«سوريو مصر»... فرح وحذر وترقب لـ«اليوم التالي»

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر»... فرح وحذر وترقب لـ«اليوم التالي»

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

تفاعل سوريون مقيمون في مصر مع التغيير الذي شهدته بلادهم، بسقوط نظام بشار الأسد، واحتفل كثير من أعضاء الجالية السورية بنجاح فصائل المعارضة، وسط حالة ترقب من تطورات «اليوم التالي» لرحيل نظام بشار.

وعلى مدى أكثر من عقد، تزايدت أعداد السوريين في مصر، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية، وارتفع عدد السوريين المسجلين في مصر لدى مفوضية اللاجئين، من 12800 سوري نهاية عام 2012، إلى أكثر من 153 ألف سوري نهاية عام 2023. لكن بيانات المفوضية لا تعكس عدد السوريين الحقيقي بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

طوابير أمام أحد المطاعم السورية في القاهرة (الشرق الأوسط)

وتفاعل سوريون في مصر مع تغيير نظام الأسد، وخرج العديد من أعضاء الجالية للاحتفال في مدينة «6 أكتوبر» بمحافظة الجيزة (غرب القاهرة)، والتي تعد معقل الجالية السورية في مصر. في حين أشارت وسائل إعلام مصرية إلى أن أجهزة الأمن «ألقت القبض على بعضهم نتيجة التجمع دون تصريح أمني».

ويرى سوريون بمصر، ومنهم ممثلون للجالية، أن «التطورات الحالية في سوريا تفتح الباب للعودة مرة أخرى للبلاد».

وتدعم السلطات المصرية «عودة آمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، حسب وزارة الخارجية التي أشارت في إفادة لها، الأحد، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».

ولم تتوقع الجالية السورية بمصر سقوطاً سريعاً لنظام الأسد، رغم تقدم فصائل المعارضة المسلحة خلال الأيام الأخيرة، وفق مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، الذي أشار إلى أن «التغيير السريع للنظام فاجأ غالبية الجالية السورية؛ نظراً لتجاربهم السابقة مع نظام الأسد».

ويتوقف الحلواني في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، مع سلوك فصائل المعارضة بعد سقوط نظام الأسد، وقال إن «الانضباط الذي يظهر حتى الآن يشجع الكثير من السوريين للتفاعل مع تغيير النظام»، مشيراً إلى أن «غالبية السوريين يترقبون ما سيحدث في الفترة المقبلة، خصوصاً مع ترتيبات الفترة الانتقالية»، ودعا إلى «ضرورة تولي إدارة مدنية السلطة الانتقالية للحفاظ على المؤسسات السورية من الانهيار».

وباعتقاد ملهم الخن، مدير عام مؤسسة «سوريا الغد» (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، فإن «السوريين لم يتوقعوا انتهاء فترة حكم بشار دون اقتتال داخلي»، مشيراً إلى أن «عملية التغيير فاجأت كل السوريين، في فترة كانت مشاعر اليأس هي الغالبة على معظم اللاجئين والمهاجرين السوريين بالخارج».

ورغم فرحة عديد من الأسر السورية بإطلاق سراح المعتقلين من السجون السورية، وفق الخن، فإنه رأى أن «غالبية الجالية تترقب بحذر المستقبل في بلادها»، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «الجميع يعلم أن الأيام القادمة لن تكون سهلة على سوريا»، لكنه أشار في نفس الوقت إلى أن «هناك إرادة لطي صفحة الماضي، والتعامل بمسؤولية وتسامح وعدم الثأر في الفترة المقبلة».

وقررت فصائل المعارضة السورية إطلاق سراح المعتقلين السوريين من السجون السورية، حيث فتحت أبواب عديد من المعتقلات لتحرير السجناء بها.

ورغم مشاعر الحذر في أوساط الجالية السورية من مستقبل الأوضاع بعد سقوط نظام الأسد، فإن الإعلامي السوري المقيم في مصر منذ 2013، شاهر راجوب، اعتبر أنه «لا داعي للقلق»، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «سوريا أصبحت حالياً حرة، وتنتقل لمرحلة الدولة المدنية، والشعب السوري هو من يحدد مصيره حالياً».

ويتيح التغيير الذي تشهده سوريا فرصة للجالية السورية في مصر للعودة لبلادهم مرة أخرى، وفق تقدير راجوب، مشيراً إلى أن «نسبة كبيرة من السوريين بالقاهرة يرغبون في العودة لموطنهم مرة أخرى»، لكنه لا يتوقع عودة جميع أبناء الجالية التي قدمت بعد الحرب السورية، وقال: «هناك من تدمرت منازلهم، وهناك سوريون ارتبطوا باستثمارات وأعمال في مصر، ومسألة عودتهم لن تكون قريبة».

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات عبر هاشتاج (#ياسوري_ارجع_دارك)، حيث دعت حساباتٌ الحكومةَ المصرية لعدم استضافة أعداد جديدة من السوريين بالبلاد.

وأشارت حسابات إلى منشورات لسوريين يقدمون الشكر على حسن استضافتهم في مصر.

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة. وأشار رئيس تجمع رجال الأعمال السوريين في مصر، خلدون المُوقع، إلى «تزايد الاستثمارات السورية في مصر»، وقال في تصريحات إعلامية له في يناير (كانون الثاني) الماضي، إن «الاستثمارات تشمل قطاعات عديدة، منها مصانع في مجالات مختلفة».

ويتفق الخن والحلواني في أن رحيل نظام الأسد سيدفع كثيراً من الأسر السورية للعودة مرة أخرى، وأشار مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، إلى أن «كثيراً من الشباب السوري الذي هرب من التجنيد الإجباري وقت نظام الأسد، ينتظر فتح الأبواب للعودة مرة أخرى للبلاد».

وأعلنت السفارة السورية بالقاهرة في إفادة لها، الأحد، عن «توقف خدماتها بشكل مؤقت، لحين إعادة الربط مع منظومة الجوازات المركزية في دمشق».

 


مقالات ذات صلة

خطة حكومية لتنظيم الامتحانات في مناطق سيطرة الأكراد شمال سوريا

المشرق العربي طالبات كرديات يتعلمن بمناهج وكتب كردية في مدرسة بمدينة القامشلي شمال شرقي سوريا (الشرق الأوسط)

خطة حكومية لتنظيم الامتحانات في مناطق سيطرة الأكراد شمال سوريا

مع اقتراب موعد الامتحانات في سوريا، تُجري حكومة دمشق اتصالات مع الإدارة الذاتية لتنظيم عملية الامتحانات في مناطق الأكراد.

كمال شيخو (القامشلي (شمال شرقي سوريا))
خاص لقاء الرئيس السوري أحمد الشرع مع نائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف في دمشق نهاية يناير الماضي (روسيا اليوم) play-circle

خاص روسيا «الخاسرة» في سوريا تعيد ترتيب أوراقها: طي صفحة الأسد والتعامل مع واقع جديد

«لم نُهزم في سوريا وحققنا كل أهدافنا»، عبارة قالها وكررها بوتين منذ سقوط الأسد؛ تفادياً للإقرار بأن روسيا تقف إلى جانب إيران في معسكر الخاسرين المباشرين.

رائد جبر (موسكو)
خاص الرئيس السوري الانتقالي أحمد الشرع خلال مؤتمر صحافي مع الرئيس التركي رجب طيب إردوغان في أنقرة (أ.ب)

خاص الشرع تحت مجهر ترمب «المفتون بالرجال الأقوياء»

بعد 100 يوم من رئاسة الشرع، لا تزال واشنطن قلقة من عودة «داعش» ونفوذ إيران، ومواجهة تركية - إسرائيلية مسرحها سوريا.

علي بردى (واشنطن)
خاص الرئيس التركي رجب طيب إردوغان خلال استقباله الرئيس السوري الانتقالي أحمد الشرع في أول زيارة له في أنقرة 4 فبراير الماضي (الرئاسة التركية)

خاص تركيا عرّاب «سوريا الجديدة» تسابق لتثبيت نفوذها

طرحت تركيا نفسها كأحد أبرز اللاعبين على الأرض في سوريا مع سقوط نظام بشار الأسد وتولي الإدارة الجديدة برئاسة أحمد الشرع.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
خاص سوريون يتابعون كلمة أحمد الشرع في مقهى الروضة الدمشقي (الشرق الأوسط) play-circle

خاص 100 يوم على رئاسة أحمد الشرع... سوريا في ميزان الربح والخسارة

أثار سقوط نظام الأسد آمالاً كبيرة بمستقبل أفضل لسوريا. فما التقييم السياسي للسلطة الحاكمة الجديدة برئاسة أحمد الشرع وحلفائه بعد 100 يوم في الحكم؟

جوزيف ضاهر

اشتباكات ليبيا تشير إلى تنامي نفوذ الدبيبة

قوات الأمن عززت وجودها في العاصمة بعد الاشتباكات الدامية (إ.ب.أ)
قوات الأمن عززت وجودها في العاصمة بعد الاشتباكات الدامية (إ.ب.أ)
TT

اشتباكات ليبيا تشير إلى تنامي نفوذ الدبيبة

قوات الأمن عززت وجودها في العاصمة بعد الاشتباكات الدامية (إ.ب.أ)
قوات الأمن عززت وجودها في العاصمة بعد الاشتباكات الدامية (إ.ب.أ)

أدى مقتل قائد إحدى الجماعات المسلحة، التي تحظى بالنفوذ في العاصمة الليبية، مساء الاثنين، إلى اندلاع اشتباكات عنيفة استمرت لساعات، وطرد جماعته من معقلها الرئيس، وهو ما قد يؤدي إلى تعزيز نفوذ جماعات مسلحة متحالفة مع حكومة طرابلس. ويمكن أيضاً أن يكون لمقتل عبد الغني الككلي، الذي كان يسيطر على مساحات شاسعة من طرابلس على مدى سنوات، تداعيات على استقرار نطاق أوسع من المنطقة، خصوصاً أن الككلي، المعروف باسم غنيوة، كان رئيساً لجهاز دعم الاستقرار، وهو من الجماعات المسلحة القوية في طرابلس المتمركزة في منطقة أبو سليم، المكتظة بالسكان.

وليبيا من البلدان الرئيسة المصدرة للطاقة، وتشهد انقساماً منذ فترة طويلة بين فصائل شرقية وغربية متنافسة، وهي نقطة انطلاق للمهاجرين الذين يعبرون البحر المتوسط إلى أوروبا، وساحة معارك لقوى متنافسة في المنطقة. وبعد مقتل الككلي، أعلنت حكومة «الوحدة» الوطنية استكمال عملية أمنية ضد ما سمّاه رئيس الوزراء عبد الحميد الدبيبة جماعات مسلحة غير نظامية. وأدار المسلحون الموالون للككلي سجوناً، وشغلوا مناصب في وزارات ومؤسسات مالية حكومية.

وقال طارق المجريسي، من المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية: «كان غنيوة ملك طرابلس بحكم الأمر الواقع، إذ سيطر بعض أتباعه على جهاز الأمن الداخلي، بينما سيطر أتباع آخرون على توزيع التحويلات النقدية من البنك المركزي. كما كانوا يسيطرون على كثير من الشركات العامة والوزارات». ومن شأن توطيد السلطة في طرابلس أن يعزز قوة الدبيبة، حليف تركيا ورئيس حكومة «الوحدة» الوطنية، بعد محاولات متكررة لاستبداله بالقوة على مدى السنوات الماضية، ويدعم أيضاً موقفه في المواجهة الشاملة مع فصائل شرق ليبيا.

وبعد تصاعد التوتر بين فصائل مسلحة في ساعة متأخرة من مساء أمس الاثنين، انتشرت صور على الإنترنت تظهر جثة الككلي ملطخة بالدماء، ومسدساً إلى جانبها. ولم يتسن لوكالة «رويترز» التحقق من ملابسات مقتل الككلي، أو التحقق من الصور التي تظهر جثته. لكنّ كثيرين تعرفوا عليها، واندلع القتال في أنحاء طرابلس بعد فترة وجيزة من نشرها. وتمكنت فصائل تابعة لحكومة «الوحدة» الوطنية، بقيادة الدبيبة، من الاستيلاء سريعاً على الأراضي والقواعد التي سيطرت عليها جماعة «جهاز دعم الاستقرار»، برئاسة الككلي منذ فترة طويلة. ومن بين الأراضي منطقة أبو سليم، معقل الجماعة.

ومع سقوط الككلي، ربما تكتسب الفصائل التي تنضوي تحت لواء وزارة الدفاع والمتحالفة مع الدبيبة دوراً أكبر، ولا سيما «اللواء 444» بقيادة محمود حمزة، و«اللواء 111»، وقوة العمليات المشتركة من مصراتة. وربما يؤدي توحيد حلفاء الدبيبة إلى أن يصبح غرب ليبيا أشبه بالشرق، حيث استولى المشير خليفة حفتر على السلطة قبل عشر سنوات، بعد أن قضى على منافسيه، وأجبر الجماعات الأخرى على الخضوع لسيطرته. وقال عماد الدين بادي، الباحث في المجلس الأطلسي: «هذا الوضع يمهد الطريق لمستويات غير مسبوقة من السيطرة على الأراضي في طرابلس، والحد من عدد الجماعات المسلحة».