«الأموال الليبية بالخارج»... أرصدة زادها الانقسام تجميداً

«النواب» يطالب مجلس الأمن بمنع استغلالها من أطراف سياسية بشكل «غير قانوني»

جلسة لمجلس النواب الليبي الأسبوع الماضي (صفحة المتحدث باسم المجلس)
جلسة لمجلس النواب الليبي الأسبوع الماضي (صفحة المتحدث باسم المجلس)
TT

«الأموال الليبية بالخارج»... أرصدة زادها الانقسام تجميداً

جلسة لمجلس النواب الليبي الأسبوع الماضي (صفحة المتحدث باسم المجلس)
جلسة لمجلس النواب الليبي الأسبوع الماضي (صفحة المتحدث باسم المجلس)

أعاد رئيس مجلس النواب الليبي، المستشار عقيلة صالح، ملف «الأموال المجمّدة بالخارج»، إلى دائرة الأضواء مجدداً، وذلك بالحديث عن دعوة مجلس الأمن الدولي إلى مواصلة التحفظ عليها.

وتبذل حكومة «الوحدة الوطنية» المؤقتة، برئاسة عبد الحميد الدبيبة، جهوداً في المحافل الدولية لحلحلة أزمة الثروة الليبية المجمدة منذ إسقاط نظام القذافي، أو الإشراف على إدارتها، لكن جبهة شرق ليبيا تتمسك بإبعاد الدبيبة عن هذه الأرصدة راهناً، وهو الأمر الذي يطرح تساؤلاً عن فرص استعادة هذه الأموال راهناً في ظل الصراع السياسي.

صالح أكد أن مجلسه وجه رسالة إلى مجلس الأمن للمطالبة بضرورة التحفظ على الأموال الليبية المجمدة في الخارج (المجلس)

وقال صالح في تصريحات نقلتها قناة «ليبيا الحدث»، إن مجلسه «وجه رسالة إلى مجلس الأمن الدولي، طالبه فيها بضرورة التحفظ على الأموال الليبية المجمدة في الخارج، وذلك لمنع أي تصرف غير قانوني فيها، من قبل أطراف قد تسعى لاستغلالها بشكل غير شرعي».

وتقدر الأموال الليبية في الخارج بنحو 200 مليار دولار، وهي عبارة عن استثمارات بشركات أجنبية، وأرصدة وودائع وأسهم وسندات، تم تجميدها بقرار من مجلس الأمن عام 2011. لكن الأرصدة النقدية تناقصت على مدار السنوات الماضية إلى 67 مليار دولار، وفق فائز السراج، رئيس حكومة «الوفاق الوطني» السابقة.

وعلى مدار العقد الماضي، أصبحت الأرصدة الليبية المجمدة في الخارج محل مناكفة سياسية مستمرة بين جبهي شرق ليبيا وغربها، وكلما تحركت جبهة لفك الحظر عن هذه الأرصدة سارعت الأخرى لتبدي رفضها الشديد لهذا التوجه.

طاهر السني مندوب ليبيا الدائم لدى الأمم المتحدة (حسابه على «إكس»)

وفي كلمته أمام مجلس الأمن الدولي في مرات سابقة، طالب مندوب ليبيا لدى الأمم المتحدة، السفير الطاهر السني، بحماية الأصول الليبية في الخارج من «النهب والتآكل، ومحاولات بعض الدول الاستيلاء عليها». كما سبق أن دعا لجنة الجزاءات المتعلقة بليبيا بضرورة مساعدة بلده، «وألا تكون سيفاً مسلطاً» عليه، مشيراً إلى أهمية «التجاوب مع طلبات رفع أسماء عدد من المواطنين من قائمة العقوبات، وحماية أصول الأموال الليبية المجمدة».

وكانت وسائل إعلام بلجيكية قد تحدثت في يوليو (تموز) الماضي، عن إجراء السلطات هناك تحقيقات، تتعلق بمصير نحو 2.3 مليار دولار من فوائد الأموال الليبية المجمدة في بلجيكا، التي تبيّن من التحقيقات أنه تم الإفراج عنها بشكل غير قانوني، بين عامي 2012 و2017.

وعلى الرغم من الصراع الحكومي الدائر في ليبيا، قال القائم بأعمال وزارة الخارجية بحكومة «الوحدة»، طاهر الباعور، إن وزارته «تعمل على الوصول إلى اتفاق مع المجتمع الدولي لإنشاء رقابة مشتركة لإدارة الأموال المجمّدة، بوصفه حقاً للدولة الليبية».

ويرى الباعور أنه «باتت هناك قناعة داخل مجلس الأمن بأحقية مطلب مشاركة ليبيا في الإشراف على أموالها»، وقال بهذا الخصوص: «نطالب بأن يكون لدينا علم بهذه الأموال وكيفية إدارتها، حتى وهي تحت التجميد».

وكان يوسف العقوري، رئيس لجنة التحقق من الأموال الليبية المجمدة بالخارج، في مجلس النواب، قد تحدث عن إعداد مجلسه مسودة قانون مكافحة غسيل وتهريب الأموال وتمويل الإرهاب، لعرضها للمناقشة على أعضاء البرلمان، مجدداً تقديره لاهتمام مجلس النواب بتعزيز الإطار القانوني المتعلق بمكافحة الجرائم المالية، والذي جاء بناء على متابعة من لجنة التحقق لذلك الموضوع.


مقالات ذات صلة

ليبيا: استمرار جهود احتواء تداعيات السيول في توكرة وأجدابيا

شمال افريقيا استمرار عمليات كسح مياه الأمطار (وكالة الأنباء الليبية)

ليبيا: استمرار جهود احتواء تداعيات السيول في توكرة وأجدابيا

اتهامات لحكومة الوحدة «المؤقتة» في ليبيا، برئاسة عبد الحميد الدبيبة، بعدم اتخاذ إجراءات استباقية للتعامل مع أزمة سوء الأحوال الجوية.

خالد محمود (القاهرة)
شمال افريقيا كست صفحات التواصل الاجتماعي رفض المواطنين لقرار حماد بحجة انعكاسه على أسعار المواد الأساسية (أ.ف.ب)

توجّه لـ«رفع الدعم عن الوقود» يثير مخاوف الليبيين من الغلاء

أبدى سياسيون ومواطنون ليبيون تخوفهم من إعلان حكومة شرق ليبيا، موافقتها على مقترح لـ«رفع الدعم عن الوقود».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
المشرق العربي قائد الإدارة السورية الجديدة أحمد الشرع يستقبل وزير الدولة الليبي للاتصال والشؤون السياسية وليد اللافي في دمشق (القيادة العامة في سوريا عبر تلغرام)

وفد ليبي يناقش في دمشق قضايا الهجرة والطاقة

التقى قائد الإدارة السورية الجديدة أحمد الشرع وفداً ممثلاً للحكومة الليبية المعترف بها دولياً، وناقش الطرفان العلاقات الدبلوماسية ومسائل الطاقة والهجرة.

«الشرق الأوسط» (دمشق)
شمال افريقيا أحد الجسور التي يدشنها «صندوق إعادة الإعمار» بشرق ليبيا (المكتب الإعلامي للصندوق)

تلميحات الدبيبة بـ«غياب الرقابة» تلاحق «إعادة الإعمار» بشرق ليبيا

تحدث عبد الحميد الدبيبة رئيس حكومة «الوحدة» الليبية أكثر من مرة عن أجهزة تبني مشروعات في بعض مدن البلاد «من دون أن تمر على الأجهزة الرقابية».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا الدبيبة في لقاء سابق مع عماد السائح رئيس مفوضية الانتخابات الليبية (حكومة الوحدة)

صالح والدبيبة يحتويان «انقسام» ديوان المحاسبة الليبي

أبدى صالح تمسكه بشكشك، وقال إنه سيستمر في أداء مهامه رئيساً لديوان المحاسبة الليبي «حتى انتهاء الإجراءات القانونية»، ما جنّب البلاد «انقساماً جديداً».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

الحرب تحرم 157 ألف طالب سوداني من امتحانات الشهادة السودانية

طالبات خلال الامتحانات في بورتسودان السبت (أ.ف.ب)
طالبات خلال الامتحانات في بورتسودان السبت (أ.ف.ب)
TT

الحرب تحرم 157 ألف طالب سوداني من امتحانات الشهادة السودانية

طالبات خلال الامتحانات في بورتسودان السبت (أ.ف.ب)
طالبات خلال الامتحانات في بورتسودان السبت (أ.ف.ب)

وسط حالة من الارتباك والتخبّط وكثير من المخاوف، انطلقت، ظهر السبت، امتحانات الشهادة الثانوية السودانية في أجزاء من البلاد وخارجها بالتزامن، في حين تخلّف عن الجلوس قسراً نحو 157 ألف طلاب وطالبة في ولايات أخرى تقع تحت سيطرة قوات «الدعم السريع» وسط مخاوف من انقسام «غير مسبوق» .

وحرمت الطالبة رشاء محمد قسراً من أداء امتحانات الشهادة السودانية الثانوية، بعد أن حالت ظروف أسرتها المادية دون توفير حق السفر إلى ولاية مجاورة يُسيطر عليها الجيش السوداني، لتتمكن من الجلوس في أحد مراكز الامتحانات.

وقالت رشاء لـ«الشرق الأوسط»: إنها ظلّت تنتظر هذه الفرصة لأكثر من عام ونصف العام لتخطي المرحلة الثانوية، ودخول الجامعة، لكنها وجدت نفسها عالقة في بلدتها الصغيرة، بولاية الجزيرة وسط السودان، تحاصرها «قوات الدعم». وتساءلت: «هل وجودي في هذا المكان ذنبي حتى أعاقب عليه بحرماني من الامتحانات؟».

طالبات في الطريق إلى المدرسة لإجراء الامتحانات في بورتسودان السبت (أ.ف.ب)

ووفقاً لوزارة التربية والتعليم، من المقرر أن يتقدم للامتحانات المؤجلة من 2023 أكثر من 343 ألف طالب وطالبة، نحو 70 في المائة من جملة الطلاب المسجلين، وعددهم نحو 500 ألف طالب وطالبة، لكن هذا العدد قد يتقلّص بسبب سقوط الآلاف من أرقام الجلوس، وتأجيل الامتحانات في ولايتي جنوب وغرب كردفان جنوب البلاد. وحسب إحصائية وزارة التعليم فإن 157 ألف حرموا من الجلوس لامتحانات الشهادة الثانوية بسبب الحرب.

ودخل التعليم على خط القتال المحتدم في السودان لأكثر من 20 شهراً، بعدما أقرّت الحكومة التي تتخذ من بورتسودان مقراً لها، إجراء الامتحانات في المناطق الآمنة الخاضعة لسيطرة الجيش، رغم اعتراض «الدعم السريع»، التي رأت أن عواقبها ستكون وخيمة على آلاف الطلاب، وتعمق الانقسام في البلاد.

وتبرز مخاوف أخرى من أي استهداف قد يطال مراكز الامتحانات، ويعرض حياة الآلاف من الطلاب وعلى وجه الخصوص في محلية كرري بمدينة أم درمان، شمال العاصمة الخرطوم، التي ظلّت تشهد قصفاً مدفعياً دون توقف، وتنسحب تلك المخاوف إلى ولايات أخرى محاذية لمناطق القتال.

لكن وزارة التربية والتعليم أكدت اتخاذ كل الترتيبات الأمنية اللازمة على مستوى عالٍ لتأمين مراكز الامتحانات، التي ستُجرى في الولايات الآمنة، وهي الشمالية ونهر النيل والقضارف وكسلا وشمال كردفان.

طالبات خلال الامتحانات في بورتسودان السبت (أ.ف.ب)

وأكد وزير التربية والتعليم المُكلف في ولاية الخرطوم، قريب الله محمد، لـ«الشرق الأوسط»، أنه تم منح جميع الطلاب الراغبين في الامتحانات أرقام جلوس، وقال إن الاستعدادات اكتملت لاستقبال الطلاب الممتحنين في مناطق العاصمة الخرطوم ومن الولايات الأخرى.

بدوره، قال المتحدث باسم نقابة المعلمين المستقلة، سامي الباقر، إن إصرار سلطة الأمر الواقع في بورتسودان على إجراء الامتحانات في هذا التوقيت وما صاحبها من سوء تنظيم، أفقد فعلياً أكثر من 60 في المائة من الطلاب والطالبات حقهم في دخولها.

وأضاف أن الهدف من إقامة الامتحانات في مثل هذه الظروف «سياسي بحت»؛ لتثبيت واقع الحرب، بتصميم عملية تعليمية تتماشى مع مصالحها السياسية، تدفع البلاد إلى التقسيم والتشظي من خلال إقصاء الآلاف من أبناء الوطن من التعليم.

وأوضح أن النقابة سبق أن تقدّمت بمقترحات لعقد امتحانات شاملة وعادلة بالتنسيق مع المنظمات الدولية، يلتزم فيها طرفا القتال بوقف إطلاق النار، وفتح ممرات آمنة، تُمكّن جميع الطلاب المسجلين في أنحاء البلاد من أداء الامتحانات.

طالبات في الطريق إلى المدرسة لإجراء الامتحانات في بورتسودان السبت (أ.ف.ب)

وقال الباقر لــ«الشرق الأوسط» إن أعداداً كبيرة من الطلاب الوافدين وصلوا إلى مدينة أم درمان، لم يتحصلوا على أرقام الجلوس، وقد لا يسمح لهم بالمشاركة في الامتحانات، رغم الوعود السابقة من الوزارة بمعالجة هذه المشكلة.

وأضاف أن الحكومة تتحمل كامل المسؤولية عن أي نتيجة تترتب على الإصرار بعقد الامتحانات دون استصحاب إجراءات السلامة، فهذه الامتحانات خطر على الطلاب والمعلمين، وخطر على السودان بعد عقدها.

وأدان المتحدث باسم نقابة المعلمين منع «الدعم السريع» أعداداً كبيرة من الطلاب الراغبين في أداء الامتحانات من مغادرة مناطق سيطرتها، وقال: «هذه جريمة تجد منا كل الإدانة».

ووفق إحصائيات نقابة المعلمين، فإن عشرات الآلاف من الطلاب في 8 ولايات محرمون من الامتحانات؛ ولايات دارفور وكردفان الكبرى، وأجزاء من العاصمة الخرطوم، والجزيرة، ومناطق أخرى تعاني انعدام الأمن.

حرمان الطلاب السودانيين من الجلوس للامتحانات لم يقتصر على الطلاب في المناطق التي تسيطر عليها «قوات الدعم»، لكن السلطات التشادية أيضاً رفضت إقامة الامتحانات على أراضيها لنحو 13 ألف طالب وطالبة من إقليم دارفور المجاور لها من ناحية الشرق.

وكان وزير التربية والتعليم «المكلف»، أحمد خليفة، ذكر في إفادات سابقة بأن الطلاب الذين لم يتمكنوا من الجلوس لهذه الامتحانات، لديهم فرصة أخرى في مارس (آذار) المقبل؛ حيث ستقام امتحانات لتمكينهم من لالتحاق بالدفعة نفسها.

وانطلقت دعوات في الأوساط السودانية لتأجيل الامتحانات إلى وقت لاحق من العام المقبل، بسبب استمرار الحرب، وعدم وجود اتفاق بين الطرفين على التهدئة لحين الانتهاء منها.

ومنذ اندلاع الحرب بين الجيش السوداني و«قوات الدعم السريع» في أبريل (نيسان) 2023 توقفت العملية التعليمية كلياً في مناطق الصراع، في حين استؤنفت في الولايات خارج نطاق القتال.

وتشير إحصائيات منظمة رعاية الطفولة (اليونيسيف) التابعة للأمم المتحدة إلى أن استمرار الحرب منع 12 مليوناً من الطلاب السودانيين في مراحل دراسية مختلفة من مواصلة التعليم.