مصر تؤكد مجدداً دعمها الكامل لاستقرار السودان

عبد العاطي والشريف توافقا على ضرورة حماية الأمن المائي للبلدين

جانب من المحادثات المصرية - السودانية في القاهرة (الخارجية المصرية)
جانب من المحادثات المصرية - السودانية في القاهرة (الخارجية المصرية)
TT

مصر تؤكد مجدداً دعمها الكامل لاستقرار السودان

جانب من المحادثات المصرية - السودانية في القاهرة (الخارجية المصرية)
جانب من المحادثات المصرية - السودانية في القاهرة (الخارجية المصرية)

بينما جددت مصر دعمها الكامل لاستقرار السودان، وتوافق وزيرا خارجية البلدين على «ضرورة حماية أمنهما المائي»؛ تصاعدت مخاوف خبراء في مصر بشأن أمان «سد النهضة» الإثيوبي، عقب وقوع «5 هزات أرضية في أديس أبابا، الأحد».

وأجرى وزير الخارجية المصري الدكتور بدر عبد العاطي، محادثات مع نظيره السوداني الدكتور علي يوسف الشريف، الأحد، في القاهرة، وأكد «حرص بلاده على الوقوف بجانب السودان الشقيق في هذا الظرف الدقيق، والانخراط بفاعلية في الجهود الإقليمية والدولية الرامية لتحقيق الاستقرار في السودان، بما يصون مصالحه ويحافظ على سيادته ووحدة أراضيه».

وبحسب إفادة للمتحدث باسم وزارة الخارجية المصرية، السفير تميم خلاف، فإن الوزير عبد العاطي استعرض «موقف مصر الداعم لوقف فوري لإطلاق النار في السودان»، مرحباً بقرارات «مجلس السيادة» بشأن الإسراع من وتيرة نفاذ المساعدات الإنسانية بالسودان عن طريق تمكين موظفي الأمم المتحدة من القيام بمهامهم، وإنشاء مراكز لتخزين المساعدات الإنسانية. كما أكد «حرص بلاده على استئناف عضوية السودان في الاتحاد الأفريقي في أقرب وقت، ودعمه في الأطر الإقليمية والدولية متعددة الأطراف».

ويشهد السودان منذ أبريل (نيسان) 2023 حرباً داخلية بين الجيش السوداني و«قوات الدعم السريع»، راح ضحيتها آلاف المدنيين، ودفعت «نحو 13 مليون سوداني للفرار داخلياً وخارجياً لدول الجوار»، حسب تقديرات الأمم المتحدة.

وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي ونظيره السوداني علي يوسف الشريف خلال لقاء في القاهرة (الخارجية المصرية)

ويرى نائب مدير مركز «الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية»، الدكتور أيمن عبد الوهاب، أن «الدعم المصري لاستقرار السودان والجهود السياسية لوقف إطلاق النار مسألة ترتبط بعمق العلاقات بين البلدين»، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «الدور المصري الداعم للسودان له مستويات تصوغها العلاقة بين البلدين، على رأسها أن استقرار السودان جزء من الأمن القومي المصري».

وتطرقت محادثات عبد العاطي والشريف إلى ملف «الأمن المائي». وبحسب «الخارجية المصرية»، فقد توافقا على ضرورة «الحفاظ على وتيرة التنسيق والتعاون بين الجانبين لحماية الأمن المائي لدولتَي المصبّ، والتمسك بقواعد القانون الدولي والتوافق في حوض النيل». كما أكدا «أهمية احترام سيادة الصومال ووحدته وسلامة أراضيه ومساندة جهوده في مكافحة (الإرهاب)».

يأتي التأكيد المصري - السوداني على ضرورة التنسيق لحماية أمنهما المائي، في ظل استمرار أزمة «سد النهضة» الذي أقامته إثيوبيا على رافد نهر النيل الرئيس، ويواجَه المشروع باعتراضات من مصر والسودان؛ للمطالبة باتفاق قانوني ينظِّم عمليات ملء وتشغيل «السد»، بما لا يضر بحصة كل منهما المائية.

امتحانات لطلاب سودانيين بمصر خلال وقت سابق (السفارة السودانية في القاهرة)

وتجددت، الأحد، مخاوف خبراء في مصر بشأن أمان «سد النهضة»، خاصة مع تزايد النشاط الزلزالي في إثيوبيا. ووفق أستاذ الجيولوجيا والموارد المائية بجامعة القاهرة، الدكتور عباس شراقي، فقد «شهدت إثيوبيا، الأحد، 5 زلازل جديدة، ليصل مجموع الهزات التي شهدتها أديس أبابا خلال العام الجاري إلى نحو 54 زلزالاً»، وأوضح لـ«الشرق الأوسط» أن «54 زلزالاً خلال عام واحد، مُعدل مخيف، خاصة مع تكرارها».

وبحسب شراقي، فإنه «يُخشى أن تتعرض إثيوبيا لزلزال أكبر؛ مما قد يؤثر على سلامة (السد) وقد يؤدي لانهياره»، لافتاً إلى أن «متوسط عدد الزلازل في إثيوبيا قبل بناء (السد) كان أقل من 5 هزات سنوياً».

أيضاً أشار عبد العاطي خلال لقاء نظيره السوداني في القاهرة، إلى أن «الحكومة المصرية بتوجيهات من الرئيس عبد الفتاح السيسي اتخذت الإجراءات اللازمة كافة لتجهيز عدد من المدارس المصرية لإتمام امتحانات أبناء الجالية السودانية في مصر»، وذلك في إطار «الحرص على مستقبلهم وتمكينهم من أداء امتحانات الثانوية العامة».

وفي يونيو (حزيران) الماضي، أغلقت السلطات المصرية المدارس السودانية العاملة في البلاد، لحين توفر اشتراطات قانونية لممارسة النشاط التعليمي، تشمل موافقات من وزارات التعليم والخارجية السودانية، والخارجية المصرية، وتوفير مقر يفي بجميع الجوانب التعليمية، وإرفاق بيانات خاصة بمالك المدرسة، بالإضافة إلى ملف كامل عن المراحل التعليمية، وعدد الطلاب المنتظر تسجيلهم.

ووفق تقديرات رسمية، تستضيف مصر نحو مليون و200 ألف سوداني فروا من الحرب السودانية، إلى جانب ملايين آخرين يعيشون في المدن المصرية منذ عقود.


مقالات ذات صلة

إصابة 15 شخصاً وتدمير 12 منزلاً في حريق بالقاهرة

شمال افريقيا جانب من الحريق الذي نشب في حارة اليهود بالعاصمة المصرية القاهرة (أرشيفية - وسائل إعلام محلية)

إصابة 15 شخصاً وتدمير 12 منزلاً في حريق بالقاهرة

أصيب 15 شخصاً واحترق 12منزلاً ومصنعاً للبلاستيك من جراء حريق شب بالقرب من دير القديس سمعان بمنشأة ناصر غرب القاهرة.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
العالم العربي ربة المنزل مروة تتسوق لشراء كميات قليلة لاستيعاب الأسعار (الشرق الأوسط)

مصريون يترقبون «منحة حكومية» ويخشون «تبعاتها»

أعلن رئيس الحكومة المصرية مصطفى مدبولي، خلال مؤتمر صحافي الأربعاء، عن توجيه رئاسي للحكومة بـ«وضع تصور لحزمة حماية اجتماعية تقديراً للضغوط على المواطن».

رحاب عليوة (القاهرة)
شمال افريقيا وزير التعليم المصري أثناء تفقد امتحانات بالمرحلة الثانوية في وقت سابق (وزارة التربية والتعليم)

مصر: مقترح «البكالوريا» للتعليم الثانوي يفجّر «سخرية» وجدلاً «سوشيالياً»

أثار مقترح وزارة التربية والتعليم المصرية تغيير نظام الثانوية العامة إلى «البكالوريا»، جدلاً على «السوشيال ميديا».

محمد عجم (القاهرة)
شمال افريقيا وزير الخارجية والهجرة المصري بدر عبد العاطي (د.ب.أ)

وزير الخارجية المصري: لن ندخر جهداً للتوصل إلى وقف النار في غزة

أكد وزير الخارجية والهجرة المصري بدر عبد العاطي الخميس أن بلاده لن تدخر جهداً لمحاولة التوصل لصفقة لوقف إطلاق النار في غزة

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا مقر تابع لوزارة الخارجية المصرية في القاهرة (تصوير: عبد الفتاح فرج)

«المساعدات المالية» و«الهجرة» يتصدران محادثات رئيسة البرلمان الأوروبي في القاهرة

يتصدر ملفا «المساعدات المالية» و«الهجرة» محادثات رئيسة البرلمان الأوروبي، روبرتا ميتسولا، خلال زيارتها إلى القاهرة، الأربعاء والخميس.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )

مصر تعوّل على الدعم الأوروبي لتعويض تكلفة استضافة اللاجئين

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال لقائه رئيسة البرلمان الأوروبي روبرتا ميتسولا في القاهرة (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال لقائه رئيسة البرلمان الأوروبي روبرتا ميتسولا في القاهرة (الرئاسة المصرية)
TT

مصر تعوّل على الدعم الأوروبي لتعويض تكلفة استضافة اللاجئين

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال لقائه رئيسة البرلمان الأوروبي روبرتا ميتسولا في القاهرة (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال لقائه رئيسة البرلمان الأوروبي روبرتا ميتسولا في القاهرة (الرئاسة المصرية)

تعوّل الحكومة المصرية على تعزيز الشراكة مع الاتحاد الأوروبي، وتعزيز التعاون في المجالات الاقتصادية والاستثمارية، لتعويض فاتورة استضافة ملايين اللاجئين على أراضيها، إلى جانب تكلفة التوترات التي تشهدها المنطقة، خصوصاً التصعيد في البحر الأحمر، وتأثيره على تراجع إيرادات قناة السويس.

ووصف الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، بلاده بـ«خط الدفاع الأول عن أوروبا، لمنع الهجرة غير الشرعية»، خلال استقباله، الخميس، في القاهرة، رئيسة البرلمان الأوروبي روبرتا ميتسولا، مؤكداً أهمية «مواصلة التعاون مع أوروبا في قضايا الهجرة ومكافحة الإرهاب»، حسب «الرئاسة المصرية».

الموقف ذاته أكده السيسي، أيضاً في اتصال هاتفي مع رئيس المجلس الأوروبي أنطونيو كوستا، الخميس، مشيراً إلى أن بلاده «تستضيف أكثر من 9 ملايين أجنبي، نتيجة الأزمات التي تشهدها المنطقة».

ويرى خبراء مصريون تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، أن «استضافة القاهرة ملايين اللاجئين وفَّرت حماية لأوروبا من الهجرة غير الشرعية، مما يستلزم ضرورة توفير دعم مناسب للحكومة المصرية، في ضوء الأعباء التي تمثلها استضافة أعداد كبيرة من المهاجرين، على الاقتصاد المصري».

وسبق أن قدّر رئيس الوزراء المصري تكلفة استضافة الأجانب في مصر، بنحو 10 مليارات دولار سنوياً.

ووفق بيان الرئاسة المصرية، فإن السيسي خلال لقائه ميتسولا، أكد «ضرورة دعم الجهود الحثيثة التي تبذلها بلاده لمنع الهجرة غير الشرعية».

كما أشار إلى آثار التوترات التي تشهدها المنطقة على الاقتصاد المصري، وقال إن «بلاده تكبَّدت خسارة، تُقدر بنحو 7 مليارات دولار، من إيرادات قناة السويس، في عام 2024، بسبب الهجمات التي قام بها الحوثيون على السفن التجارية، في باب المندب»، كما تناول «آليات تفعيل الشراكة الاستراتيجية والشاملة مع الاتحاد الأوروبي، في محاورها كافة».

وفي مارس (آذار) الماضي، توافقت مصر والاتحاد الأوروبي على ترفيع العلاقات إلى مستوى «الشراكة الاستراتيجية الشاملة»، ووقّع الجانبان في ختام قمة عُقدت بالقاهرة شارك فيها السيسي، ورئيسة المفوضية الأوروبية، ورؤساء دول وحكومات قبرص وإيطاليا والنمسا واليونان، «إعلاناً مشتركاً» بشأن شراكة استراتيجية شاملة.

وثمَّنت رئيسة البرلمان الأوروبي الدور المصري في حماية استقرار وأمن المنطقة وشعوبها، كما أكدت «حرص الاتحاد الأوروبي على تعزيز التنسيق المستمر مع مصر، في جميع القضايا»، وفق الرئاسة المصرية.

ويقدم الاتحاد الأوروبي حزمة تمويل لمصر، في صورة مساعدات مالية، وقال رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، مطلع يناير (كانون الثاني) الحالي، إن بلاده «تلقَّت شريحة أولى قيمتها مليار يورو، من حزمة تمويل، من الاتحاد الأوروبي، حجمها 7.4 مليار يورو».

ويرى مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق، السفير جمال بيومي، أن «الجانب الأوروبي يقدم مساعدات للقاهرة في صورة منح وليست قروضاً، تقديراً للسياسة المصرية تجاه المهاجرين واللاجئين»، وقال إن «مصر تستضيف ملايين اللاجئين، ولم تكن معبراً لنقل المهاجرين إلى أوروبا، كما فعلت بعض الدول الإقليمية»، عاداً ذلك «محل تقدير أوروبي».

ووفق الحكومة المصرية فإنه «لم تبحر من مصر أي مراكب غير شرعية منذ عام 2016، بفضل إجراءات حاسمة، تقوم بها، لمواجهة الهجرة غير المشروعة».

وأشار بيومي، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، إلى أن «الاتحاد الأوروبي يقدم تسهيلات كثيرة للحكومة المصرية، غير المنح، من بينها سياسة مبادلة الديون باستثمارات مباشرة»، إلى جانب «تعزيز التبادل التجاري، والتوسع في استثمارات الطاقة والغاز»، وقال إن «مصر تستهدف أن تكون مصدراً أساسياً للطاقة في أوروبا».

ويرى أستاذ العلاقات الدولية بجامعة القاهرة، إكرام بدر الدين، أن «مصر تقوم بدور مزدوج في ملف المهاجرين واللاجئين»، وقال إن «استضافة القاهرة ملايين الفارين من الصراعات والنزاعات في المنطقة، يوفر ملاذاً آمناً لهم، ويوفر الحماية لأوروبا في الوقت نفسه، أمام أعداد كبيرة من المهاجرين غير الشرعيين»، وإن «استمرار الدعم الأوروبي لمصر ضروري لتحقيق المصالح الأوروبية».

ويتوقف بدر الدين، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، مع التقارب السياسي بين مصر والاتحاد الأوروبي تجاه معظم التطورات الإقليمية، مشيراً إلى أن «هناك مصلحة مصرية وأوروبية مشتركة للتهدئة في البحر الأحمر، وتأمين حركة الملاحة».

وخلال لقائه رئيسة البرلمان الأوروبي، ناقش السيسي جهود وقف إطلاق النار في قطاع غزة، وضرورة تطبيق «حل الدولتين»، بوصف ذلك خياراً وحيداً لتحقيق السلام المستدام في المنطقة، إلى جانب الأوضاع في ليبيا والسودان والصومال، وضرورة الحفاظ على وحدة تلك الدول وأمنها.