ما إمكانية خروج «المرتزقة السوريين» من ليبيا؟

وسط تقارير عن انتقال ضباط روس إلى معقل حفتر

ما إمكانية خروج «المرتزقة السوريين» من ليبيا؟
TT

ما إمكانية خروج «المرتزقة السوريين» من ليبيا؟

ما إمكانية خروج «المرتزقة السوريين» من ليبيا؟

فتح التقارب بين سلطات طرابلس الليبية والإدارة الجديدة في دمشق ملف «المرتزقة السوريين» الموجودين بمعسكرات وقواعد عسكرية بالعاصمة منذ انتهاء الحرب عليها مطلع يونيو (حزيران) عام 2020.

وفور انتهاء لقاء الوفد الممثل لحكومة «الوحدة الوطنية» الليبية المؤقتة، بقائد الإدارة السورية الجديدة أحمد الشرع، في العاصمة دمشق، مطلع الأسبوع الحالي، طفا على السطح ملف آلاف «المرتزقة السوريين» التابعين لتركيا، ومدى إمكانية مغادرتهم طرابلس. إلا أن هذه النوعية من الأسئلة لم تصمد أمام ما عدّه مسؤول عسكري سابق بشرق ليبيا لـ«الشرق الأوسط» «تحالفات دولية» تبقي على هذه العناصر «حتى تتبين الأمور».

قائد الإدارة السورية الجديدة أحمد الشرع يستقبل وزير الدولة الليبي للاتصال والشؤون السياسية وليد اللافي في دمشق 29 ديسمبر (القيادة العامة في سوريا عبر تلغرام)

ولم يعوّل الأكاديمي والباحث السياسي التركي، مهند حافظ أوغلو، كثيراً على التقارب بين حكومة الدبيبة والإدارة السورية الجديدة، بشأن إغلاق هذا الملف، وقال: «يبدو لي أن أمر هذه العناصر لن يُحَلّ عن طريق تقارُب طرابلس ودمشق؛ لأنه مَعْنِيّ بشكل أساسي بالاتفاق مع تركيا».

كانت تركيا قد دفعت بـ«مرتزقة» ينتمون لمجموعات سورية معارضة، أبرزها فصيل «السلطان مراد» وفق اتفاق مع حكومة «الوفاق» السابقة برئاسة فائز السراج، لصد هجوم قوات «الجيش الوطني» على طرابلس، عام 2019، ومنذ توقف الحرب بقيت هذه القوات على حالها.

وملف «المرتزقة» محل نقاش أمام الوفود الأجنبية التي تحل على ليبيا، وأيضاً للبعثات الدبلوماسية لا سيما الأميركية والأوروبية، لجهة ضرورة العمل على إخراجها من البلاد.

واستغل سفير الاتحاد الأوروبي لدى ليبيا، نيكولا أورلاندو، اجتماعه مع وزير الاتصالات والشؤون السياسية بحكومة «الوحدة» وليد اللافي في طرابلس، الاثنين، وتَطَرَّق إلى موضوع «المرتزقة» في ليبيا.

وقال أورلاندو، إنه تباحث مع اللافي حول تأثير الأحداث في سوريا على ليبيا، عقب اجتماعات اللافي في دمشق، وأضاف: «اتفقنا على أهمية انسحاب جميع المقاتلين الأجانب والمرتزقة من ليبيا، وتعزيز العلاقات الإيجابية مع جميع الشركاء الإقليميين لحماية سيادة ليبيا ووحدتها واستقرارها».

غير أن أوغلو الذي يشير إلى أن «أنقرة تقول إن كل من ذهب إلى ليبيا هو تركي»، يرى في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «الموضوع لن يُحَلّ إلا بلقاء ثلاثي بين طرابلس وأنقرة ودمشق».

وفي يناير (كانون الثاني) 2024، قال «المرصد السوري لحقوق الإنسان»، إن عدد عناصر «المرتزقة السوريين» في طرابلس تجاوز 7 آلاف سابقاً، لكن فرّ منهم نحو 3 آلاف، وتحولوا إلى لاجئين في شمال أفريقيا وأوروبا.

حفتر مستقبلاً في لقاء سابق ببنغازي نائب وزير الدفاع الروسي يونس بك يفكيروف (القيادة العامة)

ويعتقد مصدر مطّلع على ملف العناصر الأجنبية بطرابلس، أن وجود «المرتزقة السوريين» مرتبط «بالحالة العسكرية في شرق ليبيا، ووجود عناصر روسية بها»، وبالتالي يقول: «ما لم يتغير المشهد العسكري في شرق البلاد فلا أتصور أن العناصر السورية تخرج؛ لأنهم أصلاً يخدمون في مصالح القوى الدولية التي أُرْسِلَت إلى ليبيا».

وكانت هذه القوات المدعومة خارجياً من تركيا تقاتل القائد العام لـ«الجيش الوطني» المُشير خليفة حفتر، الذي يسيطر على شرق البلاد وبعض مناطق الجنوب، ويحظى بدعم آلاف من مرتزقة جماعة «فاغنر» الروسية.

وفي حديثه إلى «الشرق الأوسط»، استبعد المصدر المقرب من ملف «المرتزقة» خروج هذه العناصر السورية من ليبيا في ظل الظرف الراهن»، وأرجع ذلك إلى أنهم «جزء من مشروع دولي؛ يتفرع بين ليبيا وسوريا وأقطار أخرى (...) وبالتالي هذا الأمر مرتبط بحالة الصراعات حول العالم. هذه العناصر وقود يُستخدم في مناطق مختلفة، وليس بلدنا فقط».

وانتهى المصدر الذي رفض ذكر اسمه لدواعٍ أمنية كونه يقطن طرابلس، إلى أن «هذه المجموعات هي التي تُثبت بقاء حكومة الوحدة في السلطة»، وأعتقد أنه «لن يكون هناك تقدُّم في هذا الملف إلا بتغيير الواقع السياسي والعسكري في طرابلس أيضاً».

لكن في ظل تعقُّد المشهد الدولي، وانفتاح جبهات جديدة للحرب في أفريقيا، ذهبت روسيا إلى تشكيل ما يسمى «الفيلق الأفريقي»، بديلاً عن «فاغنر» بقصد توسيع نفوذها في 5 من دول القارة السمراء، انطلاقاً من ليبيا، بينما بقي كثير من المرتزقة الموالين للطرفين محتجزين في ليبيا.

وهنا يعود الأكاديمي التركي ليعوِّل على «اللقاء الثلاثي لحل هذا الموضوع» قائلاً: «حل هذه الإشكالية لن يكون في العلن، سوف يتم ترتيب صيغة معيّنة لإنهائها، في حال سلّمنا بأن هناك مرتزقة سوريين موجودين في طرابلس أتت بهم تركيا». وفق ما يعتقد.

وتتسع رقعة الرفض والاعتراض في ليبيا على وجود آلاف «المرتزقة» في معسكرات وقواعد عسكرية، منذ توقُّف الحرب على العاصمة طرابلس.

وتدعم هذه العناصر الموالية لتركيا وروسيا وبعض الدول الأفريقية حكومة «الوحدة الوطنية» المؤقتة، و«الجيش الوطني»، لكن بعد ما يزيد على 4 سنوات من توقيع «اتفاق وقف إطلاق النار» بدأت دعوات المطالبة بطرد هذه العناصر من أنحاء ليبيا تزداد.

وتصعِّد قبائل موالية لنظام الرئيس الليبي الراحل معمر القذافي ضد وجود «المرتزقة» والقوات الأجنبية في البلاد، وتطالب بإخراجهم.

والوضع في غرب ليبيا لا يختلف عن شرقه لجهة ازدياد الأسئلة عن مدى إمكانية إغلاق ملف «المرتزقة»، في ظل تقارير دولية تشير الى استقبال شرق ليبيا سلاحاً روسياً منقولاً من دمشق.

ويتحدث مدير «المرصد السوري لحقوق الإنسان» رامي عبد الرحمن عن «مغادرة طائرات على دفعتين من مطار حميميم باتجاه شرق ليبيا، الأولى هبطت في 8 من الشهر الحالي، والثانية في 13 من الشهر نفسه»، وقال: «نقلوا ضباطاً من رتب عالية، ومن أفرع أمنية باتجاه شمال أفريقيا».

و«المرصد» الذي يقول إن «هؤلاء الضباط يتحركون بحرية في شرق ليبيا» معقل «الجيش الوطني» بقيادة حفتر، استدرك: «لا نعلم هل نُقلوا بعلم من القيادة الروسية؟ أو بعلم بعض الضباط الروس فقط؟».

ومنذ إطلاق هذه التقارير الدولية تتجاهل السلطات في شرق ليبيا التعليق عليها، لكن المسؤول العسكري السابق لفت إلى أن القيادة العامة لـ«الجيش الوطني لم تقرر بعد تدشين قاعدة عسكرية روسية في شرق البلاد»، وأرجع ذلك «لحسابات تتعلق بعلاقاتها بالجانب الأميركي».


مقالات ذات صلة

بعد سقوط الأسد... روسيا تركّز على ليبيا لتحقيق طموحاتها الأفريقية

تحليل إخباري وصول نائب وزير الدفاع الروسي يونس بك يفكيروف إلى مطار بنينا العام الماضي (الجيش الوطني)

بعد سقوط الأسد... روسيا تركّز على ليبيا لتحقيق طموحاتها الأفريقية

أدى سقوط بشار الأسد في سوريا إلى عرقلة مشاريع روسيا في أفريقيا، وأرغمها على البحث عن نقطة إسناد بديلة بحوض البحر الأبيض المتوسط، متطلعة في هذا السياق إلى ليبيا.

«الشرق الأوسط» (باريس)
شمال افريقيا من عملية إنقاذ سابقة لمهاجرين غير نظاميين بغرب ليبيا (جهاز مكافحة الهجرة)

تعذيب «مهاجرين» طلباً للفدية يذكّر مجدداً بـ«تجارة الرقيق» في ليبيا

يتداول حقوقيون ليبيون صوراً ومقاطع فيديو تظهر أشخاصاً من ذوي البشرة السمراء يتعرضون للضرب بخراطيم وأعواد خشبية وآخرين على أجسادهم آثار تعذيب.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا طائرة عسكرية روسية تقترب من قاعدة حميميم الجوية على ساحل اللاذقية بسوريا في 14 ديسمبر 2024 (رويترز)

روسيا تركّز على ليبيا لتحقيق طموحاتها بعد سقوط حليفها الأسد

أدى سقوط بشار الأسد في سوريا إلى عرقلة مشاريع روسيا في أفريقيا، وأرغمها على البحث عن نقطة إسناد بديلة في حوض البحر المتوسط، متطلعة في هذا السياق إلى ليبيا.

«الشرق الأوسط» (لندن)
شمال افريقيا جانب من الاحتجاجات التي شهدتها العاصمة طرابلس (الشرق الأوسط)

ليبيون يطالبون بعزل الدبيبة... و«الوحدة» تنفي «حالة الطوارئ»

شهدت طرابلس احتجاجات واسعة مساء الاثنين للمطالبة برحيل الحكومة، بعد ساعات من بث نجلاء المنقوش، تفاصيل اجتماعها السري مع نظيرها الإسرائيلي إيلي كوهين.

خالد محمود (القاهرة)
شمال افريقيا المنقوش في لقائها مع «منصة 360» التابعة لقناة «الجزيرة» القطرية

المنقوش: لقاء كوهين كان بتنسيق بين إسرائيل وحكومة الدبيبة

في أول ظهور إعلامي لوزيرة الخارجية المقالة بحكومة «الوحدة» الليبية، نجلاء المنقوش، قالت إن اللقاء الذي جمعها بنظيرها الإسرائيلي كوهين كان بتخطيط من «الوحدة».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

الجزائر تندد بموقف ماكرون في قضية الكاتب صنصال

الروائي المسجون بوعلام صنصال (متداولة)
الروائي المسجون بوعلام صنصال (متداولة)
TT

الجزائر تندد بموقف ماكرون في قضية الكاتب صنصال

الروائي المسجون بوعلام صنصال (متداولة)
الروائي المسجون بوعلام صنصال (متداولة)

ندّدت الجزائر، الثلاثاء، بـ«تدخل سافر وغير مقبول» من الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في قضية الكاتب الموقوف بوعلام صنصال، الذي يحمل جنسية البلدين، غداة اعتباره أن الجزائر «تسيء لسمعتها» برفضها الإفراج عنه، بحسب تقرير لوكالة الصحافة الفرنسية.

وقالت «الخارجية»، في بيان نشرته على حسابها الرسمي على منصة «إكس»: «لقد اطلعت الحكومة الجزائرية باستغراب شديد على التصريحات التي أدلى بها الرئيس الفرنسي بشأن الجزائر، التي تهين، في المقام الأول، من اعتقد أنه من المناسب الإدلاء بها بهذه الطريقة المتهاونة والمستهترة».

وشددت «الخارجية الجزائرية» على أن «هذه التصريحات لا يمكن إلا أن تكون موضع استنكار ورفض وإدانة، لما تمثّله من تدخل سافر وغير مقبول في شأن جزائري داخلي»، معتبرة أن «ما يقدمه الرئيس الفرنسي زوراً وبهتاناً كقضية متعلقة بحرية التعبير، ليس كذلك من منظور قانون دولة مستقلة وذات سيادة، بل يتعلّق الأمر بالمساس بالوحدة الترابية للبلاد، ويعد ذلك جريمة يعاقب عليها القانون الجزائري».

ويثير توقيف بوعلام صنصال توتراً منذ أسابيع بين الجزائر وفرنسا. وقال ماكرون، الاثنين، أمام سفراء فرنسا المجتمعين في قصر الإليزيه إن «الجزائر التي نحبها كثيراً، والتي نتشارك معها الكثير من الأبناء والكثير من القصص، تسيء إلى سمعتها، من خلال منع رجل مريض بشدة من الحصول على العلاج»، مضيفاً: «نحن الذين نحب الشعب الجزائري وتاريخه، أحث حكومته على إطلاق سراح بوعلام صنصال... هذا المناضل من أجل الحرية محتجز بطريقة تعسفية تماماً من قبل المسؤولين الجزائريين». أودع بوعلام صنصال (75 عاماً)، المعروف بانتقاده للسلطات الجزائرية، السجن منذ منتصف نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي بتهم تتعلق بتهديد أمن الدولة، ونقل إلى وحدة علاج طبي منذ منتصف ديسمبر (كانون الأول) الماضي. وتحدث الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون لأول مرة عن توقيفه في 29 من ديسمبر (كانون الأول) الماضي، واصفاً إيّاه بـ«المحتال المبعوث من فرنسا».

وأوقف مؤلف كتاب «2084: نهاية العالم» في 16 نوفمبر في مطار الجزائر العاصمة، ووُجهت إليه تهم بموجب المادة 87 مكرر من قانون العقوبات، التي تعدّ «فعلاً إرهابياً أو تخريبياً (...) كل فعل يستهدف أمن الدولة والوحدة الوطنية والسلامة الترابية، واستقرار المؤسسات وسيرها العادي».

وبحسب صحيفة «لوموند» الفرنسية، فإن السلطات الجزائرية انزعجت من تصريحات أدلى بها صنصال لموقع «فرونتيير» الإعلامي الفرنسي، المعروف بمواقفه اليمينية المتطرفة، تبنى فيها موقفاً مغربياً يقول إن أراضي مغربية انتُزعت من المملكة في ظل الاستعمار الفرنسي لصالح الجزائر.