ليبيا تترقب «حكومة جديدة»... أو تفعيل «خريطة» خوري

وسط تخوفات من صِدام بين البعثة الأممية ومجلسي النواب والدولة

صالح مستقبلاً خوري في لقاء سابق بمكتبه (مكتب رئيس مجلس النواب الليبي)
صالح مستقبلاً خوري في لقاء سابق بمكتبه (مكتب رئيس مجلس النواب الليبي)
TT

ليبيا تترقب «حكومة جديدة»... أو تفعيل «خريطة» خوري

صالح مستقبلاً خوري في لقاء سابق بمكتبه (مكتب رئيس مجلس النواب الليبي)
صالح مستقبلاً خوري في لقاء سابق بمكتبه (مكتب رئيس مجلس النواب الليبي)

مع بداية عامهم الجديد، يأمل جل الليبيين أن تتحرك مياه أزمتهم السياسية الراكدة، منذ الفشل في إجراء الانتخابات العامة قبل ثلاثة أعوام، وسط ترقب لمساعٍ أممية، وجهود نيابية للإعلان عن «خطوة جديدة»، قد تعيد ترتيب أوراق العملية السياسية، أو «خلطها»، بحسب متابعين.

ويسرّع مجلسا «النواب» و«الأعلى للدولة» في ليبيا خطوات تشكيل «الحكومة الموحدة الجديدة»، في ظل ترتيبات لعقد اجتماع قريب في مدينة القبة (شرق)، بهدف بحث آخر المستجدات المتعلقة بشكل هذه الحكومة المنتظرة.

وفي مقابل هذه الخطوة من البرلمان وعدد من أعضاء «الأعلى للدولة»، تتوقع مصادر سياسية ليبية إقدام ستيفاني خوري، نائبة الممثل الخاص للأمين العام للشؤون السياسية، القائمة بأعمال رئيس بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، على تفعيل «الخريطة» الأممية خلال الشهر الحالي، بما يضمن تحريك العملية السياسية، التي تحدثت عنها في إحاطتها الأخيرة أمام مجلس الأمن الدولي.

من جلسة سابقة لمجلس النواب في 23 ديسمبر 2024 (المتحدث باسم مجلس النواب)

وفي حين يأمل الليبيون في بدء «خطوة جديدة» تعيد ترتيب العملية السياسية، وتدفع بها إلى مسار الحوار والتفاوض، مما يعجّل بإجراء الاستحقاقات الرئاسية والنيابية المرتقبة، يتخوف بعضهم من «صِدام بين البعثة الأممية ومجلسي (النواب) و(الدولة)»، مما قد يخلط الأوراق ويزيد العملية السياسية جموداً.

وسبق أن أطلقت المبعوثة الأممية بالإنابة «خريطة طريق» أمام مجلس الأمن، تتضمن تشكيل لجنة فنية من الخبراء الليبيين، بهدف حل القضايا الخلافية، ووضع خطة جديدة لإجراء الانتخابات العامة المؤجلة، منذ نهاية ديسمبر (كانون الأول) 2021.

ويناط بهذه اللجنة معالجة النقاط المختلف بشأنها في قوانين الانتخابات، إلى جانب دراسة خيارات لتحقيق توافق سياسي، يضمن إجراء الانتخابات في ليبيا خلال أقرب وقت ممكن.

وفي أكثر من لقاء شدد عقيلة صالح، رئيس مجلس النواب، على أن مجلسه «يؤمن بأن الانتخابات هي الحل للأزمة الليبية»، وقال إن الأمور «تسير بخطى ثابتة نحو حكومة جديدة، بالتنسيق مع المجلس الأعلى للدولة»، كما تعهد بـ«اختيار رئيس حكومتها في جلسة برلمانية معلنة».

ويقول سياسي ليبي بغرب ليبيا لـ«الشرق الأوسط»، إن البعثة «تنتظر رؤية نتائج اجتماعات مجلسي (النواب) و(الدولة)؛ لكنها قد تضطر إلى طرح رؤيتها إذا ما وجدت تعثراً، أو تطويلاً في مسارات التفاوض»، محذراً من «وقوع أي تعارض بين الجانبين، لما لذلك من تداعيات على مستقبل العميلة السياسية التي تعاني تكلساً».

جانب من ملتقى علمي لعداد «دليل الصياغة التشريعية» (المتحدث باسم مجلس النواب)

في غضون ذلك، نظم مكتب دعم السياسات البرلمانية والبحوث بديوان مجلس النواب الليبي، ملتقى علمياً، للإعلان عن الانتهاء من إعداد دليل الصياغة التشريعية. وقال عبد الله بليحق، المتحدث باسم مجلس النواب، إن هذا الدليل «اشتغلت عليه لجنة من الباحثين بديوان المجلس، وخبراء دوليون من المؤسسة الدولية للديمقراطية والانتخابات، بحضور نخبة من المستشارين، والقضاة، والأكاديميين، والخبراء القانونيين، الذين أبدوا ملاحظاتهم واقتراحاتهم».

وأضاف بليحق موضحاً أن هذا الدليل يعد «مرجعاً عملياً سيُسهم في مساعدة المجلس ولجانه المختصة في تعزيز جودة الصياغة التشريعية، وتحسين وضوح النصوص القانونية ودقتها».

في شأن مختلف، قالت حكومة «الوحدة الوطنية» المؤقتة، إن رئيسها عبد الحميد الدبيبة ناقش مع عدد من حكماء وأعيان الكفرة، بحضور وزير المواصلات والمستشار المالي لرئيس الوزراء، محمد الشهوبي، ووزير الدولة للاتصال والشؤون السياسية، وليد اللافي، احتياجات المدينة الواقعة بجنوب شرقي البلاد.

الدبيبة ناقش مع عدد من حكماء وأعيان الكفرة احتياجات المدين (الوحدة)

وأوضحت الحكومة أن الاجتماع بحث ملف جامعة الكفرة لدعم التعليم العالي في المنطقة، وتطوير البنية التحتية، ومتابعة تنفيذ المشاريع التنموية المتوقفة، ومناقشة المرحلة الثانية من مشروع طريق بوزريق - الكفرة، الممتد بطول 90 كيلومتراً، عقب إنجاز المرحلة الأولى التي بلغت 35 كيلومتراً.

من جهته، أكد الدبيبة على أهمية دعم مدينة الكفرة وتوفير متطلباتها، مشدداً على التزام الحكومة باستكمال المشاريع الحيوية، التي تعزز التنمية المحلية وتحسن مستوى الخدمات.


مقالات ذات صلة

ليبيا: مطالب بالتحقيق مع الدبيبة والمنقوش بسبب «لقاء كوهين»

شمال افريقيا اجتماع الدبيبة مع سفير تركيا وملحقها العسكري (حكومة الوحدة)

ليبيا: مطالب بالتحقيق مع الدبيبة والمنقوش بسبب «لقاء كوهين»

وصول آليات عسكرية مفاجئة إلى طرابلس وقوات «الوحدة» تعزز مواقعها في الزاوية

خالد محمود (القاهرة )
شمال افريقيا جل الليبيين عبّروا عن مخاوفهم من عودة الاقتتال إلى البلد (أ.ف.ب)

ليبيون يتخوفون من احتمال انهيار «اتفاق وقف النار» بين الحكومتين المتنازعتين

عوامل عديدة دفعت الليبيين خلال الأيام القليلة الماضية للقلق والخوف من احتمالية من عودة الاقتتال بين السلطتين المتنازعتين على السلطة في شرق البلاد وغربها.

جاكلين زاهر (القاهرة )
تحليل إخباري وصول نائب وزير الدفاع الروسي يونس بك يفكيروف إلى مطار بنينا العام الماضي (الجيش الوطني)

تحليل إخباري بعد سقوط الأسد... روسيا تركّز على ليبيا لتحقيق طموحاتها الأفريقية

أدى سقوط بشار الأسد في سوريا إلى عرقلة مشاريع روسيا في أفريقيا، وأرغمها على البحث عن نقطة إسناد بديلة بحوض البحر الأبيض المتوسط، متطلعة في هذا السياق إلى ليبيا.

«الشرق الأوسط» (باريس)
شمال افريقيا من عملية إنقاذ سابقة لمهاجرين غير نظاميين بغرب ليبيا (جهاز مكافحة الهجرة)

تعذيب «مهاجرين» طلباً للفدية يذكّر مجدداً بـ«تجارة الرقيق» في ليبيا

يتداول حقوقيون ليبيون صوراً ومقاطع فيديو تظهر أشخاصاً من ذوي البشرة السمراء يتعرضون للضرب بخراطيم وأعواد خشبية وآخرين على أجسادهم آثار تعذيب.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا طائرة عسكرية روسية تقترب من قاعدة حميميم الجوية على ساحل اللاذقية بسوريا في 14 ديسمبر 2024 (رويترز)

روسيا تركّز على ليبيا لتحقيق طموحاتها بعد سقوط حليفها الأسد

أدى سقوط بشار الأسد في سوريا إلى عرقلة مشاريع روسيا في أفريقيا، وأرغمها على البحث عن نقطة إسناد بديلة في حوض البحر المتوسط، متطلعة في هذا السياق إلى ليبيا.

«الشرق الأوسط» (لندن)

ليبيا: مطالب بالتحقيق مع الدبيبة والمنقوش بسبب «لقاء كوهين»

اجتماع الدبيبة مع سفير تركيا وملحقها العسكري (حكومة الوحدة)
اجتماع الدبيبة مع سفير تركيا وملحقها العسكري (حكومة الوحدة)
TT

ليبيا: مطالب بالتحقيق مع الدبيبة والمنقوش بسبب «لقاء كوهين»

اجتماع الدبيبة مع سفير تركيا وملحقها العسكري (حكومة الوحدة)
اجتماع الدبيبة مع سفير تركيا وملحقها العسكري (حكومة الوحدة)

بينما طالب «المجلس الأعلى للدولة الليبي» بالتحقيق مع رئيس حكومة الوحدة «المؤقتة» عبد الحميد الدبيبة، ووزيرة خارجية «الوحدة» السابقة نجلاء المنقوش، بسبب لقاء وزير الخارجية الإسرائيلي إيلي كوهين، وصلت تعزيزات عسكرية مفاجئة إلى العاصمة الليبية طرابلس، فيما عززت قوات حكومة الوحدة مواقعها في مدينة الزاوية بغرب البلاد.

ودعا خالد المشري، المتنازع على رئاسة مجلس الأعلى للدولة، النائب العام الليبي، الأربعاء، لمحاكمة الدبيبة والمنقوش، وكل المتورطين في تنسيق اجتماعها السري مع كوهين، العام قبل الماضي في إيطاليا، وعرض نتائج التحقيق أمام الشعب الليبي.

سيطرة قوات منطقة الساحل الغربي العسكرية على مصفاة الزاوية النفطية (المنطقة)

واعتبر المشري، في بيان له، أن تصريحات نجلاء المنقوش أخيراً بشأن هذا الاجتماع، واعترافها بأنه تم بناء على طلب من الدبيبة وترتيب منه، وهو ما يُكذب تصريحاته السابقة، التي ادعى فيها الدبيبة أن اللقاء كان عرضياً من دون تنسيقه أو علمه. وندد المشري بتورط الدبيبة وحكومته «في هذه الجريمة، التي يعاقب عليها القانون الليبي، ولا يمكن تبريرها»، على حد قوله.

في غضون ذلك، عززت قوات حكومة «الوحدة» مواقعها في الزاوية. وأعلن لواء المحجوب، التابع لوزارة دفاع حكومة الوحدة، أن قواته التي بدأت بالفعل بالتحرك من مقرها ستصل تباعاً إلى العاصمة قادمة من مدينة مصراتة، مشيراً إلى إرسال 60 سيارة عسكرية، مساء الثلاثاء، من مصراتة إلى العاصمة طرابلس.

وزيرة خارجية «الوحدة» السابقة نجلاء المنقوش (أ.ب)

واعتبرت وسائل إعلام محلية، إعلان الأجهزة الأمنية التابعة للحكومة حالة الطوارئ، ونشر عدد من المدرعات والآليات المدججة بالأسلحة الثقيلة، بما فيها لواء المحجوب، في محيط مقر حكومة الدبيبة بطريق السكة، يستهدفان منع أهالي طرابلس من التظاهر لإسقاط الحكومة، بسبب «التطبيع».

وبحسب تقارير محلية، فقد استنفرت «كتائب تاجوراء» قواتها دعماً لأهالي طرابلس، في محاولة لقطع الطريق أمام الأرتال الموالية للدبيبة، حيث انتشرت آليات مسلحة، وسيارات مصفحة في مداخل تاجوراء.

انتشار ميليشيات مسلحة أمام مقر حكومة الوحدة بطرابلس (لواء المحجوب)

ولم يدل الدبيبة بتصريحات حول هذه التطورات، لكنه أكد خلال لقائه مساء الثلاثاء مع سفير تركيا، غوفين بيجيتش، وملحقها العسكري الجديد، أهمية الاستمرار في توسيع أفق التعاون الثنائي، بما يخدم الأهداف المشتركة للبلدين، مبرزاً أن الاجتماع ناقش سبل تعزيز التعاون في مختلف المجالات، وخاصة الاقتصادية والسياسية والعسكرية، بما يخدم المصالح المشتركة، ويعزز الاستقرار في المنطقة. وأكد التزام حكومته بدعم المشاريع الرامية إلى حماية الموروث الثقافي الليبي، وتطوير البنية التحتية للمواقع الأثرية والمتاحف، بما يعزز قطاع السياحة الثقافية، ويسهم في إبراز تاريخ ليبيا.

اجتماع اللافي مع قوات حكومة الوحدة بالزاوية (المجلس الرئاسي)

وبالتزامن مع هذه التطورات، بثت منطقة الساحل الغربي العسكرية، التابعة لحكومة الوحدة، الأربعاء، لقطات مصورة، أظهرت مباشرة قواتها تأمين مصفاة الزاوية النفطية، ووجودها في محيط ومداخل المصفاة، لضمان سير العمل بصورة اعتيادية.

وقدم صلاح النمروش، آمر المنطقة، رفقة عدد من ضباطها ومدير مديرية أمن الزاوية، إحاطة، مساء الثلاثاء، لعضو المجلس الرئاسي، عبد الله اللافي، بصفته القائد الأعلى للجيش الليبي، لاطلاعه على سير العمليات العسكرية، وخطة التعاون الأمنية في مدينة الزاوية.

وأكد النمروش مواصلة المنطقة عملياتها تنفيذاً للتعليمات، وتقديم كل الدعم العسكري اللازم لتأمين وإسناد الجهات الأمنية في المدينة، لمحاربة الجريمة وملاحقة المطلوبين للعدالة، بهدف فرض استتباب الأمن في أنحاء الزاوية كافة، وضمان حماية الممتلكات العامة والخاصة، وحفظ الأمن والاستقرار.

ونقل النمروش عن اللافي دعمه للمنطقة في مواصلة عملياتها لإعادة الطمأنينة والأمن بصفتهما أولوية قصوى وهدفاً رئيسياً في مناطق ومدن الساحل الغربي كافة.

وكان النمروش قد أمر قواته، التي سيطرت على مصفاة الزاوية النفطية، بحفظ الأمن في مدخل ومحيط المصفاة، وضمان توفير الظروف الملائمة كافة للحفاظ على سير العمل والإنتاج، مؤكداً أن دور المنطقة يرتبط بضمان تهيئة ظروف وبيئة محيطة آمنة، تسهم في تعزيز كفاءة عمل المصفاة بكامل استقلاليتها. وأوضح أنه بحث في اجتماع مع مسؤولي المصفاة ومشغليها تأمين عمل المصفاة والعاملين، ودور المنطقة العسكرية في حماية المنشأة الحيوية، بما يتناسب مع شروط الأمن والسلامة المتبعة.

مجلس النواب أقر بالأغلبية مشروع قانون المصالحة الوطنية (المجلس)

من جهة أخرى، أقر مجلس النواب الليبي، بالأغلبية مشروع قانون المصالحة الوطنية، بعد استيفاء مناقشة ومداولة مواده، كما صوت المجلس بالأغلبية في جلسته الرسمية، مساء الثلاثاء، بمقره في مدينة بنغازي، برئاسة عقيلة صالح، على تعديل نص إحدى مواد قانون صدر عام 2010 لضمان عدم سقوط حق الدولة في المطالبة بما هو مستحق لها.