حقوقيون يطالبون بمحاسبة المتسببين في «تعذيب» محتجزين شرق ليبيا

طالبوا بإنهاء ظاهرة «الإفلات من العقاب» المستشرية في البلاد

الدبيبة خلال اجتماعاته على هامش «قمة ليبيا للطاقة والاقتصاد» (حكومة الوحدة)
الدبيبة خلال اجتماعاته على هامش «قمة ليبيا للطاقة والاقتصاد» (حكومة الوحدة)
TT

حقوقيون يطالبون بمحاسبة المتسببين في «تعذيب» محتجزين شرق ليبيا

الدبيبة خلال اجتماعاته على هامش «قمة ليبيا للطاقة والاقتصاد» (حكومة الوحدة)
الدبيبة خلال اجتماعاته على هامش «قمة ليبيا للطاقة والاقتصاد» (حكومة الوحدة)

طالبت مؤسسات حقوقية ليبية المدعي العام للجنائية الدولية، كريم خان، بإصدار مذكرات توقيف ضد مسؤولين عما وصفته بـ«ارتكاب جرائم وانتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان» بحق محتجزين في مجمع سجون قرنادة، التابع للجيش الوطني الليبي، بقيادة المشير خليفة حفتر في شرق البلاد.

ودعت المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان بليبيا، السبت، إلى العمل على تسريع عملية التحقيقات، وأكدت «أهمية اتخاذ المحكمة إجراءات تحقيق عاجلة لضمان محاسبة المسؤولين عن هذه الجرائم، وإنهاء ظاهرة الإفلات من العقاب في ليبيا»، معتبرة أنها «أعطت دفعة لارتكاب المزيد من الجرائم والانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان». وعدت أن هذه الجرائم «ترقى في تصنيفها إلى جرائم ضد الإنسانية، التي تدخل ضمن ولاية المحكمة».

المشير خليفة حفتر (الجيش الوطني)

كما طالبت منظمة رصد الجرائم في ليبيا بتسريع التحقيقات، وإصدار مذكرات اعتقال في حق هؤلاء المسؤولين، وقالت إنها أرسلت خطاباً عاجلاً إلى المدعي العام للجنائية الدولية بعد «تسريب فيديوهات تُظهِر ممارسات تعذيب لمحتجزين». وأكدت «ضرورة اتخاذ المحكمة الجنائية الدولية إجراءات عاجلة لضمان محاسبة المسؤولين عن هذه الجرائم».

وكان الجيش الوطني قد أعلن رسمياً تشكيل لجنة برئاسة المدعي العام العسكري، فرج الصوصاع، للتحقيق في هذه الواقعة، وتعهد بعدم التهاون مع المتورطين فيها.

إلى ذلك، قال رئيس حكومة الوحدة الليبية «المؤقتة»، عبد الحميد الدبيبة، إنه وجه وزارة النفط والغاز لإطلاق جولات جديدة، تهدف إلى زيادة الاحتياطي والقدرة الإنتاجية، لافتاً إلى أهمية تعزيز الشراكات مع الشركات العالمية لدعم النمو الاقتصادي في البلاد.

وقال الدبيبة في كلمة ألقاها، السبت، خلال قمة ليبيا للطاقة والاقتصاد 2025 بطرابلس، إن حكومته قدمت التزاماً قوياً بدعم قطاع الطاقة، كركيزة أساسية للاقتصاد الوطني، مشيراً إلى العمل على إعادة تشغيل الحقول النفطية، وإلى أنه تم تشغيل 10 حقول لتعزيز الإنتاج.

الدبيبة أكد أنه تم تشغيل 10 حقول لتعزيز إنتاج النفط في البلاد (الشرق الأوسط)

وأوضح الدبيبة أنه تم تحقيق ما وصفه بـ«معدلات إنتاج مرتفعة»، مؤكداً «السعي لتلبية احتياجات السوق المحلية، وتوفير الغاز الطبيعي للتصدير، بهدف تعزيز دور ليبيا كمصدر رئيسي للطاقة النظيفة».

وكان الدبيبة قد ناقش، السبت، بالعاصمة طرابلس، على هامش فعاليات «قمة الطاقة»، مع قادة ومسؤولي كبرى شركات النفط والطاقة العالمية، تعزيز التعاون في مشاريع الاستكشاف والتطوير، وزيادة الاستثمارات في قطاع الطاقة الليبي. وأوضح في بيان أنه بحث مع الأمين العام لمنظمة «أوبك»، هيثم القص، دور ليبيا في استقرار أسواق النفط وزيادة الإنتاج، كما ناقش مع الأمين العام للمنظمة، جمال اللغواني، والأمين العام للمنظمة الأفريقية المنتجة للنفط، عمر فاروق، تعزيز التعاون وتبادل الخبرات الفنية بين الدول الأعضاء.

ونقل الدبيبة عن هؤلاء المسؤولين تأكيدهم على دور ليبيا البارز في دعم أسواق النفط العالمية، وتحقيق معدلات إنتاج غير مسبوقة، وإشادتهم بجهود حكومته في تحقيق الاستقرار وزيادة معدلات الإنتاج.

إحباط محاولة تهريب على الحدود الليبية - التونسية (جهاز دعم الاستقرار)

من جهة أخرى، أعلن «جهاز دعم الاستقرار»، التابع لحكومة «الوحدة»، تمكن مكتبه في زوارة - رأس جدير من إحباط محاولة تهريب كمية كبيرة من السجائر والأجهزة الإلكترونية، بالإضافة إلى بعض المواد الغذائية، عبر الحدود الليبية باتجاه تونس.


مقالات ذات صلة

​المبعوثة الأممية الجديدة تتعهد العمل مع جميع أطراف الأزمة الليبية

شمال افريقيا غوتيريش خلال استقبال تيتيه (الأمم المتحدة)

​المبعوثة الأممية الجديدة تتعهد العمل مع جميع أطراف الأزمة الليبية

أعربت تيتيه عن امتنانها بثقة الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش بتعيينها ممثلاً خاصاً له ورئيساً للبعثة الأممية في ليبيا.

خالد محمود (القاهرة)
شمال افريقيا جثث عثر عليها في «مقابر جماعية» بالكفرة (مركز طب الطوارئ والدعم)

«حفر الموت» في ليبيا تلفظ المزيد من جثث المهاجرين السريين

على مدار الأسبوعين الماضيين، يستيقظ الليبيون على أنباء الكشف عن «حفر جديدة للموت»، تُستخرج منها جثث لعشرات المهاجرين «تمت تصفيتهم»، وفقاً للأجهزة الأمنية.

جمال جوهر (القاهرة)
شمال افريقيا احتفالات واسعة بذكرى إسقاط نظام القذافي (منصة حكومتنا)

كل ليبي يتمسك بـ«ثورته»... انقسام بين أنصار «الملكية» و«الفاتح» و«فبراير»

في ليبيا لم يطو الزمن المناسبات السياسية ولا ذكرى الأحداث الأليمة بعد؛ إذ إنه في البلد الأفريقي، يحتفل كل مواطن بثورته في مواعيدها.

جمال جوهر (القاهرة)
شمال افريقيا السلطات الأمنية بشرق ليبيا تستعرض المهاجرين «المحررين» قبل تسليمهم لجهاز مكافحة الهجرة غير المشروعة (جهاز البحث الجنائي)

«مقايضة» الفرد بـ10 آلاف دولار... تحقيقات ليبية في بيع وشراء «المهاجرين»

تبين لمحققين ليبيين مع عدد من «تجار البشر» وجود عمليات استغلال جنسي لمهاجرين وتجويع، لدرجة صهر أنابيب البلاستيك على ظهورهم بقصد إرغام أسرهم على الدفع.

جمال جوهر (القاهرة)
شمال افريقيا خوري في لقاء سابق بأعضاء من مجلسي النواب و«الأعلى للدولة» في ليبيا (البعثة الأممية)

تساؤلات عن أسباب الفشل في انتخاب رئيس لليبيا

تتوالى في ليبيا التساؤلات بشأن ما تحقق من أهداف «ثورة 17 فبراير»، وبالتالي البحث عن أسباب الفشل في إجراء انتخابات عامة حتى الآن.

جاكلين زاهر (القاهرة)

حديث الحرب المتصاعد بين مصر وإسرائيل لا يجد أنصاراً بين السياسيين

جنود مصريون يرفعون العلم على الضفة الشرقية من قناة السويس خلال معارك حرب أكتوبر 1973 (أرشيفية - أ.ب)
جنود مصريون يرفعون العلم على الضفة الشرقية من قناة السويس خلال معارك حرب أكتوبر 1973 (أرشيفية - أ.ب)
TT

حديث الحرب المتصاعد بين مصر وإسرائيل لا يجد أنصاراً بين السياسيين

جنود مصريون يرفعون العلم على الضفة الشرقية من قناة السويس خلال معارك حرب أكتوبر 1973 (أرشيفية - أ.ب)
جنود مصريون يرفعون العلم على الضفة الشرقية من قناة السويس خلال معارك حرب أكتوبر 1973 (أرشيفية - أ.ب)

استبعدت مصادر مصرية مطلعة أن يؤدي التوتر المنعكس في وسائل الإعلام بين مصر وإسرائيل إلى أزمة عسكرية أو سياسية كبيرة بين البلدين، وقللت المصادر التي تحدثت لـ«الشرق الأوسط» من احتمال تفجر الأوضاع، رغم ارتفاع حدة التراشق في وسائل الإعلام، ووسائط التواصل الاجتماعي، على مدى الأيام القليلة الماضية.

ومنذ وقّع الطرفان اتفاقاً للسلام في سبعينات القرن الماضي، لم تشهد العلاقات بين مصر وإسرائيل توتراً متصاعداً كالذي حدث منذ اندلاع الحرب الحالية في غزة قبل 15 شهراً.

وبجانب التوتر النابع من الخلافات حول طريقة حل القضية الفلسطينية، فإن الخلافات زادت حدتها منذ مايو (أيار) الماضي، حينما استولت إسرائيل على محور «فيلادلفيا» الحدودي، وكذلك معبر رفح الحدودي مع مصر، واتهامها لمصر بأنها لم تقم بما يكفي لمنع وصول السلاح عبر الأنفاق لقطاع غزة، وهو ما نفته القاهرة واعتبرته خرقاً لبنود معاهدة السلام، وردت عليه بتكثيف قواتها العسكرية بالقرب من الحدود، بحسب ما رصدته صور وتقارير إعلامية.

وما لبثت أن هدأت وتيرة الخلافات بعض الشيء بعد توقيع اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل و«حماس» بوساطة مصرية - قطرية - أميركية، إلا أن التوتر تصاعد مجدداً بعدما طرح الرئيس الأميركي دونالد ترمب مقترح تهجير الفلسطينيين من غزة إلى مصر والأردن، وأيدته في ذلك إسرائيل، وأعلن مسؤولون بها أنهم شرعوا في اتخاذ خطوات لتنفيذه، وهو ما أدانته القاهرة بشدة، وتوالت ردود الفعل الرسمية المصرية الرافضة، مع دعم عربي ودولي واسع لموقف القاهرة.

بالتوازي مع ذلك، زادت حدة التراشق بين وسائل الإعلام ومنصات التواصل الاجتماعي في مصر وإسرائيل، ما دفع البعض لإثارة تخوفات من احتمال تفجر الأوضاع وبلوغها الصدام العسكري بين الطرفين.

لكن وزير الخارجية المصري الأسبق، محمد العرابي، أكد لـ«الشرق الأوسط» أنه لن يحدث «صدام عسكري» بين مصر وإسرائيل، مشدداً على أن إسرائيل «منهكة»، وليست لديها القدرة العسكرية حالياً لدخول مواجهة مع دولة بحجم مصر.

وشدد على أن التوترات الحادثة حالياً في العلاقات، أو في وسائل الإعلام، طبيعية بسبب أحداث حرب غزة والخلافات حولها، وستستمر طوال استمرار هذه الحرب، لكن «لن تتصعد» أكثر من ذلك، «فكل منهما يعرف قدرة الآخر»، كما أن مصر حريصة على السلام في المنطقة.

واتفق معه الخبير العسكري المصري، سمير فرج، الذي قال لـ«الشرق الأوسط» إن كل ما يثار خاصة في الإعلام الإسرائيلي عن مواجهة عسكرية مع مصر «مجرد كلام» ليس له أساس من الصحة، ولا واقعية للتنفيذ.

وشدد على أن إسرائيل «لن تغامر» بدخول حرب نظامية مع مصر، في الوقت الذي تخوض فيه القوات الإسرائيلية نزاعاً منذ عام ونصف عام مع جماعات المقاومة المسلحة في فلسطين أو لبنان.

وشدد على أن عدوّ إسرائيل الأول في المنطقة هو إيران بسبب البرنامج النووي لطهران، ولن تغامر بمعاهدة السلام مع مصر.

وفي عام 1979، وقّعت مصر مع إسرائيل معاهدة السلام، وأكدت فيها الدولتان التزامهما «بإطار السلام في الشرق الأوسط المتفق عليه في كامب ديفيد».

وتمنع الاتفاقية التهديد باستخدام القوة أو استخدامها بين طرفيها، وتلزمهما بحل كافة المنازعات التي تنشأ «بالوسائل السلمية».

ونظمت الاتفاقية التاريخية كذلك شكل الوجود العسكري على الحدود بين البلدين، وشُكلت بموجبها لجنة تنسيق عسكرية مشتركة لمراقبة تنفيذ الاتفاقية والالتزام بها.

وكيل المخابرات المصرية السابق اللواء محمد رشاد، أكد أن «اتفاقية كامب ديفيد تتضمن بنوداً نصت على عدم اعتداء أي طرف على الآخر»، ولكن ما حدث أن إسرائيل احتلت محور فيلادلفيا بالمخالفة للاتفاقية، وهو ما يعدّ تهديداً للأمن القومي المصري، ومن ثم حشدت مصر قواتها في المنطقة (ب) والمنطقة (ج) قرب حدود إسرائيل، والتي كانت تنص الاتفاقية على وجود قوات محدودة فيهما.

رشاد الذي كان يشغل رئيس ملف الشؤون العسكرية الإسرائيلية بالمخابرات المصرية، قال لـ«الشرق الأوسط» إن «مصر حشدت قواتها هناك لصد أي تهديد لأمنها القومي كرد على ما فعلته إسرائيل باحتلال محور فيلادلفيا»، مشيراً إلى أن «إسرائيل حالياً تدعي أن مصر خالفت معاهدة السلام، ومصر ترد عليها بأن المخالفة جاءت من تل أبيب أولاً، فحينما تنسحب إسرائيل من فيلادلفيا، وقتها يمكن مطالبة مصر بسحب قواتها من قرب الحدود المصرية - الإسرائيلية».

ولكن في الوقت نفسه، يرى رشاد أنه «لن يصل الأمر إلى الصدام العسكري، فهناك لجنة عسكرية بين الطرفين تناقش هذه الأمور وتعمل على حلها، وهناك حرص من الدولتين على استمرار معاهدة السلام».

وبموجب ملحق معاهدة السلام المصرية – الإسرائيلية، فإن محور فيلادلفيا هو منطقة عازلة كان يخضع لسيطرة وحراسة إسرائيل قبل أن تنسحب الأخيرة من قطاع غزة عام 2005، فيما عُرف بخطة «فك الارتباط».

وأعادت إسرائيل السيطرة على محور فيلادلفيا، الذي يعد منطقة عازلة ذات خصوصية أمنية، كما يمثل ممراً ثلاثي الاتجاهات بين مصر وإسرائيل وقطاع غزة يمتد على مسافة 14 كيلومتراً، وترفض الانسحاب منه.

جغرافياً يمتد هذا الشريط الحدودي بين مصر وقطاع غزة، من البحر المتوسط شمالاً وحتى معبر كرم أبو سالم جنوباً.

وتؤمن إسرائيل بأن هذا المحور الحدودي مع مصر هو بوابة «حماس» الرئيسية للحصول على الأسلحة المهربة عبر أنفاق تمُرّ تحته، لكن مصر ترى أن حدودها تحت السيطرة، ولا أنفاق ولا تهريب عبر أراضيها.

ورغم تصاعد التوترات الإعلامية بين البلدين بسبب احتلال إسرائيل هذا المحور، وكذلك نشر القوات المصرية قرب الحدود، فلم يصدر أي تهديد رسمي من القاهرة أو تل أبيب باحتمال الدخول في مواجهة عسكرية بين الطرفين.