«استرجاع الأموال المنهوبة» يعجّل بإقالة وزيرة المالية التونسية

القرار جاء بعد زيارات تفقد قام بها الرئيس قيس سعيد لمقرات وزارة المالية

الوزيرة المقالة سهام البوغديري (موقع وزارة المالية)
الوزيرة المقالة سهام البوغديري (موقع وزارة المالية)
TT

«استرجاع الأموال المنهوبة» يعجّل بإقالة وزيرة المالية التونسية

الوزيرة المقالة سهام البوغديري (موقع وزارة المالية)
الوزيرة المقالة سهام البوغديري (موقع وزارة المالية)

أصدر الرئيس التونسي قيس سعيد، في وقت متأخر من مساء الأربعاء، قراراً بإقالة وزيرة المالية سهام البوغديري، وذلك رداً على الأداء المتعثر في استعادة الأموال المنهوبة قبل ثورة 2011، في وقت تعاني فيه خزينة الدولة من ضغوط كبرى على السيولة.

وستتولى القاضية مشكاة سلامة المنصب بقرار رئاسي، بعد أن أدت، في وقت سابق الخميس، اليمين الدستورية، بحسب ما أورده تقرير لوكالة الأنباء الألمانية. وجاء قرار الإقالة في أعقاب زيارات تفقد أداها الرئيس سعيد إلى مقار وزارة المالية ووزارة أملاك الدولة، بما في ذلك مقر «لجنة المصادرة»، و«لجنة الصلح الجزائي» المكلفة أيضاً بعقد اتفاقات صلح مع رجال أعمال فاسدين، مقابل ضخ تعويضات مالية في خزينة الدولة.

وأثناء الزيارة، وجّه الرئيس سعيد انتقادات لتعطل جهود استعادة أموال الدولة، رغم مرور سنوات عدة.

وقال، في مقطع فيديو نشرته الرئاسة في مقر لجنة المصادرة، إن «تونس لا تزال في نقطة الصفر، وهو أمر غير مقبول، ولا بد للشعب أن يسترجع أمواله المنهوبة». وتتولى اللجنة جرد وإحصاء الممتلكات والعقارات والأموال، التي تم الاستيلاء عليها من قبل أفراد نظام الرئيس الراحل زين العابدين بن علي، وبعض الدوائر المرتبطة بهم، وتعقبهم أمام القضاء.

وتابع الرئيس التونسي موضحاً أنه «رغم صدور أكثر من 2800 قرار مصادرة حتى الآن بقيت دون أي أثر في الواقع»، مضيفاً أنه «من غير الطبيعي بعد مضي 13 عاماً من صدور تقرير لجنة المصادرة أن يبقى هذا الملف في نقطة البداية». كما انتقد الرئيس سعيد عمليات «تلاعب وبيع» للعديد من الممتلكات المصادرة دون ثمنها الحقيقي، قائلاً: «هل ما يحدث طبيعي؟ ما زلنا في نقطة الصفر منذ 2011 إلى اليوم والأوضاع على حالها، فضلاً عن التفويت في بعض الممتلكات دون وجه حق، ما يحصل غير طبيعي»، مشدداً على أن «هذه أموال الشعب، ويجب أن تعود إلى الشعب».

وبموازاة لجنة المصادرة، تتولى «لجنة الصلح الجزائي»، التي أطلقها الرئيس سعيد في 2022، مفاوضة المئات من رجال الأعمال المتورطين في جرائم فساد مالي من أجل دفع تعويضات مالية للدولة، بهدف ضخها في مشاريع تنموية. لكن هذه اللجنة تواجه أيضاً عدة مطبات بيروقراطية في جهودها لاستعادة الأموال المطلوبة. كما أبدى سعيد استياء من العروض المالية الزهيدة، التي قدمها رجال الأعمال حتى الآن لعقد اتفاقات تصالح مع الدولة.

واستُحدثت «اللجنة الوطنية للتصرف في الممتلكات والأموال المعنية بالمصادرة» عام 2011 لتحديد وجمع الأموال والممتلكات العقارية والمنقولة المعنية بالمصادرة، والتي تخص عائلة الرئيس زين العابدين بن علي وكل مَن انتفع بأموال وممتلكات عقارية بشكل غير قانوني قبل ثورة 2011.

وتعاني تونس منذ عامين نقصاً في مواد أساسية، مثل الحليب والسكر والطحين، إلى جانب مديونية كبيرة (80 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي). وقد قدر صندوق النقد الدولي أن تبلغ نسبة النمو الاقتصادي 1.6 في المائة في تونس خلال عام 2025. كما شهدت تونس أخيراً ندرة في عبوات الغاز المنزلي المستخدم بشكل واسع للطهو والتدفئة.



مسؤولة أميركية لـ«الشرق الأوسط»: أولويتنا في السودان وقف القتال

نائبة المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأميركية مينيون هيوستن (الشرق الأوسط)
نائبة المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأميركية مينيون هيوستن (الشرق الأوسط)
TT

مسؤولة أميركية لـ«الشرق الأوسط»: أولويتنا في السودان وقف القتال

نائبة المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأميركية مينيون هيوستن (الشرق الأوسط)
نائبة المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأميركية مينيون هيوستن (الشرق الأوسط)

أكدت الإدارة الأميركية أنها لا تزال منخرطة جداً في السودان، ولن تتخذ طرفاً في النزاع الدائر حالياً في البلاد، وتدعم الشعب السوداني وطموحاته نحو حكومة مدنية. وقالت نائبة المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأميركية، مينيون هيوستن، في مقابلة خاصة مع «الشرق الأوسط» هي الأولى لمسؤول أميركي في عهد الرئيس دونالد ترمب عن ملف السودان، إن هذا الموقف لن يتغيَّر رغم كل المكاسب الميدانية التي حققها الجيش السوداني في الفترة الأخيرة.

وشدَّدت هيوستن على ضرورة وقف الأعمال العدائية فوراً، مشيرة إلى تعاون وثيق من قبل إدارة ترمب مع دول المنطقة للحرص على إنهاء الصراع الدائر، و«ضمان وقف الأعمال العدائية لتهيئة الظروف لحكومة بقيادة مدنية تعطي الشعب السوداني ما يستحقه، وأن الولايات المتحدة لن تتنازل عن هذا الجهد». كما أكدت على الاستمرار في سياسة المحاسبة عبر العقوبات، وضرورة الاستمرار في توفير المساعدات الإنسانية.

وقالت هيوستن: «نحن نعلم أن الوضع في السودان كارثي. إنها أكبر أزمة إنسانية في العالم. ما نراه في السودان أمر مؤسف، ومن المهم أن يعرف المتابعون والعالم أن الولايات المتحدة لا تزال منخرطة جداً في هذا الملف». وأضافت أن الإدارة الأميركية الحالية تعمل على جبهات متعددة، و«تشمل جهودنا الدبلوماسية الانخراط مع الاتحاد الأفريقي، والأمم المتحدة، والهيئة الحكومية الدولية المعنية بالتنمية، بالإضافة إلى السعودية ودول أخرى».

واشنطن مستعدة للضغط

قائدا الجيش عبد الفتاح البرهان (يسار) و«الدعم السريع» محمد حمدان دقلو بعد تعاونهما في إطاحة نظام عمر البشير عام 2019 (أ.ف.ب)

وأوضحت هيوستن أن واشنطن مستعدة للضغط من أجل وقف الأعمال العدائية لأنها تعلم أن هذا هو السبيل الوحيد لتحقيق سلام دائم في السودان، وهو السبيل لخلق سودان موحد، ومنح شعب السودان المستقبل الذي يستحقه.

وأكدت، المسؤولة الأميركية أن الولايات المتحدة كانت واضحةً للغاية بشأن ما تحاول تحقيقه في السودان، قائلة: «كنا صريحين للغاية حول ضرورة أن يكون تدخل الشركاء والدول الأخرى في الأزمة (السودانية) تدخلاً بنّاءً يؤدي إلى وقف الأعمال العدائية، لأنه بخلاف ذلك فستكون هذه الدول متواطئةً في إطالة أمد النزاع، ومتواطئةً في خلق مزيد من المعاناة للسودانيين، وخلق مزيد من عدم الاستقرار، وهذا لن يؤدي إلى السلام».

كما تعمل الإدارة الأميركية على الجبهة الإنسانية، إذ إن هناك كثيرًا من العمل بمشاركة الشركاء المنفذين الذين يعملون على دعم الاحتياجات الحيوية للناس في السودان، وكذلك اللاجئين في الدول المجاورة ودعم جهودها لقبول اللاجئين. وأشارت إلى أهمية تدابير المساءلة فيما يتعلق بالعقوبات.

ولدى واشنطن 31 تصنيفاً للعقوبات في الوقت الحالي بين «قوات الدعم السريع» والقوات المسلحة السودانية، وهذا أمر مهم للإدارة الأميركية بوصفه إجراء آخر لدفع الطرفين المتحاربين للجلوس إلى طاولة المفاوضات، ووقف الأعمال العدائية، وإعطاء الشعب السوداني ما يستحقه.

التزام طويل تجاه السودان

الحرب والقيود المفروضة على توصيل المساعدات تسببتا في مجاعة بشمال دارفور (رويترز)

وفيما يتعلق بطرف أو آخر، قالت المسؤولة الأميركية: «كنا واضحين جداً في هذا الموقف بأن كلا الطرفين انخرط في أعمال ضارة وزَعزعَ استقرار البلاد، وخلقَ حالةً من عدم الاستقرار الشامل. وقد دعونا كلا الطرفين إلى العمل معاً لخلق عملية سياسية من شأنها أن تؤدي إلى تهيئة الظروف لحكومة يقودها مدنيون».

وأوضحت أن واشنطن تطلب من الشركاء الإقليميين الاستمرار في لعب دور بنّاء في الجمع بين الطرفين، وأن نركز على احتياجات الشعب السوداني «وهو أمر أكثر أهميةً من أي شيء آخر».

وشدَّدت هيوستن على أن التزام واشنطن «هو تجاه شعب السودان، والالتزام بالسلام الدائم، والالتزام بوقف الأعمال العدائية، وهذا الالتزام لا يتزعزع ». وأكدت أن وزارة الخارجية الأميركية، تحت قيادة الوزير ماركو روبيو، تواصل العمل مع الشركاء المنفذين على الأرض للتأكد من وصول المساعدات الإنسانية إلى مَن يحتاجونها، كما تواصل الوزارة دعوة الجهات الفاعلة الإقليمية والحكومات الدولية، إلى بذل مزيد من الجهد، وأن تبذل الدول المانحة مزيدًا، لأن ما نراه في السودان وفي جنوب السودان يظهر أهمية تضافر الجهود العالمية لحل الأزمة.

لا استثمار مع الأسلحة

ظلت العاصمة السودانية الخرطوم مسرحاً دموياً للمعارك (أ.ف.ب)

وأشارت المسؤولة الأميركية إلى أنه لا يمكن دعم أي جهود تتعلق بالتقدم الاقتصادي والاستثمار ما لم يتم إخماد نار الأسلحة، لذلك «سنركز في هذا الوقت على الشعب السوداني وإنهاء القتال، فكلا الطرفين مسؤول عن الدمار في السودان، وعن عدم الاستقرار الإقليمي. لذا يبقى تركيزنا منصبّاً على جلب الطرفين إلى طاولة المفاوضات لتهيئة الظروف لوصول المساعدات الإنسانية إلى مَن يحتاجونها قبل كل شيء».

وأشارت إلى أنه خلال الأسبوعين الأولين من مارس (آذار)، كان يوجد 2.1 مليون شخص تلقوا مساعدات إنسانية مهمة لأنهم كانوا على حافة المجاعة. وعن العقوبات، قالت هيوستن، إنها مهمة بوصفها أداةً لدفع الطرفين المتحاربَين إلى وقف الأعمال العدائية.