يتطلع السودانيون إلى مدينة «عنتيبي» الأوغندية، حيث يعقد اجتماع وصف بأنه «حاسم ومفصلي» لـ«تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية» (تقدم) برئاسة رئيس الوزراء السابق عبد الله حمدوك، ويستمر من 3 إلى 6 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، ويبحث ملفات وقف الحرب والمساعدات الإنسانية، إلى جانب قضايا سياسية وتنظيمية وجهود توسيع التحالف المناهض لاستمرار الحرب.
وتأسست «تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية» في أكتوبر (تشرين الأول) 2023، وتضم قوى سياسية ومدنية ونقابية ومهنية وحركات مسلحة، و«تحالف قوى إعلان الحرية والتغيير»، الذي أسقط بالاحتجاجات الشعبية نظام الإسلاميين في أبريل (نيسان) 2019، وشكل الحكومة المدنية قبل أن يتم إسقاطه بانقلاب مشترك بين قائد الجيش عبد الفتاح البرهان وقائد «قوات الدعم السريع» محمد حمدان دقلو (حميدتي) في25 أكتوبر 2021.
إلى جانب «تحالف قوى إعلان الحرية والتغيير»، تضم «تقدم» لجان المقاومة، وحركات مسلحة موقعة على «اتفاق سلام السودان» في جوبا، تحت اسم «الجبهة الثورية»، ونقابات منضوية تحت «تجمع المهنيين السودانيين»... وأعلن عن التأسيس في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا، واختير رئيس الوزراء السابق عبد الله حمدوك رئيساً لها.
ووصف حمدوك في كلمة له، الاجتماع بـ«الجوهري والمفصلي، وذلك للقضايا التي ينتظر أن يبحثها والظروف الموضوعية المحيطة بالبلاد، بما في ذلك، تطوير الرؤية السياسية للتحالف، ومناقشة قضايا تنظيمية وأوراق ومذكرات تتعلق بالتمثيل».
ويواجه الاجتماع تحدي عزم بعض مكوناته تشكيل «حكومة منفى» موازية للحكومة التي تتخذ من بورتسودان مقراً لها، ويترأسها قائد الجيش عبد الفتاح البرهان... وهو مقترح قدمته «الجبهة الثورية» للمؤتمر التأسيسي، لكنه لم يجد التأييد الكافي، وينتظر إعادة مناقشته في اجتماعات الهيئة القيادية المنعقدة حالياً.
وقال المتحدث باسم «تقدم» بكري الجاك، في تصريحات صحافية أعقبت الجلسة الأولى التي ناقشت «تقرير أداء الأمانة العامة»، إن الاجتماع الثالث للتحالف منذ المؤتمر التأسيسي يعد «مهماً ومفصلياً في مسيرة التحالف، وأن أهميته تكمن في انعقاده والحرب على أبواب إتمام 600 يوم من القتال، وما يصاحب ذلك من تعقيدات سياسية تشهدها البلاد بسببها. كما ينعقد في ظل كارثة إنسانية تعد الأسوأ على المستوى الإنساني، هددت 25 مليون مواطن بالمجاعة».
وأضاف: «يتوقع أن يبلغ الموتى بسبب المجاعة الملايين بنهاية العام الحالي، رغم عدم وجود إحصائيات، إلى جانب نزوح 11 مليون شخص، بينهم ثلاثة ملايين ونصف مليون لاجئ في دول الجوار».
وأوضح أن «طبيعة الحرب تغيرت من حرب بين طرفين سودانيين يقتتلان، إلى حرب بالوكالة، متأثرة بالصراعات في منطقة القرن الأفريقي». وأضاف: «قبل أيام هدد بعض رؤساء الدول بالتدخل إذا أخذت الحرب سياقاً معيناً»، وهي إشارة إلى تهديدات الرئيس الإريتري آسياس أفورقي بالتدخل المباشر إذا وصل القتال إلى ولايات شرق السودان المحاذية لبلاده.
وأشار المتحدث باسم التحالف المناهض للحرب إلى إعلان «قوات الدعم السريع» مقاطعة التفاوض، بقوله: «هذا أسوأ وضع في الحرب، فقد كانت (قوات الدعم السريع) تعلن على الدوام استعدادها للتفاوض، لكنها الآن مقاطعة، ما يعرض جهود الوساطات للتشتت».
ويتضمن جدول الأعمال أيضاً، العمل مع القوى السياسية غير المنضوية في «التحالف» و«الاتحاد الأفريقي»، لترتيب «طاولة مستديرة» للقوى الرافضة للحرب كافة.
ودعا الجاك طرفي القتال للذهاب فوراً إلى التفاوض بغير شروط، وقال: «في التفاوض تناقش كل الملفات، لكن لا يمكن قبل الجلوس للتفاوض، وضع شروط مسبقة».
وقال: «إن التحالف يعدّ وقف الحرب أولوية قصوى، وإنه على استعداد للجلوس مع كل القوى بما فيها الداعمة للجيش والوصول لتفاهمات معها، إذا جعلت وقف الحرب أولية». وأضاف: «مستعدون للجلوس معهم والوصول لتفاهمات حول تحقيق هذا الهدف، فليست هناك أولوية أولى من إيقاف الحرب».
ورأى الجاك تمسك «معسكر الحرب في بورتسودان» بتصنيف «قوات الدعم السريع» «منظمة إرهابية، محاولة لكسب معركة إعلامية، على حساب أرواح الضحايا». وقال: «التفكير الصحيح ليس كسب المعركة الإعلامية على حساب موت الضحايا، ويجب ألا يكون الشعب السوداني رهينة للطرفين للضغط على المجتمع الدولي».
ويربط المتحدث باسم «التحالف» بين الملف الإنساني ووقف الحرب بمستوياتها المختلفة، ويدعو للضغط على الطرفين «بإعلاء صوت الأغلبية العظمى الرافضة للحرب»، وقال: «الكارثة الإنسانية في السودان تعد أكبر من مجموع الأزمات الإنسانية في أوكرانيا وغزة ولبنان». وقال إنها «تفوق الخيال، ومع ذلك فهي منسية في العالم»، وتابع: «هذه قضية حقيقية، والمواطنون السودانيون كاملو الإنسانية، ويستحقون الدعم والمتابعة، وأن يستمع العالم لهم».
وحذر الجاك من توجهات طرفي القتال لتشكيل حكومة في مناطقهما بقوله: «البرهان أعلن أكثر من مرة عن تشكيل حكومة ثم تراجع عنها، و(قوات الدعم السريع) هي الأخرى كونت إدارات مدنية في مناطق سيطرتها»، وتابع: «تبديل العملة وطباعة عملة جديدة، وعقد امتحانات الشهادة السودانية في بعض الأقاليم دون الأخرى، يخلق إشكالات كثيرة».