إيران ترسل إشارات جديدة لتعزيز مسار «استكشاف» العلاقات مع مصر

عراقجي زار مساجد «آل البيت» بالقاهرة... وتحدث عن ثقافة البلدين

وزير الخارجية الإيراني يزور مساجد «آل البيت» في القاهرة (حساب وزير الخارجية الإيراني على «إكس»)
وزير الخارجية الإيراني يزور مساجد «آل البيت» في القاهرة (حساب وزير الخارجية الإيراني على «إكس»)
TT

إيران ترسل إشارات جديدة لتعزيز مسار «استكشاف» العلاقات مع مصر

وزير الخارجية الإيراني يزور مساجد «آل البيت» في القاهرة (حساب وزير الخارجية الإيراني على «إكس»)
وزير الخارجية الإيراني يزور مساجد «آل البيت» في القاهرة (حساب وزير الخارجية الإيراني على «إكس»)

أرسلت إيران إشارات جديدة تستهدف تعزيز مسار «العلاقات الاستكشافية» مع مصر، بعدما أجرى وزير الخارجية الإيراني، عباس عراقجي، جولة داخل مساجد «آل البيت»، وبعض المناطق التاريخية والأثرية في القاهرة، عادّاً أن «ما يجمع طهران والقاهرة هوية وثقافة مشتركة».

جاءت إشارات عراقجي الجديدة على هامش زيارته الثانية للقاهرة، ومشاركته مع الرئيس الإيراني، مسعود بزشكيان، في القمة الحادية عشرة لمجموعة «الثماني النامية» للتعاون الاقتصادي، التي استضافتها مصر، الخميس.

وقطع البلدان علاقاتهما الدبلوماسية عام 1979، قبل أن تُستأنف من جديد بعد ذلك بـ11 عاماً، لكن على مستوى القائم بالأعمال ومكاتب المصالح، وشهدت الأشهر الماضية لقاءات بين وزراء مصريين وإيرانيين في مناسبات عدة، لبحث إمكانية تطوير العلاقات بين البلدين، وذلك عقب توجيه رئاسي إيراني لوزارة الخارجية في طهران، في مايو (أيار) من العام الماضي، باتخاذ الإجراءات اللازمة لـ«تعزيز العلاقات مع مصر».

والتقى الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي نظيره الإيراني، الخميس، على هامش قمة «الثماني النامية»، وبحث الجانبان «الجهود المشتركة لاستكشاف آفاق تطوير العلاقات الثنائية، بما يحقق مصلحة الشعبين، ويسهم في دعم استقرار المنطقة»، حسب إفادة لـ«الرئاسة المصرية».

ووصل بزشكيان، مساء الأربعاء الماضي، إلى القاهرة في أول زيارة لرئيس إيراني منذ 11 عاماً، وسبق أن التقى الرئيس السيسي على هامش قمة تجمع «بريكس»، التي استضافتها مدينة قازان الروسية، في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.

عراقجي خلال زيارته لمسجد "السيدة نفسية" بالقاهرة (حساب وزير الخارجية الإيراني على "إكس")

وزار عراقجي بعض مساجد «آل البيت» في القاهرة، منها «الحسين»، و«السيدة زينب»، و«السيدة نفيسة»، إلى جانب بعض المناطق التاريخية، منها جامع محمد علي باشا، وأشار عبر حسابه الرسمي على موقع «إكس»، مساء الجمعة، إلى أن «ما يجمع بلاده ومصر، حكومة وشعباً، هوية وثقافة مشتركة تضرب بجذورها في أعماق التاريخ».

وهذه ثاني زيارة لوزير الخارجية الإيراني للقاهرة، بعد زيارته الأولى التي كانت ضمن جولة إقليمية.

وبعث عراقجي برسائل جديدة لتعزيز مسار العلاقات الإيرانية-المصرية، وقال إن «ما فرقته المسافات، جمعه حب آل البيت»، الذي «وحّد البلدين اللذين ترسخ بداخلهما حب آل البيت»، مؤكداً أن «الكلام مع الشعب المصري حفر ذكرى أعترف بها بصدق».

وسبق أن تجول وزير الخارجية الإيراني خلال زيارته الأولى للقاهرة، وسط العاصمة المصرية، وحرص على تناول «الكشري»، أحد أشهر الأطباق المصرية الشعبية.

ووفق تقدير أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، الدكتور طارق فهمي، فإن «هناك سعياً إيرانياً للانفتاح في العلاقات مع مصر»، مشيراً إلى أن «المساعي الإيرانية ترجمتها زيارات كبار المسؤولين في طهران إلى القاهرة أخيراً، وخصوصاً زيارة الرئيس الإيراني نهاية الأسبوع الماضي لمصر»، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «مضمون الخطاب السياسي والإعلامي الإيراني يصب في مصلحة تطوير العلاقات مع مصر».

ويرى فهمي أن مسار تطور العلاقات المصرية-الإيرانية «مرتبط بتحفظات مصرية تتعلق بتباين الموقف تجاه القضايا العربية»، مشيراً إلى أن «القاهرة تتجاوب مع التحركات الإيرانية لتعزيز العلاقات»، لكنه عدَّ هذا التجاوب «مرتبطاً برؤية مصر تجاه عدد من القضايا العربية، وخصوصاً التطورات في سوريا ولبنان واليمن والعراق».

وتبادل السيسي وبزشكيان، خلال لقائهما، الخميس، وجهات النظر حول التطورات الإقليمية، وسبل استعادة السلام بالمنطقة، وأيضاً الأوضاع في الأراضي الفلسطينية ولبنان وسوريا.

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال لقاء نظيره الإيراني في القاهرة الخميس الماضي (الرئاسة المصرية)

ولا يرجح طارق فهمي «تطور العلاقات بين القاهرة وطهران إلى مستوى إعادة فتح السفارات، وتبادل السفراء، في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «مرحلة العلاقات الاستكشافية سوف تتواصل بما يخدم مصالح المنطقة».

في سياق ذلك، يرى الخبير في الشؤون الإيرانية، الدكتور محمد عباس ناجي، أن «هناك تطلعاً إيرانياً لرفع مستوى العلاقات مع مصر إلى مستوى السفراء، بدلاً من مكتب رعاية المصالح»، مشيراً إلى أن «رسائل الإعلام الإيراني أخيراً تدعم هذا الاتجاه».

وقال عباس لـ«الشرق الأوسط» إن زيارة عراقجي لمساجد «آل البيت» والمناطق التاريخية بالقاهرة، «رسالة من طهران بوجود قواسم مشتركة بين البلدين، يمكن البناء عليها لتحسين مستوى العلاقات»، إلى جانب التأكيد على أنه «لا توجد إشكالية في البعد المذهبي على مسار العلاقات».

ويعتقد عباس أن «طهران مهتمة بتعزيز علاقاتها مع القاهرة، وقد زادت تلك الأهمية في الفترة الأخيرة، في ضوء الضغوط التي تتعرض لها إيران على خلفية تطورات الأوضاع في المنطقة، خصوصاً في غزة ولبنان وسوريا».

ويرتبط تطور العلاقات المصرية-الإيرانية بمجموعة من الأبعاد السياسية والأمنية والاستراتيجية، وفق خبير الشؤون الإيرانية، الذي أشار إلى أن القاهرة «ما زالت تقف عند مرحلة استكشاف العلاقات لوضع النقاط فوق الحروف تجاه بعض القضايا»، موضحاً أن «هناك ملفات محل نقاش بين الجانبين، ومصر ما زالت معنية باستيضاح مواقف إيران في بعض الملفات، مثل ما يحدث في البحر الأحمر، والوضع في اليمن».


مقالات ذات صلة

مصر لتطوير منظومة الطيران المدني

الاقتصاد الرئيس المصري خلال اجتماع حكومي لتطوير منظومة الطيران المدني (الرئاسة المصرية)

مصر لتطوير منظومة الطيران المدني

بحث الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، في اجتماع حكومي، مساء الأحد، «موقف تطوير منظومة الطيران المدني بجميع مكوناتها».

أحمد إمبابي (القاهرة)
شمال افريقيا يوسف ندا (متداولة على حسابات موالية للإخوان)

رحيل الإخواني يوسف ندا يطرح تساؤلات عن مصير «أموال الجماعة»

أثار رحيل القيادي في جماعة «الإخوان»، يوسف ندا، الأحد، تساؤلات حول مصير «أموال الجماعة»، ومدى تأثرهم اقتصادياً بوفاته.

أحمد إمبابي (القاهرة)
شمال افريقيا وزير الدفاع المصري خلال زيارة لإحدى القواعد الجوية (المتحدث العسكري المصري)

الجيش المصري يؤكد حرصه على اقتناء أحدث نظم الطائرات

أكد الجيش المصري حرصه على «تزويد القوات الجوية بأحدث نظم وأنظمة الطائرات الحديثة وفقاً لرؤية استراتيجية للتعامل مع التحديات كافة ومواكبة التطور التكنولوجي».

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
يوميات الشرق الفنانة المصرية رانيا يوسف (فيسبوك)

اعترافات الفنانات خلال مقابلات إعلامية... جدل متجدد يُثير تفاعلاً

بعض التصريحات التي تدلي بها الفنانات المصريات لا تتوقف عن تجديد الجدل حولهن، وإثارة التفاعل عبر مواقع التواصل الاجتماعي فيما يتعلق بتفاصيل حياتهن الشخصية.

أحمد عدلي (القاهرة )
يوميات الشرق تمثال موسيقار الأجيال محمد عبد الوهاب في معهد الموسيقى العربية بالقاهرة (الشرق الأوسط)

حفل لإحياء تراث «موسيقار الأجيال» محمد عبد الوهاب بالأوبرا المصرية

في إطار استعادة تراث كبار الموسيقيين، وضمن سلسلة «وهّابيات» التي أطلقتها دار الأوبرا المصرية، يقام حفل لاستعادة تراث «موسيقار الأجيال» محمد عبد الوهاب.

محمد الكفراوي (القاهرة )

وزير الخارجية السوداني لـ«الشرق الأوسط»: لا بديل لـ«منبر جدة»

وزير الخارجية السعودي في جدة إلى جانب ممثلين عن طرفي النزاع السوداني خلال توقيع اتفاق وقف النار في مايو 2023 (رويترز)
وزير الخارجية السعودي في جدة إلى جانب ممثلين عن طرفي النزاع السوداني خلال توقيع اتفاق وقف النار في مايو 2023 (رويترز)
TT

وزير الخارجية السوداني لـ«الشرق الأوسط»: لا بديل لـ«منبر جدة»

وزير الخارجية السعودي في جدة إلى جانب ممثلين عن طرفي النزاع السوداني خلال توقيع اتفاق وقف النار في مايو 2023 (رويترز)
وزير الخارجية السعودي في جدة إلى جانب ممثلين عن طرفي النزاع السوداني خلال توقيع اتفاق وقف النار في مايو 2023 (رويترز)

قال وزير الخارجية السوداني، علي يوسف أحمد، إن حكومته أكدت لنائب وزير الخارجية السعودي، وليد الخريجي، الذي زار البلاد يوم السبت، تمسكها بمفاوضات «منبر جدة» لحل الأزمة السودانية، وإنها ترفض المشاركة في أي منبر بديل. وأضاف، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أنه «خلال الزيارة تم تأكيد موقف السودان الثابت حول (منبر جدة)، وتنفيذ ما تم الاتفاق عليه، ولا مجال للمشاركة في أي منبر آخر».

وكان الخريجي قد وصل العاصمة السودانية المؤقتة، بورتسودان، في زيارة لبضع ساعات التقى خلالها رئيس مجلس السيادة الانتقالي، الفريق عبد الفتاح البرهان، فيما قال إعلام مجلس السيادة إن اللقاء تناول أيضاً العلاقات الثنائية بين البلدين وسبل تطويرها.

من جهة أخرى، أكد وزير الخارجية السوداني أن الهدف من زيارة المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة رمطان لعمامرة، الذي يزور السودان أيضاً، هو التعرف على مجريات الحرب في البلاد، وبحث سبل حماية المدنيين ومعالجة الملف الإنساني، موضحاً أن حكومته على استعداد للتعاون التام مع الأمم المتحدة. وكان لعمامرة قد قاد الاجتماع التشاوري الثالث لتنسيق مبادرات السلام في السودان، الإقليمية والدولية، الذي عقد في العاصمة الموريتانية نواكشوط، الأربعاء الماضي.

«قاعدة الزرق»

جانب من الدمار الذي خلّفه القتال في مدينة الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور (أرشيفية - أ.ف.ب)

ميدانياً، أعلنت «قوات الدعم السريع»، الأحد، أنها استعادت السيطرة على القاعدة العسكرية في بلدة الزرق القريبة من مدينة الفاشر في إقليم دارفور بغرب السودان، بعد أن كانت قوات الجيش قد سيطرت عليها مساء السبت. وتضاربت التصريحات الرسمية بين طرفي الصراع في السودان - الجيش و«قوات الدعم السريع» - بشأن السيطرة على المنطقة المهمة الواقعة شرق مدينة الفاشر عاصمة الولاية.

وأعلن المتحدث باسم الحركات المسلحة التي تساند الجيش، أحمد حسين، أن قواتهم حققت نصراً استراتيجياً بتحرير منطقة «وادي هور» و«قاعدة الزرق» العسكرية ومطارها الحربي، لكن عناصر «قوات الدعم السريع» بثت، يوم الأحد، تسجيلات مصورة لقواتها من هذه المواقع، مؤكدة أنها تسيطر عليها تماماً.

وتضاربت تصريحات الطرفين حول السيطرة على هذه المواقع؛ إذ قال حسين في بيان نُشر على موقع «فيسبوك»، إنه تم دك حصون «قوات الدعم السريع»، وتطهير هذه المناطق الاستراتيجية من وجودهم بشكل كامل. وأضاف أن العملية العسكرية بدأت يوم السبت بتحرير قاعدة «بئر مرقي» والمطار العسكري، ثم السيطرة على «بئر شلة» و«دونكي مجور»، وصولاً إلى القاعدة الكبرى العسكرية في بلدة الزرق.

وقال إن «قوات الدعم السريع» هربت تاركة خلفها ما لا يقل عن 700 قتيل وجريح، فضلاً عن أسر عدد كبير منهم. كما تم تدمير أكثر من 122 آلية عسكرية، إضافة إلى السيطرة على 5 قواعد عسكرية تضم مطارين حربيين، ويجري فحص بقية المكاسب الاستراتيجية على مستوى القواعد والمطارات.

تطهير عرقي

أحد مخيمات النزوح في الفاشر (أ.ف.ب)

وأوضح في البيان أن هذه القواعد العسكرية كانت تمثل شرياناً لتهريب الأسلحة والوقود والمقاتلين من الدول المجاورة إلى داخل السودان، لمساندة «قوات الدعم السريع». وعدّ هذا التطور ضربة قاصمة لهذه القوات وأنه لم يعد لها أي وجود في قواعدها التاريخية بمنطقة وادي هور.

في المقابل، قالت «قوات الدعم السريع»، في بيان على «تلغرام»، إنها حررت، فجر الأحد، منطقة الزرق بولاية شمال دارفور، وطردت منها قوات الجيش والحركات المسلحة التابعة له، متهمةً هذه الحركات بارتكاب «تطهير عرقي بحق المدنيين العزّل في المنطقة، وتعمدت قتل الأطفال والنساء وكبار السن، إضافة إلى حرق وتدمير آبار المياه والأسواق ومنازل المواطنين والمستشفيات وجميع المرافق العامة والخاصة». واعتبرت أن استهداف المدنيين في مناطق تخلو من الأهداف العسكرية يمثّل جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية. ودعت المنظمات الإقليمية والدولية المعنية بحقوق الإنسان لإدانة هذه الممارسات ضد المدنيين.

وأضافت، في البيان، أن تحرير منطقة الزرق يؤكد قدرة «قوات الدعم السريع» على حسم المعارك العسكرية في إقليم دارفور. وأظهر فيديو على منصة «تلغرام» عناصر من «قوات الدعم السريع» على متن آليات عسكرية داخل السوق الرئيسية في منطقة الزرق، يؤكدون فيه سيطرتهم الكاملة على البلدة التي توغلت فيها قوات الجيش والحركات المسلحة المساندة له، في وقت سابق.

وتقع منطقة الزرق الاستراتيجية في مثلث الصحراء الكبرى على الحدود السودانية - الليبية - التشادية، وتبعد 87 كيلومتراً من مدينة الفاشر التي تحاصرها «قوات الدعم السريع» منذ أشهر، وهي آخر مدينة رئيسية في إقليم دارفور لا تزال في أيدي قوات الجيش.