ليبيا: الخصوم السياسيون يستدعون «أذرعهم الشعبية» لتعزيز مواقفهم

حفتر لتأمين الحقول النفطية والقطاعات الدفاعية في الجنوب

مشاركون في ملتقى الأعيان برعاية المجلس الرئاسي الليبي (المجلس)
مشاركون في ملتقى الأعيان برعاية المجلس الرئاسي الليبي (المجلس)
TT

ليبيا: الخصوم السياسيون يستدعون «أذرعهم الشعبية» لتعزيز مواقفهم

مشاركون في ملتقى الأعيان برعاية المجلس الرئاسي الليبي (المجلس)
مشاركون في ملتقى الأعيان برعاية المجلس الرئاسي الليبي (المجلس)

أصبح الانقسام السياسي في ليبيا سبب استدعاء الأفرقاء السياسيين للموالين لهم في مناطق سيطرتهم بشرق البلاد وغربها، قصد كسب الدعم لملفات مهمة يعملون عليها، وعلى رأسها «المصالحة الوطنية»، وملف تشكيل «الحكومة الجديدة الموحدة» المرتقبة.

أهمية الأذرع الشعبية

منذ تصاعد الانقسام الحكومي والسياسي في ليبيا، بدأ الماسكون بزمام السلطة يلجأون إلى «أذرعتهم الشعبية»، الممثلة في القبائل المقربة منهم؛ لبحث قضايا عالقة، وهذا ما تجلى خلال «ملتقى الأعيان والمشايخ والحكماء»، الذي رعاه المجلس الرئاسي.

وتطرق الملتقى، الذي عقد في العاصمة طرابلس، مساء الأربعاء، إلى قضايا سياسية، ونقاط خلافية بين جبهتي غرب ليبيا وشرقها، وخلص في بيانه الختامي إلى أن «ملف المصالحة الوطنية، والإشراف على الانتخابات، وصفة القائد الأعلى للجيش الليبي، هي من اختصاص المجلس الرئاسي»، مستنداً إلى ما سبق أن تم الاتفاق عليه في مؤتمر جنيف سنة 2021.

عدد من المشاركين في ملتقى الأعيان والمشايخ والحكماء بطرابلس (المجلس الرئاسي الليبي)

وسبق أن صوّت مجلس النواب في شرق البلاد بالإجماع على أن «القائد الأعلى للجيش هو عقيلة صالح، رئيس مجلس النواب»، مستنداً في ذلك هو الآخر إلى الإعلان الدستوري، وقرار للمجلس بهذا الشأن.

كما بحث الملتقى قضايا عالقة، مشدداً على مسار «المصالحة الوطنية»، و«عدم تجاوز قانون العدالة الانتقالية لسنة 2013»، الصادر عن المؤتمر الوطني العام، وتنفيذه لتحقيق السلم الاجتماعي.

ويعد هذان الملفان من القضايا، التي يقول مجلس النواب إنه يضطلع بها، وقطع فيها شوطاً كبيراً، وهذا ما يقوي الصراع بين الجبهتين، ويدفعهما إلى تعزيز موقفهما من خلال «أذرعهما الشعبية»، وفق متابعين ومحللين.

وعدّ رئيس حزب «صوت الشعب»، فتحي الشبلي، استدعاء هذه القبائل من قبل القوى السياسية بأنه «استعراض» من وصفهم بـ«الأخوة الأعداء»، بأنهم يدعمونهم على طول الخط، «لكننا لا نعتقد ذلك لأن القبيلة وتأثيرها في ليبيا أصبحا معدومَين، وشيوخ القبائل في ليبيا لم تعد لهم كلمة على قبائلهم»، وأرجع ذلك إلى «انتشار السلاح في يد فئة الشباب».

وطالب «ملتقى الأعيان والمشايخ والحكماء» بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، ومجلس الأمن الدولي، والاتحاد الأفريقي، بـ«الوقوف مع المجلس الرئاسي ودعمه»، بهدف تحقيق المصالحة الوطنية المنشودة، محملاً من في السلطة «مسؤولية القيام بواجباته، تجاه الوطن والمواطن».

مجلس النواب أكد أنه يعتزم إصدار قانون العدالة الانتقالية والمصالحة الوطنية (المجلس)

وفي نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، قال مجلس النواب، إنه يعتزم إصدار قانون العدالة الانتقالية، والمصالحة الوطنية خلال الأيام المقبلة، وهو الأمر الذي أكده صالح خلال لقائه بمجموعة من المشايخ والأعيان والحكماء، مشيراً إلى أن هذا القانون، الذي يأتي بعد سلسلة من الحوارات والنقاشات بين المكونات الاجتماعية والخبراء والمستشارين القانونيين، «يهدف إلى بناء الدولة، وتوحيد المجتمع الليبي وتقوية نسيجه الاجتماعي».

سلوك شائع

يعد استدعاء ما يوصف بـ«الأذرع الشعبية» من قبل ساسة ليبيا سلوكاً شائعاً؛ فقد سبق أن طالب عبد الحميد الدبيبة، رئيس حكومة «الوحدة الوطنية» المؤقتة، المواطنين بالخروج للتظاهر؛ اعتراضاً على سحب البرلمان الثقة من حكومته، وقال لهم: «اخرجوا وعبِّروا عن آرائكم ولا تخشوا إلا الله».

وعادة ما يلتقي الدبيبة بأعيان ومشايخ ورؤساء أحزاب بغرب ليبيا، وينتهي اللقاء بهم بدعم قضايا متنازع عليها مع جبهة الشرق، من بينها الاستفتاء على الدستور، بوصفه القضية التي يراهن عليها الدبيبة لحشد الشارع في مواجهة البرلمان.

وبالمثل، يلتقي رئيس مجلس النواب والقائد العام لـ«الجيش الوطني»، المشير خليفة حفتر، بوفود مشايخ وأعيان من شرق ليبيا، كما تتمدد اللقاءات لتشمل وفوداً من غرب ليبيا، كنوع من المناكفات السياسية، كما حدث خلال اجتماع صالح بوجهاء والمجلس الاجتماعي لسوق الجمعة، والنواحي الأربع بغرب ليبيا.

وفي اللقاء الذي تم في نهاية ديسمبر (كانون الأول) الماضي، نقل مكتب صالح أنه ناقش مع وفد سوق الجمعة والنواحي الأربع، «ضرورة تشكيل حكومة موحدة جديدة»، وإشادة الوفد بـ«الدور الوطني المشرف، الذي يقوم به صالح من أجل تحقيق دولة المؤسسات والقانون».

بدء خطة لتأمين الحقول النفطية (رئاسة أركان القوات البرية بالجيش الوطني الليبي)

في غضون ذلك، تعمل شعبة المخابرة برئاسة أركان القوات البرية التابعة لـ«الجيش الوطني»، على تأمين الاتصال بالحقول النفطية التابعة لحرس المنشآت النفطية في جنوب ليبيا. وتحدث رئيس أركان القوات البرية، الفريق ركن صدام حفتر، اليوم الخميس، عن «وضع خطة متكاملة تهدف إلى تعزيز الأمن والاستقرار في المناطق الحيوية، خاصة تلك المتعلقة بالموارد النفطية».

الإعلان عن بدء خطة لتأمين الحقول النفطية (رئاسة أركان القوات البرية بالجيش الوطني الليبي)

وأضافت رئاسة أركان القوات البرية أنه «تم تأمين جميع القطاعات الدفاعية التابعة لمنطقة سبها العسكرية، ما يعكس الجهود المبذولة لضمان سلامة هذه المناطق»، مشيرة إلى أنه «تم ربط جميع المناطق العسكرية بغرفة القيادة والسيطرة التابعة للرئاسة؛ مما يسهل التنسيق والاتصال بين الوحدات المختلفة، ويعزز فاعلية العمليات العسكرية».

ويأتي هذا التحرك على خلفية سيطرة قوات الجيش على معسكر (تيندي) بمدينة أوباري (جنوب غرب)، التابع للمجلس الرئاسي، والاستيلاء على جميع العتاد الموجود به، ما أعاد حالة التوتر بين الجانبين، وسط اتهامات بخرق «اتفاقية وقف إطلاق النار».


مقالات ذات صلة

بعد سقوط الأسد... روسيا تركّز على ليبيا لتحقيق طموحاتها الأفريقية

تحليل إخباري وصول نائب وزير الدفاع الروسي يونس بك يفكيروف إلى مطار بنينا العام الماضي (الجيش الوطني)

بعد سقوط الأسد... روسيا تركّز على ليبيا لتحقيق طموحاتها الأفريقية

أدى سقوط بشار الأسد في سوريا إلى عرقلة مشاريع روسيا في أفريقيا، وأرغمها على البحث عن نقطة إسناد بديلة بحوض البحر الأبيض المتوسط، متطلعة في هذا السياق إلى ليبيا.

«الشرق الأوسط» (باريس)
شمال افريقيا من عملية إنقاذ سابقة لمهاجرين غير نظاميين بغرب ليبيا (جهاز مكافحة الهجرة)

تعذيب «مهاجرين» طلباً للفدية يذكّر مجدداً بـ«تجارة الرقيق» في ليبيا

يتداول حقوقيون ليبيون صوراً ومقاطع فيديو تظهر أشخاصاً من ذوي البشرة السمراء يتعرضون للضرب بخراطيم وأعواد خشبية وآخرين على أجسادهم آثار تعذيب.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا طائرة عسكرية روسية تقترب من قاعدة حميميم الجوية على ساحل اللاذقية بسوريا في 14 ديسمبر 2024 (رويترز)

روسيا تركّز على ليبيا لتحقيق طموحاتها بعد سقوط حليفها الأسد

أدى سقوط بشار الأسد في سوريا إلى عرقلة مشاريع روسيا في أفريقيا، وأرغمها على البحث عن نقطة إسناد بديلة في حوض البحر المتوسط، متطلعة في هذا السياق إلى ليبيا.

«الشرق الأوسط» (لندن)
شمال افريقيا جانب من الاحتجاجات التي شهدتها العاصمة طرابلس (الشرق الأوسط)

ليبيون يطالبون بعزل الدبيبة... و«الوحدة» تنفي «حالة الطوارئ»

شهدت طرابلس احتجاجات واسعة مساء الاثنين للمطالبة برحيل الحكومة، بعد ساعات من بث نجلاء المنقوش، تفاصيل اجتماعها السري مع نظيرها الإسرائيلي إيلي كوهين.

خالد محمود (القاهرة)
شمال افريقيا المنقوش في لقائها مع «منصة 360» التابعة لقناة «الجزيرة» القطرية

المنقوش: لقاء كوهين كان بتنسيق بين إسرائيل وحكومة الدبيبة

في أول ظهور إعلامي لوزيرة الخارجية المقالة بحكومة «الوحدة» الليبية، نجلاء المنقوش، قالت إن اللقاء الذي جمعها بنظيرها الإسرائيلي كوهين كان بتخطيط من «الوحدة».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

«الداخلية المصرية» تتهم «الإخوان» بترويج شائعات عن «قتل مواطنين بالصعيد»

محاكمة سابقة لمتهمين من «الإخوان» في «أحداث عنف» بمصر (أ.ف.ب)
محاكمة سابقة لمتهمين من «الإخوان» في «أحداث عنف» بمصر (أ.ف.ب)
TT

«الداخلية المصرية» تتهم «الإخوان» بترويج شائعات عن «قتل مواطنين بالصعيد»

محاكمة سابقة لمتهمين من «الإخوان» في «أحداث عنف» بمصر (أ.ف.ب)
محاكمة سابقة لمتهمين من «الإخوان» في «أحداث عنف» بمصر (أ.ف.ب)

نفت وزارة الداخلية المصرية، الثلاثاء، صحة مقطع فيديو جرى تداوله على مواقع التواصل الاجتماعي، ويزعم خلاله شخص أن «قوات الشرطة تقتل مواطنين في الصعيد» (جنوب مصر).

وذكر بيان «الداخلية المصرية»، أن «مصدراً أمنياً» نفى صحة ما ورد بمقطع فيديو تم تداوله عبر المنصات الإعلامية التابعة لـ«الإخوان» الإرهابية بمواقع التواصل الاجتماعي، والمتضمن ادعاء أحد الأشخاص بقيام رجال الشرطة بقتل المواطنين في الصعيد.

وأكد البيان أنه «بالفحص أمكن تحديد وضبط الشخص الظاهر بمقطع الفيديو (عنصر إجرامي - سبق اتهامه في 37 قضية ما بين سرقة، وسُكر في الطريق العام، وتحرش، وضرب، وتبديد)».

وقال إن هذا الشخص «نشر تلك الادعاءات (على خلاف الحقيقة) لغل يد الأجهزة الأمنية عن اتخاذ الإجراءات القانونية حيال ذوي الأنشطة الجنائية، وتم اتخاذ الإجراءات القانونية حياله لادعائه الكاذب».

وانتقد «تداول الجماعة الإرهابية لمثل تلك المقاطع»، عادّاً أنه يأتي «في إطار مخططاتها الآثمة لتزييف الحقائق ونشر الأكاذيب؛ لمحاولة إثارة البلبلة، بعد أن فقدت مصداقيتها»، حسب البيان.

وعادة ما تتهم السلطات المصرية «الإخوان» بـ«نشر أكاذيب حول السجون والأوضاع المعيشية». وتنفي «الداخلية» باستمرار «مزاعم» تتداولها صفحات موالية للجماعة، وتقول الوزارة إنها «تأتي في إطار حملة الادعاءات الكاذبة التي ينتهجها (الإخوان) بهدف تضليل الرأي العام المصري، بعد أن فقدت الجماعة مصداقيتها».

وتحظر السلطات المصرية «الإخوان» منذ عام 2014، ويخضع قادة وأنصار الجماعة حالياً، وعلى رأسهم المرشد العام محمد بديع، لمحاكمات في قضايا يتعلق معظمها بـ«التحريض على العنف»، صدرت في بعضها أحكام بالإعدام، والسجن «المشدد والمؤبد».

وسبق أن وجّه رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، جميع المسؤولين بالرد على ما يتردد على منصات التواصل الاجتماعي، مؤكداً أن «هذا الأمر يدخل في صميم دور الحكومة؛ حتى لا نترك المجال لبعض الأخبار غير الصحيحة للانتشار»، مشدداً على «أهمية مواصلة جهود توضيح الحقائق ودحض الإشاعات».

وتحدث تقرير للمركز الإعلامي لـ«مجلس الوزراء المصري» في فبراير (شباط) الماضي، عن ازدياد معدلات انتشار الإشاعات خلال السنوات الأخيرة، ووفق التقرير «بلغت نسبة الإشاعات عام 2023 نحو 18.8 في المائة، وفي 2022 نحو 16.7 في المائة، وفي 2021 نحو 15.2 في المائة».