع مدبولي ووزير البترول ناقش احتياجات مصر من المواد البترولية  (الرئاسة المصرية)

​مصر لتجنب أزمة الكهرباء في الصيف بمراجعة «مخزونها البترولي»

تعمل الحكومة المصرية على تجنب عودة أزمة انقطاع الكهرباء خلال أشهر الصيف وذلك عبر مراجعة «مخزونها البترولي»

«الشرق الأوسط» (القاهرة )

رائحة الموت تنبعث من أحد أحياء الخرطوم على وقْع المعارك بين الجيش و«الدعم السريع»

فريق «الهلال الأحمر السوداني» يحمل بقايا الجثث التي استُخرجت من حفرة الصرف الصحي (أ.ف.ب)
فريق «الهلال الأحمر السوداني» يحمل بقايا الجثث التي استُخرجت من حفرة الصرف الصحي (أ.ف.ب)
TT

رائحة الموت تنبعث من أحد أحياء الخرطوم على وقْع المعارك بين الجيش و«الدعم السريع»

فريق «الهلال الأحمر السوداني» يحمل بقايا الجثث التي استُخرجت من حفرة الصرف الصحي (أ.ف.ب)
فريق «الهلال الأحمر السوداني» يحمل بقايا الجثث التي استُخرجت من حفرة الصرف الصحي (أ.ف.ب)

تنبعث رائحة كريهة من حفرة للصرف الصحي في حي دمّرته الحرب في الخرطوم، بينما ينهمك عناصر «الهلال الأحمر» في انتشال جثة منتفخة من تحت الأرض. ويقول المتطوعون إن 14 جثة أخرى لا تزال تحت الأرض.

وقال مدير الطب العدلي بولاية الخرطوم هشام زين العابدين، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، في الموقع، إن بعض الجثث «عليها آثار إطلاق نار على رؤوسها وهي مهشّمة الجماجم».

وأضاف أن الضحايا إما أُطلق عليهم الرصاص أو ضُربوا حتى الموت قبل إلقائهم في الحفرة.

وخلفه كان صندوق شاحنة يمتلئ بالجثث المُنتشَلة من حفرة الصرف الصحي في منطقة شرق النيل، إحدى المناطق الشرقية للخرطوم، والتي باتت، الآن، أنقاضاً.

وألحقت الحرب المستمرة منذ أكثر من عامين بين الجيش وقوات «الدعم السريع»، أضراراً كبيرة بمساحات واسعة من الأراضي.

ومنذ اندلاع الحرب، فرَّ أكثر من 3.5 مليون شخص من سكان الخرطوم، التي كانت، ذات يوم، مدينة تنبض بالحياة، وفق الأمم المتحدة.

ويعيش ملايين آخرون ممن هم غير قادرين أو غير راغبين في المغادرة، بين مبان مهجورة وهياكل سيارات وما يطلق عليه الجيش مقابر جماعية مخفية.

مدينة مدمَّرة

تتواصل الحرب بين قائد الجيش عبد الفتاح البرهان، ونائبه السابق قائد قوات «الدعم السريع» محمد حمدان دقلو، منذ أبريل (نيسان) 2023.

وأسفرت المعارك عن مقتل عشرات الآلاف، وتهجير أكثر من 12 مليون شخص، وفق أرقام الأمم المتحدة، يعيش كثيرون منهم في مخيمات مؤقتة، بينما فرّ أكثر من 3.5 مليون شخص عبر الحدود.

واستولت قوات «الدعم السريع»، في البداية، على الخرطوم، لكن، في الأشهر الأخيرة، استعاد الجيش السيطرة على مناطق؛ من بينها بحري، المعروفة بالخرطوم شمال، ومنطقة شرق النيل الواقعة شرقاً.

وحالياً لا تفصل وحدات الجيش في وسط الخرطوم عن القصر الرئاسي الذي سيطرت عليه قوات «الدعم السريع» في بداية الحرب، سوى أقل من كيلومتر واحد.

ورغم تلك المكاسب، لا يزال دقلو على تحديه، إذ توعَّد بألا تنسحب قواته من العاصمة. وتعهّد، في كلمة عبر تطبيق «تلغرام»، بأن قواته «لن تخرج من القصر الجمهوري». وأضاف: «نحن قادمون إلى بورتسودان» الواقعة على البحر الأحمر، وحيث تتمركز الحكومة منذ سقوط الخرطوم.

وعَبَر فريق من «وكالة الصحافة الفرنسية»، بمواكبة عسكرية، من أم درمان، المدينة التوأم للخرطوم، والتي استعادها الجيش، العام الماضي، إلى بحري وضواحيها التي مزّقتها الحرب.

ومرّ الموكب في أحياء مهجورة ومُوحشة؛ بما فيها حي الحاج يوسف، حيث تمتد هياكل المتاجر المغلقة والأرصفة المتداعية على طول الشوارع.

وتنتشر الأنقاض والحطام والإطارات المتروكة في الشوارع.

وتجلس مجموعات صغيرة من الناس بين كل بضعة شوارع أمام مبانٍ ومتاجر فارغة منخورة بالرصاص.

وتوقفت المستشفيات والمدارس عن العمل. ويقول الجيش إنه عثر على عدد من المقابر الجماعية، إحداها في محكمة أم درمان.

وتبدو على المدنيين الذين ما زالوا في المدينة، صدمة الحرب.

وقالت صلحة شمس الدين، التي تسكن قرب الحفرة؛ حيث ألقت قوات «الدعم السريع» جثثاً: «سمعت أصوات الرصاص، ليلاً، عدة مرات كما شاهدتهم يُلقون جثثاً في البئر».

عملية انتشال الجثث من الحفرة قرب شرق النيل بالخرطوم (رويترز)

جوع

وبالنسبة لمن نجوا وشاهدوا استعادة الجيش للمنطقة، مطلع الشهر، لا تزال الحياة تطرح صعوبات مستمرة. فالكهرباء مقطوعة، والمياه النظيفة والطعام شحيحان.

في شارع هادئ في بحري، يجلس نحو 40 امرأة تحت خيمة مؤقتة يُحضّرن وجبات الإفطار في مطبخ مجتمعي، وهو واحد من عدد من المطابخ التي عانت في ظل سيطرة قوات «الدعم السريع».

وتقوم النسوة بتحضير العصيدة والعدس في أوان كبيرة على نار الحطب.

والغاز لم يعد متوافراً، وشاحنات المياه تأتي، الآن، من أم درمان، وهو تحسُّن ملحوظ، مقارنة بالفترة عندما كان السكان يخاطرون تحت نيران القناصة للوصول إلى نهر النيل، الذي بدوره يمثل مخاطر صحية في ظل غياب خدمات الصرف الصحي.

وأصبحت المطابخ المجتمعية خط الدفاع الأخير للمدنيين الذين يعانون الجوع، وفقاً للأمم المتحدة. لكنها عانت صعوبات طوال الحرب للصمود.

ومع قطع طرق وتدمير أسواق وسلب مقاتلي قوات «الدعم السريع» للمتطوعين تحت تهديد السلاح، أصبح إطعام المحتاجين شبه مستحيل.

وقال مؤيد الحاج، أحد المتطوعين في مطبخ مجتمعي بحي شمبات: «أيام سيطرة (الدعم السريع)، كانت لدينا مشكلة في التمويل لأنهم يصادرون الأموال التي يجري تحويلها عبر التطبيقات البنكية». وأضاف: «لكن، الآن، الوضع اختلف، شبكات الهواتف تعمل، كما أننا، كل أسبوعين، نذهب إلى أم درمان لجلب احتياجات المطبخ».

وما بدأ نزاعاً على السلطة بين البرهان ودقلو، تحوّل إلى أكبر أزمة نزوح وجوع في العالم.

وأدت الحرب إلى تدمير البنية التحتية للسودان، وانهيار اقتصاده الضعيف أصلاً، ودفعت بالملايين إلى حافة الجوع.

وأُعلنت المجاعة في ثلاثة مخيمات للنازحين، وفق التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي المدعوم من الأمم المتحدة.

وفي الخرطوم وحدها، يعاني ما لا يقل عن 100 ألف شخص ظروف مجاعة، وفقاً للتصنيف المرحلي المتكامل.