اعتقال جزائريين في فرنسا بتهمة «التحريض على العنف»

الحراك الجزائري في فبراير 2019 (الشرق الأوسط)
الحراك الجزائري في فبراير 2019 (الشرق الأوسط)
TT

اعتقال جزائريين في فرنسا بتهمة «التحريض على العنف»

الحراك الجزائري في فبراير 2019 (الشرق الأوسط)
الحراك الجزائري في فبراير 2019 (الشرق الأوسط)

أثرت الأوضاع الداخلية في الجزائر بتداعياتها في فرنسا، خصوصاً ما ارتبط بعلاقة السلطات بنشطاء الحراك المعارضين. ففي اليومين الأخيرين، اعتقلت الشرطة الفرنسية «مؤثرين» جزائريين لتحريضهما على قتل مواطنين لهما يقيمون بفرنسا، بحجة أنهم «يبحثون عن زرع الاضطرابات في الجزائر». كما تم التبليغ عن ثالث، حرَض على قتل ناشط بارز يعيش في الجزائر.

واعتقلت الشرطة في مدينة برست بشمال غرب فرنسا، الجمعة، مؤثراً يستخدم منصة «تيك توك»، اسمه «يوسف زازو»، بشبهة «التحريض على القتل، وتنفيذ هجمات فوق التراب الفرنسي»، حسب صحف فرنسية. كما تم اعتقال شخص في المدينة نفسها، يُشتبه في كونه شريكه.

محمد تاجديت ضحية تحريض بالقتل من مؤثر جزائري مقيم بفرنسا (حسابه الشخصي بالإعلام الاجتماعي)

ويبلغ «زازو» من العمر 25 سنة، ويتحدر من غرب الجزائر، وهو تحت أمر إداري بالطرد من فرنسا بعد أن رفضت سلطات برست تجديد التصريح له بالإقامة. ووصل «المؤثر» إلى فرنسا عام 2020، في إطار «لَمّ الشمل العائلي»، لزواجه من فرنسية، حسب الإعلام الفرنسي. وله أكثر من 400 ألف متابع على «تيك توك»، ويتوجه عادة إلى المهاجرين، عبر حسابه.

وبث يوسف عشية السنة الجديدة، فيديو تناول فيه دعوات إلى تنظيم مظاهرات في فرنسا مطلع 2025، من طرف معارضين للتعبير عن التذمر من «سوء الأوضاع في الجزائر»، وبأن النظام القائم «يمارس التضييق على الناشطين المعارضين في البلاد». وقال «زازو» إن من يقف وراء هذه الدعوات «لا يحبون الخير للبلاد»، وحرَض على «تصفيتهم». كما شجع على «تنفيذ هجمات في فرنسا إذا وفرت حكومتها الحماية لهم».

ونقلت «وكالة الأنباء الفرنسية»، عن بيان للمدعية العامة ببرست، كامي ميانسوني، بأن يوسف تم احتجازه احتياطياً، الجمعة، في السجن المحلي، وأنه سيمثُل أمام المحكمة في 24 فبراير (شباط) المقبل، بتهمة «الدعوة علناً إلى ارتكاب عمل إرهابي».

ويواجه يوسف، في حال إدانته، عقوبة بالسجن تصل إلى 7 سنوات، ودفع غرامة قدرها 100 ألف يورو، وفق بيان المدعية العامة. وأكد وزير الداخلية الفرنسي برونو ريتايو في منشور، الجمعة، أن «زازو يوسف يجب أن يُحاسب على أفعاله أمام القضاء»، مشيراً إلى أن «الرسالة واضحة: لا تساهل في مثل هذه الأمور».

منشور وزير الداخلية الفرنسية حول اعتقال المؤثر الجزائري يوسف

وفي اليوم نفسه، اعتقلت شرطة مدينة غرونوبل (جنوبي شرق)، جزائرياً يملك آلاف المتابعين بـ«تيك توك»، يسمى «عماد تن تن»، بسبب فيديوهات بثها تدعو إلى «الحرق والقتل والاغتصاب على الأراضي الفرنسية»، بحق نشطاء جزائريين مناهضين لحكومة بلادهم.

وأوضحت السلطات القضائية المحلية، السبت، أنه تم تمديد احتجاز عماد (31 سنة) لدى الشرطة، وأعيد تصنيف الواقعة على أنها «تحريض مباشر على عمل إرهابي، عن طريق خدمة اتصال عمومية عبر الإنترنت»، فيما بدا من نبرة حديث «تن تن»، أنه يتحدر من الشرق الجزائري.

ونشر وزير الداخلية تغريدة جاء فيها: «الليلة، المؤثر الجزائري عماد تن تن في الحجز الاحتياطي. يجب عليه أيضاً الإجابة عن التصريحات المشينة التي أدلى بها على (تيك توك)، أمام القضاء. يجب عدم السماح لأي شيء بالمرور». وشكر روتايو القضاة والقوات الأمنية «الذين مكنونا من هذه الاعتقالات. يجب ألا نترك أي شيء يمر».

التيكتوكر يوسف الذي اعتُقل في فرنسا بسبب التحريض على قتل معارضين للسلطة في الجزائر (متداولة)

وفيما يبدو أن هناك تنسيقاً بخصوص إطلاق «حملة التحريض على الناشطين المعارضين»، ذكرت صحف فرنسية صادرة، الأحد، أن عمدة مونبلييه (جنوب) مايكل دولافوس، أخطر النيابة المحلية بوجود فيديو لـ«مؤثر» جزائري يسمى بوعلام، حرَّض فيه على «تعذيب وقتل» الناشط البارز محمد تاجديت، المقيم بالجزائر والذي سُجن مرات عدة على أساس تهم «تقويض الأمن في البلاد، والتحريض على الفوضى والإساءة إلى رموز الدولة». ونشر تاجديت خطاب «المؤثر» ضده، على حسابه بـ«فيس بوك»، على سبيل الاستنكار.


مقالات ذات صلة

الشرطة الفرنسية توقف ثلاثة جزائريين في حملة على المؤثرين

أوروبا عنصر من الشرطة الفرنسية (أ.ف.ب)

الشرطة الفرنسية توقف ثلاثة جزائريين في حملة على المؤثرين

قالت وكالة «أسوشييتد برس» الأميركية للأنباء إن الشرطة الفرنسية ألقت القبض على ثلاثة جزائريين.

«الشرق الأوسط» (باريس)
رياضة عربية شباب قسنطينة الجزائري تصدر مجموعته بالكونفدرالية (نادي شباب قسنطينة)

«الكونفدرالية الأفريقية»: قسنطينة الجزائري ينتزع صدارة مجموعته برباعية

حقق فريق شباب قسنطينة الجزائري فوزاً عريضاً على ضيفه أونزي برافوش الأنجولي بنتيجة 4 - صفر في الجولة الرابعة بالمجموعة الأولى لكأس الكونفدرالية الأفريقية.

«الشرق الأوسط» (قسنطينة)
شمال افريقيا شل نشاط 51 إرهابياً في الجزائر خلال عام 2024

شل نشاط 51 إرهابياً في الجزائر خلال عام 2024

أعلنت وزارة الدفاع الجزائرية، السبت، عبر حساباتها بالإعلام الاجتماعي، أن قوات الجيش شلت نشاط 51 إرهابياً واعتقلت 457 شخصاً بشبهة دعم المتطرفين المسلحين، في…

شمال افريقيا ممثل السياسة الخارجية في «الاتحاد الأوروبي» سابقاً جوزيب بوريل في لقاء سابق مع الرئيس تبون (الرئاسة الجزائرية)

الجزائر و«بروكسل» لبحث «أزمة اتفاق الشراكة»

يبحث وفد من الاتحاد الأوروبي مع مسؤولين جزائريين، مطلع العام الجديد، «أزمة اتفاق الشراكة»، بغرض حل «تعقيدات إدارية» تواجه صادرات دول الاتحاد إلى الجزائر.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا وزير خارجية الجزائر أحمد عطاف (الخارجية الجزائرية)

وزير خارجية الجزائر: نتعامل مع الدول وليس الحكومات

شدد على «وحدة التراب السوري وضرورة شمول الحل لجميع السوريين دون إقصاء، وإشراف الأمم المتحدة على أي حوار سياسي للحفاظ على مستقبل سوريا».

«الشرق الأوسط» (الجزائر)

ليبيا: «الرئاسي» يصعّد ضد «النواب» بشأن «المصالحة الوطنية»

المجلس الرئاسي الليبي في لقاء سابق (المجلس الرئاسي)
المجلس الرئاسي الليبي في لقاء سابق (المجلس الرئاسي)
TT

ليبيا: «الرئاسي» يصعّد ضد «النواب» بشأن «المصالحة الوطنية»

المجلس الرئاسي الليبي في لقاء سابق (المجلس الرئاسي)
المجلس الرئاسي الليبي في لقاء سابق (المجلس الرئاسي)

صعّد المجلس الرئاسي الليبي في مواجهة مجلس النواب بشرق البلاد، منتقداً تجاهله لمشروع قانون «المصالحة الوطنية»، الذي سبق أن تقدم به العام الماضي. كما دعاه إلى تجنب «القرارات الأحادية»، التي قال إنها «تقوض الشراكة الوطنية، وتؤثر سلباً على أمن واستقرار البلاد».

وبدأت الأزمة عندما تقدم المجلس الرئاسي في فبراير (شباط) 2024 بمشروع قانون لـ«المصالحة الوطنية» إلى مجلس النواب، وانتظر مناقشته والموافقة عليه، لكن الأخير كان يعمل على مشروع مماثل، أقره الثلاثاء الماضي خلال انعقاده في مدينة بنغازي.

المجلس الرئاسي انتقد تجاهل مشروع النواب لمشروع قانون «المصالحة الوطنية» (المجلس)

وفي أول تعليق من المجلس الرئاسي على ما وصفه بـ«تجاهل مشروعه للمصالحة»، قال إنه «كان يأمل التعامل مع المشروع الذي تقدم به بروح المسؤولية الوطنية، بعيداً عن التسييس»، إلا أن الجلسة «خالفت هذه التطلعات، وزادت من تعقيد المسار».

وتقطّعت السبل بين الطرفين الداعيين للمصالحة، ودخلا من قبل في مشاحنات على خلفيات، تتعلق بالسلطة والصراع على «الصلاحيات القانونية»، وهما يتسابقان ويتنافسان حالياً على إدارة ملف المصالحة.

ودفاعاً عن مشروعه، قال المجلس الرئاسي في بيان مساء (الأربعاء) إنه تعامل في ملف المصالحة بـ«شفافية ومهنية ليبية خالصة، والمشروع حظي بإشادة دولية قبل إحالته إلى مجلس النواب منذ أكثر من عام، بعد إعداده وفق معايير مهنية، ومرجعيات وطنية لضمان حقوق الأطراف كافة، وتعزيز فرص المصالحة»، داعياً إلى الالتزام بالاتفاق السياسي «بوصفه أساساً شرعياً لتنظيم عمل المؤسسات السياسية، وتنسيق اختصاصاتها لتجنب النزاعات وفرض الأمر الواقع».

وشدّد المجلس الرئاسي على «أهمية تجنب القرارات الأحادية التي تقوض الشراكة الوطنية، وتؤثر سلباً على أمن واستقرار البلاد»، وتعهد بأنه «سيواصل حماية هذا المشروع الوطني، وضمان مساره الصحيح وفق صلاحياته».

وأشاد المجلس الرئاسي بجهود الجهات الوطنية التي أسهمت في هذا المشروع، وبالدور الإيجابي للاتحاد الأفريقي، وبعثة الأمم المتحدة للدعم لدى ليبيا، ودعا الكل إلى القيام بدوره بـ«حيادية»، معرباً عن تطلعه إلى «استمرار الجميع في دعم مشروع المصالحة للوصول إلى مصالحة شاملة».

وانتهى «الرئاسي» إلى أن إنجاح مشروع المصالحة «يتطلب تعاون الأطراف كافة لإرساء العدالة، والسلم الأهلي، بعيداً عن خطوات قد تعرقل المسار، وتبدد آمال الليبيين في مستقبل مستقر وموحد».

ومنذ رحيل نظام الرئيس معمر القذافي عام 2011، شهدت ليبيا اشتباكات وخلافات مناطقية، بعضها يرتبط بتصفية حسابات مع النظام السابق، والبعض الآخر كرّسه الانقسام السياسي، الذي عرفته البلاد منذ بداية 2014.

وعقب تسلّم «المجلس الرئاسي» السلطة، أطلق في يونيو (حزيران) 2022، ما يسمى «الرؤية الاستراتيجية لمشروع المصالحة الوطنية»، بقصد إنهاء الخلافات والعداوات المتراكمة منذ رحيل القذافي.

وخلال العامين الماضيين، احتضنت مدن ليبية كثيرة اجتماعات اللجنة التحضيرية لمؤتمر المصالحة، التي رعاها «المجلس الرئاسي». وظلت المساعي تُبذل على أمل عقد «مؤتمر وطني جامع للمصالحة» بمدينة سرت في 28 أبريل (نيسان) الماضي، لكنها تعثرت بعد تفاقم الخلافات.

وينظر إلى رد المجلس الرئاسي على البرلمان على أنه «تصعيد جديد قد يزيد من تعقيد العملية السياسية»، ويعمّق الانقسام والخلاف بين جبهتي شرق ليبيا وغربها، الأمر الذي يلقي بظلاله على أي حوار قد تقوده البعثة الأممية.

سيف الإسلام القذافي (الشرق الأوسط)

وكانت أطياف ليبية كثيرة قد شاركت في الاجتماعات التحضيرية لـ«المصالحة الوطنية»، من بينها الفريق الممثل لسيف الإسلام معمر القذافي، قبل أن تنسحب تباعاً لأسباب عدة، من بينها عدم الإفراج عن بعض رموز النظام السابق من السجن، والدفاع عن «نسبة مشاركتهم» في الاجتماعات التحضيرية للمؤتمر.

يأتي ذلك، فيما لا تزال حكومة «الوحدة الوطنية» المؤقتة، برئاسة عبد الحميد الدبيبة، تدفع عن نفسها تهمة التطبيع مع إسرائيل، إثر كشف وزيرة خارجيتها المقالة نجلاء المنقوش تفاصيل لقائها بنظيرها الإسرائيلي إيلي كوهين.

وقال الطاهر الباعور، المكلف تسيير وزارة الخارجية بـ«الوحدة»، إنه «لا توجد أي روابط بين حكومته والكيان الصهيوني»، مضيفاً أن ليبيا «لا تعترف بهذا الكيان، ولا يوجد أي سبب ليكون للحكومة علاقات معه».

وزيرة الخارجية المقالة نجلاء المنقوش (أ.ب)

ونقلت وزارة الخارجية جانباً من تصريح الباعور، الذي تطرق فيه لموقف حكومته من القضية الفلسطينية، بوصفها «قضية مركزية» لكل الليبيين. وعبّر في معرض حديثه عن التطورات السورية، عن أمله بقرب فتح السفارة السورية في طرابلس، مشيراً إلى أن قائماً بأعمال، وطاقماً قنصلياً يمارسون أعمالهم بالفعل في السفارة الليبية في دمشق، وذلك في إطار دعم الحكومة الليبية للحكومة السورية الجديدة.

مديرو مراكز طبية ومستشفيات خلال لقائهم صالح في مكتبه بشرق ليبيا (مكتب صالح)

في شأن مختلف، قال رئيس مجلس النواب المستشار عقيلة صالح، لدى لقائه في مكتبه بالقبة عدداً من مديري المراكز الطبية والمستشفيات بمختلف المدن والمناطق، إنه اطلع على مستجدات العمل في المرافق الصحية في ربوع البلاد، كما استمع إلى المشاكل والعراقيل التي تواجه سير العمل.

ونقل مكتب صالح عنه تأكيده أن مجلسه سيعمل على حلحلة المشاكل كافة، عبر رئاسة الوزراء التي بدورها ستوفر الإمكانيات كافة لوزارة الصحة، بما يكفل تقديم أفضل الخدمات الصحية للمواطن.