تونس تمدد حالة الطوارئ في البلاد لمدة شهر

وسط تخوفات منظمات حقوقية من استغلال القرار لتطبيق مزيد من التضييق على الحريات

الرئيس التونسي قيس سعيد أصدر أمراً بتمديد حالة الطوارئ في البلاد لمدة شهر (أ.ف.ب)
الرئيس التونسي قيس سعيد أصدر أمراً بتمديد حالة الطوارئ في البلاد لمدة شهر (أ.ف.ب)
TT

تونس تمدد حالة الطوارئ في البلاد لمدة شهر

الرئيس التونسي قيس سعيد أصدر أمراً بتمديد حالة الطوارئ في البلاد لمدة شهر (أ.ف.ب)
الرئيس التونسي قيس سعيد أصدر أمراً بتمديد حالة الطوارئ في البلاد لمدة شهر (أ.ف.ب)

أصدر الرئيس التونسي قيس سعيد أمراً بتمديد حالة الطوارئ في البلاد لمدة شهر، بدءاً من الأول من يناير (كانون الثاني) 2025 إلى يوم 30 من الشهر نفسه. ويشمل قرار التمديد، الذي نُشر في الجريدة الرسمية، كامل تراب الجمهورية، لكن عدداً من المنظمات الحقوقية عبَّرت عن تخوفاتها من استغلال القرار لتطبيق مزيد من التضييق على الحريات.

وتسري حالة الطوارئ في تونس دون انقطاع منذ التفجير الإرهابي بحزام ناسف، الذي استهدف حافلة للأمن الرئاسي في 24 نوفمبر (تشرين الثاني) عام 2015، وأدى هذا الهجوم الذي تبناه تنظيم «داعش» المتطرف آنذاك إلى وفاة 12 أمنياً، إلى جانب منفِّذ التفجير.

وتمنح حالة الطوارئ وزارة الداخلية صلاحيات استثنائية، بينها منع الاجتماعات، وحظر التجوال، وتفتيش المحلات، ومراقبة الصحافة والمنشورات، والبث الإذاعي والعروض السينمائية والمسرحية. وهذه الصلاحيات تُطبَّق دون وجوب الحصول على إذن مُسْبَق من القضاء، وهو ما يثير انتقادات محلية ودولية متزايدة.

وحدة من قوات مكافحة الإرهاب التونسية (الشرق الأوسط)

وتبدي قوى معارضة في تونس تخوفات من إساءة استخدام حالة الطوارئ ضد الرافضين لإجراءات استثنائية، بدأ الرئيس سعيد فرضها منذ 25 يوليو (تموز) 2021، وهو ما أَحْدَثَ أزمة سياسية مستمرة.

ومن بين هذه الإجراءات، حلُّ مجلس القضاء والبرلمان، وإصدار تشريعات بمراسيم رئاسية، وإجراء انتخابات تشريعية مبكرة في 17 ديسمبر (كانون الأول) 2022، إضافةً إلى إقرار دستور جديد عبر استفتاء في 25 يوليو 2022.

واعتبرت قوى في تونس ومنظمات حقوقية وسياسيون هذه الإجراءات «تكريساً لحكم فردي مُطْلَق»، بينما عَدَّتْها قوى أخرى «تصحيحاً لمسار ثورة 2011»، التي أطاحت بالرئيس آنذاك زين العابدين بن علي (1987 - 2011).

أما الرئيس سعيد، الذي بدأ في 2019 فترة رئاسية تستمر 5 سنوات، فقال إن إجراءاته «ضرورية وقانونية» لإنقاذ الدولة من «انهيار شامل».

وكان الرئيس سعيد قد مدد حالة الطوارئ في 31 يناير 2023 إلى غاية 31 ديسمبر من العام نفسه، وبعد ذلك تم التمديد لغاية 30 يناير.

وأواخر 2015، أعلنت تونس حالة الطوارئ إثر حادث إرهابي، ثم تم تمديدها مرات عدة بفترات متباينة. وشهدت البلاد في مايو (أيار) 2011 أعمالاً إرهابية، تصاعدت حدتها في 2013، وراح ضحيتها العشرات من عناصر الأمن والعسكريين وسياح أجانب.



بعد سقوط الأسد... روسيا تركّز على ليبيا لتحقيق طموحاتها الأفريقية

وصول نائب وزير الدفاع الروسي يونس بك يفكيروف إلى مطار بنينا العام الماضي (الجيش الوطني)
وصول نائب وزير الدفاع الروسي يونس بك يفكيروف إلى مطار بنينا العام الماضي (الجيش الوطني)
TT

بعد سقوط الأسد... روسيا تركّز على ليبيا لتحقيق طموحاتها الأفريقية

وصول نائب وزير الدفاع الروسي يونس بك يفكيروف إلى مطار بنينا العام الماضي (الجيش الوطني)
وصول نائب وزير الدفاع الروسي يونس بك يفكيروف إلى مطار بنينا العام الماضي (الجيش الوطني)

أدى سقوط بشار الأسد في سوريا إلى عرقلة مشاريع روسيا في أفريقيا، وأرغمها على البحث عن نقطة إسناد بديلة في حوض البحر الأبيض المتوسط، متطلعة في هذا السياق إلى ليبيا. ولموسكو، الحليفة للأسد ودمشق منذ أعوام طويلة، ميناء عسكري وقاعدة جوية على الساحل السوري، ما يسهّل عملياتها في المتوسط والشرق الأوسط ووسط أفريقيا وجنوب الصحراء الكبرى، غير أن إطاحة الأسد بعد ربع قرن في الحكم عرّضت هذا الحضور للخطر.

وسعى القائد العام للإدارة الجديدة في سوريا، أحمد الشرع، إلى طمأنة روسيا، واصفاً إياها بأنّها دولة «مهمّة»، قائلاً: «لا نريد أن تخرج روسيا من سوريا بالشكل الذي يهواه البعض».

* تراجع استراتيجي نحو ليبيا

في ظل عدم وضوح التشكيل السياسي في سوريا الجديدة، باتت موسكو مضطرة لبدء تراجع استراتيجي نحو ليبيا، وفي هذا السياق يقول جلال حرشاوي، الباحث في المعهد البريطاني «رويال يونايتد سرفيسز»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، إنّ ذلك يهدف «على وجه الخصوص للحفاظ على المهمات الروسية القائمة في أفريقيا»، مضيفاً أنّه «رد فعل لحفظ الذات» من جانب موسكو، الحريصة على «التخفيف من تآكل موقعها في سوريا».

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين (إ.ب.أ)

في مايو (أيار) 2024، كشف اتحاد التحقيقات السويسري «All Eyes On Wagner» (كل العيون على فاغنر) وجود الأنشطة الروسية في نحو 10 مواقع ليبية، من بينها ميناء طبرق، حيث وصلت معدّات عسكرية في فبراير (شباط) وأبريل (نيسان) الماضي. وكان عديد القوات الروسية في فبراير 2024 يناهز 800 عنصر، لكنه ارتفع إلى 1800 في مايو من العام نفسه.

* رجال ومعدّات

في 18 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، أفادت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية بأنّه تمّ نقل رادارات وأنظمة دفاع جوي روسية، من بينها «إس-300» و«إس-400» من سوريا إلى ليبيا، مستندة في ذلك إلى مسؤولين ليبيين وأميركيين. وفي هذا الإطار، يؤكد حرشاوي أنّه منذ سقوط الأسد في الثامن من ديسمبر الماضي، «تم نقل كمية كبيرة من الموارد العسكرية الروسية إلى ليبيا من بيلاروسيا وروسيا»، مشيراً في الوقت نفسه إلى إرسال مقاتلين. ومن جانبها، أفادت الاستخبارات الأوكرانية في الثالث من يناير (كانون الثاني) الحالي بأنّ موسكو تخطّط لـ«استخدام سفينتي الشحن (سبارتا) و(سبارتا 2) لنقل معدات عسكرية وأسلحة».

تركيا دعمت حكومة الوفاق الوطني السابقة وبعدها حكومة الدبيبة في طرابلس (الوحدة)

في هذا السياق، يقول الخبير في المجلس الأطلسي في واشنطن، عماد الدين بادي، إنّ هذا التحوّل «لا ينبع من تغيير قسري بسيط للحليف الإقليمي، بل من البحث عن الاستمرارية»، مؤكداً أنّها «خطوة تؤكد أهمية ليبيا بوصفها عنصراً في استراتيجية طويلة الأمد»، وأنّ «الأسد قدّم لموسكو مرسى على الجناح الشرقي لحلف شمال الأطلسي، ومنصّة لاختبار قدراتها». وأثارت التحرّكات الروسية انزعاج حكومة طرابلس، والقوة الاستعمارية السابقة إيطاليا، بينما يراقبها الاتحاد الأوروبي وحلف «الناتو» بقلق. وقد أكد وزير الدفاع الإيطالي، غويدو كروسيتو، أنّ موسكو تنقل «موارد من قاعدتها السورية في طرطوس باتجاه ليبيا».

* الوجود الروسي أكثر وضوحاً

تحدثت مصادر عدة عن مساعٍ أميركية لإقناع المشير خليفة حفتر، قائد الجيش الوطني، برفض تمركز الروس بشكل دائم في ميناء طبرق، وهو أمر يسعون إليه منذ عام 2023، لكن الكرملين لن يتمتّع بالأريحية نفسها التي كانت متوافرة في عهد الأسد.

يقول أولف لايسينغ، المسؤول عن برنامج الساحل في مؤسسة «كونراد أديناور»، إنّ سوريا «كانت مناسِبة على الصعيد العملي... كانت صندوقاً أسود دون دبلوماسيين أو صحافيين أجانب. (الروس) فعلوا إجمالاً ما أرادوه». ويضيف لايسينغ مستدركاً: «في ليبيا، سيكون الوضع أكثر تعقيداً بكثير. من الصعب الحفاظ على الأسرار هناك، كما أنّ الوجود الروسي سيكون أكثر وضوحاً».

المشير خليفة حفتر مع قادة قواته في بنغازي (الجيش الوطني)

إضافة إلى ذلك، سيتعيّن على موسكو التعامل مع قوى أخرى، من بينها تركيا، حليفة حكومة الوفاق الوطني، وبعدها «الوحدة» المؤقتة. كما ستكون حريصة على عدم تعريض مستقبلها للخطر إذا ساءت الأمور بالنسبة إليها. وفي هذا السياق، يقول فلاد كليبتشينكو، المراسل العسكري لموقع «تسارغراد» المؤيد للكرملين: «يجب عدم تكرار الأخطاء السورية والرهان، دون خيار بديل، على ديكتاتور محلي». وفي ليبيا المنقسمة، التي تشهد نزاعاً منذ الإطاحة بمعمَّر القذافي في عام 2011، يحاول كل طرف أن يُبقي خياراته مفتوحة مع الآخرين، حسبما يؤكد لايسينغ. فمنذ عام، تتقرب أنقرة من حفتر عبر مشاريع اقتصادية واجتماعات ذات غايات دبلوماسية، لكن هذا الأخير لن يستطيع أيضاً أن يدير ظهره للغربيين، الذين دعموه سراً انطلاقاً من قناعتهم بقدرته على وقف تمدُّد الإسلام السياسي. ويقول لايسينغ: «لذلك، هناك دون شك حدود لما يمكن لروسيا أن تفعله في ليبيا».