«لقاء كوهين» يفاقم الاحتجاجات في غرب ليبيا ضد «الوحدة»

الدبيبة اتهم دولاً أجنبية بـ«التورط في مؤامرات لتقسيم البلاد»

قوات موالية لحكومة الدبيبة في تدخل لتفريق المحتجين وسط العاصمة طرابلس (أ.ف.ب)
قوات موالية لحكومة الدبيبة في تدخل لتفريق المحتجين وسط العاصمة طرابلس (أ.ف.ب)
TT

«لقاء كوهين» يفاقم الاحتجاجات في غرب ليبيا ضد «الوحدة»

قوات موالية لحكومة الدبيبة في تدخل لتفريق المحتجين وسط العاصمة طرابلس (أ.ف.ب)
قوات موالية لحكومة الدبيبة في تدخل لتفريق المحتجين وسط العاصمة طرابلس (أ.ف.ب)

تصاعدتْ الاحتجاجات في غرب ليبيا ضد حكومة الوحدة «المؤقتة»، برئاسة عبد الحميد الدبيبة، بسبب لقاء جمع وزيرة الخارجية السابقة بحكومة «الوحدة»، نجلاء المنقوش، العام قبل الماضي، مع وزير الخارجية الإسرائيلي حينها، إيلي كوهين، في العاصمة الإيطالية روما.

الدبيبة مع مشاركين خلال «ملتقى مصراتة لبيوت الشباب» (حكومة الوحدة)

ورداً على هذه الاحتجاجات، اتهم الدبيبة، مساء الجمعة، دولاً أجنبيةً بـ«التورط في مؤامرات لتقسيم البلاد»، كما اتهم أطرافاً محلية بـ«دعم الاحتجاجات الشعبية، التي شهدتها عدة مدن في المنطقة الغربية ضد حكومته».

ولم يحدد الدبيبة، في كلمة ألقاها مساء الجمعة، خلال ختام فعاليات «ملتقى رواد الأعمال والملتقى العام لمنتسبي حركة بيوت الشباب» بمدينة مصراتة (غرب)، هوية هذه الأطراف المحلية، لكنه اتهمها بـ«استغلال الشباب لخلق الفتنة، وإعادة ليبيا إلى الوراء»، مؤكداً أن هذه الأطراف «لا تريد إلا الحروب والدمار والفساد».

ورغم أن الدبيبة تجنب التعليق مباشرة على المظاهرات التي شهدتها أخيراً عدة مدن ليبية، خصوصاً في المنطقة الغربية، ضد محاولات حكومته تطبيع العلاقات مع إسرائيل، لكنه قال في إشارة إلى الاحتجاجات الشعبية ضده: «الكلام الذي سمعتوه وشاهدتموه مبرمجاً، هو من يريدون حكمكم بالسلاح أو منظمات وأحزاب ترفع شعار الدين، وهناك من يريد عودة الحكم العسكري».

وبعدما تحدث الدبيبة عن وجود «مؤامرات حقيقية لتقسيم ليبيا»، تعهد بأنها «لن تكون إلا دولة واحدة»، مخاطباً الشباب بقوله: «أنتم المستقبل، ونريدكم التقدم للدفاع عن بلادكم، ولن نرضى بمنطق القوة بعد ثورة 17 فبراير، ولن نقبل به».

عقيلة صالح رئيس مجلس النواب (المجلس)

من جانبه، تجاهل قائد الجيش الوطني في شرق البلاد، المشير خليفة حفتر، ورئيس مجلس النواب، عقيلة صالح، تصريحات الدبيبة، لكن الأخير عدَّ في المقابل أن «الحل للخروج من حالة الجمود السياسي يتمثل في إجراء انتخابات حرة ونزيهة، مع التزام الجميع بقبول نتائجها»، مشيراً إلى إصدار مجلس النواب قوانين انتخابية لتحقيق هذا الهدف، وداعياً إلى تشكيل حكومة موحدة تقود البلاد نحو الاستقرار.

وأوضح صالح في تصريحات بثها مركزه الإعلامي، مساء الجمعة، أنه «لم يتخذ أي موقف يهدف إلى إقصاء أو تهميش أي طرف»، مشدداً على «أهمية المصالحة الوطنية لتحقيق الأمن والسلام»، ونافياً اصطفاف مجلس النواب مع أي طرف خارجي أو قوة دولية، ودعا لدعم قانون المصالحة الوطنية، كخطوة أساسية لطي صفحة النزاعات، مؤكداً «أهمية التداول السلمي للسلطة».

وزيرة خارجية «الوحدة» المقالة نجلاء المنقوش في لقاء سابق مع نظيرها التركي في طرابلس (أ.ف.ب)

كانت مظاهرات قد اندلعت، مساء الجمعة، في مدينة مصراتة، مسقط رأس الدبيبة، بالتزامن مع وجوده فيها، احتجاجاً على «لقاء كوهين». وأعلن بعض أهالي مصراتة رفضهم مساعي الدبيبة «التطبيع مع إسرائيل»، وطالبوه بالتنحي عن منصبه، وعدّوا في بيان لهم أن «اللقاءات التي جرت بين حكومته ومسؤولين إسرائيليين بمثابة جريمة عظمى».

ورصدت وسائل إعلام محلية قيام متظاهرين بإشعال النار في الإطارات، وإغلاق الطريق الساحلي في تاجوراء، الواقعة شرق العاصمة طرابلس لعدة ساعات، قبل أن تتدخل عناصر أمنية تابعة لـ«حكومة الوحدة» لفتح الطريق وتأمينه.

المنفي أكد للرئيس التشادي محمد إدريس ديبي على التضامن الكامل لليبيا مع حكومة وشعب تشاد (رويترز)

فى شأن آخر، أكد رئيس المجلس الرئاسي، محمد المنفي، خلال اتصال هاتفي، مساء الجمعة، مع الرئيس التشادي محمد إدريس ديبي، على التضامن الكامل لليبيا مع حكومة وشعب تشاد، وإدانته للعمل الإرهابي الذي شهدته العاصمة إنجامينا، أخيراً، مؤكداً دعم ليبيا لجهود الحكومة التشادية في الحفاظ على الأمن والاستقرار بالبلاد.

ونقل المنفي، عن ديبي، تأكيده عمق العلاقة التاريخية التي تربط البلدين في مختلف المجالات، لافتاً إلى ضرورة تكاتف الجهود من أجل تعزيز الأمن والاستقرار في المنطقة.


مقالات ذات صلة

ليبيا: كيف بدأ الخلاف بين «النواب» و«الرئاسي»... وإلى أين سينتهي؟

شمال افريقيا المجلس الرئاسي والدبيبة في لقاء سابق (المجلس الرئاسي)

ليبيا: كيف بدأ الخلاف بين «النواب» و«الرئاسي»... وإلى أين سينتهي؟

تجددت التوترات بين مجلسي «النواب» و«الرئاسي» في ليبيا بعد اعتراض الأخير على إقرار الأول مشروع قانون «المصالحة الوطنية» في جلسته الأخيرة الأسبوع الماضي.

جاكلين زاهر (القاهرة)
شمال افريقيا وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي مستقبلاً ستيفاني خوري في لقاء سابق بالقاهرة (وزارة الخارجية)

القاهرة تتمسك مجدداً بتفكيك الميليشيات وإخراج «المرتزقة» من ليبيا

قال المتحدث باسم وزارة الخارجية المصرية السفير تميم خلاف إن بلاده تواصل دعم تشكيل «سلطة تنفيذية موحدة» في ليبيا تساعد في إجراء الانتخابات.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا خوري خلال اجتماعها مع عدد من الشخصيات السياسية في ليبيا (البعثة)

خوري تتحدث عن «ترتيبات» لتفعيل مبادرتها السياسية في ليبيا

قالت ستيفاني خوري، إنها تباحثت مع شخصيات ليبية حول «العملية السياسية» التي أطلقتها أمام مجلس الأمن؛ بما في ذلك معالجة الدوافع الأساسية للصراع.

جمال جوهر (القاهرة)
شمال افريقيا المجلس الرئاسي الليبي في لقاء سابق (المجلس الرئاسي)

ليبيا: «الرئاسي» يصعّد ضد «النواب» بشأن «المصالحة الوطنية»

طالب المجلس الرئاسي الليبي البرلمان بتجنب «القرارات الأحادية» التي قال إنها «تقوض الشراكة الوطنية وتؤثر سلباً على أمن واستقرار البلاد».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا اجتماع الدبيبة مع سفير تركيا وملحقها العسكري (حكومة الوحدة)

ليبيا: مطالب بالتحقيق مع الدبيبة والمنقوش بسبب «لقاء كوهين»

وصول آليات عسكرية مفاجئة إلى طرابلس وقوات «الوحدة» تعزز مواقعها في الزاوية

خالد محمود (القاهرة )

ليبيا: كيف بدأ الخلاف بين «النواب» و«الرئاسي»... وإلى أين سينتهي؟

المجلس الرئاسي والدبيبة في لقاء سابق (المجلس الرئاسي)
المجلس الرئاسي والدبيبة في لقاء سابق (المجلس الرئاسي)
TT

ليبيا: كيف بدأ الخلاف بين «النواب» و«الرئاسي»... وإلى أين سينتهي؟

المجلس الرئاسي والدبيبة في لقاء سابق (المجلس الرئاسي)
المجلس الرئاسي والدبيبة في لقاء سابق (المجلس الرئاسي)

تجددت التوترات بين مجلسي «النواب» و«الرئاسي» في ليبيا، بعد اعتراض الأخير على إقرار الأول مشروع قانون «المصالحة الوطنية» خلال جلسته الأخيرة الأسبوع الماضي.

واندلعت الخلافات بين المجلسين قبل إقرار البرلمان مشروع «المصالحة» لأسباب عدة، من بينها الصراع على «الصلاحيات»، لكن ومع تعقد العملية السياسية بات السؤال: إلى أن سيتجه هذا الخلاف؟ وكيف سينتهي؟

* مواجهة سياسية

يرى رئيس الاتحاد الوطني للأحزاب الليبية، أسعد زهيو، أن البرلمان ماضٍ في تفعيل قراره، الذي صدر في أغسطس (آب) الماضي، بإنهاء ولاية «السلطة التنفيذية»، التي جاء بها «اتفاق جنيف»؛ وهي المجلس الرئاسي وحكومة «الوحدة الوطنية» المؤقتة برئاسة عبد الحميد الدبيبة.

وعدّ زهيو في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، مشروع قانون «المصالحة الوطنية»، الذي أقره البرلمان، «مجرد حلقة في سلسلة خلافات الطرفين»، لافتاً إلى أن المجلس الرئاسي، رغم أنه ظل بعيداً عن التجاذبات السياسية بين أفرقاء الأزمة، فإن «البرلمان اعتاد النظر إليه وعدّه طرفاً محسوباً على حكومة الدبيبة».

من جلسة سابقة لمجلس النواب (المجلس)

وانتقد المجلس الرئاسي، نهاية الأسبوع الماضي، إقرار البرلمان مشروع قانون «المصالحة الوطنية»، ما عدّه تجاهلاً للقانون، الذي سبق أن تقدم به قبل نحو عام.

وتفيد مخرجات «ملتقى الحوار السياسي» في جنيف، الذي رعته الأمم المتحدة قبل نحو 4 سنوات، بأن ملف المصالحة في مقدمة صلاحيات المجلس الرئاسي. وبينما يتمسك الطرفان بأحقية كل منهما بإدارة ملف «المصالحة الوطنية»، يرى سياسيون أن المواجهة بينهما أبعد من ذلك، وتتصل بمعارك أخرى خاضاها حول «الصلاحيات القانونية» لكل منهما داخل الساحة الليبية، سعياً لتعزيز مواقفهما وحلفائهما.

ويشير زهيو إلى أن مجلس النواب «سحب البساط من الرئاسي»، في خطوة أولى قبل 4 أشهر، عندما أعلن نهاية «السلطة التنفيذية»، وسحب صفة القائد الأعلى للجيش الليبي من المجلس الرئاسي، وأعادها لرئيس مجلس النواب، واليوم يتخذ الخطوة الثانية، عبر إقرار قانون المصالحة ليسترد بذلك الملف الرئيسي المعني به المجلس الرئاسي، وفقاً لمخرجات «ملتقى الحوار السياسي بجنيف».

عقيلة صالح رئيس مجلس النواب الليبي (رويترز)

وانتهى زهيو إلى أن المناكفات والخلافات بين أفرقاء الأزمة، وإن تصاعدت حدتها مع أزمة رئاسة المصرف المركزي؛ فإنها «قد لن تنتهي إلا مع وجود اتفاق سياسي جديد، قد ينتج عبر مسار البعثة الأممية».

ولفت مراقبون أيضاً إلى خلاف المجلسين حول قانون المحكمة الدستورية قبل شهرين، حيث اعترض المجلس الرئاسي في خطاب رسمي على إصدار البرلمان لهذا القانون، وطالب بإلغائه.

* أزمة المصرف المركزي

يعتقد البعض أن أزمة المصرف المركزي هي التي عمقت الصراع بين المجلسين، وهنا يشير عضو المجلس الأعلى للدولة، علي السويح، إلى هذه الأزمة التي بدأت في أغسطس الماضي، بتغيير المجلس الرئاسي إدارة المصرف المركزي، وتعيين محافظ جديد، ليتم الاتفاق بعد ذلك على تعيين محافظ جديد.

وقال السويح لـ«الشرق الأوسط»: «تلك كانت البداية؛ لكن لا نبرئ ساحة أحد من محاولة القفز على صلاحيات الآخرين، في ظل عدم الالتزام بالمسؤولية، وغياب التنسيق وتواصل الصراع على السلطة».

وأضاف السويح متسائلاً: «أفرقاء الأزمة يرفضون الجلوس على طاولة حوار، ويتبادلون الاتهامات بالمسؤولية عن تدهور الأوضاع، فكيف يمكن الوثوق بقدرة أي منهم على إنتاج قانون للمصالحة يحقق تطلعات الليبيين؟».

واجهة البنك المركزي بطرابلس (رويترز)

وانتقد السويح التعامل مع ملف المصالحة «بوصفه ورقة سياسية يتم التنازع عليها بين الأفرقاء، لتظل تراوح مكانها، وتتم مواصلة إهدار وقت الليبيين، خصوصاً المتضررين الذين ينتظرون الحصول على حقوقهم».

أما الناشط السياسي الليبي، أحمد التواتي، فيرى أن «هناك إشكالات جمة تحيط بملف المصالحة، الذي يتصارع عليه المجلسان منذ فترة، دون الالتفات إلى ضيق الليبيين، بسبب إنفاق كل واحد منهما الأموال على لجان ومؤتمرات ولقاءات، دون رصد نتائج على الأرض».

وأوضح التواتي لـ«الشرق الأوسط»، أنه من «الأجدى ترك المجلسين ملف المصالحة لحين إجراء الانتخابات لتجديد الشرعية في السلطات القائمة، وحتى تكون الدولة قد حققت قدراً من الاستقرار، يمكنها من معالجة مشكلات تصعب معالجتها ببيئة الصراع الراهنة».

وتتنازع على السلطة في ليبيا حكومتان: الأولى «الوحدة الوطنية» ويرأسها الدبيبة، وتتخذ من العاصمة طرابلس بالغرب الليبي مقراً لها، والثانية مدعومة من البرلمان و«الجيش الوطني»، بقيادة المشير خليفة حفتر، وتدير المنطقة الشرقية وبعض مناطق الجنوب.