هجوم جزائري على المغرب وفرنسا في «قمة سوتشي»

بخلفية «نزاع الصحراء» والاعتراف بخطة «الحكم الذاتي»

مكان انعقاد القمة الروسية - الأفريقية في سوتشي (روسيا اليوم)
مكان انعقاد القمة الروسية - الأفريقية في سوتشي (روسيا اليوم)
TT

هجوم جزائري على المغرب وفرنسا في «قمة سوتشي»

مكان انعقاد القمة الروسية - الأفريقية في سوتشي (روسيا اليوم)
مكان انعقاد القمة الروسية - الأفريقية في سوتشي (روسيا اليوم)

هاجم وزير خارجية الجزائر أحمد عطاف، ضمناً، المغرب وفرنسا حينما دعا، في القمة الروسية - الأفريقية الجارية بمدينة سوتشي، لـ«إنهاء الاستعمار قديمه وحديثه في أفريقيا». كما دعا إلى «تعزيز التعاون في مجال مكافحة الإرهاب وما يرتبط به من جرائم عابرة للحدود والأوطان».

وأكد عطاف (الأحد)، في كلمة قرأها في الاجتماع ونشرتها وزارة الخارجية الجزائرية، أن بلاده تطالب «باستكمال مسار تصفية الاستعمار في أفريقيا، والقضاء عليه قضاء نهائياً، لأنه لا مكان للاستعمار، قديمه وحديثه، في عالم اليوم وفي أفريقيا اليوم». وكان يشير، ضمناً، إلى نزاع الصحراء، التي يرد في الخطاب الرسمي الجزائري بشأنها أنها «آخر مستعمرة في فرنسا».

وفي كلام عطاف حول «الاستعمار»، إيحاءات إلى الرباط وباريس، حسب متتبعين. ففي 25 يوليو (تموز) الماضي، أبدت الجزائر سخطاً شديداً عندما أبلغتها باريس، عبر القناة الدبلوماسية، بأنها قرّرت دعم «خطة الحكم الذاتي المغربية للصحراء». ويومها شجبت الجزائر «تفاهماً بين القوى الاستعمارية القديمة والحديثة، التي تعرف كيف تتماهى مع بعضها بعضاً، وكيف تتفاهم مع بعضها بعضاً، وكيف تمد يد العون لبعضها بعضاً». وسحبت الجزائر سفيرها من باريس بعد هذا القرار، الذي أدخل العلاقات مع المُستعمِر السابق في قطيعة شبه تامة.

وزير خارجية الجزائر أحمد عطاف (الخارجية الجزائرية)

يُشار إلى أن الجزائر أنهت علاقاتها مع المغرب في 24 أغسطس (آب) 2021، واتهمته بـ«توجيه أعمال عدائية ضدها»، بينما الحدود البرية بين البلدين مغلقة منذ صيف 1994. وفي 23 سبتمبر (أيلول) 2021، أعلنت الجزائر إغلاق مجالها الجوي أمام الطائرات المغربية، المدنية والعسكرية. ومنذ أقل من شهرين، فرضت تأشيرة الدخول إلى أراضيها على أي شخص يحمل جواز سفر مغربياً، متهمة الرباط بـ«استغلال غياب التأشيرة لمحاولة ضرب استقرار البلاد».

وأكد عطاف، في خطابه في الاجتماع الروسي، أن الجزائر «تشيد بالشراكة بين روسيا وأفريقيا، فهي تقوم على إرث تاريخي متجذر في الدعم الثمين، الذي لاقته الدول الأفريقية من الأصدقاء الروس إبان الكفاح ضد الاستعمار والاحتلال والهيمنة الأجنبية»، مبرزاً أنها «نمت وتطورت بفعل ما رصدَته روسيا وما قدمته من إسهامات مُعتَبرة، في سبيل تعزيز قدرات الدول الأفريقية المستقلة، ومساندتها في إرساء أسس اقتصاداتها الوطنية».

وأضاف: «نأمل اليوم في الارتقاء بهذه الشراكة إلى أسمى المراتب المتاحة، بناء على ما يجمعنا من التزامٍ، ومن تطلع للإسهام في بناء منظومة علاقات دولية، يكون فيها لكل بلد من بلداننا نصيبه المشروع من سبل الأمن والاستقرار والازدهار».

جانب من اجتماعات وزير خارجية الجزائر على هامش «المنتدى الروسي - الأفريقي للشراكة» (الخارجية الجزائرية)

وبحسب عطاف: «يتطلع الأفارقة إلى إنهاء التهميش المفروض على قارتهم في مجلس الأمن الأممي، وفي مختلف المنظمات الاقتصادية والمالية والنقدية العالمية»، عادّاً «هذا التهميش أكبر مصدر لغياب قارتنا عن صناعة القرارات الدولية، وحتى تلك التي تعنيها بصفة مباشرة».

وتشنّ الجزائر حملةً في مجلس الأمن، منذ أن تسلّمت مقعدها غير الدائم به مطلع 2024، لتصحيح ما تصفه بأنه «ظلم تاريخي تعاني منه القارة الأفريقية»، كونها الغائب الوحيد، حسبها، في فئة الأعضاء الدائمين، والأقل تمثيلاً في فئة الأعضاء غير الدائمين بالمجلس، مطالبة بحصول أفريقيا على مقعدين دائمين، بالإضافة إلى مقعدين غير دائمين في مجلس الأمن، مع جميع الامتيازات المرتبطة بهذه المقاعد.

ويشار إلى أن «منتدى الشراكة بين روسيا وأفريقيا»، يبحث منذ أول نسخة منه عُقدت في سوتشي عام 2019، تعزيز التعاون في مجالات الاقتصاد، والسياسة، والأمن، والتعليم، والتنمية.


مقالات ذات صلة

كاتب جزائري شهير يواجه السجن بسبب «تحقير الوطن»

شمال افريقيا الروائي المعتقل بوعلام صنصال (أ.ف.ب)

كاتب جزائري شهير يواجه السجن بسبب «تحقير الوطن»

يواجه الكاتب الجزائري - الفرنسي الشهير بوعلام صنصال، عقوبة سجن تتراوح بين 12 شهراً و5 سنوات، بسبب تصريحات مستفزة بالنسبة للسلطات، أطلقها في فرنسا.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا الروائي المثير للجدل كمال داود (حسابه بالإعلام الاجتماعي)

«قضية الروائي داود» تأخذ أبعاداً سياسية وقضائية في الجزائر

عقوبة سجن بين 3 و5 سنوات مع التنفيذ ضد «كل من يستعمل، من خلال تصريحاته أو كتاباته أو أي عمل آخر، جراح المأساة الوطنية، أو يعتدّ بها للمساس بمؤسسات الجمهورية».

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا الرئيس تبون مع قائد الجيش (وزارة الدفاع)

الجزائر: شنقريحة يطلق تحذيرات بـ«التصدي للأعمال العدائية»

أطلق قائد الجيش الجزائري الفريق أول سعيد شنقريحة، تحذيرات شديدة اللهجة، في أول ظهور إعلامي له.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا الرئيس وقائد الجيش في آخر نشاط لهما معاً في 14 نوفمبر الحالي (وزارة الدفاع)

الجزائر: إقصاء الأحزاب الموالية للرئيس من الحكومة الجديدة

لاحظ مراقبون في الجزائر غياب «العمق السياسي» عن التعديل الحكومي الذي أحدثه الرئيس عبد المجيد تبون في حكومته.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون (رويترز)

الجزائر: تعديل حكومي واسع يبقي الوزراء السياديين

أجرى الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، الاثنين، تعديلاً حكومياً احتفظ فيه وزراء الحقائب السيادية بمناصبهم، بعد أن كان الوزير الأول نذير عرباوي قدم استقالة…

«الشرق الأوسط» (الجزائر)

الجيش السوداني يعلن استعادة مدينة سنجة عاصمة ولاية سنار

أفراد من الجيش السوداني كما ظهروا في مقطع فيديو للإعلان عن «تحرير» مدينة سنجة عاصمة ولاية سنار من عناصر «قوات الدعم السريع» (الناطق باسم القوات المسلحة السودانية عبر «إكس»)
أفراد من الجيش السوداني كما ظهروا في مقطع فيديو للإعلان عن «تحرير» مدينة سنجة عاصمة ولاية سنار من عناصر «قوات الدعم السريع» (الناطق باسم القوات المسلحة السودانية عبر «إكس»)
TT

الجيش السوداني يعلن استعادة مدينة سنجة عاصمة ولاية سنار

أفراد من الجيش السوداني كما ظهروا في مقطع فيديو للإعلان عن «تحرير» مدينة سنجة عاصمة ولاية سنار من عناصر «قوات الدعم السريع» (الناطق باسم القوات المسلحة السودانية عبر «إكس»)
أفراد من الجيش السوداني كما ظهروا في مقطع فيديو للإعلان عن «تحرير» مدينة سنجة عاصمة ولاية سنار من عناصر «قوات الدعم السريع» (الناطق باسم القوات المسلحة السودانية عبر «إكس»)

استعادت قوات الجيش السوداني، السبت، مدينة سنجة عاصمة ولاية سنار في جنوب شرقي البلاد، ما يسهل على الجيش السيطرة على كامل الولاية. وأظهرت مقاطع فيديو على وسائل التواصل الاجتماعي، مئات الأشخاص يخرجون إلى الشوارع احتفالاً باستعادة المدينة التي ظلت لأكثر من 5 أشهر تحت سيطرة «قوات الدعم السريع».

وقال مكتب المتحدث الرسمي باسم الجيش، في بيان نشر على مواقع التواصل الاجتماعي، إن «القوات المسلحة والقوات النظامية الأخرى دخلت رئاسة الفرقة 17 مشاة بمدينة سنجة». ولم يصدر أي تعليق من «قوات الدعم السريع» التي كانت استولت في مطلع يوليو (حزيران) الماضي، على مقر «الفرقة 17 مشاة» في مدينة سنجة بعد انسحاب قوات الجيش منها دون خوض أي معارك. ونشر الجيش السوداني مقاطع فيديو تظهر عناصره برتب مختلفة أمام مقر الفرقة العسكرية الرئيسة.

بدوره، أعلن الناطق الرسمي باسم الحكومة وزير الثقافة والإعلام، خالد الأعيسر، عودة مدينة سنجة إلى سيطرة الجيش. وقال في منشور على صفحته في «فيسبوك»، نقلته وكالة أنباء السودان الرسمية، إن «العدالة والمحاسبة مقبلتان وستطولان كل من أسهم في جرائم، وستتم معاقبة المجرمين بما يتناسب مع أفعالهم».

وأضاف أن «الشعب السوداني وقواته على موعد مع تحقيق مزيد من الانتصارات التي ستعيد للبلاد أمنها واستقرارها، وتطهرها من الفتن التي زرعها المتمردون والعملاء ومن يقف خلفهم من دول وأطراف متورطة».

وفي وقت سابق، تحدث شهود عيان عن تقدم لقوات الجيش خلال الأيام الماضية في أكثر من محور صوب المدينة، بعد أن استعادت مدينتي الدندر والسوكي الشهر الماضي، إثر انسحاب «قوات الدعم السريع». وقال سكان في المدينة لـ«الشرق الأوسط»، إن قوات الجيش وعناصر المقاومة الشعبية انتشروا بكثافة في شوارع سنجة، وإنهم فرحون بذلك الانتصار.

مسلّحون من «قوات الدعم السريع» في ولاية سنار بوسط السودان (أرشيفية - مواقع التواصل)

وفي أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، خاض الجيش معارك ضارية ضد «قوات الدعم السريع»، نجح من خلالها في استعادة السيطرة على منطقة «جبل موية» ذات الموقع الاستراتيجي التي تربط بين ولايات سنار والجزيرة والنيل الأبيض. وبفقدان سنجة تكون «قوات الدعم السريع» قد خسرت أكثر من 80 في المائة من سيطرتها على ولاية سنار الاستراتيجية، حيث تتركز بقية قواتها في بعض البلدات الصغيرة.

يذكر أن ولاية سنار المتاخمة لولاية الجزيرة في وسط البلاد، لا تزال تحت سيطرة «قوات الدعم السريع»، التي تسيطر أيضاً على معظم أنحاء العاصمة الخرطوم ومنطقة غرب دارفور الشاسعة، إضافة إلى جزء كبير من ولاية كردفان في جنوب البلاد.

ووفقاً للأمم المتحدة نزح أكثر من نحو 200 ألف من سكان ولاية سنار بعد اجتياحها من قبل «قوات الدعم السريع».

واندلعت الحرب بين الجيش و«قوات الدعم السريع» في منتصف أبريل (نيسان) 2023، بعد خلاف حول خطط لدمج «الدعم السريع» في الجيش خلال فترة انتقالية كان من المفترض أن تنتهي بإجراء انتخابات للانتقال إلى حكم مدني، وبدأ الصراع في العاصمة الخرطوم وامتد سريعاً إلى مناطق أخرى. وأدى الصراع إلى انتشار الجوع في أنحاء البلاد وتسبب في أزمة نزوح ضخمة، كما أشعل موجات من العنف العرقي في أنحاء البلاد.