ليبيا: انقسام بين أعضاء «تأسيسية الدستور» بشأن «المواد الخلافية»

الدبيبة يسعى للاستفتاء عليه

لقاء سابق يجمع الدبيبة بعدد من أعضاء هيئة صياغة الدستور (حكومة «الوحدة»)
لقاء سابق يجمع الدبيبة بعدد من أعضاء هيئة صياغة الدستور (حكومة «الوحدة»)
TT

ليبيا: انقسام بين أعضاء «تأسيسية الدستور» بشأن «المواد الخلافية»

لقاء سابق يجمع الدبيبة بعدد من أعضاء هيئة صياغة الدستور (حكومة «الوحدة»)
لقاء سابق يجمع الدبيبة بعدد من أعضاء هيئة صياغة الدستور (حكومة «الوحدة»)

يسود انقسام بين أعضاء في «الهيئة التأسيسية للدستور» بشأن أولوية الاستفتاء على مواد المشروع الذي جرى إقراره قبل 7 سنوات، أو إعادة النظر فيما يعرف بـ«المواد الخلافية»، وسط مساعي رئيس حكومة «الوحدة الوطنية» المؤقتة عبد الحميد الدبيبة، للدفع قدماً نحو الخيار الأول.

جانب من لقاء الدبيبة بأعضاء من تأسيسية الدستور الليبي (حكومة «الوحدة»)

ويحظى الاستفتاء على الدستور بدعم الدبيبة الذي كرر في مناسبات عدّة دعمه هذا المسار خصوصاً لدى لقائه مع أعضاء من الهيئة هذا الشهر، فيما عدّ منتقدوه هذا الاتجاه «محاولة للالتفاف» على محاولات خصومه في شرق ليبيا لتشكيل «حكومة موحدة» تقود البلاد لانتخابات رئاسية وتشريعية.

في غضون ذلك، تبدو العقدة الرئيسة والمستمرة في مادتين خلافيتين بمشروع الدستور تتعلقان بمنع ترشح «مزدوجي الجنسية والعسكريين في الانتخابات الرئاسية»، وفق الهادي بوحمرة عضو الهيئة التأسيسية لصياغة الدستور لـ«الشرق الأوسط».

وفي كلمة بمناسبة ذكرى استقلال ليبيا منتصف هذا الشهر، دعا الدبيبة إلى اعتماد دستور ينهي المراحل الانتقالية، وينظم الحياة السياسية في البلاد، في مقابل إعلان رئيس مجلس النواب عقيلة صالح مؤخراً «قبول ملفين إضافيين مستوفيين لنفس الشروط من المتقدمين للترشح لرئاسة هذه الحكومة».

في معسكر المؤيدين لتعديل مسودة الدستور، يقف عضو الهيئة صلاح بوخزام، الذي كشف لـ«الشرق الأوسط» عن سعيه وعدد من أعضاء كتلة فزان (إقليم جنوب ليبيا) لطرح المواد الدستورية الخلافية على الطاولة، داعماً وجهة نظره بالقول إن الهدف هو «وصول الليبيين إلى صيغة توافق كامل تضعهم على أبواب الاقتراع في ظل حالة رضا عام».

ولا يرى عضو الهيئة الصديق الدرسي غضاضة من «تعديل بعض المواد؛ وحشد أكبر قدر ممكن من الأعضاء لدعم المشروع»، لما يعتقده أنه «سيزيد عدد الأصوات التي تنادي بدعم المشروع في الشارع الليبي».

ويشير الدرسي في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى «إمكانية قانونية وإدارية» لهذا التعديل، وفق ما عده سبيلاً «نحو الوصول بالوطن إلى كلمة سواء». ووفق تصوره فإن «حل الأزمة الليبية قد يكون بين يدي الهيئة التأسيسية إذا ما جمعت أمرها وتناسى أعضاؤها خلافاتهم».

إلى جانب أعضاء سبق أن وافقوا على مشروع الدستور، فإن من بين المقاطعين لجلسة التصويت عام 2017 من يرى ضرورة إعادة النظر في «بعض المواد الخلافية»، ومنهم عضو الهيئة ابتسام أبحيح، التي وصفت في تصريحات إعلامية مؤخراً، التصويت الذي جرى منذ 7 أعوام بأنه «كان معيباً ومخالفاً للائحة».

في المقابل، تبرز أصوات داعية إلى الاستفتاء على مشروع الدستور الحالي ومن بينهم الهادي بوحمرة، عضو الهيئة التأسيسية لصياغة الدستور، الذي يرى أن «الإجماع على مواد الدستور مستحيل» بل و«مدخل لتعقيد المسار الدستوري».

ويبدي بوحمرة في تصريح لـ«الشرق الأوسط» مخاوفه من أن «كل تغيير في مواد الدستور قد يؤدي إلى استبدال المعارضة بمعارضة أخرى أقوى منها»، محذراً من الدخول في «متاهات التعديل».

وإذ يتصور بوحمرة، أن هدف اجتماع أعضاء الهيئة الذي يجري التباحث بشأنه يجب أن يكون «إزالة المعوقات الداخلية والخارجية التي تحول دون الاستفتاء»، فإنه يؤيد «إقرار مشروع دستور جاء بأغلبية على مستوى الهيئة التأسيسية إلى جانب كل منطقة انتخابية على حدة».

ويعيد بوحمرة التذكير بأن مجلس النواب سبق أن أصدر قانون الاستفتاء، وأقره مجلس الدولة، وأن كل الدعاوى القضائية والطعون أمام المحاكم انتهت إلى أنه لا معقب على عمل الهيئة التأسيسية إلا من الشعب في استفتاء عام.

وفي عام 2018، أصدر مجلس النواب بشرق ليبيا قانون الاستفتاء على الدستور المقترح في جلسة طارئة، علماً بأنه يعتمد نظام تقسيم البلاد إلى ثلاث دوائر (أقاليم)، بدلاً من دائرة واحدة.

أما عضو الهيئة نادية عمران، فتستنكر الحديث عن «مواد خلافية»، قائلة إن «الهيئة أقرت مشروع الدستور بنصاب يفوق ثلثي الأعضاء المقرر في الإعلان الدستوري» وعدت الحديث في هذا الشأن «مجرد تلاعب وإعلان وجود خلافات في مشروع الدستور من جانب الأجسام الانتقالية الموجودة، للاستمرار في المشهد فقط»، وفق ما قالت في تصريح لـ«الشرق الأوسط».

في هذه الأثناء، لا يتوقف الخلاف عند نقطة شروط الترشح، إذ قوبل مشروع الدستور أيضاً برفض طيف من الأقليات، علماً بأن «المجلس الأعلى للأمازيغ في ليبيا» ذهب إلى التلويح «بإجراءات أكثر تصعيداً في حال التعنت في الدعوة للاستفتاء من أي طرف كان»، وذلك إثر لقاء الدبيبة ووفد الهيئة التأسيسية لصياغة الدستور.

لكن عضو هيئة صياغة الدستور الهادي بوحمرة يرى أن مسودة الدستور «تتماشى مع كافة المعايير الدولية المتعلقة باللغات والهويات المحلية»، نافياً في تصريح لـ«الشرق الأوسط» وجود «أي تناقض بين مشروع الدستور والصكوك الدولية في هذا الشأن»، وطالب «بالاحتكام إلى الاستفتاء لمعرفة الرأي الحقيقي للأمازيغ والعرب»، وما دون ذلك فهو «رأي مرسل دون دليل».


مقالات ذات صلة

ليبيا: مطالب بالتحقيق مع الدبيبة والمنقوش بسبب «لقاء كوهين»

شمال افريقيا اجتماع الدبيبة مع سفير تركيا وملحقها العسكري (حكومة الوحدة)

ليبيا: مطالب بالتحقيق مع الدبيبة والمنقوش بسبب «لقاء كوهين»

وصول آليات عسكرية مفاجئة إلى طرابلس وقوات «الوحدة» تعزز مواقعها في الزاوية

خالد محمود (القاهرة )
شمال افريقيا جل الليبيين عبّروا عن مخاوفهم من عودة الاقتتال إلى البلد (أ.ف.ب)

ليبيون يتخوفون من احتمال انهيار «اتفاق وقف النار» بين الحكومتين المتنازعتين

عوامل عديدة دفعت الليبيين خلال الأيام القليلة الماضية للقلق والخوف من احتمالية من عودة الاقتتال بين السلطتين المتنازعتين على السلطة في شرق البلاد وغربها.

جاكلين زاهر (القاهرة )
تحليل إخباري وصول نائب وزير الدفاع الروسي يونس بك يفكيروف إلى مطار بنينا العام الماضي (الجيش الوطني)

تحليل إخباري بعد سقوط الأسد... روسيا تركّز على ليبيا لتحقيق طموحاتها الأفريقية

أدى سقوط بشار الأسد في سوريا إلى عرقلة مشاريع روسيا في أفريقيا، وأرغمها على البحث عن نقطة إسناد بديلة بحوض البحر الأبيض المتوسط، متطلعة في هذا السياق إلى ليبيا.

«الشرق الأوسط» (باريس)
شمال افريقيا من عملية إنقاذ سابقة لمهاجرين غير نظاميين بغرب ليبيا (جهاز مكافحة الهجرة)

تعذيب «مهاجرين» طلباً للفدية يذكّر مجدداً بـ«تجارة الرقيق» في ليبيا

يتداول حقوقيون ليبيون صوراً ومقاطع فيديو تظهر أشخاصاً من ذوي البشرة السمراء يتعرضون للضرب بخراطيم وأعواد خشبية وآخرين على أجسادهم آثار تعذيب.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا طائرة عسكرية روسية تقترب من قاعدة حميميم الجوية على ساحل اللاذقية بسوريا في 14 ديسمبر 2024 (رويترز)

روسيا تركّز على ليبيا لتحقيق طموحاتها بعد سقوط حليفها الأسد

أدى سقوط بشار الأسد في سوريا إلى عرقلة مشاريع روسيا في أفريقيا، وأرغمها على البحث عن نقطة إسناد بديلة في حوض البحر المتوسط، متطلعة في هذا السياق إلى ليبيا.

«الشرق الأوسط» (لندن)

«المساعدات المالية» و«الهجرة» يتصدران محادثات رئيسة البرلمان الأوروبي في القاهرة

مقر تابع لوزارة الخارجية المصرية في القاهرة (تصوير: عبد الفتاح فرج)
مقر تابع لوزارة الخارجية المصرية في القاهرة (تصوير: عبد الفتاح فرج)
TT

«المساعدات المالية» و«الهجرة» يتصدران محادثات رئيسة البرلمان الأوروبي في القاهرة

مقر تابع لوزارة الخارجية المصرية في القاهرة (تصوير: عبد الفتاح فرج)
مقر تابع لوزارة الخارجية المصرية في القاهرة (تصوير: عبد الفتاح فرج)

يتصدر ملفا «المساعدات المالية» و«الهجرة» محادثات رئيسة البرلمان الأوروبي، روبرتا ميتسولا، خلال زيارتها إلى القاهرة، الأربعاء والخميس.

ووفق إفادة لوفد الاتحاد الأوروبي إلى مصر، الأربعاء، فإن الزيارة تأتي في إطار تعزيز العلاقات بين الاتحاد الأوروبي ومصر، و«المناقشات الجارية حول مساعدات الاتحاد الأوروبي المالية الكلية، والوضع الجيوسياسي في الشرق الأوسط والمنطقة المجاورة».

وفي مارس (آذار) الماضي، توافقت مصر والاتحاد الأوروبي على ترفيع العلاقات إلى مستوى «الشراكة الاستراتيجية الشاملة». ووقع الاتحاد الأوروبي ومصر في نهاية يونيو (حزيران) الماضي، اتفاقية تمويل استثماري بوصفها جزءاً من حزمة أكبر بقيمة 7.4 مليار يورو تهدف لتعزيز التعاون الاقتصادي ودعم استقرار مصر في ظل التحديات الإقليمية والدولية.

وأكد بيان وفد الاتحاد الأوروبي أن اجتماعات ميتسولا في القاهرة «تعد فرصة لمناقشة العلاقات البرلمانية، بما في ذلك تنظيم الاجتماع البرلماني المقبل بين الاتحاد الأوروبي ومصر في القاهرة، والمساعدة المالية الكلية التي يقدمها الاتحاد الأوروبي لمصر التي تجري مناقشتها حالياً في البرلمان الأوروبي، وتدفقات الهجرة واللجوء».

صورة للبرلمان الأوروبي بستراسبورغ (د.ب.أ)

وأشار الوفد إلى أنه من المقرر أن تجتمع ميتسولا، الخميس، مع وزير الخارجية المصري، الدكتور بدر عبد العاطي، حيث تتركز المناقشات على عدد من الموضوعات، من بينها «الشراكة الاستراتيجية والشاملة بين الاتحاد الأوروبي ومصر، والمساعدات المالية الكلية للاتحاد الأوروبي، والوضع الجيوسياسي في المنطقة، بما في ذلك الحاجة إلى إعادة تنشيط عملية السلام في الشرق الأوسط والوضع في غزة والتطورات الأخيرة في سوريا».

وعلاقات مصر بالاتحاد الأوروبي الوثيقة، ويعد «الأوروبي» أيضاً المستثمر الرائد في مصر، حيث يبلغ رصيد الاستثمار المتراكم نحو 38.8 مليار يورو، يمثل نحو 39 في المائة من إجمالي الاستثمار الأجنبي المباشر في مصر. وتظل مصر ثاني أكبر متلقٍ للاستثمار الأجنبي المباشر من الاتحاد الأوروبي في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، بحسب معلومات بعثة الاتحاد الأوروبي إلى مصر عبر موقعها الإلكتروني.

وكان وزير الشؤون النيابية والقانونية والتواصل السياسي المصري، محمود فوزي، قد أكد، الثلاثاء، حرص بلاده على تعزيز العلاقات مع البرلمان الأوروبي ومواصلة التشاور بين النواب البرلمانيين المصريين والأوروبيين، «بما يخدم المصالح المشتركة ويدعم الحوار البنَّاء، وتوطيد أواصر التعاون البرلماني بين الجانبين».

وأشاد الوزير المصري خلال استقباله في القاهرة سفيرة الاتحاد الأوروبي ورئيسة بعثة الاتحاد إلى مصر، أنجلينا إيخهورست، «بالتطورات الإيجابية التي تشهدها العلاقات المصرية مع الاتحاد الأوروبي منذ صدور الإعلان المشترك حول الشراكة الاستراتيجية والشاملة في مارس الماضي، خلال زيارة رئيسة المفوضية الأوروبية للقاهرة»، مؤكداً «اعتزاز مصر بالعلاقات الوثيقة التي تجمعها بالاتحاد الأوروبي، خصوصاً بعد الارتقاء بهذه العلاقات إلى مستوى الشراكة الاستراتيجية الشاملة، والتطورات الإيجابية التي يشهدها التعاون بين الجانبين في المجالات السياسية والاقتصادية والأمنية، إلى جانب التنسيق في العديد من القضايا ذات الاهتمام المشترك».