​رفض ليبي وتفاؤل غربي باللجنة الأممية لحل الأزمة الليبية

المشري انتقد تركيبتها... وتكالة عدّها أداةً جديدةً لـ«تعميق الانقسامات»

حفتر خلال لقاء وفد «الأفريكوم» في بنغازي (حفتر)
حفتر خلال لقاء وفد «الأفريكوم» في بنغازي (حفتر)
TT

​رفض ليبي وتفاؤل غربي باللجنة الأممية لحل الأزمة الليبية

حفتر خلال لقاء وفد «الأفريكوم» في بنغازي (حفتر)
حفتر خلال لقاء وفد «الأفريكوم» في بنغازي (حفتر)

رفض المتنازعان على رئاسة المجلس الأعلى للدولة في ليبيا، خالد المشري ومحمد تكالة، تشكيل اللجنة الاستشارية، التي أعلنتها بعثة الأمم المتحدة، لحل الأزمة السياسية في البلاد، مقابل ترحيب أميركي وغربي.

وعدّ المشري أن القراءة المبدئية لتركيبة اللجنة تشير إلى أنها «غير متوازنة بكل المعايير، وبالتالي يصعب أن تقترح حلولاً متوازنة ومقبولة»، لكنه تمنى مع ذلك لأعضاء اللجنة النجاح في هذه المهمة.

المشري عدّ أن القراءة المبدئية لتركيبة اللجنة تشير إلى أنها «غير متوازنة» (الشرق الأوسط)

بدوره، رفض تكالة تشكيل اللجنة، وعدّها في بيان، مساء الثلاثاء، أداة جديدة لـ«تعميق الانقسامات داخل المشهد الليبي»، مؤكداً أن البعثة الأممية لم تتشاور مع الأجسام الشرعية، المتمثلة في مجلسي النواب و«الدولة»، وهو ما يجعل اللجنة «كياناً من دون شرعية سياسية أو دستورية».

وبعدما شدّد على أن اللجنة «لا تعكس أي توازن سياسي، ولا تتمتع بتوافق واضح، مما يجعل أي مخرجات تصدر عنها غير ذات قيمة حقيقية في دعم أي حلول توافقية»، أعرب تكالة عن تخوفاته من أن يكون تشكيلها بهذه الطريقة «محاولة لإدخال طرف جديد في الأزمة الليبية، بدلاً من المساهمة في حلّها، وهو ما قد يقوّض فرص تحقيق أي توافق وطني حقيقي».

تكالة رفض تشكيل اللجنة وعدّها أداةً جديدةً لـ«تعميق الانقسامات داخل المشهد الليبي» (إ.ب.أ)

في المقابل، رحّب السفير والمبعوث الأميركي الخاص، ريتشارد نورلاند، بمبادرة البعثة الأممية الجديدة، وقال، مساء الثلاثاء، إن بلاده تدعم الجهود الليبية لتوحيد المؤسسات وتعزيز السلام والاستقرار، وتطوير مسار موثوق نحو الانتخابات الوطنية.

ورحّب بيان لبعثة الاتحاد الأوروبي والبعثات الدبلوماسية لدوله الأعضاء، مساء الثلاثاء، بتشكيل اللجنة، وجاء في البيان أنها «خطوة مهمة في العملية السياسية، التي تيسرها الأمم المتحدة بقيادة ليبية»، مشجعاً جميع المؤسسات الليبية وأصحاب المصلحة الليبيين على دعم عمل اللجنة بصدق، وحمايتها من التدخلات السياسية، مبرزاً أنه يمكن للجنة أن تسهم في «تعزيز رؤية وطنية موحدة، وهو أمر ضروري للمضي قدماً بليبيا نحو الانتخابات الوطنية، وتوحيد المؤسسات».

السفير والمبعوث الأميركي الخاص ريتشارد نورلاند (يسار) بمبادرة البعثة الأممية الجديدة (البعثة)

كما أعربت السفارة البريطانية، التي أشادت بإنشاء اللجنة، عن تأييدها الكامل لجهود الأمم المتحدة واللجنة لتنشيط العملية السياسية. وقالت إنه يمكن للجنة أن تضطلع بدور مهم في تقديم توصيات بشأن المسائل الخلافية، التي يتعين معالجتها، من أجل إطلاق التقدم نحو إجراء انتخابات وطنية حرة ونزيهة وشاملة، وخطوات نحو إعادة توحيد الحكومة الليبية، والمؤسسات السياسية والاقتصادية والعسكرية.

بدورها، حثت فرنسا البعثة الأممية على استكمال ولايتها وعمل الوساطة، وذلك في سبيل وحدة ليبيا السياسية، وعدّت في بيان لوزارة خارجيتها، مساء الثلاثاء، أن استئناف الليبيين العملية السياسية «يكتسي أهمية جوهرية بغية التوصل إلى تشكيل حكومة موحدة جديدة، قادرة على تنظيم انتخابات رئاسية وتشريعية في أسرع وقت ممكن، تماشياً مع قرارات مجلس الأمن، وبناءً على طلب الشعب الليبي».

من جانبها، أعلنت البعثة الأممية، الأربعاء، أن اللجنة الاستشارية، التي تضم 20 عضواً ليست هيئة لاتخاذ القرارات أو ملتقى للحوار، مشيرة إلى أنها تعمل تحت سقف زمني محدد، ويتوقع منها إنجاز مهامها خلال فترة قصيرة. وأوضحت أن اللجنة ستُقدم مخرجاتها إليها للبناء عليها في المرحلة اللاحقة من العملية السياسية، وتعهدت بتيسير التواصل والتفاعل بين اللجنة والمؤسسات المعنية.

كما أكدت البعثة على الحاجة الماسة للتوصل إلى توافق حول ميزانية موحدة ومتوازنة، مضيفة أن «وجود ميزانية شفافة وعادلة أمر بالغ الأهمية لتعزيز المسؤولية المالية، وتحسين تخصيص العائدات، وضمان الاستقرار الاقتصادي في ليبيا». ودعت جميع السلطات المعنية للعمل نحو التوصل إلى اتفاق بشأن الميزانية الموحدة دون تأخير، عادّةً أن الميزانية الموحدة ستعزز قدرة المصرف المركزي على تنفيذ سياسات نقدية فعالة، واستقرار سعر الصرف، وإدارة الإنفاق العام بطريقة مستدامة.

من جهة ثانية، قالت السفارة الأميركية إن وفداً عسكرياً أميركياً، برئاسة نائب قائد القيادة العسكرية الأميركية في أفريقيا (أفريكوم)، الفريق جون برينان، ناقش مساء الثلاثاء في بنغازي، مع قائد الجيش الوطني، المشير خليفة حفتر، التعاون الأمني بين البلدين. وتعهد بمواصلة الولايات المتحدة تعزيز العلاقات في جميع أنحاء ليبيا، ودعم توحيد المؤسسات العسكرية، وتعزيز الاستقرار وحماية السيادة الليبية.

حفتر خلال لقاء وفد «الأفريكوم» في بنغازي (حفتر)

ومن جانبه، أكد حفتر أهمية «الدور المحوري للولايات المتحدة، ومساهمتها في حل الأزمة الليبية»، مشيداً بالتقدم الذي تشهده العلاقات بين الجانبين، وتعزيز آفاق التعاون المشترك. ونقل عن برينان تقديره لجهوده في ترسيخ الأمن والاستقرار، ومكافحة الإرهاب والتطرف، مؤكداً أهمية استمرارها بوصف ذلك عاملاً أساسياً في تحقيق الاستقرار الإقليمي، على حد تعبيره.

كما بحث الوفد الأميركي، الأربعاء، بطرابلس، مع وكيل وزارة الدفاع بحكومة الوحدة، عبد السلام زوبي، ومدير إدارة الاستخبارات العسكرية، محمود حمزة، التعاون الأمني والعسكري وسبل تطويره، بالإضافة إلى تعزيز الأمن والاستقرار.


مقالات ذات صلة

فرنسا تدعو لاستكمال العملية السياسية الليبية برعاية أممية

شمال افريقيا السفير الفرنسي لدى ليبيا مصطفى مهراج مع المبعوثة الأممية هانا تيتيه (السفارة)

فرنسا تدعو لاستكمال العملية السياسية الليبية برعاية أممية

قالت السفارة الفرنسية لدى ليبيا إن استكمال العملية السياسية بنجاح، بدعم من الأمم المتحدة، هو وحده الذي سيسمح لليبيا باستعادة وحدتها واستقرارها وسيادتها.

خالد محمود (القاهرة)
شمال افريقيا تحضيرات لنقل 58 مهاجراً إلى مركز إيواء بغرب ليبيا (الإدارة العامة للعمليات الأمنية بغرب ليبيا)

أفواج المهاجرين تتدفق على ليبيا وسط تصاعد دعوات ترحيلهم

جدد حزب «صوت الشعب» الليبي «رفضه القاطع» لما أسماه بـ«مشاريع توطين» المهاجرين غير النظاميين، في وقت أعلنت السلطات الأمنية ترحيل العشرات منهم اليوم إلى دولهم.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا الوفد الأميركي يلتقي السلطات العسكرية في طرابلس (وزارة الدفاع بحكومة الوحدة)

وفد عسكري أميركي يجري محادثات أمنية في طرابلس وبنغازي

قالت السفارة الأميركية إن وفدها العسكري الموجود بليبيا سيناقش سبل التعاون الأمني بين البلدين، وتعزيز الأمن الإقليمي، والتأكيد على دعم وحدة البلاد.

خالد محمود (القاهرة)
شمال افريقيا اجتماع سابق لتيتيه مع رئيس المفوضية العليا للانتخابات في ليبيا (أرشيفية - المفوضية)

ليبيا: المبعوثة الأممية تدعو إلى «توافق سياسي يتجاوز خلافات الأفرقاء»

دعت رئيسة البعثة الأمم المتحدة لدى ليبيا، هانا تيتيه، الشركاء الدوليين إلى دعم العملية السياسية في ليبيا.

خالد محمود (القاهرة )
شمال افريقيا اجتماع سابق لمصرف ليبيا المركزي في بنغازي (المصرف)

مخاوف الليبيين تتصاعد من مقترح «رفع الدعم عن الوقود»

تسيطر على الليبيين راهناً حالة من الجدل والمخاوف بشأن مقترح لرفع الدعم عن الوقود، مدعوماً بتوجه للحكومتين المتنازعتين على السلطة، وسط مخاوف من احتمال غلاء السلع

علاء حموده (القاهرة )

شراكة جزائرية - تركية تتعزز في الاقتصاد والتعليم والطاقة

اجتماع اللجنة الجزائرية - التركية للتخطيط (الخارجية الجزائرية)
اجتماع اللجنة الجزائرية - التركية للتخطيط (الخارجية الجزائرية)
TT

شراكة جزائرية - تركية تتعزز في الاقتصاد والتعليم والطاقة

اجتماع اللجنة الجزائرية - التركية للتخطيط (الخارجية الجزائرية)
اجتماع اللجنة الجزائرية - التركية للتخطيط (الخارجية الجزائرية)

ناقش اجتماع لـ«اللجنة الجزائرية - التركية للتخطيط»، عُقد يوم الاثنين في العاصمة الجزائرية، مشروعات تعاون جارية بين البلدين تخصُّ الحديد والصلب، والنسيج، والطاقة، والأشغال العمومية والزراعة الصحراوية.

وقاد أشغال الاجتماع وزير خارجية الجزائر أحمد عطاف، ونظيره التركي هاكان فيدان، وعبَّر عطاف في خطاب عن «ارتياح بلاده لمستوى التجارة البينية»، التي قال إنها حقَّقت أرقاماً «لم يسبق لها مثيل في تاريخ العلاقات الثنائية».

وقال إن حجم التجارة البينية بلغ 6 مليارات دولار في عام 2024، «لكننا لا نزالُ نطمحُ لتحقيق المزيد، لأن المطلوب هو بلوغ قيمة 10 مليارات دولار»، مشيداً أيضاً بالمستوى غير المسبوق الذي بلغته الاستثمارات التركية بالجزائر.

كما أشاد عطاف بـ«تقوية الأبعاد الإنسانية» للعلاقات الثنائية في مجالات الثقافة، والتعليم العالي، والبحث العلمي، والصحة وغيرها. وأضاف: «لكننا لا نزالُ نطمحُ لتحقيق المزيد».

وأضاف أن الجزائر: «هي اليوم أول شريك تجاري لتركيا على مستوى القارة الأفريقية. ومن جانبها، فإن تركيا قد اكتسبت عن جدارة واستحقاق مكانَتَها بوصفها أول مُستثمر أجنبي في الجزائر خارج قطاع المحروقات».

وتابع: «الأرقام المُسجَّلة في هذا الإطار مؤهلةٌ للارتفاع والنمو في المستقبل القريب والعاجل»، مشيراً إلى كثير من المشروعات الاستثمارية المشتركة، لا سيما في مجالَي الطاقة، والزراعة الصحراوية، إلى جانب توسيعِ الاستثمارات التركية في ميادين الحديد والصلب والنسيج.

وكان آخر لقاء ثنائي بين فيدان وعطاف قد عُقد في فبراير (شباط) الماضي، على هامش اجتماع وزراء خارجية مجموعة العشرين في جوهانسبرغ. كما شارك عطاف في «منتدى أنطاليا الدبلوماسي»، الذي نظَّمته تركيا في الفترة من 11 إلى 13 أبريل (نيسان) الحالي.

الرئيسان الجزائري والتركي بإسطنبول في مايو 2022 (الرئاسة الجزائرية)

وشكَّلت زيارتا الرئيس رجب طيب إردوغان إلى الجزائر، في فبراير 2018 ويناير (كانون الثاني) 2020، «دفعة جديدة للعلاقات الثنائية بين البلدين»، وفق تعبير وكالة «الأناضول» التركية للأنباء.

وخلال زيارة الرئيس إردوغان إلى الجزائر عام 2020، تقرَّر إنشاء «مجلس للتعاون» رفيع المستوى بين البلدين، وقد عُقد الاجتماع الأول للمجلس يوم 16 مايو (أيار) 2022، بمناسبة زيارة الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون إلى تركيا، على رأس وفد كبير ضم 9 وزراء، تخللها توقيع 15 اتفاقية وبياناً مشتركاً بين البلدين.