البرلمان المصري يبحث تغليظ عقوبات «جرائم النصب الإلكتروني»

«النواب» المصري يحاول معالجة ثغرات في القانون الحالي (شاترستوك)
«النواب» المصري يحاول معالجة ثغرات في القانون الحالي (شاترستوك)
TT

البرلمان المصري يبحث تغليظ عقوبات «جرائم النصب الإلكتروني»

«النواب» المصري يحاول معالجة ثغرات في القانون الحالي (شاترستوك)
«النواب» المصري يحاول معالجة ثغرات في القانون الحالي (شاترستوك)

يبدأ مجلس النواب المصري مناقشات موسعة، الاثنين، من أجل تغليظ عقوبات «جرائم النصب الإلكتروني»، وفق تعديلات مقترحة من بينها «زيادة مدة حبس المتورطين».

وأدرجت التعديلات المقترحة على أجندة لجنة «الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات» بـ«النواب» بمشاركة أعضاء لجنتي «الشؤون الدستورية والتشريعية» و«الدفاع والأمن القومي»، لمناقشتها وإضافتها على قانون «مكافحة الجرائم الإلكترونية وجرائم تكنولوجيا المعلومات» الذي أقر عام 2018.

وتعرف التعديلات المقترحة «النصب الإلكتروني» بأنه «استخدام وسائل التكنولوجيا والاتصال الحديثة للقيام بعمليات نصب واحتيال من خلال شبكة الإنترنت بهدف خداع الضحية والاستيلاء على أموالها»، في خطوة هدفها ملاحقة جامعي الأموال بطرق غير رسمية عبر الإنترنت.

ووفق مقدم التعديلات على القانون، النائب محمد زين الدين، فإن المقترحات الجديدة تحاول معالجة ثغرات في القانون الحالي من بينها «القيد والوصف» لجريمة «النصب الإلكتروني» باعتبارها «جنحة» وبالتالي تكون عقوبتها «هزيلة»، لكن حال كونها «جناية» تكون عقوبتها «مشددة على المتهمين».

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن هناك تعديلاً مقترحاً يتضمن التفريق بين مرتكب جريمة «النصب الإلكتروني» ومن يقود تشكيلاً عصابياً، لتكون عقوبة الأخير مشددة بشكل أكبر، لافتاً إلى تزايد عمليات «النصب الإلكتروني» والتعامل معها من الجهات الأمنية باعتبارها من أكثر الجرائم شيوعاً.

«النواب» المصري يناقش تغليظ عقوبات «النصب الإلكتروني» (شاترستوك)

وضبطت وزارة الداخلية المصرية خلال الأشهر الماضية عدة وقائع لـ«النصب الإلكتروني»، من بينها إنشاء شركات وهمية عبر «الإنترنت» جمعت أموالاً من المصريين بهدف توظيفها في «العملات المشفرة»، قبل أن يختفي المرتكبون والنصابون الذين أوجدوا هذه الشركات. وقد سجلت الواقعة الأكبر في العام الماضي مع منصة شركة «هوغ بول» التي وصل عدد مشتركيها إلى أكثر من 600 ألف وجمعت عشرات الملايين من الجنيهات، قبل أن توقف نشاطها بشكل مفاجئ وتستولي على أموال المودعين.

ووصف كبير الباحثين بـ«المركز المصري للفكر والدراسات»، محمد مرعي، مناقشة البرلمان للتعديلات المقترحة بـ«الخطوة الإيجابية» في ظل الحاجة لمكافحة «الجرائم الإلكترونية»، والعمل على تشديد العقوبات؛ أملاً في أن تكون أداة ردع تمنع حدوث مثل هذه الجرائم بخاصة مع زيادتها في السنوات الأخيرة بصورة كبيرة.

وأضاف، لـ«الشرق الأوسط»، أن هناك تحركات مسبقة قامت بها الأجهزة الأمنية ارتبطت بتتبع عمليات «النصب الإلكتروني» والوصول إلى مرتكبيها من خلال «ملاحقة الحسابات الوهمية وإيجاد المتورطين في هذه العمليات»، معتبراً أن التحركات البرلمانية في هذا السياق تعكس إلماماً بالتغيرات التي تفرضها التكنولوجيا الحديثة على الجرائم المستحدثة.

وحسب المذكرة المقدمة لـ«النواب» بشأن التعديلات المقترحة على القانون، فإن غياب النص الواضح بشأن بعض الجرائم والوسائل المستحدثة وتركها للنصوص التقليدية الموجودة بقانون «العقوبات» لم يعد مناسباً مع تعدد أشكال جرائم «النصب الإلكتروني» ومن بينها «الاحتيال المالي» و«التجارة الإلكترونية».

جلسة سابقة لمجلس النواب المصري (مجلس الوزراء المصري)

ووفق تقديرات الشركة الألمانية المتخصصة في بيانات السوق والمستهلكين «ستاتيستا»، فإن العالم يشهد يومياً 2220 هجوماً إلكترونياً، مع توقعات بارتفاع التكلفة العالمية لـ«الجرائم الإلكترونية» إلى 23.84 تريليون دولار، من 8.44 تريليون دولار في 2022. (الدولار الأميركي يساوي 49.60 جنيه في البنوك المصرية).

النائب زين الدين أكد أن هناك ضرورة بشأن مواكبة التشريعات، للتغيرات العالمية في جرائم «النصب الإلكتروني» التي تتغير يوماً بعد الآخر، مما يتطلب جاهزية تشريعية للتعامل معها، لافتاً إلى أن النصوص المقترحة من جانبه ستجري مناقشتها بشكل موسع ومراجعتها قانوناً من «اللجنة التشريعية» بما يسمح بإدخال تعديلات عليها قبل عرضها على الجلسة العامة للمجلس. وأشار إلى أن المدى الزمني لتطبيق التعديلات المقترحة لا يمكن تحديده في الوقت الراهن بانتظار ما ستسفر عنه المناقشات وآراء أعضاء باقي اللجان، لافتاً إلى «شعور النواب بأهمية تعديل القانون وتشديد العقوبة للحد من النصب الإلكتروني».


مقالات ذات صلة

تقديرات متباينة لتكلفة معيشة الأسرة المصرية تثير جدلاً وانتقادات

شمال افريقيا أحد المراكز التجارية في مصر (الشرق الأوسط)

تقديرات متباينة لتكلفة معيشة الأسرة المصرية تثير جدلاً وانتقادات

الحوار بشأن كيفية إدارة الميزانية المنزلية للأسرة المصرية شهرياً تحول إلى محور نقاش عام في الشارع وعبر مواقع التواصل الاجتماعي ووسائل الإعلام.

محمد عجم (القاهرة)
المشرق العربي الدمار في موقع غارة إسرائيلية استهدفت منزلاً في مخيم البريج للاجئين في وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)

وفد «حماس» بحث الوضع في غزة مع مسؤولين مصريين وقياديين من «فتح»

أفاد قياديان في حركة «حماس» بأن وفداً قيادياً من الحركة التقى مسؤولين في المخابرات العامة المصرية، مساء الأحد، في القاهرة، وناقش معه سبل وقف إطلاق النار في غزة.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
العالم العربي قوات بحرية مصرية تحبط محاولة هجرة غير شرعية لمركب بالبحر المتوسط (المتحدث العسكري)

الجيش المصري يحبط محاولة هجرة غير شرعية عبر البحر المتوسط

أعلن الجيش المصري، الاثنين، تمكنه من إحباط محاولة هجرة غير شرعية لمركب على متنه 63 فرداً، بينهم 3 سودانيين، بالبحر المتوسط.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
العالم العربي رئيس الوزراء المصري يستعرض إجراءات تخطيط المنطقة المحيطة بالأهرامات والمتحف المصري الكبير

رئيس الوزراء المصري يستعرض إجراءات تخطيط المنطقة المحيطة بالأهرامات والمتحف المصري الكبير

عقد الدكتور مصطفى مدبولي رئيس مجلس الوزراء المصري اجتماعاً، الأحد، لاستعراض إجراءات الطرح العالمي لتخطيط المنطقة المحيطة بالأهرامات والمتحف المصري الكبير.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
يوميات الشرق جانب من الفعاليات التي شهدتها «أيام مصر» في حديقة السويدي بالعاصمة السعودية الرياض (الشرق الأوسط)

حديقة السويدي تختتم فعاليات «أيام مصر» ضمن «انسجام عالمي»

اختتمت «حديقة السويدي» فعالياتها ضمن مبادرة «تعزيز التواصل مع المقيمين» التي أطلقتها وزارة الإعلام السعودية تحت شعار «انسجام عالمي» بفعاليات «أيام مصر»

«الشرق الأوسط» (الرياض)

الجزائر: «أزمة الكاتب صنصال» مرشحة لمزيد من التصعيد مع باريس

الروائي المعتقل بوعلام صنصال (متداولة)
الروائي المعتقل بوعلام صنصال (متداولة)
TT

الجزائر: «أزمة الكاتب صنصال» مرشحة لمزيد من التصعيد مع باريس

الروائي المعتقل بوعلام صنصال (متداولة)
الروائي المعتقل بوعلام صنصال (متداولة)

رجح مراقبون في الجزائر حصول مزيد من التصعيد في «قضية الكاتب الجزائري الفرنسي بوعلام صنصال» المسجون منذ أسبوعين، على أثر تصريحات مسؤول جزائري كبير، فُهم منها أن بلاده «لن ترضخ للضغوط السياسية والإعلامية المتزايدة في فرنسا»، بشأن هذا الملف الذي زاد من حدة تدهور العلاقات بين البلدين.

وصرَّح إبراهيم بوغالي، رئيس «المجلس الشعبي الوطني»، (غرفة التشريع)، خلال اجتماع لأعضاء مكتب «المجلس»، الأحد، بأن «انخراط البرلمان الأوروبي، وبعض الدوائر السياسية والإعلامية الفرنسية، في محاولة للتدخل في الشأن الداخلي للجزائر ليس سوى ممارسة مفضوحة لصرف الأنظار عن الانتهاكات الحقيقية لحقوق الإنسان والقانون الدولي».

جلسة في البرلمان الأوروبي (أرشيفية - البرلمان الأوروبي)

وكان بوغالي يشير إلى نقاش نظَّمه البرلمان الأوروبي، الخميس الماضي، بخصوص سجن الكاتب السبعيني بوعلام صنصال. كما جرى بحث إصدار لائحة تُدين سجنه وتطالب السلطات الجزائرية بالإفراج عنه، أطلقتها البرلمانية الفرنسية سارة خنافو، من حزب «الاسترداد» الفرنسي اليميني، صاحب المواقف الحادة ضد المهاجرين الجزائريين في فرنسا.

وقال بوغالي إنه «يتساءل عمَّا بقي من رصيد لهذه الأبواق، فيما يخص الفصل بين السلطات أو استقلالية القضاء»، ويستنتج من كلامه أن دعوات إطلاق سراح صنصال فيها عدم احترام لمبدأ استقلال القضاء الجزائري، فيما لا تزال قضيته في مرحلة التحقيق. وحسب بوغالي «يسهر القضاء الجزائري على حماية الحقوق والحريات»، مشدداً على أن «يد القانون ستطول كل مَن تسوِّل له نفسه المس بأمن واستقرار الجزائر».

ولأول مرة يخوض مسؤول جزائري رفيع في «أزمة صنصال»، علماً أنه لم يذكره بالاسم. وفي الترتيب البروتوكولي للمسؤولين، يأتي رئيس «المجلس الشعبي الوطني» رابعاً بعد رئيس الدولة ورئيس «مجلس الأمة» ورئيس «المحكمة الدستورية».

واعتقل الأمن الجزائري مؤلف الرواية الشهيرة «قرية الألماني»، (2008)، في مطار عاصمة البلاد في 16 من الشهر الماضي، فيما كان عائداً من باريس. ووُضع في الحجز تحت النظر إلى 23 من الشهر نفسه، تاريخ تقديمه للنيابة ثم قاضي التحقيق بمحكمة في العاصمة، حيث أمر بإيداعه الحبس الاحتياطي، من دون الإعلان رسمياً عن ذلك، كما رفض محاميه بالجزائر، التعاطي مع الصحافة حول القضية.

البرلمانية الأوروبية سارة خنافو (متداولة)

ورجح محامون تحدثت معهم «الشرق الأوسط»، حول القضية، اتهام صنصال بمادتين قانونيتين، يشملهما قانون العقوبات، إحداهما تفيد بأنه «يعاقَب بالحبس من سنة إلى خمس سنوات، كلُّ من ارتكب فعلاً من شأنه الإضرار بالمصلحة الوطنية أو أمن الدولة أو تهديد سيادتها». والأخرى تقول: «يعد عملاً إرهابياً أو تخريبياً كلُّ فعلٍ يستهدف أمن الدولة والوحدة الوطنية والسلامة الترابية واستقرار المؤسسات وسيرها العادي».

وتأخذ السلطات على الروائي الشهير، تصريحات «مستفزة» أطلقها في منصة «فرونتيير» الإخبارية الفرنسية اليمينية، زعم فيها أن قادة «ثورة التحرير» الجزائرية، طلبوا من سلطات المغرب «إيواء قواعدهم ومساعدتهم مالياً وعسكرياً ودبلوماسياً مقابل وعد بإعادة الأراضي التي اقتطعتها فرنسا، لكنّ هؤلاء القادة تنكروا للاتفاق بعد استقلال الجزائر».

كما ادّعى أن قادة فرنسا «أحدثوا مشكلة عندما ألحقوا كل الجزء الشرقي من المغرب بالجزائر» عند احتلالهم الجزائر عام 1830، وأن محافظات وهران وتلمسان ومعسكر، غرب الجزائر، «كانت تابعة للمغرب». وفي تقدير صنصال «نظام الجزائر نظام عسكري اخترع (بوليساريو) لضرب استقرار المغرب». كما قال: «لم تمارس فرنسا استعماراً استيطانياً في المغرب، لأنه دولة كبيرة... سهل جداً استعمار أشياء صغيرة لا تاريخ لها»، وكان يقصد ضمناً الجزائر.

الجدل حول قضية صنصال انتقل إلى البرلمان الفرنسي (الشرق الأوسط)

وعُرف صنصال بانتقاداته السلطة والمجتمع في الجزائر، وشملت أعماله الأدبية هذه الانتقادات، لكن لم يتعرض للمساءلة بسببها. علماً بأنه قضى سنوات طويلة في وزارة الصناعة مسؤولاً كبيراً، وأُحيل إلى التقاعد عام 2003.

وخلَّف سجنه موجه سخط كبيرة في فرنسا، التي منحته جنسيتها في يونيو (حزيران) الماضي، بقرار من الرئيس إيمانويل ماكرون. وطرح مسؤولون فرنسيون احتمال توظيف «الحماية القنصلية»، لترحيله إلى فرنسا، وهذه المسألة تثير حساسية بالغة لدى الحكومة الجزائرية، إذ تعدها «تجاوزاً بحق سيادة بلد طرد الاستعمار الفرنسي منذ أكثر من 62 سنة».

وتفاعل البرلمان الفرنسي الأسبوع الماضي مع القضية، باستجواب الوزيرة المكلفة بشؤون الفرنسيين في الخارج صوفي بريما، حول الطريقة المثلى لحل «مشكلة صنصال»، فقالت: «مصالح الدولة في حالة تعبئة كاملة لمتابعة قضية مواطننا، وتمكينه من الاستفادة من الحماية القنصلية التي ينص عليها القانون».