رفض المتنازعان على رئاسة المجلس الأعلى للدولة في ليبيا، خالد المشري ومحمد تكالة، تشكيل اللجنة الاستشارية، التي أعلنتها بعثة الأمم المتحدة، لحل الأزمة السياسية في البلاد، مقابل ترحيب أميركي وغربي.
وعدّ المشري أن القراءة المبدئية لتركيبة اللجنة تشير إلى أنها «غير متوازنة بكل المعايير، وبالتالي يصعب أن تقترح حلولاً متوازنة ومقبولة»، لكنه تمنى مع ذلك لأعضاء اللجنة النجاح في هذه المهمة.
بدوره، رفض تكالة تشكيل اللجنة، وعدّها في بيان، مساء الثلاثاء، أداة جديدة لـ«تعميق الانقسامات داخل المشهد الليبي»، مؤكداً أن البعثة الأممية لم تتشاور مع الأجسام الشرعية، المتمثلة في مجلسي النواب و«الدولة»، وهو ما يجعل اللجنة «كياناً من دون شرعية سياسية أو دستورية».
وبعدما شدّد على أن اللجنة «لا تعكس أي توازن سياسي، ولا تتمتع بتوافق واضح، مما يجعل أي مخرجات تصدر عنها غير ذات قيمة حقيقية في دعم أي حلول توافقية»، أعرب تكالة عن تخوفاته من أن يكون تشكيلها بهذه الطريقة «محاولة لإدخال طرف جديد في الأزمة الليبية، بدلاً من المساهمة في حلّها، وهو ما قد يقوّض فرص تحقيق أي توافق وطني حقيقي».
في المقابل، رحّب السفير والمبعوث الأميركي الخاص، ريتشارد نورلاند، بمبادرة البعثة الأممية الجديدة، وقال، مساء الثلاثاء، إن بلاده تدعم الجهود الليبية لتوحيد المؤسسات وتعزيز السلام والاستقرار، وتطوير مسار موثوق نحو الانتخابات الوطنية.
ورحّب بيان لبعثة الاتحاد الأوروبي والبعثات الدبلوماسية لدوله الأعضاء، مساء الثلاثاء، بتشكيل اللجنة، وجاء في البيان أنها «خطوة مهمة في العملية السياسية، التي تيسرها الأمم المتحدة بقيادة ليبية»، مشجعاً جميع المؤسسات الليبية وأصحاب المصلحة الليبيين على دعم عمل اللجنة بصدق، وحمايتها من التدخلات السياسية، مبرزاً أنه يمكن للجنة أن تسهم في «تعزيز رؤية وطنية موحدة، وهو أمر ضروري للمضي قدماً بليبيا نحو الانتخابات الوطنية، وتوحيد المؤسسات».
كما أعربت السفارة البريطانية، التي أشادت بإنشاء اللجنة، عن تأييدها الكامل لجهود الأمم المتحدة واللجنة لتنشيط العملية السياسية. وقالت إنه يمكن للجنة أن تضطلع بدور مهم في تقديم توصيات بشأن المسائل الخلافية، التي يتعين معالجتها، من أجل إطلاق التقدم نحو إجراء انتخابات وطنية حرة ونزيهة وشاملة، وخطوات نحو إعادة توحيد الحكومة الليبية، والمؤسسات السياسية والاقتصادية والعسكرية.
بدورها، حثت فرنسا البعثة الأممية على استكمال ولايتها وعمل الوساطة، وذلك في سبيل وحدة ليبيا السياسية، وعدّت في بيان لوزارة خارجيتها، مساء الثلاثاء، أن استئناف الليبيين العملية السياسية «يكتسي أهمية جوهرية بغية التوصل إلى تشكيل حكومة موحدة جديدة، قادرة على تنظيم انتخابات رئاسية وتشريعية في أسرع وقت ممكن، تماشياً مع قرارات مجلس الأمن، وبناءً على طلب الشعب الليبي».
من جانبها، أعلنت البعثة الأممية، الأربعاء، أن اللجنة الاستشارية، التي تضم 20 عضواً ليست هيئة لاتخاذ القرارات أو ملتقى للحوار، مشيرة إلى أنها تعمل تحت سقف زمني محدد، ويتوقع منها إنجاز مهامها خلال فترة قصيرة. وأوضحت أن اللجنة ستُقدم مخرجاتها إليها للبناء عليها في المرحلة اللاحقة من العملية السياسية، وتعهدت بتيسير التواصل والتفاعل بين اللجنة والمؤسسات المعنية.
كما أكدت البعثة على الحاجة الماسة للتوصل إلى توافق حول ميزانية موحدة ومتوازنة، مضيفة أن «وجود ميزانية شفافة وعادلة أمر بالغ الأهمية لتعزيز المسؤولية المالية، وتحسين تخصيص العائدات، وضمان الاستقرار الاقتصادي في ليبيا». ودعت جميع السلطات المعنية للعمل نحو التوصل إلى اتفاق بشأن الميزانية الموحدة دون تأخير، عادّةً أن الميزانية الموحدة ستعزز قدرة المصرف المركزي على تنفيذ سياسات نقدية فعالة، واستقرار سعر الصرف، وإدارة الإنفاق العام بطريقة مستدامة.
من جهة ثانية، قالت السفارة الأميركية إن وفداً عسكرياً أميركياً، برئاسة نائب قائد القيادة العسكرية الأميركية في أفريقيا (أفريكوم)، الفريق جون برينان، ناقش مساء الثلاثاء في بنغازي، مع قائد الجيش الوطني، المشير خليفة حفتر، التعاون الأمني بين البلدين. وتعهد بمواصلة الولايات المتحدة تعزيز العلاقات في جميع أنحاء ليبيا، ودعم توحيد المؤسسات العسكرية، وتعزيز الاستقرار وحماية السيادة الليبية.
ومن جانبه، أكد حفتر أهمية «الدور المحوري للولايات المتحدة، ومساهمتها في حل الأزمة الليبية»، مشيداً بالتقدم الذي تشهده العلاقات بين الجانبين، وتعزيز آفاق التعاون المشترك. ونقل عن برينان تقديره لجهوده في ترسيخ الأمن والاستقرار، ومكافحة الإرهاب والتطرف، مؤكداً أهمية استمرارها بوصف ذلك عاملاً أساسياً في تحقيق الاستقرار الإقليمي، على حد تعبيره.
كما بحث الوفد الأميركي، الأربعاء، بطرابلس، مع وكيل وزارة الدفاع بحكومة الوحدة، عبد السلام زوبي، ومدير إدارة الاستخبارات العسكرية، محمود حمزة، التعاون الأمني والعسكري وسبل تطويره، بالإضافة إلى تعزيز الأمن والاستقرار.