استعدادات مبكرة للانتخابات البرلمانية في مصر

«الجبهة الوطنية» يعلن عزمه تشكيل «أكبر تحالف سياسي حزبي»

الإعلان التأسيسي لحزب الجبهة الوطنية في مصر (الشرق الأوسط)
الإعلان التأسيسي لحزب الجبهة الوطنية في مصر (الشرق الأوسط)
TT

استعدادات مبكرة للانتخابات البرلمانية في مصر

الإعلان التأسيسي لحزب الجبهة الوطنية في مصر (الشرق الأوسط)
الإعلان التأسيسي لحزب الجبهة الوطنية في مصر (الشرق الأوسط)

قبل نحو عام من إجراء الانتخابات البرلمانية في مصر، يسعى سياسيون مصريون، بينهم مسؤولون سابقون، إلى الاستعداد مبكراً لخوض المنافسة، عبر تشكيل «تحالف سياسي»، وُصف بأنه «الأكبر»، ويضم مجموعة من الأحزاب.

ومن المقرر إجراء انتخابات مجلس النواب المصري نهاية عام 2025، قبل 60 يوماً من انتهاء مدة المجلس الحالي في يناير (كانون الثاني) 2026؛ تطبيقاً لنص المادة 106 من الدستور.

ومساء الاثنين، أعلن سياسيون مصريون، بينهم مسؤولون سابقون، وبرلمانيون، ورجال أعمال ونقابيون، وإعلاميون، وشخصيات عامة من مجالات متنوعة، عزمهم على تأسيس حزب «الجبهة الوطنية»، ليضاف إلى 87 حزباً تم إشهارها في مصر، وفق «الهيئة العامة للاستعلامات»، منها 14 حزباً ممثلاً في البرلمان الحالي.

وضمت قائمة مؤسسي الحزب الجديد نحو 54 شخصاً، على رأسهم رئيس الهيئة العامة للاستعلامات ضياء رشوان، وسحر نصر وزيرة الاستثمار الأسبق، وعلي عبد العال رئيس البرلمان السابق، وطاهر أبو زيد وزير الرياضة الأسبق، ومدحت العدل رئيس جمعية المؤلفين.

وأعلن مؤسسو الحزب «اعتزامهم تشكيل أكبر تحالف سياسي حزبي» لخوض الانتخابات البرلمانية المقبلة، في خطوة قوبلت بردود فعل سياسية وحزبية متباينة، وسط ترقب لحسم صيغة النظام الانتخابي الجديد، في ظل توجه بتعديل قوانين الانتخابات.

وقال وزير الإسكان السابق ووكيل مؤسسي الحزب الجديد، عاصم الجزار، إن «الجبهة الوطنية لا يسعى لتحقيق الأغلبية البرلمانية، بل سيخوض الانتخابات بأكبر تحالف سياسي وطني مع الأحزاب القائمة».

وأشار خلال إعلانه البيان التأسيسي للحزب، إلى أن «الهدف لم الشمل، في فترة لا تحتمل التشتت، وفي ظل ظروف إقليمية غاية في التعقيد».

مؤتمر تدشين حزب الجبهة الوطنية في مصر (الشرق الأوسط)

وتعهد الجزار بأن «يعمل الحزب الجديد مع كل التيارات السياسية والفكرية»، و«يستهدف إعداد كوادر تنفيذية وسياسية ونيابية تجمع بين الكفاءة والقدرة على الانخراط في المجتمع والمشاركة الشعبية».

وشاركت عدة أحزاب في مؤتمر تدشين حزب «الجبهة الوطنية» الجديد، بينها أحزاب الأغلبية البرلمانية، مثل حزب «مستقبل وطن» و«الشعب الجمهوري»، إلى جانب حزب «النور» السلفي.

وبموجب المادة الثالثة من قانون مجلس النواب، فإن الانتخابات تُجرى بواقع 284 مقعداً بالنظام الفردي، و284 مقعداً بنظام القوائم المغلقة المطلقة، مع أحقية الأحزاب والمستقلين في الترشح بكليهما معاً. وهو القانون الذي يشهد مطالبات بتعديله، وجرت بالفعل مناقشة عدد من المقترحات بشأنه في جلسات «الحوار الوطني».

و«تضمن التحالفات السياسية تحقيق نتائج إيجابية في الانتخابات»، وفق نائب رئيس حزب «المؤتمر» المصري مجدي مرشد، الذي رحب بمبادرة «الجبهة الوطنية»، لتشكيل تحالف سياسي كبير لخوض الانتخابات المقبلة، مشيراً إلى أن «الاقتراع وفق نظام القائمة النسبية، يتطلب تحالفات واسعة، كي يمكن تغطية الدوائر الانتخابية».

ويعتقد مرشد، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أن «تشكيل هذا التحالف سيدعم فرص الأحزاب القائمة في الانتخابات المقبلة»، كما رجح ظهور تحالفات أخرى، لكنه أشار إلى أن «حزب المؤتمر يترقب الصيغة النهائية للنظام الانتخابي، ما إذا كان بالنظام الحالي، أو تعديل القانون».

وفي أغسطس (آب) الماضي، قدم «الحوار الوطني»، الذي يضم شخصيات عامة وحزبية، توصيات إلى الرئيس عبد الفتاح السيسي، تضمنت 3 مقترحات للنظام الانتخابي، وهي الإبقاء على الوضع الحالي، أو إقرار نظام القائمة النسبية بنسبة 100 في المائة، في 15 دائرة انتخابية، على ألا يقل عدد مقاعد كل دائرة عن 40 مقعداً، بينما دعا المقترح الثالث لتطبيق نظام مختلط، يجمع بين القوائم المغلقة والمطلقة، والقوائم النسبية، والنظام الفردي، بنسب متباينة.

وليس «الجبهة الوطنية» فقط، بل إن أحزاباً وقوى سياسية أخرى بدأت مشاورات لتشكيل تحالفات انتخابية، وفق رئيس حزب «الشعب الديمقراطي» خالد فؤاد، الذي أشار إلى أن «التحالفات ستكون الركيزة الأساسية التي ستخوض بها الأحزاب انتخابات مجلسي النواب والشيوخ والمجالس المحلية».

ويرى فؤاد، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أن «ترتيبات التحالفات كان من الأفضل الإعداد لها قبل أشهر، حتى يمكن تفعيل أدوار القواعد الحزبية، في مختلف المحافظات»، مشيراً إلى أن «الأحزاب الصغيرة، تسعى لضمان تمثيلها برلمانياً، من خلال تحالفها مع أحزاب كبيرة لديها قدرات تنظيمية ومالية».

وفي اعتقاد المتحدث باسم حزب «التجمع» (اليساري)، عبد الناصر قنديل، فإن «مبادرة حزب الجبهة الوطنية، تقلل من مخاوف الهيمنة على مقاعد البرلمان المقبل»، وقال إن «فكرة التحالف، تتيح التمثيل الواسع للأحزاب المختلفة، وتضمن لكل تيار سياسي الاحتفاظ باستقلاله داخل البرلمان».

ويرى قنديل في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أن «الانتخابات المقبلة، تواجه بعض التحديات القانونية، أهمها تعديل الهيئة الوطنية للانتخابات، لتنفيذ توصية الحوار الوطني، الخاصة بإقرار الإشراف القضائي»، إلى جانب «حسم صيغة النظام الانتخابي، استجابة لتوصيات الحوار الوطني»، مشيراً إلى أن «كثيراً من الأحزاب ينتظر الترتيبات القانونية لعملية الاقتراع».

وفي المقابل، يرى أستاذ العلوم السياسية في جامعة القاهرة، الدكتور مصطفى كامل السيد، أن «مبادرة حزب الجبهة الوطنية، ستؤثر على فرص المعارضة الحقيقية في الانتخابات المقبلة»، وقال إن «تشكيل تحالف حزبي واسع، لن يحقق التنوع المطلوب، كما يقلل من فرص ظهور أي تحالفات انتخابية أخرى في ظل اعتماد النظام الانتخابي القائم».

ويتوقع السيد، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أن «يمثل تحالف الجبهة الوطنية، السلطة في مصر»، ودلل بأن «غالبية مؤسسيه، شخصيات لها علاقات بالنظام الحالي، خصوصاً المسؤولين السابقين»، ورجح «عدم مشاركة تيار الحركة المدنية الذي يمثل المعارضة، في هذا التحالف».


مقالات ذات صلة

«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

العالم العربي مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)

«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

ما زال حزب «الجبهة الوطنية» المصري الجديد يثير انتقادات وتساؤلات بشأن برنامجه وأهدافه وطبيعة دوره السياسي في المرحلة المقبلة.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
العالم العربي مناقشات لجنة الصحة بالبرلمان المصري لمشروع قانون المسؤولية الطبية (وزارة الصحة المصرية)

مصر: «انفراجة» في أزمة قانون «المسؤولية الطبية»

في انفراجة لأزمة مشروع قانون «المسؤولية الطبية» بمصر، أرجأت نقابة الأطباء المصرية جمعية عمومية طارئة دعت إليها (الجمعة)، عقب تبني لجنة «الصحة» تعديلات جديدة.

أحمد إمبابي (القاهرة)
العالم العربي وزير المالية المصري خلال الجلسة العامة لمجلس النواب (مجلس النواب المصري)

الحكومة المصرية ترفض اتهامات بتوسيع الاقتراض الخارجي

رفضت الحكومة المصرية اتهامات برلمانية وحزبية وُجّهت لها بتوسيع الاقتراض الخارجي، معلنةً انخفاض الدين الخارجي للعام المالي الحالي.

محمد عجم (القاهرة)
شمال افريقيا سودانية مع أطفالها تتقدم بطلب لجوء في مركز تسجيل مفوضية اللاجئين بمصر (المفوضية)

مشروع قانون مصري يمنح الأجانب دعماً نقدياً وعينياً

أعاد مشروع قانون الضمان الاجتماعي الذي يناقشه مجلس النواب المصري (البرلمان) حالياً الحديث بشأن «حقوق الأجانب» المقيمين في البلاد.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
العالم العربي مجلس النواب المصري خلال مناقشة قانون الضمان الاجتماعي الجديد (وزارة الشؤون النيابية)

مشروع قانون مصري يوسّع مظلة المستفيدين من «الدعم النقدي»

عقب «موافقة مبدئية»، يواصل مجلس النواب المصري، مناقشة مشروع قانون «الضمان الاجتماعي والدعم النقدي»، الذي قدمته الحكومة، بهدف «توسيع مظلة الدعم النقدي.

أحمد إمبابي (القاهرة)

أزمة بيع مواد الإغاثة تتفاقم في السودان... وتبرؤ حكومي

أطفال يحملون حزماً من المساعدات الإنسانية في مدرسة للنازحين بمدينة القضارف شرق السودان (أ.ف.ب)
أطفال يحملون حزماً من المساعدات الإنسانية في مدرسة للنازحين بمدينة القضارف شرق السودان (أ.ف.ب)
TT

أزمة بيع مواد الإغاثة تتفاقم في السودان... وتبرؤ حكومي

أطفال يحملون حزماً من المساعدات الإنسانية في مدرسة للنازحين بمدينة القضارف شرق السودان (أ.ف.ب)
أطفال يحملون حزماً من المساعدات الإنسانية في مدرسة للنازحين بمدينة القضارف شرق السودان (أ.ف.ب)

تبرَّأت «مفوضية العون الإنساني» التابعة للحكومة السودانية، من بيع المواد الإغاثية في الأسواق، مؤكدةً أنه «لا يوجد تسريب للمساعدات الإنسانية (من جهتها)، وأن تصرفات بعض المواطنين لا يمكن أن تُحسب عليها»

وتفاقمت أزمة بيع المواد الإغاثية في الأسواق خلال الفترة الماضية، وأفاد سودانيون بأنهم شاهدوا في عدد من الولايات مواد غذائية مخصصة للمساعدات معروضة للبيع في الأسواق العامة، دون رقابة من السلطات.

لكنَّ مفوضة العون الإنساني، سلوى آدم بنيه، قالت لـ«الشرق الأوسط» إن «بيع مواطن لحصته من الإغاثة في السوق ليست مسؤوليتنا»، مشيرةً إلى أن «بعض المتلقين للمساعدات يضطرون إلى بيعها لشراء معونات أخرى يحتاجون إليها مثل دقيق حبوب الذرة والدخن».

وتَسبب الصراع الدائر بين الجيش و«قوات الدعم السريع» الذي تعدّه الأمم المتحدة من أسوأ الكوارث الإنسانية في التاريخ الحديث، في مقتل ما بين 20 ألفاً و150 ألف شخص، بالإضافة إلى إجبار نحو 11 مليون شخص على النزوح.

لجنة للمراجعة

وكشفت المسؤولة الحكومية عن «تشكيل لجنة مكونة من ممثلي عدد من المؤسسات ذات الصلة لمراجعة مخازن تابعة لبعض المنظمات لمعرفة ما يوجد بها من مواد إغاثة، ولماذا لم يتم توزيعها؟».

وأكدت أن «اللجنة ستقف على تنفيذ المشاريع الخاصة بالمنظمات، وسترفع تقريرها إلى المفوضية في غضون أسبوعين لاتخاذ الإجراءات تجاهها».

وقالت الأمم المتحدة، الاثنين، إن أكثر من 30 مليون شخص، أكثر من نصفهم من الأطفال، يحتاجون إلى المساعدة في السودان بعد عشرين شهراً من الحرب المدمرة.

جانب من مساعدات الإغاثة في السودان (الأمم المتحدة)

ووجهت الأمم المتحدة نداءً لجمع 4.2 مليار دولار لتوفير المساعدات لـ20.9 مليون شخص داخل السودان من إجمالي 30.4 مليون شخص قالت إنهم في حاجة إلى المساعدة فيما سمتها «أزمة إنسانية غير مسبوقة».

وفي سبتمبر (أيلول ) 2023 أصدر مجلس الوزراء قراراً بإقالة مفوض العون الإنساني، نجم الدين موسي، وكان ذلك بعد نشر تقارير إعلامية أشارت إلى «فساد كبير» في ملف الإغاثة.

وتفيد وسائل إعلام محلية سودانية برصد بيع مواد غذائية «بكميات كبيرة» في أسواق ولاية بورتسودان التي تعد العاصمة المؤقتة للبلاد، في حين يشكو ملايين النازحين في مراكز الإيواء بعدد من الولايات من نقص المساعدات.

ورغم وصول آلاف الأطنان من المساعدات الإنسانية بعد أشهر قليلة من اندلاع الحرب في السودان أبريل (نيسان) 2023، فإن مئات الآلاف من النازحين في مراكز الإيواء بالولايات التي تقع تحت سيطرة الجيش السوداني لم يتلقوا المعونات، ويعتمدون على توفير معاشهم من إمكانات ذاتية.

تسريب مُسبق

وقال ناشطون ومتطوعون في مجال العمل الإنساني لـ«الشرق الأوسط» إن «تسريب المساعدات الإنسانية قد يحدث مسبقاً قبل وصولها إلى مراكز الإيواء».

وشرح بعضهم أن «المواد الغذائية لا تصل إلى كل المحتاجين إليها بسبب تسريبها إلى الأسواق»، ورجحوا «تورط مسؤولين» في عملية التسريب تلك، من دون أن يحددوا أسماء.

لكن الناشطين أنفسهم أكدوا كذلك أن «بعض المواطنين يبيعون الفائض عن حاجتهم من المواد الغذائية في الأسواق»، وأفادوا بأنهم رصدوا «بعض تلك المواد في منازل لمواطنين».

لاجئون سودانيون فروا من العنف يتلقون المساعدات بالقرب من الحدود بين السودان وتشاد (رويترز)

وقال نشطاء آخرون في مدينة حلفا الجديدة شرق السودان، أنهم سألوا بعض أصحاب المحال التجارية عن مصدر البضائع (المصنَّفة مساعدات) التي تحصلوا عليها، لكنهم رفضوا الإفصاح عنها.

وفي ديسمبر (كانون الأول) الماضي وصلت أولى المساعدات الإنسانية إلى جنوب العاصمة السودانية الخرطوم، للمرة الأولى بعد 21 شهراً من اندلاع الحرب في البلاد بين الجيش و«قوات الدعم السريع».

وفي حين ترفض الحكومة السودانية الإقرار بحدوث مجاعة في البلاد، يشير أحدث تقرير للتصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي، إلى أن 24 مليون شخص بحاجة إلى مساعدات إنسانية عاجلة.

ومنذ بداية الحرب، توجَّه اتهامات إلى طرفي الحرب بتعطيل المساعدات الإنسانية كجزء من استخدام «سلاح التجويع».