مستشار حميدتي لـ«الشرق الأوسط»: ندعم حكومة «موازية» عاصمتها الخرطوم

اتهم السلطة في بورتسودان بممارسة سياسات انفصالية

محمد حمدان دقلو «حميدتي» (الشرق الأوسط)
محمد حمدان دقلو «حميدتي» (الشرق الأوسط)
TT

مستشار حميدتي لـ«الشرق الأوسط»: ندعم حكومة «موازية» عاصمتها الخرطوم

محمد حمدان دقلو «حميدتي» (الشرق الأوسط)
محمد حمدان دقلو «حميدتي» (الشرق الأوسط)

حسم مستشار قائد «قوات الدعم السريع»، إبراهيم مخير، الجدل حول موقفهم بشأن المشاورات التي تجريها بعض الأطراف السياسية والمدنية لتشكيل حكومة «موازية» في السودان، عاصمتها الخرطوم، مؤكداً أنها «ستجد كامل الدعم والحماية» منهم، في مقابل السلطة التي يتزعمها قائد الجيش، عبد الفتاح البرهان، في مدينة بورتسودان شرق البلاد.

وجرت مشاورات مطولة الأسابيع الماضية في العاصمة الكينية نيروبي بين قوى سياسية والجبهة الثورية وشخصيات من تحالف «تقدم» ومن خارجه، بحثت تشكيل «حكومة سلام» على الأرض داخل السودان، في المناطق التي تسيطر عليها «قوات الدعم السريع» في غرب السودان ووسطه.

مستشار قائد «قوات الدعم السريع»، إبراهيم مخير(إرشيفية)

وقال مخير في تصريح لـ«الشرق الأوسط»: «توصلنا إلى قناعة بالطرح المقدم من السياسيين المدنيين ونياتهم الحقيقية تجاه تحقيق السلام في البلاد». وأضاف أن «أهم الأسباب التي تدفعنا لدعم تكوين حكومة في البلاد، هو فشل كل المؤسسات القائمة في النظر إلى السودانيين كشعب واحد متساوٍ في المواطنة والحقوق والواجبات».

ترقب لإعلان الحكومة

ويسود جوّ من الترقب لإعلان الحكومة في الأيام المقبلة، بمشاركة بعض الفصائل من «تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية» (تقدم) التي ترفض بشدة هذه الخطوة، باعتبارها تكرس الانقسام في البلاد. كما تهدد الخطوة بحدوث انقسام في أكبر تحالف سياسي مناهض للحرب في البلاد.

وقال مستشار «حميدتي» إن «البلاد تمضي بشكل متسارع نحو التقسيم، في ظل الممارسات الانفصالية التي تنتهجها حكومة بورتسودان بإصدار عملة جديدة، وتنظيم امتحانات الشهادة الثانوية، وحرمان المواطنين في مناطق سيطرة (الدعم السريع) من هذه الحقوق». وأضاف: «أمام كل ذلك لا خيار أمامنا سوى دعم قيام حكومة شرعية قومية تمارس سلطاتها على أراضي البلاد كافة، والقيام بدورها في حماية المدنيين وتقديم العون لهم، فضلاً عن فتح الأبواب أمام كل الجهود الدولية والإقليمية التي تهدف لوقف الحرب وتحقيق السلام».

أعضاء وفد «الدعم السريع» إلى محادثات جنيف الأخيرة (موقع الدعم السريع)

وفي وقت سابق هدد قائد «قوات الدعم السريع»، محمد حمدان دقلو (حميدتي) بإعلان سلطة مستقلة في مناطق سيطرته، عاصمتها الخرطوم، حال أقدم قائد الجيش، عبد الفتاح البرهان، على تشكيل حكومة في مدينة بورتسودان شرق البلاد.

وجرت في العاصمة الكينية نيروبي خلال الأسابيع الماضية نقاشات مكثفة بين قوى سياسية والجبهة الثورية وشخصيات من تحالف «تقدم» ومن خارجه، بحثت نزع الشرعية من حكومة بورتسودان، وتشكيل حكومة على الأرض داخل السودان.

وأكد رئيس الجبهة الثورية، العضو السابق في «مجلس السيادة»، الهادي إدريس، في تصريحات الخميس الماضي، أن قرار تشكيل الحكومة لا رجعة فيه، مشدداً على أنهم لن يتخلوا عن تشكيل الحكومة إلّا إذا قرر طرفا الحرب الذهاب إلى المفاوضات لإنهاء القتال.

نزع الشرعية من بورتسودان

وقال إدريس، وهو نائب رئيس تحالف «تقدم» المدني الذي يرأسه عبد الله حمدوك رئيس الوزراء السوداني السابق، إن الهدف من تشكيل «حكومة مدنية موازية هو نزع الشرعية من الحكومة التي تتخذ من بورتسودان عاصمة مؤقتة، وقطع الطريق أمام خطط أنصار نظام الإسلاميين (النظام البائد بقيادة الرئيس المعزول عمر البشير) الرامية لتقسيم البلاد، وأيضاً لعدم ترك صوت السودان للجبهة الإسلامية لتتحدث باسمه، وأخيراً لإجبار الطرف الآخر (الجيش) على القبول بمفاوضات لوقف الحرب». وأشار إدريس في الوقت ذاته إلى تمسكه بوحدة الصف المدني.

وترى المجموعة الداعية إلى تشكيل الحكومة الموازية أهمية التشاور مع «قوات الدعم السريع» حول الأمر، والاتفاق على ميثاق سياسي يكون مرجعية للحكم، متوقعة أن تجد هذه الخطوة اعترافاً من بعض الدول.

وشهد مؤتمر «تقدم» التأسيسي الذي عُقد في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا في مايو (أيار) الماضي، تداول فكرة تشكيل حكومة موازية لحكومة بورتسودان التي يترأسها البرهان، لكن المقترح لم يحظَ بالقبول الكافي، ثم أعيد طرحه مجدداً في اجتماع الهيئة القيادية لـ«تقدم» في مدينة عنتيبي الأوغندية مطلع ديسمبر (كانون الأول) الحالي، وأحيل إلى لجنة سياسية لمزيد من التشاور.

وترفض العديد من القوى السياسية في «تنسيقية تقدم» مثل حزب الأمة القومي، وحزب المؤتمر السوداني، ومكونات مدنية مهنية ونقابية، بشدة، فكرة تشكيل حكومة «موازية»، خوفاً من تكريس الانقسام في البلاد.


مقالات ذات صلة

الحرب تحرم 157 ألف طالب سوداني من امتحانات الشهادة السودانية

شمال افريقيا طالبات خلال الامتحانات في بورتسودان السبت (أ.ف.ب)

الحرب تحرم 157 ألف طالب سوداني من امتحانات الشهادة السودانية

دخل التعليم على خط القتال في السودان، بعدما أقرّت الحكومة، التي تتخذ من بورتسودان مقرّاً لها، إجراء الامتحانات في المناطق الآمنة، الخاضعة لسيطرة الجيش.

محمد أمين ياسين (نيروبي) وجدان طلحة (بورتسودان)
شمال افريقيا اجتماع سابق للهيئة القيادية لتنسيقية القوى الديمقراطية المدنية السودانية «تقدم» (فيسبوك)

نائب حمدوك يؤكد تمسكهم بتشكيل حكومة «موازية»

أعلن نائب رئيس تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية «تقدم»، الهادي إدريس، تمسكه بتشكيل «حكومة مدنية» في السودان.

أحمد يونس (كمبالا)
شمال افريقيا مشاهد الدمار في أحد أحياء أم درمان بالسودان في أغسطس الماضي (د.ب.أ)

مقتل 10 جنود سودانيين في هجوم بالمسيّرات على قاعدة عسكرية

لقي 10 جنود من الجيش السوداني في هجوم بطائرات مسيّرة شنته قوات «الدعم السريع» على قاعدة عسكرية بمدينة شندي (شمال) في توسع بنطاق استخدام المسيّرات الانتحارية

محمد أمين ياسين (نيروبي)
شمال افريقيا امرأة نازحة سودانية تستريح داخل ملجأ في مخيم زمزم شمال دارفور 1 أغسطس 2024 (رويترز) play-circle 01:57

مرصد عالمي يؤكد تفشي المجاعة في مناطق جديدة بالسودان

قال مرصد عالمي للجوع، الثلاثاء، إن نطاق المجاعة في السودان اتسع إلى خمس مناطق جديدة، ومن المرجح أن يمتد إلى خمس مناطق أخرى، بحلول مايو (أيار) المقبل.

«الشرق الأوسط» (لندن) محمد أمين ياسين (نيروبي)
أفريقيا أم تحمل طفلها الذي يعاني من سوء التغذية الحاد في جناح الأطفال بمستشفى جنوب كردفان في السودان (رويترز) play-circle 01:57

تقرير: أزمة المجاعة في السودان «تتفاقم» بسبب الحرب

ذكر «المرصد العالمي للجوع»، الثلاثاء، أن نطاق المجاعة في السودان اتسع إلى 5 مناطق، ومن المرجح أن تمتد إلى 5 مناطق أخرى بحلول شهر مايو (أيار).

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

«الدعم السريع» تتحدث عن «انتصارات ساحقة»... والجيش يحقق تقدماً في الخرطوم

قائد الجيش السوداني رئيس مجلس السيادة الجنرال عبد الفتاح البرهان يحيي مؤيديه في أم درمان غرب الخرطوم يوم 29 يونيو 2019 (أ.ب)
قائد الجيش السوداني رئيس مجلس السيادة الجنرال عبد الفتاح البرهان يحيي مؤيديه في أم درمان غرب الخرطوم يوم 29 يونيو 2019 (أ.ب)
TT

«الدعم السريع» تتحدث عن «انتصارات ساحقة»... والجيش يحقق تقدماً في الخرطوم

قائد الجيش السوداني رئيس مجلس السيادة الجنرال عبد الفتاح البرهان يحيي مؤيديه في أم درمان غرب الخرطوم يوم 29 يونيو 2019 (أ.ب)
قائد الجيش السوداني رئيس مجلس السيادة الجنرال عبد الفتاح البرهان يحيي مؤيديه في أم درمان غرب الخرطوم يوم 29 يونيو 2019 (أ.ب)

تضاربت تصريحات أطراف الحرب في السودان. فبينما أعلنت «قوات الدعم السريع» تحقيق انتصارات وصفتها بأنها «ساحقة»، على الجيش وحلفائه في ولايتي النيل الأزرق وشمال دارفور، أُفيد بأن الجيش حقق تقدماً طفيفاً في مدينة الخرطوم بحري.

وقالت «قوات الدعم السريع» إنها قتلت 270 من أفراد الجيش قرب منطقة بوط بولاية النيل الأزرق، جنوب شرقي السودان، كما قتلت 300 من أفراد القوات المشتركة لحركات الكفاح المسلح في اشتباكات دارت في الصحراء قرب منطقة المالحة بولاية شمال دارفور، ودمرت عدداً كبيراً من الآليات، وسيطرت على مركبات قتالية. لكن القوات المشتركة التي تساند الجيش، قالت إنها حسمت المعارك لصالحها، وألحقت خسائر فادحة بـ«الدعم السريع» وقتلت 460 من أفراد هذه القوات، بينهم قادة ميدانيون بارزون.

وفي ظل تضارب البيانات الصادرة عن الطرفين بشأن معارك شمال دارفور، وزَعْم كل منهما الانتصار على الآخر، وإلحاق خسائر فادحة به، قالت مصادر مستقلة إن طرفَي المواجهات تكبدا خسائر فادحة في العتاد والأرواح، مضيفة أن «قوات الدعم السريع» خسرت أحد قادتها؛ لكن خسائر القوات المشتركة كانت أكبر.

ولم يعلِّق الجيش فوراً على بيان «الدعم السريع» بخصوص معارك منطقة بوط بولاية النيل الأزرق؛ لكن مصادر مستقلة أكدت أن القوات التي أرسلها الجيش لاسترداد منطقة بوط تعرضت لخسائر كبيرة في الأرواح والعتاد، وأن ما تبقى منها تراجع إلى مدينة الدمازين، حاضرة الولاية.

من جهته، أعلن ناطق باسم «قوات الدعم السريع»، في بيان: «سحق متحرك» تابع للجيش قرب منطقة بوط بالنيل الأزرق؛ مشيراً إلى مقتل 270 من جنوده، والسيطرة على 12 مركبة قتالية وشاحنة محملة بالذخائر والمؤن، وتدمير عدد من المركبات القتالية، متحدثاً عن إلحاق خسائر فادحة بالقوة التي حاولت استرداد منطقة بوط الاستراتيجية، بعدما وقعت في كمين «محكم».

سودانيون فرُّوا من دارفور إلى أدري بتشاد يوم 4 أغسطس 2023 (رويترز)

وفي بيان ثانٍ، قال الناطق باسم «الدعم السريع» إن قواته «حسمت معارك الصحراء» بالقرب من منطقة المالحة، بولاية شمال دارفور، وألحقت خسائر فادحة في الأرواح والعتاد، وهزمت القوات المشتركة الموالية للجيش «شر هزيمة». وأضاف أنهم قتلوا 300 من «قوات العدو»، وسيطروا على عدد كبير من المركبات القتالية التي «يجري حصرها» حالياً، بالإضافة إلى كميات من الأسلحة والذخائر. وتابع بأن بقية القوات المهاجمة «لاذت بالفرار».

وسخر بيان «الدعم السريع» من قادة القوات المشتركة، على غرار وزير المال جبريل إبراهيم، وحاكم إقليم دارفور مني أركو مناوي، وقال إنهم نشروا معلومات مضللة عن المعارك ادَّعوا فيها تحقيق انتصارات. وتابع البيان بأن المعلومات الموثقة بالصوت والصورة من أرض المعركة «فضحت كذب» القوات المشتركة.

وكان حاكم إقليم دارفور، قائد «حركة تحرير السودان» الدارفورية، مني أركو مناوي، قد ذكر في تغريدة على منصة «فيسبوك»، أن قواته كبَّدت «الدعم السريع» خسائر فادحة، ولقَّنتها «درساً لا يُنسى»، بينما هنأ وزير المال قائد «حركة العدل والمساواة» الدارفورية جبريل إبراهيم قواته بالانتصار في منطقة دري شقي.

وتعد «حركة تحرير السودان» بقيادة مني أركو مناوي، و«حركة العدل والمساواة» بقيادة جبريل إبراهيم، العمود الفقري للقوات المشتركة التابعة لحركات الكفاح المسلح التي تقاتل إلى جانب الجيش ضد «الدعم السريع» في دارفور، وهي حركات تكونت إبان حرب دارفور ضد الجيش السوداني؛ لكنها وبُعيد بدء الحرب بين الجيش و«الدعم السريع» قررت الانحياز للجيش، وأُطلق عليها اسم «القوات المشتركة».

من جهته، قال المقدم أحمد حسين مصطفى، الناطق باسم القوة المشتركة لحركات الكفاح المسلح، في بيان، الأحد، إن قواته حققت «نصراً عظيماً»، بعدما خاضت سلسلة معارك استمرت يوماً كاملاً شمال مدينة مليط، قضت خلالها على 3 قوات متحركة تابعة لما سمَّاها «ميليشيا الجنجويد الإرهابية»، عند منطقتي دري شقي شمال مليط، وجبل عيسى شمال المالحة. وأوضح بيان «المشتركة» أن «قوات الدعم السريع» هاجمت مناطق في دري شقي، لفك الحصار عن مليط؛ لكن «القوات المشتركة» أوقعتها في كمين محكم، وقضت على القوة بالكامل، وتصدت لقوة متحركة ثانية حاولت نجدة الأولى، وألحقت بها خسائر فادحة، وقتلت 460 جندياً من القوة المهاجمة، بينهم قادة بارزون، مثل العميد فضل الناقي، وطه عثمان مدلل، والمقدم حامد دلدول. وأشار إلى تدمير 60 آلية عسكرية والسيطرة على 39 آلية عسكرية سليمة، ومن طرازات متنوعة.

لاجئون سودانيون في تشاد يوم 6 أكتوبر 2024 (أ.ب)

وقالت «المشتركة»، في البيان ذاته، إنها حسمت معركة ثالثة بمنطقة «جبل عيسى» شمال منطقة المالحة، وقتلت خلالها أعداداً كبيرة من مقاتلي «الدعم»، بينهم قادة كبار على غرار الرائد حميدة خيار، والرائد صدام القوني، والنقيب سليمان عود. وتابع بأنها دمرت 43 آلية عسكرية، وتسلَّمت 21 آلية أخرى بحالة ممتازة.

وفي الخرطوم بحري، حقق الجيش تقدماً محدوداً في منطقة شمبات الأراضي، وسيطر على جزء من المربع 15، بينما تسيطر «الدعم السريع» على الجزء المتبقي منه. وجاء هذا التقدم في إطار استمرار العملية العسكرية التي يقوم بها الجيش منذ عبوره جسر الحلفايا في سبتمبر (أيلول) الماضي، مستهدفاً السيطرة على مركز مدينة الخرطوم بحري، متجهاً من جهة الشمال، ومستهدفاً الوصول إلى قيادة قوات سلاح الإشارة المحاصرة منذ الأيام الأولى للحرب.

وتسيطر «قوات الدعم السريع» على معظم أنحاء مدينة الخرطوم بحري؛ لكن الجيش أفلح في عبور جسر الحلفايا، واستعاد المبادرة وسيطر على معظم الأحياء الشمالية في مدينة الخرطوم بحري، ويتجه جنوباً نحو وسط المدينة.