ليبيا تحتفل بالذكرى 73 لاستقلالها... وتخوف من «الاحتلال»

الحكومتان تخصصان يوماً موحداً لإحيائها وسط شراكات اقتصادية مع إيطاليا

من شرفة قصر «المنار» ببنغازي زفّ السنوسي لشعبه عام 1951 بشارة الاستقلال وقال: «نتيجة جهاد أمتنا قد تحقق بعون الله استقلال بلادنا العزيزة»
من شرفة قصر «المنار» ببنغازي زفّ السنوسي لشعبه عام 1951 بشارة الاستقلال وقال: «نتيجة جهاد أمتنا قد تحقق بعون الله استقلال بلادنا العزيزة»
TT

ليبيا تحتفل بالذكرى 73 لاستقلالها... وتخوف من «الاحتلال»

من شرفة قصر «المنار» ببنغازي زفّ السنوسي لشعبه عام 1951 بشارة الاستقلال وقال: «نتيجة جهاد أمتنا قد تحقق بعون الله استقلال بلادنا العزيزة»
من شرفة قصر «المنار» ببنغازي زفّ السنوسي لشعبه عام 1951 بشارة الاستقلال وقال: «نتيجة جهاد أمتنا قد تحقق بعون الله استقلال بلادنا العزيزة»

تحتفل ليبيا هذه الأيام بالذكرى 73 لاستقلالها، بينما ينتاب جُل مواطنيها شعور بأن بلدهم «لم يتخلص بعد من الاحتلال» المتمثل في «القواعد العسكرية»، والقوات الأجنبية في غرب البلاد وشرقها.

وقبل 73 عاماً من الآن، أعلن الملك الليبي الراحل إدريس السنوسي، استقلال بلاده بعد عقود من الاحتلال الإيطالي، الذي بدأ عام 1911، وتمت مقاومته بمعارك دامت لأكثر من عقدين خاضها «شيخ المجاهدين» عمر المختار مع رفاقه.

المناضل عمر المختار (صفحات ليبية على مواقع التواصل)

ومن شرفة قصر «المنار» ببنغازي، زفّ السنوسي لشعبه عام 1951، بشارة الاستقلال، وقال: «نتيجة جهاد أمتنا وتنفيذاً لقرار الأمم المتحدة الصادر في 21 نوفمبر (تشرين الثاني) 1949، تحقق بعون الله، استقلال بلادنا العزيزة».

ومن دون اتفاق أعلنت الحكومتان المتنازعتان على السلطة في ليبيا، أن الثلاثاء عطلة رسمية في المؤسسات والهيئات العامة كافة بمناسبة عيد الاستقلال، فيما تلقى رئيس «المجلس الرئاسي» محمد المنفي، برقيات التهنئة من بعض رؤساء دول.

وعن الوضع الراهن، يتحدث السفير الليبي محمد أحمد العمري، عن أن «الليبيين يتبارون في شرق البلاد وغربها بمنح القواعد والتسهيلات والموانئ للأجانب، ويتقوون بالأجنبي، ما قد يمهّد لأن تصبح بلادنا ساحة لتصفية الحسابات بين الدول الكبرى».

وتذكّر العمري، سيرة الرئيس الراحل معمر القذافي، وقال: «كلمة حق لا بد أن نقولها بغض النظر، إذا كنا نحب القذافي أو نكرهه»، وأوضح أنه خلال عمله في سفارة ليبيا بموسكو عام 1981 اطّلع على محاضر اجتماع القذافي والرئيس الروسي ليونيد بريجنيف.

وأشار العمري إلى أن القذافي «رفض طلباً روسياً لاستقبال القطع البحرية الروسية بأحد موانئ المنطقة الشرقية»، وقال لبريجنيف: «الشعب الليبي يحتفل خمس مرات بجلاء الأجانب، ولا أعتقد أن مواطناً ليبياً سيوافق على طلبك».

وذهب العمري إلى أن «القذافي رفض احتمال أن تصبح بلاده ساحة لتصفية الحسابات بين الدول الكبرى»، وقال السفير متسائلاً: «هل سيعي أولو الأمر في غرب ليبيا وشرقها، المخاطر، وينأون ببلادهم بعيداً عن الصراعات الدولية؟».

وتستعين جبهتا شرق ليبيا وغربها بآلاف من عناصر «المرتزقة السوريين» المواليين لتركيا، وآخرين مدعومين من روسيا، وذلك منذ وقف الحرب على العاصمة طرابلس في يونيو (حزيران) 2020، إلى جانب 10 قواعد عسكرية أجنبية، بحسب «معهد الولايات المتحدة للسلام».

ويرى عضو مجلس النواب سالم قنان، أن ليبيا «أصبحت الآن تحت الوصاية، ويتدخل فيها الأميركيون والإنجليز والفرنسيون»، وقال أمام مجلسه الاثنين، إن بلده لم يحافظ على الاستقلال؛ «ولكي نتمكن من صرف أموالنا، يجب أن تكون تحت مراقبة هذه الدول».

والمختار، الذي يعد أيقونة لليبيين، حارب الإيطاليين لأكثر من عشرين عاماً، وجرى إعدامه في 16 سبتمبر (أيلول) عام 1931، ومنذ ذلك التاريخ يستحضر الليبيون سيرته مع كل احتفال بهذه المناسبة.

وعلى وقع هذا الانقسام الحكومي والسياسي، تشهد العلاقة بين روما بصفتها «المحتل القديم» والسلطات في شرق ليبيا وغربها «تحسناً كبيراً» في ظل شراكات اقتصادية متنوعة.

رئيسة وزراء إيطاليا في زيارة سابقة إلى طرابلس ولقائها عبد الحميد الدبيبة (أ.ف.ب)

وفي كل احتفال سنوي بالاستقلال، يحرص الأمير محمد الحسن الرضا السنوسي، على بث رسائل المحبة والدعوة للتوافق بين عموم الليبيين، ويذكر أن «مخزون ليبيا التاريخي كفيل بإعادة الوحدة والتوافق المفقودين في ظل الصراعات والتجاذبات».

والأمير محمد الحسن، هو نجل الحسن الرضا السنوسي الذي كان ولي عهد الملك إدريس السنوسي، آخر ملوك ليبيا، وعمل مؤخراً على تكثيف لقاءاته في الخارج بشخصيات ليبية مختلفة، وذلك بهدف «إنجاح المساعي نحو حوار وطني شامل، تحت مظلة الشرعية الملكية الدستورية».

رئيسة وزراء إيطاليا في لقاء سابق مع المشير خليفة حفتر (القيادة العامة)

وفي نهاية أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، زارت رئيسة حكومة إيطاليا، جورجيا ميلوني، ليبيا للمرة الرابعة خلال عام ونصف العام، للمشاركة في افتتاح أعمال الدورة الـ30 لمنتدى الأعمال الليبي - الإيطالي في طرابلس، وقالت إن «العلاقات مع ليبيا أولوية».

وقبلها كانت ميلوني قد زارت بنغازي، والتقت المشير خليفة حفتر القائد العام لـ«الجيش الوطني»، وأكدت «أهمية تعزيز الشراكة بين الجانبين في المجالات التجارية والاقتصادية والثقافية، واستمرار التعاون في ملف مكافحة الهجرة غير الشرعية».

والمخاوف من «الاحتلال» عكستها الاحتجاجات التي تشهدها مدينة بني وليد (شمال غربي ليبيا) خلال اليومين الماضيين بعد منع الأجهزة الأمنية فعالية سياسية كانت تدعو لطرد «المرتزقة» والقوات والقواعد الأجنبية من البلاد.


مقالات ذات صلة

درنة الليبية لتجاوز أحزان «الإعصار» واستعادة بريقها

شمال افريقيا صالح وحماد وبالقاسم حفتر خلال افتتاح عدد من المشروعات في درنة (الحكومة الليبية)

درنة الليبية لتجاوز أحزان «الإعصار» واستعادة بريقها

على مقربة من ساحل البحر المتوسط الذي ذابت فيه بعض أجساد غرقى المدينة الجبلية، شهدت درنة الليبية افتتاح عدد من المشروعات، في خطوة لاستعادة بريقها المفقود.

جمال جوهر (القاهرة)
شمال افريقيا من اجتماع سابق للدبيبة مع حمزة في طرابلس العام الماضي (حكومة الوحدة)

تباين ليبي بشأن منح قائد تشكيل مسلح منصباً «استخباراتياً» بطرابلس

لا يتمتع مدير الاستخبارات العسكرية بطرابلس محمود حمزة، بخلفية عسكرية أكاديمية، لكن ظهوره الأول كان من بين مقاتلين ضد نظام الرئيس السابق معمر القذافي، عام 2011.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
شمال افريقيا صورة وزعها مكتب حفتر لاجتماع مع مبعوث فرنسا الخاص فى بنغازي

حفتر: جميع المبادرات فشلت في حل الأزمة الليبية

قال المشير خليفة حفتر القائد العام لـ«الجيش الوطني» الليبي إنه «لا يمكن الاحتفال بذكرى الاستقلال في ظل تصدع أركان الدولة وأساساتها».

خالد محمود (القاهرة)
شمال افريقيا جانب من دورية أمنية تابعة لوزارة الداخلية بطرابلس (المكتب الإعلامي للوزارة)

سلطات طرابلس تكثّف عمليات تأمين الشريط الحدودي مع تونس

قالت وزارة الداخلية بالعاصمة الليبية طرابلس إن الأجهزة الأمنية التابعة لها تكثف نشاطها لتأمين الشريط الحدودي مع تونس.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا جلسة مجلس النواب في درنة

«النواب» الليبي يستدعي حكومة حمّاد للمساءلة عن نشاطها

قال رئيس مجلس النواب الليبي عقيلة صالح، إن الجلسة المقبلة ستستعرض أعمال حكومة حماد ومشاريعها وخططها خلال العامين الحالي والمقبل.

خالد محمود

المغرب: وزير العدل يكشف عن أبرز مقترحات تعديل مدونة الأسرة

عبد اللطيف وهبي يكشف للحاضرين عن أبرز التعديلات المقترحة في إطار مراجعة مدونة الأسرة (الشرق الأوسط)
عبد اللطيف وهبي يكشف للحاضرين عن أبرز التعديلات المقترحة في إطار مراجعة مدونة الأسرة (الشرق الأوسط)
TT

المغرب: وزير العدل يكشف عن أبرز مقترحات تعديل مدونة الأسرة

عبد اللطيف وهبي يكشف للحاضرين عن أبرز التعديلات المقترحة في إطار مراجعة مدونة الأسرة (الشرق الأوسط)
عبد اللطيف وهبي يكشف للحاضرين عن أبرز التعديلات المقترحة في إطار مراجعة مدونة الأسرة (الشرق الأوسط)

كشف وزير العدل المغربي، عبد اللطيف وهبي، في لقاء تواصلي، اليوم الثلاثاء، بالرباط، عن أبرز التعديلات المقترحة في إطار مراجعة مدونة الأسرة، التي عقدت بشأنها جلسة عمل ملكية، أمس الاثنين.

وقال وهبي خلال اللقاء التواصلي، الذي حضره وزراء ومسؤولون حكوميون، ورؤساء هيئات دستورية، ورئيسا مجلسي البرلمان، إضافة إلى أعضاء من المجلس العلمي الأعلى، إن «من بين ما تم اعتماده جاء تأسيساً على مقترحات الهيئة المكلفة، والرأي الشرعي للمجلس العلمي الأعلى، فيما قدمت الهيئة 139 مقترح تعديل، شملت الكتب السبعة للمدونة».

وأضاف وهبي موضحاً أن مضامين مراجعة مدونة الأسرة «تهدف إلى تجاوز بعض النقائص والاختلالات، التي ظهرت عند تطبيقها القضائي، ومواءمة مقتضياتها مع تطور المجتمع المغربي وديناميته، وما تفرضه متطلبات التنمية المستدامة، وكذا ملاءمتها مع التطورات التشريعية، بما في ذلك الاتفاقيات الدولية التي صادقت عليها بلادنا».

وهبي أكد أن التعديلات «تكفل تعزيز مكانة المرأة وحقوق الأطفال والمحافظة على كرامة الرجل» (الشرق الأوسط)

وتابع المسؤول الحكومي قائلاً: «نحن اليوم أمام مراجعة جوهرية لنص مدونة الأسرة، تستجيب للمبادئ والمرجعيات كما حددتها الرسالة الملكية، ووفق الضوابط والحدود التي وضعتها؛ غايتها إنجاز صيغة جديدة لمدونة الأسرة تناسب مغرب اليوم، قادرة على الاستجابة للتطورات المجتمعية التي يشهدها، في حرص شديد على أن تكفل مقتضياتها، في الآن ذاته، تعزيز مكانة المرأة وحقوقها، وحماية حقوق الأطفال، والمحافظة على كرامة الرجل».

وتخص أبرز التعديلات المقترحة بشأن تعدد الزوجات، التنصيص على «إجبارية استطلاع رأي الزوجة في أثناء توثيق عقد الزواج حول اشتراطها عدم التزوج عليها من عدمه، والتنصيص على ذلك في عقد الزواج. وفي حال اشتراط عدم التزوج عليها، فلا يحق للزوج التعدد وفاء منه بالشرط».

وفي حال غياب هذا الاشتراط، فإن «المبرر الموضوعي الاستثنائي للتعدد، سيصبح محصوراً في إصابة الزوجة الأولى بالعقم، أو بمرض مانع من المعاشرة الزوجية، أو حالات أخرى يقدرها القاضي وفق معايير قانونية محددة، تكون في الدرجة نفسها من الموضوعية والاستثنائية».

كما نص أبرز التعديلات المقترحة على «جعل النيابة القانونية حقاً مشتركاً بين الزوجين في أثناء العلاقة الزوجية وبعد انفصالها. وفي حال نشوء خلاف حول أعمال النيابة القانونية، يتم الرجوع إلى قاضي الأسرة للبتّ فيه، وفق ضوابط ومعايير قانونية واضحة». أما بشأن الحضانة، فقد تم «اعتبار الحضانة حقاً مشتركاً بين الزوجين في أثناء العلاقة الزوجية، مع إمكانية تمديد هذا الحق بعد الطلاق إذا اتفق الطرفان».

الوزير وهبي مع رئيس الحكومة عزيز أخنوش خلال اللقاء التواصلي (الشرق الأوسط)

علاوة على ذلك، تم «تعزيز حق الأم المطلقة في حضانة أطفالها، حتى في حالة زواجها، وضمان الحق في سكن المحضون»، مع «تنظيم ضوابط جديدة لزيارة المحضون أو السفر به، بما يضمن مصلحة الطفل»، حسب ما تلاه وزير العدل.

أما بشأن الإرث، فقد تم «اعتماد مقترح المجلس العلمي الأعلى بخصوص إرث البنات، الذي يتيح إمكانية هبة الأموال للوارثات قيد الحياة، مع اعتبار الحيازة الحكمية كافية». ومن أبرز المستجدات أيضاً، فتح المجال أمام الوصية والهبة بين الزوجين عند اختلاف الدين.

وبخصوص زواج القاصرين، تم تحديد سن الزواج في 18 سنة شمسية كاملة، مع استثناء يسمح بالزواج في سن 17 سنة إذا توفرت شروط صارمة لضمان الحماية. كما تقرر «تعزيز الرقابة القضائية للتأكد من أن الاستثناء يبقى ضمن إطار الحالات الضرورية فقط». وبهذا الخصوص، قال الوزير وهبي إن تحديد أهلية الزواج بالنسبة للفتى والفتاة 18 سنة شمسية كاملة، مع وضع استثناء للقاعدة المذكورة، يحدد فيها سن القاصر في 17 سنة، مع تأطيره بعدة شروط تضمن بقاءه، عند التطبيق، في دائرة الاستثناء.

كما تم السماح بـ«إمكانية عقد الزواج بالنسبة للمغاربة المقيمين بالخارج، دون حضور الشاهدين المسلمين في حال تعذر ذلك».

وتضمنت أبرز التعديلات، أيضاً، تقليص مدة البت في قضايا الطلاق والتطليق إلى ستة أشهر كحد أقصى، مع اعتماد وسائل إلكترونية لتوثيق العقود وتبليغ القرارات القضائية. وحسب وزير العدل، بصفته عضواً في الهيئة المكلفة بتعديل المدونة، فقد تم إقرار تضمين المدونة الجديدة «إنشاء هيئات للوساطة والصلح لمعالجة النزاعات الأسرية قبل اللجوء إلى القضاء».