وزير الخارجية السوداني لـ«الشرق الأوسط»: لا بديل لـ«منبر جدة»

«قوات الدعم السريع» تعلن سيطرتها على «قاعدة الزرق» بدارفور

وزير الخارجية السعودي في جدة إلى جانب ممثلين عن طرفي النزاع السوداني خلال توقيع اتفاق وقف النار في مايو 2023 (رويترز)
وزير الخارجية السعودي في جدة إلى جانب ممثلين عن طرفي النزاع السوداني خلال توقيع اتفاق وقف النار في مايو 2023 (رويترز)
TT

وزير الخارجية السوداني لـ«الشرق الأوسط»: لا بديل لـ«منبر جدة»

وزير الخارجية السعودي في جدة إلى جانب ممثلين عن طرفي النزاع السوداني خلال توقيع اتفاق وقف النار في مايو 2023 (رويترز)
وزير الخارجية السعودي في جدة إلى جانب ممثلين عن طرفي النزاع السوداني خلال توقيع اتفاق وقف النار في مايو 2023 (رويترز)

قال وزير الخارجية السوداني، علي يوسف أحمد، إن حكومته أكدت لنائب وزير الخارجية السعودي، وليد الخريجي، الذي زار البلاد يوم السبت، تمسكها بمفاوضات «منبر جدة» لحل الأزمة السودانية، وإنها ترفض المشاركة في أي منبر بديل. وأضاف، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أنه «خلال الزيارة تم تأكيد موقف السودان الثابت حول (منبر جدة)، وتنفيذ ما تم الاتفاق عليه، ولا مجال للمشاركة في أي منبر آخر».

وكان الخريجي قد وصل العاصمة السودانية المؤقتة، بورتسودان، في زيارة لبضع ساعات التقى خلالها رئيس مجلس السيادة الانتقالي، الفريق عبد الفتاح البرهان، فيما قال إعلام مجلس السيادة إن اللقاء تناول أيضاً العلاقات الثنائية بين البلدين وسبل تطويرها.

من جهة أخرى، أكد وزير الخارجية السوداني أن الهدف من زيارة المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة رمطان لعمامرة، الذي يزور السودان أيضاً، هو التعرف على مجريات الحرب في البلاد، وبحث سبل حماية المدنيين ومعالجة الملف الإنساني، موضحاً أن حكومته على استعداد للتعاون التام مع الأمم المتحدة. وكان لعمامرة قد قاد الاجتماع التشاوري الثالث لتنسيق مبادرات السلام في السودان، الإقليمية والدولية، الذي عقد في العاصمة الموريتانية نواكشوط، الأربعاء الماضي.

«قاعدة الزرق»

جانب من الدمار الذي خلّفه القتال في مدينة الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور (أرشيفية - أ.ف.ب)

ميدانياً، أعلنت «قوات الدعم السريع»، الأحد، أنها استعادت السيطرة على القاعدة العسكرية في بلدة الزرق القريبة من مدينة الفاشر في إقليم دارفور بغرب السودان، بعد أن كانت قوات الجيش قد سيطرت عليها مساء السبت. وتضاربت التصريحات الرسمية بين طرفي الصراع في السودان - الجيش و«قوات الدعم السريع» - بشأن السيطرة على المنطقة المهمة الواقعة شرق مدينة الفاشر عاصمة الولاية.

وأعلن المتحدث باسم الحركات المسلحة التي تساند الجيش، أحمد حسين، أن قواتهم حققت نصراً استراتيجياً بتحرير منطقة «وادي هور» و«قاعدة الزرق» العسكرية ومطارها الحربي، لكن عناصر «قوات الدعم السريع» بثت، يوم الأحد، تسجيلات مصورة لقواتها من هذه المواقع، مؤكدة أنها تسيطر عليها تماماً.

وتضاربت تصريحات الطرفين حول السيطرة على هذه المواقع؛ إذ قال حسين في بيان نُشر على موقع «فيسبوك»، إنه تم دك حصون «قوات الدعم السريع»، وتطهير هذه المناطق الاستراتيجية من وجودهم بشكل كامل. وأضاف أن العملية العسكرية بدأت يوم السبت بتحرير قاعدة «بئر مرقي» والمطار العسكري، ثم السيطرة على «بئر شلة» و«دونكي مجور»، وصولاً إلى القاعدة الكبرى العسكرية في بلدة الزرق.

وقال إن «قوات الدعم السريع» هربت تاركة خلفها ما لا يقل عن 700 قتيل وجريح، فضلاً عن أسر عدد كبير منهم. كما تم تدمير أكثر من 122 آلية عسكرية، إضافة إلى السيطرة على 5 قواعد عسكرية تضم مطارين حربيين، ويجري فحص بقية المكاسب الاستراتيجية على مستوى القواعد والمطارات.

تطهير عرقي

أحد مخيمات النزوح في الفاشر (أ.ف.ب)

وأوضح في البيان أن هذه القواعد العسكرية كانت تمثل شرياناً لتهريب الأسلحة والوقود والمقاتلين من الدول المجاورة إلى داخل السودان، لمساندة «قوات الدعم السريع». وعدّ هذا التطور ضربة قاصمة لهذه القوات وأنه لم يعد لها أي وجود في قواعدها التاريخية بمنطقة وادي هور.

في المقابل، قالت «قوات الدعم السريع»، في بيان على «تلغرام»، إنها حررت، فجر الأحد، منطقة الزرق بولاية شمال دارفور، وطردت منها قوات الجيش والحركات المسلحة التابعة له، متهمةً هذه الحركات بارتكاب «تطهير عرقي بحق المدنيين العزّل في المنطقة، وتعمدت قتل الأطفال والنساء وكبار السن، إضافة إلى حرق وتدمير آبار المياه والأسواق ومنازل المواطنين والمستشفيات وجميع المرافق العامة والخاصة». واعتبرت أن استهداف المدنيين في مناطق تخلو من الأهداف العسكرية يمثّل جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية. ودعت المنظمات الإقليمية والدولية المعنية بحقوق الإنسان لإدانة هذه الممارسات ضد المدنيين.

وأضافت، في البيان، أن تحرير منطقة الزرق يؤكد قدرة «قوات الدعم السريع» على حسم المعارك العسكرية في إقليم دارفور. وأظهر فيديو على منصة «تلغرام» عناصر من «قوات الدعم السريع» على متن آليات عسكرية داخل السوق الرئيسية في منطقة الزرق، يؤكدون فيه سيطرتهم الكاملة على البلدة التي توغلت فيها قوات الجيش والحركات المسلحة المساندة له، في وقت سابق.

وتقع منطقة الزرق الاستراتيجية في مثلث الصحراء الكبرى على الحدود السودانية - الليبية - التشادية، وتبعد 87 كيلومتراً من مدينة الفاشر التي تحاصرها «قوات الدعم السريع» منذ أشهر، وهي آخر مدينة رئيسية في إقليم دارفور لا تزال في أيدي قوات الجيش.


مقالات ذات صلة

السعودية تجدد دعوتها لضرورة إنهاء الصراع في السودان

الخليج خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز يترأس جلسة مجلس الوزراء (واس)

السعودية تجدد دعوتها لضرورة إنهاء الصراع في السودان

جدَّدت السعودية ما أكدته، خلال الاجتماع التشاوري (الثالث) بين المنظمات متعددة الأطراف الراعية لمبادرات السلام في السودان، من ضرورة إنهاء الصراع.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
أفريقيا أم تحمل طفلها الذي يعاني من سوء التغذية الحاد في جناح الأطفال بمستشفى جنوب كردفان في السودان (رويترز)

تقرير: أزمة المجاعة في السودان «تتفاقم» بسبب الحرب

ذكر «المرصد العالمي للجوع»، الثلاثاء، أن نطاق المجاعة في السودان اتسع إلى 5 مناطق، ومن المرجح أن تمتد إلى 5 مناطق أخرى بحلول شهر مايو (أيار).

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا جسر خزان «جبل الأولياء»... (أرشيفية - وسائل إعلام سودانية محلية)

تعطل سد «جبل الأولياء» يغرق مناطق واسعة في السودان

تسبب تعطل سد رئيسي، يقع على بعد 40 كيلومتراً جنوب العاصمة السودانية الخرطوم، عن العمل جراء الحرب في فيضانات غمرت مناطق واسعة من ولاية النيل الأبيض.

محمد أمين ياسين (نيروبي)
شمال افريقيا قائد الجيش الفريق عبد الفتاح البرهان بين جنود القاعدة البحرية في بورتسودان (أ.ف.ب)

تسارع خطى تكوين حكومة سودانية «موازية» في مناطق «الدعم السريع»

تتسارع المشاورات بين «قوى سياسية» سودانية وحركات مسلحة من جهة، وممثلين عن «الدعم السريع» من الجهة الأخرى، في العاصمة الكينية نيروبي، لبحث تكوين حكومة «موازية».

أحمد يونس (كمبالا)
أفريقيا عبور أكثر من خمسة آلاف شخص الحدود من السودان إلى جنوب السودان حيث تستشري أعمال عنف مختلفة (أ.ب)

تحذيرات من وضع «صعب للغاية» عند حدود جنوب السودان مع تدفق اللاجئين

حذّرت منظمة أطباء بلا حدود الاثنين من أن الوضع عند حدود جنوب السودان «صعب للغاية»، مع فرار آلاف الأشخاص من السودان المجاور إثر اشتداد القتال.

«الشرق الأوسط» (نيروبي)

تعطل سد «جبل الأولياء» يغرق مناطق واسعة في السودان

جسر خزان «جبل الأولياء»... (أرشيفية - وسائل إعلام سودانية محلية)
جسر خزان «جبل الأولياء»... (أرشيفية - وسائل إعلام سودانية محلية)
TT

تعطل سد «جبل الأولياء» يغرق مناطق واسعة في السودان

جسر خزان «جبل الأولياء»... (أرشيفية - وسائل إعلام سودانية محلية)
جسر خزان «جبل الأولياء»... (أرشيفية - وسائل إعلام سودانية محلية)

تسبب تعطل سد رئيسي يقع على بعد 40 كيلومتراً جنوب العاصمة السودانية الخرطوم عن العمل، جراء تداعيات الحرب الدائرة بين الجيش و«قوات الدعم السريع»، في فيضانات غمرت مناطق واسعة من ولاية النيل الأبيض، بالجزء الجنوبي من البلاد، ولا يزال نطاق الأضرار غير واضح بعد عزل كثير من البلدات والقرى بسبب تدفق المياه المستمر لليوم الخامس دون توقف.

وغمرت المياه بمستويات عالية تجاوزت المتر منطقة «الجزيرة أبا» وبلدات ريفية أخرى، وسط مخاوف من أن تتعرض مناطق الولاية كاملة للغرق، وكارثة إنسانية فادحة، وفقاً لتقارير حكومية رصدت تدفق المياه بكميات كبيرة من بحيرة فكتوريا في أوغندا، ومن منطقة أعالي النيل بدولة جنوب السودان، التي تصب مباشرة في النيل الأبيض؛ الفرع الثاني الذي يغذي نهر النيل.

وتعرض جسم السد خلال الأشهر الماضية لغارات جوية مكثفة من الطيران الحربي للجيش بهدف قطع الإمدادات العسكرية عن «قوات الدعم السريع» التي تسيطر على منطقة السد.

وكان وزير الشؤون والأوقاف الدينية السابق، نصر الدين مفرح، وهو أحد سكان «الجزيرة أبا»، وجه نداءً إلى قائد الجيش الفريق عبد الفتاح البرهان، وقائد «قوات الدعم السريع» محمد حمدان دقلو المعروف باسم «حميدتي»، لاتخاذ إجراءات عاجلة لفتح بوابات خزان «جبل الأولياء» لتخفيف ضغط المياه وإنقاذ أوراح السكان.

وقال مفرح لــ«الشرق الأوسط»: «لقد علمنا أن الموظفين غادروا المنطقة عقب الضربة التي تعرض لها جسر السد في سبتمبر (أيلول) الماضي، وأن المهندسين من أبناء الولاية سبق أن أرسلوا تنبيهاً إلى حكومة الأمر الواقع في بورتسودان بضرورة عودة الموظفين والفنيين لمراقبة السد، لكنها لم تحرك ساكناً إلى أن وقعت الكارثة».

وقالت مصادر إن البوابات الرئيسية للسد سليمة وإنه يمكن تشغيلها، لكن هناك نحو 40 بوابة أخرى، تستخدم في حالات الطوارئ، تحتاج إلى موظفين لتشغيلها لتصريف المياه، وفق القواعد المعمول بها، بشكل دوري وسنوي.

وأوضح مفرح أن الإحصاءات الأولية تشير إلى أن أكثر من 6 آلاف منزل دُمرت، فضلاً عن انقطاع الإمداد الكهربائي والمائي، واختلاط المياه بمخلفات الصرف الصحي التي تستخدم في تلك المناطق، مما نتج عنه تسجيل أكثر من 60 حالة إصابة بمرض الكوليرا، وسط مخاوف من انتشار كثير من الأمراض والأوبئة.

وأضاف أن الفيضان ضرب بنسب متفاوتة كثيراً من المنازل في الأحياء الغربية والشرقية في «الجزيرة أبا»، كما غمرت المياه الطريق الوحيدة التي تربط المدينة بالمناطق الأخرى، وهي مهددة بالانجراف حال ازدادت مستويات المياه، مما سيؤدي إلى عزل المنطقة بالكامل وصعوبة مغادرتها.

مخيم «أم صنقور» بالنيل الأبيض حيث يعيش عشرات الآلاف في ظروف حياتية قاسية (أطباء بلا حدود)

وأوضح مفرح أيضاً أن الفيضان غمر كل الأراضي الزراعية، في قمة الموسم الشتوي الذي يعتمد عليه كثير من المزارعين في توفير قوت معاشهم من حبوب القمح. وأشار الوزير السابق إلى أن «قوات الدعم السريع» حاولت فتح بوابات الخزان، لكن نسبة الأعطال وعدم الصيانة لفترات طويلة بجانب الأضرار التي خلفتها الغارات الجوية، حالت دون ذلك. وأضاف أن الحل الوحيد لتجاوز هذه الكارثة هو أن يجري تنسيق بين الطرفين المتحاربين بواسطة الصليب الأحمر لجلب الفنيين لفتح بوابات السد.

ويبلغ عدد سكان منطقة «الجزيرة أبا» نحو 90 ألف نسمة، واستقبلت خلال الأشهر الماضية أكثر من 20 ألف نازح. وأدى الفيضان إلى نزوح آلاف السكان بعد غرق المنازل وتشريد العائلات، وسط تحذيرات من خطر انهيار وشيك لخزان «جبل الأولياء»، مما قد يؤدي أيضاً إلى أضرار كبيرة في العاصمة الخرطوم.

من جانبها، قالت «قوات الدعم السريع» إنها تتابع «بقلق تطورات الفيضان جراء الأضرار الكبيرة التي لحقت ببنية السد بعد الاستهداف المتكرر بالقصف الجوي من الطيران الحربي» التابع للجيش السوداني، الذي «بلغ 70 غارة جوية» منذ أن سيطرت قواتها على المنطقة العسكرية في «جبل الأولياء».

وأوضحت في البيان أنها استعانت بخبراء فنيين «لمعالجة بعض المشكلات؛ مما ساعد في انسياب المياه، لكن المشكلة عادت بشكل أكبر خلال الموسم الحالي، على الرغم من جهود الفرق الفنية لتدارك الموقف».

كما اتهمت الجيش السوداني بـ«سحب كل المفاتيح وكابلات بوابات الخزان قبل انسحابه من منطقة جبل الأولياء، وشن ضربات جوية مراراً وتكراراً بهدف تعطيله عن العمل».