توتر عسكري جنوب ليبيا بعد سيطرة قوات حفتر على معسكر لـ«الرئاسي»

صالح ينفي إصدار تحذير من «حرب وشيكة» في البلاد

اجتماع صدام حفتر مع وفد قبيلة المزاوغة (رئاسة أركان القوات البرية بالجيش الوطني)
اجتماع صدام حفتر مع وفد قبيلة المزاوغة (رئاسة أركان القوات البرية بالجيش الوطني)
TT

توتر عسكري جنوب ليبيا بعد سيطرة قوات حفتر على معسكر لـ«الرئاسي»

اجتماع صدام حفتر مع وفد قبيلة المزاوغة (رئاسة أركان القوات البرية بالجيش الوطني)
اجتماع صدام حفتر مع وفد قبيلة المزاوغة (رئاسة أركان القوات البرية بالجيش الوطني)

سادت في جنوب ليبيا حالة من التوتر العسكري، إثر انتشار تقارير تحدثت عن سيطرة قوات المشير خليفة حفتر على معسكر تابع للمجلس الرئاسي، وفي غضون ذلك نفى رئيس مجلس النواب، عقيلة صالح، تحذيره من «اندلاع حرب» في البلاد.

وكانت مناوشات عسكرية قد جرت في مناطق بالجنوب بين قوات تابعة لـ«الجيش الوطني»، بقيادة حفتر، وأخرى تابعة للمجلس الرئاسي. غير أن المجلس الرئاسي برئاسة محمد المنفي، و«الجيش الوطني»، التزما الصمت حيال تقارير تحدثت عن سيطرة قوات حفتر على معسكر «تيندي» بمنطقة سبها العسكرية التابعة للمجلس الرئاسي في مدينة أوباري (جنوب غرب)، واتهم مصدر بالجيش «المجموعة المسلحة الموجودة في المعسكر بعدم الالتزام باتفاق سابق، بشأن المشاركة في حفظ الأمن في أوباري»، وقال إنها «كانت تخطط لزعزعة أمن الجنوب، رغم تحذيرها مراراً».

وسائل إعلام محلية تحدثت عن اقتحام قوات تابعة لرئاسة أركان القوات البرية التي يترأسها صدام حفتر للمعسكر (أ.ف.ب)

وتحدثت وسائل إعلام محلية عن اقتحام قوات تابعة لرئاسة أركان القوات البرية، التي يترأسها صدام حفتر، للمعسكر، فيما وصف بأنه «خرق واضح للهدنة».

وتجاهل صدام هذه التطورات، لكنه أشاد خلال اجتماعه، مساء الاثنين، في بنغازي بمجلس شيوخ قبيلة المزاوغة، بدورها في دعم «الجهود الرامية لتحقيق المصالحة الوطنية»، مُشيداً بمواقفها المشرفة وإسهاماتها في تعزيز الوحدة.

في شأن مختلف، قال المركز الإعلامي لصالح، في بيان مقتضب، الاثنين، إن الرسالة المنسوبة إليه، والموجهة إلى مجلس الأمن الدولي، والاتحاد الأفريقي، وجامعة الدول العربية، بشأن تصاعد وتيرة التهديد والوعيد، التي يطلقها الخصوم السياسيون، وتخوفه من خرق اتفاق إطلاق النار، الذي رعته الأمم المتحدة عام 2020، «مزورة وغير صحيحة».

صورة وزعها مجلس النواب لاجتماع رئيسه مع رئيس ديوان المحاسبة بالمنطقة الشرقية (مكتب صالح)

في غضون ذلك، وجهت بعثة الأمم المتحدة في بيان مقتضب، الثلاثاء، التهنئة لليبيين بحلول العام الميلادي الجديد، معربة عن أملها في أن يكون «عام تدارك الفرص الضائعة وبداية عهد جديد»، مشيرة إلى مشاركتها الليبيين تطلعاتهم في التوصل لحلول مستدامة، بقيادة وملكية ليبية، «تمهد لإجراء انتخابات حرة ونزيهة، وتعيد توحيد مؤسسات الدولة، وتضع الأسس لمستقبل آمن ومزدهر للجميع».

في شأن مختلف، قال صالح، إنه وجه خلال اجتماعه مع رئيس ديوان المحاسبة، عمر عبد ربه، مساء الاثنين بمدينة القبة، ببذل المزيد من الجهود التي تكفل تطبيق القانون، وحماية الأموال العامة وصونها من العبث والإهدار، ومحاسبة المتسببين فيها.

وبعدما اعتبر أن «الجميع تحت طائلة القانون ولا يعلوه أحد»، أشاد صالح بعمل الديوان لتحقيق أهدافه في حماية الأموال العامة من الاعتداء.

من جانبها، قالت حكومة «الوحدة» الوطنية إن وزيرها للدولة للاتصال والشؤون السياسية، وليد اللافي، ناقش مع نائب السفير الإيطالي، ريكاردو فيلا، تطورات الوضع السياسي المحلي والدولي، وسبل تعزيز التعاون بين البلدين في القضايا ذات الاهتمام المشترك، والجهود المبذولة لتحقيق الاستقرار السياسي، وإنجاز الاستحقاقات الوطنية المرتقبة. كما أكد الطرفان على ضرورة تكثيف الجهود الدولية لدعم المسار السياسي الليبي، بما يحقق تطلعات الشعب الليبي نحو الاستقرار والتنمية.

وبعدما ناقشا أهمية إيجاد آلية فعالة لتوحيد الإنفاق الحكومي، من أجل ضمان تحقيق الشفافية، وإيقاف الإنفاق الموازي الذي يعرقل استقرار المؤسسات الاقتصادية والمالية، أكد المسؤولان على أن توحيد الإنفاق يعد «خطوة أساسية لتعزيز الحوكمة المالية ودعم الاقتصاد الوطني».

إلى ذلك، أصدرت المفوضية الوطنية للانتخابات، الثلاثاء، قرارات بتشكيل مجالس 56 بلدية منتخبة، تتضمن قائمة بأسماء عميد وأعضاء المجلس في كل بلدية من البلديات، بعد انتهاء عملية انتخاب عمداء البلديات التي أجريت خلال اليومين الماضيين بمقرات مكاتب الإدارة الانتخابية للبلديات المستهدفة.

وكانت المفوضية قد أعلنت فوز الزائرة المقطوف بمنصب عميد بلدية زلطن، خلال عملية انتخاب عميد البلدية، التي أجريت بمقر مكتب الإدارة الانتخابية في الساحل الغربي، في سابقة هي الأولى من نوعها في التاريخ الليبي، وفي مسيرة الديمقراطية والانتخابات.

عميدة بلدية زلطن المنتخبة (المفوضية العليا للانتخابات)

واعتبرت المفوضية هذا الفوز تتويجاً لجهود وحدة دعم المرأة بالمفوضية، ومساعيها في توفير أفضل الظروف لمشاركة المرأة في الانتخابات، وتوفير فرص لزيادة مقاعد النساء في المجالس البلدية، وقالت إن الفوز يؤكد قدرات النساء الليبيات على خوض معترك المنافسة السياسية، والفوز وفق أعلى معايير النزاهة والمصداقية.

كما عدت فوز المقطوف «خطوة مهمة نحو تعزيز تمثيل المرأة في المناصب القيادية»، ويؤكد على قدراتها وإمكاناتها، ويعكس إصرار النساء على السعي لتحقيق طموحاتهن والمساهمة الفعالة في بناء الوطن.


مقالات ذات صلة

ليبيا: «الرئاسي» يصعّد ضد «النواب» بشأن «المصالحة الوطنية»

شمال افريقيا المجلس الرئاسي الليبي في لقاء سابق (المجلس الرئاسي)

ليبيا: «الرئاسي» يصعّد ضد «النواب» بشأن «المصالحة الوطنية»

طالب المجلس الرئاسي الليبي البرلمان بتجنب «القرارات الأحادية» التي قال إنها «تقوض الشراكة الوطنية وتؤثر سلباً على أمن واستقرار البلاد».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا اجتماع الدبيبة مع سفير تركيا وملحقها العسكري (حكومة الوحدة)

ليبيا: مطالب بالتحقيق مع الدبيبة والمنقوش بسبب «لقاء كوهين»

وصول آليات عسكرية مفاجئة إلى طرابلس وقوات «الوحدة» تعزز مواقعها في الزاوية

خالد محمود (القاهرة )
شمال افريقيا جل الليبيين عبّروا عن مخاوفهم من عودة الاقتتال إلى البلد (أ.ف.ب)

ليبيون يتخوفون من احتمال انهيار «اتفاق وقف النار» بين الحكومتين المتنازعتين

عوامل عديدة دفعت الليبيين خلال الأيام القليلة الماضية للقلق والخوف من احتمالية من عودة الاقتتال بين السلطتين المتنازعتين على السلطة في شرق البلاد وغربها.

جاكلين زاهر (القاهرة )
تحليل إخباري وصول نائب وزير الدفاع الروسي يونس بك يفكيروف إلى مطار بنينا العام الماضي (الجيش الوطني)

تحليل إخباري بعد سقوط الأسد... روسيا تركّز على ليبيا لتحقيق طموحاتها الأفريقية

أدى سقوط بشار الأسد في سوريا إلى عرقلة مشاريع روسيا في أفريقيا، وأرغمها على البحث عن نقطة إسناد بديلة بحوض البحر الأبيض المتوسط، متطلعة في هذا السياق إلى ليبيا.

«الشرق الأوسط» (باريس)
شمال افريقيا من عملية إنقاذ سابقة لمهاجرين غير نظاميين بغرب ليبيا (جهاز مكافحة الهجرة)

تعذيب «مهاجرين» طلباً للفدية يذكّر مجدداً بـ«تجارة الرقيق» في ليبيا

يتداول حقوقيون ليبيون صوراً ومقاطع فيديو تظهر أشخاصاً من ذوي البشرة السمراء يتعرضون للضرب بخراطيم وأعواد خشبية وآخرين على أجسادهم آثار تعذيب.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

مصر تعوّل على الدعم الأوروبي لتعويض تكلفة استضافة اللاجئين

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال لقائه رئيسة البرلمان الأوروبي روبرتا ميتسولا في القاهرة (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال لقائه رئيسة البرلمان الأوروبي روبرتا ميتسولا في القاهرة (الرئاسة المصرية)
TT

مصر تعوّل على الدعم الأوروبي لتعويض تكلفة استضافة اللاجئين

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال لقائه رئيسة البرلمان الأوروبي روبرتا ميتسولا في القاهرة (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال لقائه رئيسة البرلمان الأوروبي روبرتا ميتسولا في القاهرة (الرئاسة المصرية)

تعوّل الحكومة المصرية على تعزيز الشراكة مع الاتحاد الأوروبي، وتعزيز التعاون في المجالات الاقتصادية والاستثمارية، لتعويض فاتورة استضافة ملايين اللاجئين على أراضيها، إلى جانب تكلفة التوترات التي تشهدها المنطقة، خصوصاً التصعيد في البحر الأحمر، وتأثيره على تراجع إيرادات قناة السويس.

ووصف الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، بلاده بـ«خط الدفاع الأول عن أوروبا، لمنع الهجرة غير الشرعية»، خلال استقباله، الخميس، في القاهرة، رئيسة البرلمان الأوروبي روبرتا ميتسولا، مؤكداً أهمية «مواصلة التعاون مع أوروبا في قضايا الهجرة ومكافحة الإرهاب»، حسب «الرئاسة المصرية».

الموقف ذاته أكده السيسي، أيضاً في اتصال هاتفي مع رئيس المجلس الأوروبي أنطونيو كوستا، الخميس، مشيراً إلى أن بلاده «تستضيف أكثر من 9 ملايين أجنبي، نتيجة الأزمات التي تشهدها المنطقة».

ويرى خبراء مصريون تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، أن «استضافة القاهرة ملايين اللاجئين وفَّرت حماية لأوروبا من الهجرة غير الشرعية، مما يستلزم ضرورة توفير دعم مناسب للحكومة المصرية، في ضوء الأعباء التي تمثلها استضافة أعداد كبيرة من المهاجرين، على الاقتصاد المصري».

وسبق أن قدّر رئيس الوزراء المصري تكلفة استضافة الأجانب في مصر، بنحو 10 مليارات دولار سنوياً.

ووفق بيان الرئاسة المصرية، فإن السيسي خلال لقائه ميتسولا، أكد «ضرورة دعم الجهود الحثيثة التي تبذلها بلاده لمنع الهجرة غير الشرعية».

كما أشار إلى آثار التوترات التي تشهدها المنطقة على الاقتصاد المصري، وقال إن «بلاده تكبَّدت خسارة، تُقدر بنحو 7 مليارات دولار، من إيرادات قناة السويس، في عام 2024، بسبب الهجمات التي قام بها الحوثيون على السفن التجارية، في باب المندب»، كما تناول «آليات تفعيل الشراكة الاستراتيجية والشاملة مع الاتحاد الأوروبي، في محاورها كافة».

وفي مارس (آذار) الماضي، توافقت مصر والاتحاد الأوروبي على ترفيع العلاقات إلى مستوى «الشراكة الاستراتيجية الشاملة»، ووقّع الجانبان في ختام قمة عُقدت بالقاهرة شارك فيها السيسي، ورئيسة المفوضية الأوروبية، ورؤساء دول وحكومات قبرص وإيطاليا والنمسا واليونان، «إعلاناً مشتركاً» بشأن شراكة استراتيجية شاملة.

وثمَّنت رئيسة البرلمان الأوروبي الدور المصري في حماية استقرار وأمن المنطقة وشعوبها، كما أكدت «حرص الاتحاد الأوروبي على تعزيز التنسيق المستمر مع مصر، في جميع القضايا»، وفق الرئاسة المصرية.

ويقدم الاتحاد الأوروبي حزمة تمويل لمصر، في صورة مساعدات مالية، وقال رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، مطلع يناير (كانون الثاني) الحالي، إن بلاده «تلقَّت شريحة أولى قيمتها مليار يورو، من حزمة تمويل، من الاتحاد الأوروبي، حجمها 7.4 مليار يورو».

ويرى مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق، السفير جمال بيومي، أن «الجانب الأوروبي يقدم مساعدات للقاهرة في صورة منح وليست قروضاً، تقديراً للسياسة المصرية تجاه المهاجرين واللاجئين»، وقال إن «مصر تستضيف ملايين اللاجئين، ولم تكن معبراً لنقل المهاجرين إلى أوروبا، كما فعلت بعض الدول الإقليمية»، عاداً ذلك «محل تقدير أوروبي».

ووفق الحكومة المصرية فإنه «لم تبحر من مصر أي مراكب غير شرعية منذ عام 2016، بفضل إجراءات حاسمة، تقوم بها، لمواجهة الهجرة غير المشروعة».

وأشار بيومي، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، إلى أن «الاتحاد الأوروبي يقدم تسهيلات كثيرة للحكومة المصرية، غير المنح، من بينها سياسة مبادلة الديون باستثمارات مباشرة»، إلى جانب «تعزيز التبادل التجاري، والتوسع في استثمارات الطاقة والغاز»، وقال إن «مصر تستهدف أن تكون مصدراً أساسياً للطاقة في أوروبا».

ويرى أستاذ العلاقات الدولية بجامعة القاهرة، إكرام بدر الدين، أن «مصر تقوم بدور مزدوج في ملف المهاجرين واللاجئين»، وقال إن «استضافة القاهرة ملايين الفارين من الصراعات والنزاعات في المنطقة، يوفر ملاذاً آمناً لهم، ويوفر الحماية لأوروبا في الوقت نفسه، أمام أعداد كبيرة من المهاجرين غير الشرعيين»، وإن «استمرار الدعم الأوروبي لمصر ضروري لتحقيق المصالح الأوروبية».

ويتوقف بدر الدين، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، مع التقارب السياسي بين مصر والاتحاد الأوروبي تجاه معظم التطورات الإقليمية، مشيراً إلى أن «هناك مصلحة مصرية وأوروبية مشتركة للتهدئة في البحر الأحمر، وتأمين حركة الملاحة».

وخلال لقائه رئيسة البرلمان الأوروبي، ناقش السيسي جهود وقف إطلاق النار في قطاع غزة، وضرورة تطبيق «حل الدولتين»، بوصف ذلك خياراً وحيداً لتحقيق السلام المستدام في المنطقة، إلى جانب الأوضاع في ليبيا والسودان والصومال، وضرورة الحفاظ على وحدة تلك الدول وأمنها.