رئيس جنوب أفريقيا إلى الجزائر لـ«الارتقاء» بالعلاقات الثنائية

توافق تام حول نزاع الصحراء ومنح القارة السمراء مقعدين بمجلس الأمن

وزير خارجية الجزائر مستقبلاً سفير جنوب أفريقيا لدى الجزائر (الخارجية)
وزير خارجية الجزائر مستقبلاً سفير جنوب أفريقيا لدى الجزائر (الخارجية)
TT

رئيس جنوب أفريقيا إلى الجزائر لـ«الارتقاء» بالعلاقات الثنائية

وزير خارجية الجزائر مستقبلاً سفير جنوب أفريقيا لدى الجزائر (الخارجية)
وزير خارجية الجزائر مستقبلاً سفير جنوب أفريقيا لدى الجزائر (الخارجية)

يزور رئيس جنوب أفريقيا، سيريل رامافوزا الجزائر، الخميس، حيث سيلقي في اليوم نفسه خطابا أمام نواب غرفتي البرلمان، حسبما أعلنته الرئاسة الجزائرية، الثلاثاء. كما سيقود مناصفة مع الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون أشغال «منتدى الأعمال الجزائري - جنوب أفريقي»، وهو إطار للتعاون التجاري، سبق أن بحث في اجتماعات له الشراكة والاستثمار في قطاعات محددة، مثل الزراعة والطاقة والصناعات الثقيلة والتكنولوجيا.

الرئيس الجزائري سيقود مع الرئيس رامافوزا أشغال «منتدى الأعمال الجزائري - جنوب أفريقي» (الرئاسة)

وأفاد موقع رئاسة جنوب أفريقيا بأن زيارة رامافوزا «فرصة لإجراء تقييم شامل للعلاقات الثنائية»، من دون أي تفاصيل أخرى. فيما صرح سفير جنوب أفريقيا لدى الجزائر، ندو ميسو نديمو ناتيشنغا، مؤخراً بأن البلدين «متفقان على تعزيز التعاون الاقتصادي، والعمل مستقبلاً للارتقاء بالعلاقات الثنائية إلى مستوى التميز، من أجل مصلحة البلدين، وخدمة للقارة الأفريقية».

ووفق الصحافة الحكومية بالجزائر، سيلتقي الرئيس رامافوزا بعدد من كبار المسؤولين في البلاد، و«سيجري مع الرئيس تبون مشاورات ثنائية حول مختلف القضايا المشتركة».

وزير خارجية الجزائر مع نظيره الجنوب أفريقي (الخارجية الجزائرية)

وسبق رامافوزا إلى الجزائر وزير خارجيته، رونالد لامولا، الذي شارك، الأحد والاثنين الماضيين، في أشغال «المؤتمر الـ11 للسلم والأمن في أفريقيا» بمدينة وهران غرب البلاد. ويرتقب أن يعقد مشاورات مع نظيره الجزائري، أحمد عطاف، في سياق الزيارة الرئاسية.

وأكدت مصادر دبلوماسية أن زيارة رامافوزا «تعكس رغبة البلدين لاستكشاف الفرص التجارية، وتطوير الشراكات الاستراتيجية، وتعزيز التبادل الاقتصادي»، مبرزة أن جانباً من مباحثات الرئيسين «سيتناول الصناعات الغذائية والزراعة والنسيج، والصناعات التحويلية وصناعات السيارات، والمناجم والصيدلة والبناء والأشغال العامة»، مبرزة أن قطاعات الإلكترونيات والاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، والطاقة والطاقات المتجددة، والطيران مدرجة أيضاً في جدول أعمال القمة المرتقبة بين تبون ورامافوزا، بالإضافة إلى الخدمات المالية والهندسة والاستشارات، وفق المصادر ذاتها.

وزار رامافوزا الجزائر نهاية 2018، حيث أجرى مع الرئيس الراحل عبد العزيز بوتفليقة (1999 - 2019) مباحثات، شملت السياسة والاقتصاد، والتعاون في الشؤون الدولية.

رئيس جنوب أفريقيا سيُلقي خطاباً أمام نواب غرفتي البرلمان الجزائري (متداولة)

وعند تعاطيه مع التعاون بين البلدين، يميل الإعلام في الجزائر إلى الحديث عن «محور الجزائر - بريتوريا»؛ للدلالة على شراكة استراتيجية، الهدف منها تعزيز المصالح المشتركة، وتحقيق رؤية موحدة لأفريقيا أكثر استقراراً وازدهاراً. أما على الصعيد الرمزي فيشترك البلدان في دعم حركات التحرر الوطني؛ إذ ساندت الجزائر بقوة كفاح جنوب أفريقيا ضد الفصل العنصري، أو ما يعرف بـ«الأبارتهايد».

كما يوجد توافق تام بين البلدين حول ملفات محددة، وعلى رأسها نزاع الصحراء، على اعتبار أنهما يدعمان مسألة «تقرير المصير» بالنسبة للإقليم محل الخلاف الكبير بين الجزائر وجارتها المملكة المغربية، ويرفضان مقترح الرباط إقامة حكم ذاتي فيه. كما يشتركان في العديد من المبادرات الإصلاحية، خاصة تلك التي تتعلق بإصلاح المؤسسات الأفريقية، وتعزيز الاستقلالية السياسية والاقتصادية للقارة. ويدعمان بقوة مقترح منح أفريقيا مقعدين دائمين بمجلس الأمن الدولي، ويشتركان في دعم مبادئ السلام والأمن في أفريقيا، ويؤديان أدواراً لافتة داخل الاتحاد الأفريقي بخصوص مكافحة الإرهاب والتطرف، وحل النزاعات بالطرق السلمية، خصوصاً في مالي وليبيا والسودان، وبعيداً عن التدخلات الخارجية.

وتعد القضية الفلسطينية من أهم التوافقات بين البلدين. فجنوب أفريقيا من أبرز الدول التي تدين السياسات الإسرائيلية ضد الفلسطينيين، بما في ذلك الاستيطان وأعمال القمع. وتميزت خلال العدوان الإسرائيلي الحالي على غزة بجر قادة إسرائيل إلى القضاء الجنائي الدولي، بتهمة ارتكاب جرائم ضد الإنسانية. ومن جهتها، تضع الجزائر القضية الفلسطينية على رأس نشاطها الدبلوماسي.



تركيا لتعزيز علاقاتها مع جامعة الدول العربية

سفير تركيا بالقاهرة يلتقي الأمين العام لجامعة الدول العربية (سفارة تركيا بالقاهرة)
سفير تركيا بالقاهرة يلتقي الأمين العام لجامعة الدول العربية (سفارة تركيا بالقاهرة)
TT

تركيا لتعزيز علاقاتها مع جامعة الدول العربية

سفير تركيا بالقاهرة يلتقي الأمين العام لجامعة الدول العربية (سفارة تركيا بالقاهرة)
سفير تركيا بالقاهرة يلتقي الأمين العام لجامعة الدول العربية (سفارة تركيا بالقاهرة)

في محاولة لتعزيز علاقاتها مع جامعة الدول العربية، أعلنت تركيا تعيين سفيرها بالقاهرة «مراقباً دائماً» لدى «الجامعة»، في خطوة عدها خبراء «استمراراً لمساعي أنقرة لتوسيع نفوذها الإقليمي، مستغلة علاقات تقارب على المستوى الثنائي مع دول عربية عدة بينها مصر»، لكنها تأتي في «توقيت حرج» في ظل تطورات الأوضاع في سوريا، و«دعم الرئيس التركي فيما يبدو للفصائل السورية».

وسلّم سفير تركيا بالقاهرة صالح موطلو شن، الخميس، خطاباً من وزير خارجية بلاده هاكان فيدان، إلى الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، بشأن تعيين شن «مراقباً دائماً لتركيا لدى الجامعة العربية»، بحسب بيان لسفارة تركيا بالقاهرة.

وقال شن إن «الخطاب قُدم في أجواء دافئة وفي وقت حرج»، مشيراً إلى أنه «بموجب الخطاب، أصبحت علاقات تركيا مع جامعة الدول العربية في الإطار الرسمي». وأضاف أن «تركيا من الآن فصاعداً، ترغب في تنشيط التعاون باستخدام الآليات القائمة من خلال إعطاء الأولوية للأنشطة التي تركز على السلام والاستقرار والتعاون والتنمية»، مشدداً على أن «بلاده تدعم بقوة وحدة ونزاهة جميع الدول العربية، ومستعدة للعمل بشكل مشترك من أجل رفاهية الشعبين التركي والعربي».

وزار الأمين العام لجامعة الدول العربية، تركيا في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، في زيارة كانت الأولى من نوعها منذ توليه مهام منصبه عام 2016.

وكان وزير الخارجية التركي حضر في سبتمبر (أيلول) الماضي، أعمال الدورة الـ162 لمجلس جامعة الدول العربية على مستوى وزراء الخارجية، وألقى كلمة أشار فيها إلى التقارب بين القاهرة وأنقرة، وقال: «نود أن يعطي ذلك زخماً للعلاقات مع الدول العربية». وأكد «أهمية التعاون التركي مع العالم العربي، ولا سيما أن الجانبين يواجهان نفس التحديات ولهما نفس الأهداف».

وعدّ أبو الغيط، حينها، حضور وزير الخارجية التركي اجتماع وزراء الخارجية العرب «رسالة عربية، مفادها أن الدول العربية مستعدة للتفاهم مع تركيا»، بحسب تصريحات له عقب الاجتماع.

إردوغان خلال استقبال أبو الغيط بالقصر الرئاسي في أنقرة أكتوبر الماضي (الرئاسة التركية)

وبحسب مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق، السفير رخا أحمد حسن، فإن «تركيا شأنها شأن أي دولة تسعى لتعزيز قوتها الإقليمية عبر تحسين علاقتها العربية، ليس فقط على الصعيد التجاري والاتفاقات، بل أيضاً السياسي». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارب بين (الجامعة العربية) وتركيا بدا واضحاً عند زيارة وزير الخارجية التركي لـ(الجامعة) أخيراً».

واتفق معه نائب مدير تحرير مجلة «الديمقراطية» بمؤسسة «الأهرام» المصرية، كرم سعيد، مؤكداً لـ«الشرق الأوسط» أن «تعيين تركيا مراقباً دائماً لدى (الجامعة العربية) يأتي في سياق حرص أنقرة على تطبيع العلاقات وتجاوز القضايا الخلافية». وهو ما بدا واضحاً في تجاوز الخلافات على المستوى الثنائي، لا سيما مع مصر.

وتزامن تطوير العلاقات بين «الجامعة العربية» وتركيا مع تطورات متسارعة في سوريا، حيث أعرب الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، الجمعة، عن أمله في أن «يواصل مقاتلو الفصائل السورية تقدمهم ضد قوات الجيش». وقال إنه لم يتلقَّ بعدُ رداً من نظيره السوري بشار الأسد بقبول دعوة وجّهها في وقت سابق من العام الجاري لعقد لقاء وتطبيع العلاقات. وأضاف: «تقدم المعارضة مستمر حتى الآن... إدلب وحماة وحمص، وبالطبع الهدف دمشق، ونأمل أن تتواصل هذه المسيرة في سوريا دون أي مشاكل».

وهنا يرى مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق أن «تعيين تركيا مراقباً دائماً لدى (الجامعة العربية) يأتي في وقت حرج حالياً مع تطورات الوضع في سوريا»، لا سيما مع «ما يبدو دعم أنقرة للفصائل السورية». وقال: «أعتقد أنه لا بد من التمهل قليلاً في تعزيز التقارب العربي مع تركيا في ظل الوضع الحالي».

كما قال كرم سعيد إن «التعيين يتزامن مع دور مهم لتركيا فيما يحدث في سوريا، ودعمها فيما يبدو للفصائل؛ ما يضيف بُعداً آخر للعب دور سياسي في الإقليم».

وتطورت علاقات تركيا و«الجامعة العربية» عام 2003، عندما طلبت أنقرة تعيينها مراقباً دائماً لدى «الجامعة»، ووُقعت مذكرة تفاهم بين وزارة خارجية تركيا والأمانة العامة لـ«الجامعة العربية» عام 2004. وألقى إردوغان كلمة في الجلسة الافتتاحية لاجتماع جامعة الدول العربية في سبتمبر (أيلول) عام 2011، وكان وقتها رئيساً للوزراء. لكن العلاقات توترت على خلفية مواقف تركيا من أحداث 2011، وشكلت «الجامعة العربية» لجنة لبحث التدخلات التركية في الشؤون العربية، وكانت تصدر بيانات دورية تندد بدور أنقرة.

ومنذ عام 2020 أطلقت تركيا حملة لتعزيز العلاقات مع دول الخليج. والعام الماضي قام إردوغان بجولة خليجية شملت المملكة العربية السعودية وقطر والإمارات العربية المتحدة، كما تسارع مسار المصالحة المصرية-التركية أخيراً، مُنهياً عقداً من التوترات، لا سيما مع أول زيارة رسمية للرئيس المصري عبد الفتاح السيسي لأنقرة في سبتمبر الماضي، والتي أعقبت أخرى مماثلة لنظيره التركي للقاهرة في فبراير (شباط) الماضي، ليدشن البلدان «حقبة جديدة» من التعاون. وألغت جامعة الدول العربية لجنتَي التدخلات التركية والإيرانية في الشؤون العربية خلال «قمة البحرين» التي عُقدت بالمنامة في مايو (أيار) الماضي.