«حرب بيانات» مستعرة بين الجزائر وباريس

التلويح بحزمة عقوبات يقابله تحدٍّ من جانب الجزائريين

من لقاء سابق بين الرئيسين الفرنسي والجزائري (الرئاسة الفرنسية)
من لقاء سابق بين الرئيسين الفرنسي والجزائري (الرئاسة الفرنسية)
TT

«حرب بيانات» مستعرة بين الجزائر وباريس

من لقاء سابق بين الرئيسين الفرنسي والجزائري (الرئاسة الفرنسية)
من لقاء سابق بين الرئيسين الفرنسي والجزائري (الرئاسة الفرنسية)

تتجه الأزمة السياسية بين الجزائر وفرنسا إلى مزيد من التصعيد، خصوصاً أن مسؤولين فرنسيين هددوا بفرض ضغوط اقتصادية ضد المستعمرة سابقاً، يجري بحثها حالياً في إطار الاتحاد الأوروبي. وإذا نفذت باريس هذه الخطوة، فستكون النتائج وخيمة على مئات المؤسسات الفرنسية العاملة بالجزائر، في تقدير مراقبين.

وحملت «الخارجية» الجزائرية، السبت، بشدة على الحكومة الفرنسية، على أثر تنديدها برفض الجزائر دخول «المؤثر» بوعلام نعمان، المُرحَّل من فرنسا بسبب فيديو نشره، يُحرض فيه على «قتل» معارضين جزائريين يقيمون في الضفة الأخرى من المتوسط. وعَدَّ وزير الداخلية برونور روتايو موقف الجزائر من هذه القضية «محاولة لإذلال فرنسا».

«الخارجية» الجزائرية: الحكومة الفرنسية باتت رهينة لدى اليمين المتطرف (متداولة)

ووفق «الخارجية» الجزائرية، فإن اليمين الفرنسي المتطرف هو من يملي على الحكومة الفرنسية المواقف تجاه الجزائر، منذ أن اشتدت الأزمة في يوليو (تموز) الماضي، على أثر اعتراف باريس بـ«مغربية الصحراء». وعلى هذا الأساس، قالت إن «اليمين المتطرف ومُمثليه (في الحكومة) يريدون أن يفرضوا على العلاقات الجزائرية الفرنسية ضغائنهم المليئة بالوعيد والتهديد، ضغائن يفصحون عنها علناً ودون أدنى تحفظ أو قيد». والمستهدف هنا، روتايو بالتحديد، الذي وضع نصب عينيه، منذ أشهر، المهاجرين الجزائريين غير النظاميين بفرنسا.

ومساء السبت، ردَّ كريستوف لوموان، المتحدث باسم «الخارجية» الفرنسية، على «الخارجية» الجزائرية، في قناة «فرنس تي في أنفو»، معترفاً: «وصلنا مع الجزائر إلى مرحلة مثيرة للقلق جداً»، مؤكداً أن «حادثة ترحيل المؤثر الجزائري، هذا الأسبوع، هي عنصر فاقم الوضع» بين البلدين. وعَدَّ قرار رفض دخوله من طرف الجزائر «مذهلاً».

الناطق باسم «الخارجية» الفرنسية (متداولة)

وحول الخيارات المحتملة التي تمتلكها فرنسا للرد على الجزائر، صرح لوموان بأن «هذه فكرة قيد النقاش بين وزارة الشؤون الخارجية والشؤون الأوروبية، وخاصة وزيرها جان نويل بارو، ووزارة الداخلية». ويقصد بها عقوبات أو ضغوطاً محتملة ضد الجزائر.

وأبدى المسؤول الفرنسي حذراً بخصوص التنبؤ بمدة الأزمة، مبرزاً أن «هناك عدة عناصر، في الأسابيع الأخيرة، تشير إلى ازدياد التصلب من جانب الجزائر»، لكنه أعطى مؤشراً بأن فرنسا تبحث عن التهدئة، حين قال: «النهج القائم على الحوار (مع الجزائر) لا يزال موجوداً في باريس، فالعلاقات بين البلدين تستحق كل الجدية، يجب أن تكون جادة، ومفتوحة وصادقة، ويجب أن نتمكن من العمل بشكل طبيعي على أساس الحوار، والتبادل، وإيجاد حلول مشتركة».

وفي سياق التصعيد الذي تشهده العلاقات الثنائية، تحدثت صحيفة «لاتريبيون» الاقتصادية الفرنسية، الأحد، عن «فكرة فرض حزمة من العقوبات ضد الجزائر، تُدرَس لكنها لم تُعتمد بعد»، مشيرة إلى اجتماع عُقد، الجمعة الماضي، بالإليزيه تناول، وفقاً للصحيفة، «اتخاذ إجراءات تصعيدية ضد الجزائر». وبكلام آخر، فرنسا تهدد باستخدام «السلاح التجاري» ضد الجزائر.

قائد كتلة حزب الرئيس ماكرون بالبرلمان يلوّح بعقوبات تجارية ضد الجزائر (متداولة)

وحول احتمال التوجه نحو هذا الخيار، صرح غابريال أتال، متزعم كتلة حزب الرئيس إيمانويل ماكرون بالبرلمان، الجمعة، بأن «السلاح التجاري يمكن أن يكون أداة مفيدة جداً. دعونا نُجرِ المناقشات اللازمة على المستوى الأوروبي، وإذا تطلَّب الأمر نزيد الرسوم الجمركية مع الجزائر».

جزائرياً، يجري التعامل مع هذا التهديد بـ«نوع من اللامبالاة وأحياناً بتحدٍّ»، في تقدير المنصة الإخبارية الفرنكفونية «كل شيء عن الجزائر»، والتي تنشر بكثافة عن الأزمة الحالية. وكتبت، نقلاً عن مصدر جزائري، أنه «على باريس إقناع باقي الدول في الاتحاد الأوروبي بزيادة الرسوم الجمركية (على سِلعها المصدرة للجزائر)، وهذا ليس مضموناً».

كما نقلت المنصة عن رئيس إحدى منظمات أرباب العمل أن «هذه الفرضية يجب أن تهز أولاً الشركات الفرنسية الموجودة في الجزائر، وتلك التي تتاجر مع بلادنا. ففي حال نشبت حرب تجارية، سيكون هناك خاسرون من الجانبين. هذا أمر واضح. لكن في السياق الحالي، الفرنسيون هم الخاسر الأكبر».

دوالمين الجزائري الذي رحّلته فرنسا ورفضت سلطات بلاده تسلُّمه (متداولة)

من جهته صرح ميشيل بيساك، رئيس «غرفة التجارة والصناعة الفرنسية الجزائرية»، لـ«كل شيء عن الجزائر»: «هناك نحو 6 آلاف شركة فرنسية تتعامل مع الجزائر، كما أن عدداً من الشركات الجزائرية تربطها علاقات تجارية مع فرنسا، بحجم مبيعات يقترب من 12 مليار يورو»، مما يشير إلى أن الضرر المالي سيكون كبيراً إذا تطوَّر التوتر الحالي إلى قطيعة تجارية.


مقالات ذات صلة

وزيرا خارجية السعودية والجزائر يبحثان التطورات الإقليمية

الخليج الأمير فيصل بن فرحان والوزير أحمد عطّاف (الخارجية السعودية)

وزيرا خارجية السعودية والجزائر يبحثان التطورات الإقليمية

بحث وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان مع نظيره الجزائري أحمد عطّاف، التطورات الإقليمية.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
شمال افريقيا الرئيس أصدر عفواً لصالح 2741 سجيناً عشية العام الجديد (الرئاسة)

الجزائر: إقصاء المعتقلين بتهم «التآمر والخيانة» من العفو الرئاسي

تضمن عفو رئاسي لصالح 2471 سجيناً، صدر بالجزائر عشية العام الجديد، استبعاد عدد كبير من نزلاء المؤسسات العقابية لاتهامهم بـ«التآمر على سلطة الدولة».

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
أوروبا 
الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ورئيس حكومته فرنسوا بايرو (رويترز)

فرنسا تبحث خيارات الرد على «الإذلال» الجزائري

تتوجه الأنظار في فرنسا نحو البرلمان لتلمس المسار الذي ستسلكه الأزمة الفرنسية - الجزائرية بمناسبة الكلمة المرتقبة، اليوم، لرئيس الحكومة الجديد فرنسوا بايرو؛ حيث.

ميشال أبونجم (باريس)
شمال افريقيا وزير العدل الفرنسي جيرالد درامانان خارجاً من قصر الإليزيه في 8 الجاري ويتبعه وزير الدفاع سيباستيان لو كورنو (رويترز)

فرنسا تبحث خيارات الرد على ما تعده «إذلالاً» جزائرياً

فرنسا تبحث خيارات الرد على ما تعده «إذلالاً» جزائرياً، وزراء وسياسيون فرنسيون يعرضون مروحة واسعة لـ«الانتقام من الإهانة» التي لحقت ببلادهم.

ميشال أبونجم (باريس)
شمال افريقيا جولة حوار الرئاسة مع الأحزاب في 21 مايو 2024 (الرئاسة)

قيود جديدة تثير الجدل بين القوى السياسية في الجزائر

يفرض المشروع على الأحزاب «اعتماد الديمقراطية» في انتخاب قياداتها. وتنص «المادة 37» على أن «مدة الولاية القيادية لا تتجاوز 5 سنوات، مع إمكانية التجديد مرة واحدة.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)

البرهان يرفض السلام قبل القضاء على «الدعم السريع»

البرهان يحيي مؤيديه في أم درمان غرب الخرطوم  (أرشيفية - أ.ب)
البرهان يحيي مؤيديه في أم درمان غرب الخرطوم (أرشيفية - أ.ب)
TT

البرهان يرفض السلام قبل القضاء على «الدعم السريع»

البرهان يحيي مؤيديه في أم درمان غرب الخرطوم  (أرشيفية - أ.ب)
البرهان يحيي مؤيديه في أم درمان غرب الخرطوم (أرشيفية - أ.ب)

توعد رئيس «مجلس السيادة» الانتقالي السوداني عبد الفتاح البرهان، بمواصلة الحرب «حتى تحرير كل البلاد»، والقضاء على «الميليشيا وعملائها والمتعاونين معها ميدانياً»، ووجه اتهامات لـ«قوى استعمارية» قال إنها تقف خلف «الدعم السريع وتدعمه بالمال والسلاح والمرتزقة».

وقال البرهان في مواقف أطلقها من موريتانيا، وفقاً لما نقله إعلام «مجلس السيادة»، الثلاثاء، إن الحرب لن تتوقف إلا بعد «أن نحرر كل شبر دنسه هؤلاء المجرمون»، وتعهد بما سماه مواصلة القتال حتى «تحرير كل المدن والأرياف والقرى في سوداننا الحبيب».

ورهن البرهان في مواقفه العلاقة بالقوى السياسية في الداخل بموقفها من الحرب. وقال إن علاقة بلاده بالدول الخارجية ستبنى على المواقف من الحرب أيضاً.

ويقوم البرهان بجولة أفريقية شملت دول مالي، وغينيا بيساو، وسيراليون، والسنغال، وموريتانيا. ووفقاً لمراقبين، فإن الجولة تهدف لخلق «لوبي» من مجموعة الدول التي ساءت علاقاتها بالدول الغربية، ولإعادة عضوية السودان في الاتحاد الأفريقي المجمدة منذ انقلاب 25 أكتوبر (تشرين الأول) 2021، ولاستقطاب الدعم السياسي والدبلوماسي، وفرض حصار على «قوات الدعم السريع».

وقال عقب لقاءات مع الجالية السودانية في موريتانيا التي تترأس الدورة الحالية للاتحاد الإفريقي: «إن أهل السودان قرروا القضاء على الميليشيا المجرمة القاتلة الناهبة المغتصبة من آل دقلو والمرتزقة والعملاء المتعاونين معهم».

وتوعد بـ«التوقف عن الكلام»، وهو تلميح لدعوات وقف الحرب عبر التفاوض، وقال: «ليس لدينا حديث كثير، حديثنا في الميدان حتى القضاء على هؤلاء المجرمين القتلة». واشترط لوقف الحرب عدم وجود «قوات الدعم السريع»، وتابع: «لسنا معترضين على أي سلام، نحن مع السلام وإيقاف الحرب، لكن بشرط عدم وجود هؤلاء الجنجويد والمرتزقة وأي جهة وشخص ساعدهم».

وأعاد تكرار وصف المعركة بأنها معركة «كرامة» كما درج الإعلام الحربي على وصفها، بقوله: «هذه المعركة معركة الشعب السوداني بكل قطاعاته المختلفة، الذي يدافع عن شرفه وعرضه وسكنه ووطنه».

وأوضح البرهان أنه قدم «شرحاً وتنويراً للقادة في دول غرب أفريقيا»، وأبلغهم أن السودان «يواجه غزواً واستعماراً جديدين»، وكشف لهم عن معلومات بأن «هناك قوى استعمارية جديدة – لم يسمها – تقف خلف (الدعم السريع)، وتدعمها بالمال والسلاح والمرتزقة»، وأضاف: «مهما دعمت وصرفت هذه القوة الاستعمارية الجديدة على هؤلاء المجرمين، نؤكد أن الشعب السوداني سيقف ويقاتل هؤلاء الجنجويد، ومن يساندهم سياسياً وعسكرياً».

البرهانفي حديث سابق إلى السودانيين (موقع مجلس السيادة السوداني - فيسبوك)

ووجه «التحية» لأهل ولاية الجزيرة وحاضرتها مدينة ود مدني، و«كل من شارك في تحرير وتطهير هذه المدن والقرى والأرياف التي دنسها مجرمو ومرتزقة آل دقلو».

وتعهد بالعفو عن كل من يضع السلاح، بقوله: «أي شخص يضع السلاح ويعد إلى رشده، ويعد إلى حضن الوطن، نقل له مرحباً، واليوم لدينا العديد من المجموعات سلمت نفسها ورحبنا بهم».