سخط عارم في الجزائر ضد البرلمان الأوروبي بسبب «قضية صنصال»

أحزاب اتهمت اليمين الفرنسي بـ«الابتزاز» و«التدخل السافر في شؤون البلاد»

الرئيس تبون مع قائد حزب «المستقبل» المؤيد لسياساته (الرئاسة)
الرئيس تبون مع قائد حزب «المستقبل» المؤيد لسياساته (الرئاسة)
TT
20

سخط عارم في الجزائر ضد البرلمان الأوروبي بسبب «قضية صنصال»

الرئيس تبون مع قائد حزب «المستقبل» المؤيد لسياساته (الرئاسة)
الرئيس تبون مع قائد حزب «المستقبل» المؤيد لسياساته (الرئاسة)

حملت أحزاب جزائرية تملك تمثيلاً في الحكومة والبرلمان بشدة، على لائحة أصدرها البرلمان الأوروبي الخميس الماضي، تدين سجن الكاتب الجزائري - الفرنسي بوعلام صنصال، و«قمع الناشطين المعارضين والحريات في الجزائر».

وتوالت أمس (الجمعة)، واليوم (السبت)، بيانات الشجب والاستنكار من طرف أهم الأحزاب ضد الموقف، الذي اتخذه البرلمان الأوروبي من «المسألة الحقوقية في الجزائر»، خصوصاً القضية المثيرة المتعلقة بسجن الروائي الفرنكفوني صنصال، التي تشكل أحد أوجه التوترات التي تمر بها العلاقات الجزائرية - الفرنسية، والتي لامست القطيعة.

الروائي المعتقل بوعلام صنصال (متداولة)
الروائي المعتقل بوعلام صنصال (متداولة)

وقال حزب «جبهة التحرير الوطني»، القوة الأولى في البرلمان، إن قرار لائحة هيئة التشريع الأوروبية «يمثل تدخلاً سافراً في الشؤون الداخلية للجزائر، وانتهاكاً لسيادتها واستقلالية القضاء»، مؤكداً أن القضاء الجزائري «هو الجهة الوحيدة المخولة بالنظر في قضايا المواطنين الجزائريين، ولا يحق لأي جهة أجنبية كانت، سواء منظمات حكومية أم غير حكومية، التدخل في شأن داخلي محض»، في إشارة إلى مطلب الإفراج عن بوعلام صنصال، صاحب روايات لاقت شهرة واسعة، مثل «أرض النساء» و«واحة الغروب»، و«الرهينة».

البرلمان الأوروبي طالب الجزائر بوقف متابعة الناشطين المعارضين والإفراج عن المعتقلين (البرلمان الأوروبي)
البرلمان الأوروبي طالب الجزائر بوقف متابعة الناشطين المعارضين والإفراج عن المعتقلين (البرلمان الأوروبي)

ومما جاء في اللائحة أنه تم استجواب صنصال «دون حضور محاميه، مما يشكل انتهاكاً واضحاً لحقه في محاكمة عادلة». كما ذكرت أن السلطات وجهت إليه لاحقاً تهمة «المس بأمن الدولة»، بناء على «المادة 87 مكرر» من قانون العقوبات، مبرزة أنه نص «يُستخدم كثيراً لاستهداف منتقدي الحكومة، بما في ذلك المدافعون عن حقوق الإنسان».

وبنت النيابة اتهامها لصنصال على تصريحات صحافية له، عدّ فيها أن «أجزاء من الغرب الجزائري تابعة لتراب المغرب»، وأن الاستعمار الفرنسي اجتزأها خلال استعماره شمال أفريقيا في القرنين الـ19 والـ20. وأثار هذا الموقف استياء بالغاً في الجزائر، خصوصاً أنه أدلى به لمنصة «فرونتيير» الإخبارية الفرنسية، المقربة من أوساط اليمين المتطرف، شديد الخصومة للجزائر.

الصحافي السجين عبد الوكيل بلام (متداولة)
الصحافي السجين عبد الوكيل بلام (متداولة)

يشار إلى أن اللائحة البرلمانية طالبت بوقف متابعة الناشطين المعارضين، والإفراج عن المعتقلين، ومنهم الصحافي عبد الوكيل بلام.

من جهته، لفت «التجمع الوطني الديمقراطي»، المؤيد لسياسات الرئيس عبد المجيد تبون، إلى «التناقض الصارخ في مواقف البرلمان الأوروبي، فقد ظل صامتاً لأكثر من سنة أمام مجازر الكيان الصهيوني في غزة، رغم تظاهر ملايين المواطنين الأوروبيين كل أسبوع للتنديد بانتهاكات حقوق الإنسان، وجرائم الحرب في غزة»، مشدداً على أن اللائحة «تندرج ضمن توجه مسيس واضح». كما أكد أن «من يقف وراءها نواب فرنسيون»، في إشارة ضمناً إلى وجود صلة، حسب الحزب، بين الأزمة التي تواجهها العلاقات الجزائرية - الفرنسية، ولائحة البرلمان الأوروبي، التي حركها النائب جوردان بارديلا، رئيس «التجمع الوطني» اليميني الفرنسي المتطرف.

أمين عام «التجمع الوطني» الذي يعد من أبرز مؤيدي الرئيس تبون (إعلام الحزب)
أمين عام «التجمع الوطني» الذي يعد من أبرز مؤيدي الرئيس تبون (إعلام الحزب)

ودانت «حركة البناء الوطني»، التي تدعم بقوة الرئيس وحكومته، «تدخلاً غير مقبول في شأننا الداخلي، ومحاولة جديدة يائسة للضغط على مؤسسات الدولة الجزائرية، وتجاوز سيادتها واستقلال قراراتها القضائية والسياسية والاقتصادية»، موضحة أن «الصياغة التي جاءت عليها اللائحة متشابهة مع لغة لوبيات التطرف اليميني الفرنسي، المعروفة بعدائها التاريخي للجزائر، والتي تهدف إلى تشويه صورة الجزائر الجديدة، التي تخوض اليوم مساراً من الإصلاحات داخلياً».

يشار إلى أن «الجزائر الجديدة»، شعار يرفعه الرئيس وموالون له، على أساس أن هناك اختلافاً مع فترة حكم الرئيس الراحل عبد العزيز بوتفليقة (1999 - 2019).

رئيس حزب «البناء» (إعلام الحزب)
رئيس حزب «البناء» (إعلام الحزب)

أما «جبهة المستقبل» فقالت إن الجزائر «لن تسمح تحت أي ظرف كان بعودة أشكال الوصاية، أو التدخل الأجنبي في شؤونها الداخلية»، موضحة أن موقف البرلمان الأوروبي من الحريات في الجزائر، «يكشف عن ازدواجية واضحة في المعايير لدى بعض الأطراف الخارجية، حيث يتم استغلال مفاهيم حقوق الإنسان لتمرير أجندات سياسية، بعيداً عن أي احترام لقواعد العلاقات الدولية».



السودان يعلن بدء مشاورات لعملية سياسية شاملة

وزير الخارجية السوداني علي يوسف (متداولة)
وزير الخارجية السوداني علي يوسف (متداولة)
TT
20

السودان يعلن بدء مشاورات لعملية سياسية شاملة

وزير الخارجية السوداني علي يوسف (متداولة)
وزير الخارجية السوداني علي يوسف (متداولة)

أعلن وزير الخارجية السوداني، علي يوسف محمد، الخميس، أن مشاورات بدأت لإطلاق عملية سياسية شاملة، لا تستثني أحداً، لتشكيل حكومة كفاءات وطنية تقود البلاد خلال الفترة الانتقالية التي يتركز دورها في إعادة إعمار البلاد.

وبحث يوسف مع مبعوثة الاتحاد الأوروبي للقرن الأفريقي، أنيتا ويبر، في العاصمة الإدارية المؤقتة بورتسودان، استعداد مؤسسات الاتحاد الأوروبي للتعاون مع السودان بما يسهم في تحقيق الاستقرار والتنمية.

وأثنى وزير الخارجية على البيان الصادر من الاتحاد الأوروبي الذي عبّر عن رفضه تشكيل حكومة موازية في السودان، كما قدم شرحاً لتطورات الأوضاع العسكرية والجهود المبذولة من قبل حكومة السودان لإنهاء الحرب.

وأكدت المبعوثة ويبر دعم الاتحاد الأوروبي الكامل لعملية سياسية شاملة في السودان دون إقصاء أو تمييز، مؤكدة حرص الاتحاد على أهمية استتباب الأمن والاستقرار في السودان كدولة مهمة في منطقة القرن الأفريقي.

الاتحاد الأفريقي

أعلام دول «الاتحاد الأفريقي» الـ55 خلال القمة الـ38 في أديس أبابا الشهر الماضي (أ.ف.ب)
أعلام دول «الاتحاد الأفريقي» الـ55 خلال القمة الـ38 في أديس أبابا الشهر الماضي (أ.ف.ب)

وكان الاتحاد الأفريقي قد عبّر يوم الأربعاء عن «قلق عميق» جراء سعي «قوات الدعم السريع» وحلفائها إلى تشكيل حكومة موازية في السودان، محذراً من أن الخطوة تهدد بـ«تقسيم هائل» للبلاد التي تدور فيها حرب منذ نحو عامين.

ووقّعت «قوات الدعم السريع» وحلفاؤها الشهر الماضي في نيروبي ميثاقاً تأسيسياً عبّروا بموجبه عن عزمهم على تشكيل حكومة سلام ووحدة في المناطق التي يسيطرون عليها. كما تعهدوا بـ«بناء دولة مدنية ديمقراطية لا مركزية، قائمة على الحرية والمساواة والعدالة، دون أي تحيز ثقافي أو عرقي أو ديني أو إقليمي». وفي أوائل مارس (آذار) الحالي، وقّعت الأطراف نفسها دستوراً انتقالياً. ودعا الاتحاد الأفريقي جميع دوله الأعضاء، وكذلك المجتمع الدولي، إلى «عدم الاعتراف بأي حكومة أو كيان موازٍ يهدف إلى تقسيم جمهورية السودان أو مؤسساتها وحكم جزء من أراضيها». وكان الاتحاد الأوروبي قد صرح أيضاً يوم الثلاثاء بأن الحكومة الموازية تُهدد التطلعات الديمقراطية السودانية، في موقف مماثل لبيان صدر عن مجلس الأمن الدولي الأسبوع الماضي.

معارك الغرب

آثار قصف سابق على مدينة الفاشر (مواقع التواصل)
آثار قصف سابق على مدينة الفاشر (مواقع التواصل)

وميدانياً، قُتل وأُصيب العشرات في مدينة الأُبيض عاصمة ولاية شمال كردفان، في قصف مدفعي شنته «قوات الدعم السريع». كما أكدت «الفرقة السادسة مشاة» في مدينة الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور، استمرار الجيش والقوة المسلحة المتحالفة معه في تنفيذ عملياتهم الرادعة في جميع المحاور ضد «قوات الدعم السريع» لحسمها بالكامل، وإعادة الأمن والاستقرار للولاية وجميع أنحاء السودان.

وقالت الفرقة في بيان إن الدفاعات الجوية تمكنت عبر طائراتها المسيّرة من تدمير سيارة دفع رباعي مزودة بمدفع من طراز 23، بالإضافة إلى استلام 3 سيارات قتالية أخرى بكامل عتادها العسكري وجنودها، كما تم تدمير ورشة لصيانة العربات العسكرية.

وذكرت أن مدفعية المدرعات نفذت عملية نوعية ناجحة بتدمير سيارة جرار محملة بالأسلحة والذخائر وقطع الغيار، وذلك أثناء محاولتها الفرار من شرق الفاشر إلى غربها، وأسفرت العملية عن مقتل 8 من عناصر «قوات الدعم السريع». ونفذت الفرقة عمليات تمشيط في أحياء الفاشر حيث تم ضبط عدد من المركبات القتالية مزودة بمدافع رشاشة وذخائر. وكشفت عن مقتل 5 أطفال وإصابة 4 نساء بجروح بالغة في إطلاق نار عشوائي استهدف عدداً من المناطق الحيوية في الفاشر.

معارك العاصمة

مشهد من معارك الخرطوم (أرشيفية - أ.ف.ب)
مشهد من معارك الخرطوم (أرشيفية - أ.ف.ب)

وفي العاصمة الخرطوم، تواصل قوات الجيش التوغل ببطء من عدة محاور للسيطرة على الجسور الرئيسية التي تربط منطقة شرق النيل بالخرطوم، في حين تتراجع «قوات الدعم السريع» إلى مساحات ضيقة في العاصمة.

وأحرز الجيش في الأيام الماضية تقدماً ملموساً بالسيطرة على أحياء مدينة الحاج يوسف في محلية شرق النيل، في حين واصلت قوات «سلاح المدرعات» تنفيذ عمليات تمركز في عدد من الأحياء السكنية جنوب الخرطوم. ولا تزال «قوات الدعم السريع» تحكم سيطرتها على أحياء شرق وجنوب الخرطوم، بالإضافة إلى سيطرتها على القصر الرئاسي والجزء الغربي من مقر القيادة العامة للجيش.

وأسفرت الحرب بين الجيش و«قوات الدعم السريع» عن مقتل عشرات الآلاف ونزوح أكثر من 12 مليون شخص، فيما وصفته الأمم المتحدة بأنه «أزمة إنسانية غير مسبوقة في القارة الأفريقية». ومزّقت الحرب التي اندلعت بسبب خلافات حول دمج «قوات الدعم السريع» في الجيش، السودان؛ إذ يسيطر الجيش حالياً على شرق البلاد وشمالها، في حين تُسيطر «قوات الدعم السريع» على معظم إقليم دارفور في غرب البلاد وأجزاء من الجنوب.