ما خيارات «النواب الليبي» للتعامل مع إعلان تكالة فوزه بـ«الأعلى للدولة»؟

وسط ازدياد المخاوف من تجميد الدور السياسي للمجلس الاستشاري

من جلسة سابقة لمجلس النواب الليبي (المركز الصحافي لرئيس المجلس عقيلة صالح)
من جلسة سابقة لمجلس النواب الليبي (المركز الصحافي لرئيس المجلس عقيلة صالح)
TT

ما خيارات «النواب الليبي» للتعامل مع إعلان تكالة فوزه بـ«الأعلى للدولة»؟

من جلسة سابقة لمجلس النواب الليبي (المركز الصحافي لرئيس المجلس عقيلة صالح)
من جلسة سابقة لمجلس النواب الليبي (المركز الصحافي لرئيس المجلس عقيلة صالح)

ازدادت حدة الخلاف على رئاسة المجلس الأعلى الدولة الليبي، بين خالد المشري ومحمد تكالة؛ مما فاقم المخاوف من تجميد الدور السياسي للمجلس الاستشاري، الذي يعدّه البعض بمثابة «الغرفة الثانية للتشريع في البلاد».

واستناداً لأحكام قضائية صدرت أخيراً، تمكَّن تكالة وأنصاره من إعادة الانتخابات على رئاسة «الأعلى للدولة»، التي نتج عنها فوزه مجدداً برئاسته، وسط اعتراض المشري وتشكيكه في صحة النصاب القانوني لعقد الجلسة، التي لم يشارك وأنصاره فيها.

خالد المشري (الشرق الأوسط)

وبعيداً عن اعتراضات المشري، أُثيرت تساؤلات حول خيارات مجلس النواب ورئيسه عقيلة صالح من إعلان فوز تكالة، وسيناريوهات التعاطي معه مستقبلاً.

عضو المجلس الأعلى للدولة، أبو القاسم قزيط، توقَّع «عدم تغيير البرلمان موقفه السابق من الاعتراف بصحة فوز المشري، والتعاطي معه بصفته رئيساً للمجلس، أو يظل على الحياد منتظراً حسم هذا الخلاف داخلياً».

واندلعت أزمة الرئاسة في «الأعلى للدولة» في أغسطس (آب) الماضي بحصول المشري على 69 صوتاً، مقابل 68 لمحمد تكالة، قبل أن يتفجَّر جدل واسع حول قانونية تصويت أحد الأعضاء، بعد كتابته اسم الأخير في غير المكان المخصص، وتم على أثر ذلك اللجوء إلى القضاء لحسم هذا الخلاف.

محمد تكالة (إ.ب.أ)

وعلى مدار الأسابيع الثلاثة الماضية، صدرت أحكام قضائية قضت برفض طعن المشري، بصفته رئيساً للمجلس الأعلى للدولة ضد الرئيس السابق تكالة، لوقف تنفيذ إعادة انتخابات رئاسة المجلس.

واستبعد قزيط في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «يبادر تكالة بالتواصل مع البرلمان، أو أن يقبل الأخير الأمر الواقع، والتعاطي معه بصفته رئيساً للمجلس الأعلى للدولة».

وكان رئيس مجلس النواب قد رحّب نهاية أغسطس الماضي بـ«التئام» مجلس الدولة برئاسة المشري، ودعاه للوصول إلى «تقاربات وتوافقات مع البرلمان، تُفضي إلى حلحلة الأزمة الليبية، والوصول إلى الاستحقاق الانتخابي».

عقيلة صالح رئيس مجلس النواب الليبي (رويترز)

وفي حين أكد تكالة أن عملية انتخابه تمت بـ«طريقة صحيحة»، بمشاركة 73 عضواً من أصل 140 عضواً من أعضاء «الأعلى للدولة»، وصف المشري في تصريح لقناة «ليبيا الأحرار» تكالة بأنه «منتحل للصفة، ومغتصب للسلطة».

وبشأن عملية التعيين في «المناصب السيادية»، استبعد قزيط أن يمضي البرلمان منفرداً في تعيين شاغلي المناصب السيادية، أو تشكيل حكومة جديدة، وهما ملفان كان المجلسان يضطلعان بهما، مرجحاً أن يتم التنسيق والتوافق على مستوى الأعضاء بالمجلسين.

ووفقاً لبنود الاتفاق السياسي (الصخيرات)، الموقَّع نهاية عام 2015، يشترط توافق «الأعلى للدولة» مع البرلمان حول الدستور وكل القوانين المتعلقة بالعملية الانتخابية، وتعيين شاغلي المناصب السيادية.

من جهته، استبعد رئيس «الاتحاد الوطني» للأحزاب الليبية، أسعد زهيو، أن يبادر البرلمان إلى إعلان موقفه من هذا الصراع الداخلي بـ«الأعلى للدولة». وقال لـ«الشرق الأوسط» بهذا الخصوص: «معلوم أن البرلمان يحبِّذ استمرار المشري رئيساً للمجلس، وقد سبق أن توصَّل صالح والمشري لقدر من التفاهمات حول القوانين الانتخابية، وتشكيل حكومة جديدة؛ حينما كان الأخير رئيساً لـ(الأعلى للدولة)، أي قبل أن يخلفه تكالة بالموقع في أغسطس 2023».

من جلسة سابقة للمجلس الأعلى للدولة (المجلس)

وترجع أصوات عدة بالساحة الليبية جوهر الخلاف في مؤسسة «الأعلى للدولة» لتبني المشري وصالح مساراً لـ«تشكيل حكومة جديدة»، بديلة عن حكومة «الوحدة الوطنية».

وفي هذا السياق، يعتقد زهيو بوجود 3 سيناريوهات لحل النزاع بـ«الأعلى للدولة»، الأول يتمثل في التقاضي وهو مسار طويل، والثاني يكون عبر إجراء جولة إعادة جديدة يحضرها الأعضاء كافة، أما السيناريو الثالث، وهو المرجح حدوثه وفقاً لرؤية زهيو، فهو «استمرار انقسام (الأعلى للدولة) حتى أغسطس 2025».

وشدد زهيو على أن «أي توافقات سوف يتوصل لها البرلمان مع المشري، بصفته رئيساً للمجلس، ستكون محلاً للطعن عليها، مما ينبئ بمزيد من الجمود بالمشهد السياسي».

بالمقابل، ذهب عضو مجلس النواب الليبي، صلاح أبو شلبي، إلى أن مجلسه «لن ينخرط في الصراع بين مَن يكسب ومَن يخسر في المجلس الأعلى للدولة، كونه نزاعاً قانونياً لا يزال منظوراً أمام القضاء، الذي لم يقل بعد كلمته الحاسمة فيه».

بهذا الخصوص قال أبو شلبي لـ«الشرق الأوسط» إن القضاء «هو الفيصل في هذا النزاع، وهناك أيضاً موقف البعثة الأممية، التي أبلغت تكالة رفضها للانتخابات التي أجراها أخيراً، بحسب بعض أعضاء المجلس الأعلى للدولة».

ولم يصدر عن البعثة الأممية أي تعليق بشأن جلسة انتخاب تكالة رئيساً لـ«الأعلى للدولة» حتى الآن.

وقلل أبو شلبي، مما يردده البعض حول تعطل العملية السياسية جراء النزاع على رئاسة «الأعلى للدولة»، وقال موضحاً: «لا توجد ملفات عالقة بين المجلسين، سوى تشكيل حكومة موحدة لتضطلع بإجراء الانتخابات، وفقاً لما ورد بالقوانين الانتخابية التي أقرها البرلمان».

وبحسب أبو شلبي فإن البرلمان يمارس دوره بصفته سلطةً تشريعيةً، وقال في هذا السياق: «إذا استمرّ انقسام المجلس الأعلى للدولة طويلاً، فإننا لن نترك البلاد في مهب الريح، وسنتخذ القرارات اللازمة بخصوص المناصب السيادية، وسنمضي بدراسة المقترحات المتداولة حالياً بشأن تشكيل الحكومة».


مقالات ذات صلة

ليبيا: انطلاق الانتخابات المحلية وسط توتر أمني بين ميليشيات «الوحدة»

شمال افريقيا ليبي يدلي بصوته بأحد مراكز الاقتراع في مصراتة (أ.ف.ب)

ليبيا: انطلاق الانتخابات المحلية وسط توتر أمني بين ميليشيات «الوحدة»

أعلنت المفوضية العليا للانتخابات بليبيا، (السبت)، انطلاق عملية الاقتراع في 352 مركزاً انتخابياً، و777 محطة اقتراع في 58 مجلساً بلدياً، تضم نحو 186055 ناخباً.

خالد محمود (القاهرة )
شمال افريقيا بلدية مصراتة التي يتنافس على إدارتها عدد من الناخبين (أ.ف.ب)

ليبيا لكسر «حاجز الانقسام» بخوض الانتخابات المحلية غداً

تتجه أنظار الليبيين إلى 58 بلدية في شرق البلاد وغربها وجنوبها يتوقع أن تجرى بها الانتخابات المحلية، وسط ترقب لكسر حاجز الانقسام السياسي.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا ليبيون من مصراته يتفحصون منشورات تحث على المشاركة بكثافة في الانتخابات (أ.ف.ب)

الاتحاد الأوروبي يدعو الأطراف الليبية لدعم الانتخابات البلدية

حث الاتحاد الأوروبي جميع المرشحين للانتخابات المحلية في ليبيا على «اغتنام الفرصة وخوض الاستحقاق بنزاهة وبما يتفق مع قواعد السلوك التي وضعتها المفوضية الوطنية».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا الدبيبة مستقبِلاً في لقاء سابق وزير الداخلية التونسي خالد النويري (الوحدة)

انزعاج ليبي من حديث تونسي عن «ترسيم الحدود»

«هذا الملف أُغلق بشكل كامل منذ عقد من الزمان»... هكذا ردت أطراف ليبية رسمية ونيابية على حديث وزير تونسي تطرق فيه للحدود المشتركة بين البلدين.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا القائم بأعمال السفارة الأميركية في ليبيا يتوسط عادل جمعة وزير الدولة لشؤون حكومة «الوحدة» (يمين) وإبراهيم الدبيبة مستشار رئيس الحكومة (السفارة)

سفارة أميركا تلتزم الصمت حيال اتهامها بـ«التدخل في الشأن الاقتصادي» الليبي

وجّه النائب الأول لرئيس مجلس النواب الليبي فوزي النويري، اتهامات للسفارة الأميركية بـ«استمرار تدخلاتها في الشأن الاقتصادي الليبي، وتقويض توحيد المصرف المركزي».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

تفاعل مصري مع «إعادة تشغيل» شركة تصنيع سيارات أسسها عبد الناصر

شركة «النصر للسيارات» أسسها الرئيس المصري الأسبق جمال عبد الناصر (مجلس الوزراء المصري)
شركة «النصر للسيارات» أسسها الرئيس المصري الأسبق جمال عبد الناصر (مجلس الوزراء المصري)
TT

تفاعل مصري مع «إعادة تشغيل» شركة تصنيع سيارات أسسها عبد الناصر

شركة «النصر للسيارات» أسسها الرئيس المصري الأسبق جمال عبد الناصر (مجلس الوزراء المصري)
شركة «النصر للسيارات» أسسها الرئيس المصري الأسبق جمال عبد الناصر (مجلس الوزراء المصري)

حظي «إعادة تشغيل» شركة تصنيع سيارات أسسها الرئيس المصري الأسبق جمال عبد الناصر عام 1959، بتفاعل على «السوشيال ميديا»، السبت، وذلك بعد مرور 15 عاماً من تصفية الشركة.

وشهد رئيس مجلس الوزراء المصري، مصطفى مدبولي، احتفالاً بمناسبة إعادة تشغيل شركة «النصر للسيارات»، معلناً عن «رؤية مستقبلية تستهدف استغلال جميع المصانع المصرية وإعادتها لدورة الإنتاج، مع العمل على زيادة الاستثمارات في بعض الصناعات».

وأشار مدبولي في تصريحات، السبت، إلى توقيع عقد تأسيس شركة مساهمة بين «النصر للسيارات» وشركتي «ترون تكنولوجي» السنغافورية - التايوانية، و«يور ترانزيت» الإماراتية، بغرض تصنيع أول ميني باص كهربائي (24 راكباً) للخدمة داخل المدن والقطاع السياحي، بطاقة إنتاجية تصل إلى 300 حافلة بحلول 2026، بالإضافة إلى إقامة خط لإنتاج البطاريات الكهربائية بقدرة إنتاجية 600 بطارية، على أن يبدأ الإنتاج بدءاً من منتصف العام المقبل لتتم مضاعفة الأعداد بداية من عام 2027، بحسب مجلس الوزراء المصري.

مصطفى مدبولي يشهد احتفالاً بمناسبة إعادة تشغيل شركة «النصر للسيارات» (مجلس الوزراء المصري)

وتفاعل مغردون على منصات التواصل الاجتماعي مع بدء تشغيل الشركة عبر هاشتاغ «#النصر_للسيارات»، وعد عضو مجلس النواب المصري (البرلمان)، النائب مصطفى بكري، إعادة تشغيل الشركة بعد توقف 15 عاماً تبشر بـ«عهد جديد للصناعة في مصر».

وبينما رأى بعض المغردين أن «تشغيل الشركة من جديد سوف يوفر فرص عمل، ويقدم إنتاجاً مصرياً».

انتقد آخرون «تأخر تلك الخطوة الحكومية»، وطالبوا بـ«إجراءت أخرى ودخول مصانع جديدة الخدمة بشكل سريع».

وبحسب أمين سر «لجنة الصناعة» بمجلس النواب، النائبة شيرين عليش، فإن قرار إعادة تشغيل «النصر للسيارات»، «خطوة استراتيجية نوعية مهمة في تطوير مفهوم الصناعة الوطنية»، موضحة أنها تأتي في إطار الاهتمام بتنفيذ «رؤية مصر 2030» التي تعتمد على تعزيز المنتجات المحلية والحد من الاستيراد.

وأكدت لـ«الشرق الأوسط» أهمية الشراكة بين الحكومة والقطاع الخاص في مثل هذه المشروعات لعدة اعتبارات من بينها، «دعم الاقتصاد الوطني، وخلق فرص عمل جديدة للشباب، بالإضافة إلى توفير كوادر قادرة على العمل في هذه المصانع»، لافتة إلى «ضرورة الاستمرار بالتوسع في هذه النوعية من المشروعات».

وتصل الطاقة الإنتاجية الحالية لـ«النصر للسيارات» إلى 300 حافلة سنوياً، ومن المستهدف أن تصل إلى 1500 حافلة بحلول 2027 بنسبة مكون مصري تصل إلى 50 في المائة بالمرحلة الأولى، تزيد تدريجياً لتصل إلى 70 في المائة مع استهداف التصدير لعدد من الدول، بحسب بيانات حكومية رسمية.

ووفق عضو «الجمعية المصرية للاقتصاد السياسي»، محمد أنيس، فإن «هناك ضرورة لصياغة إطار متكامل للعمل على توطين صناعة السيارات في البلاد»، مضيفاً لـ«الشرق الأوسط» أن «ذلك سوف يخفف من الاستيراد بشكل أكبر وأسرع، وسيوفر عائدات بشكل جيد».

«النصر للسيارات» أعيد العمل بها بعد 15 عاماً من تصفيتها (مجلس الوزراء المصري)

وبينما تحدثت أمين سر «لجنة الصناعة» في مجلس النواب عن الجهود المبذولة من الحكومة المصرية لإعادة تشغيل «النصر للسيارات» والكفاءة التي يجري بها تنفيذ السيارات بما يدعم التوسع في صناعة السيارات، يرى الخبير الاقتصادي المصري، ماجد عبد العظيم، أن «مصر تأخرت في اتخاذ هذه الخطوة»، مؤكداً لـ«الشرق الأوسط» أن صناعة السيارات في مصر لها أساس وتاريخ؛ لكنها «تراجعت خلال السنوات الماضية، في الوقت الذي اهتمت بها دول أخرى، وأصبحت لها الريادة في عملية التصنيع».

وبحسب عبد العظيم فإن «إنتاج السيارات من خلال شركة (النصر للسيارات) مستقبلاً وبمواصفات جيدة وأسعار مناسبة، سوف يفتح الباب أمام مبيعات كبيرة للشركة، بما يلبي احتياجات السوق المحلي»، مشيراً إلى أن «الإنتاج المحلي سيساعد في تراجع الواردات من السيارات».

وتستورد مصر سيارات بقيمة تصل إلى 8 مليارات دولار سنوياً، وفق تصريحات سابقة للأمين العام لـ«رابطة السيارات» المصرية، خالد سعد، الذي أكد أن «توطين صناعة السيارات سيؤدي إلى تخفيض فاتورة الاستيراد». (الدولار الأميركي يساوي 49.30 جنيه في البنوك المصرية).