البرلمان المصري لتجاوز «اعتراضات» قانون «الإجراءات الجنائية»

وسط تحفظات «الصحافيين» حول المشروع

وزراء من الحكومة حضروا المناقشات حول قانون «الإجراءات الجنائية» (مجلس الوزراء المصري)
وزراء من الحكومة حضروا المناقشات حول قانون «الإجراءات الجنائية» (مجلس الوزراء المصري)
TT

البرلمان المصري لتجاوز «اعتراضات» قانون «الإجراءات الجنائية»

وزراء من الحكومة حضروا المناقشات حول قانون «الإجراءات الجنائية» (مجلس الوزراء المصري)
وزراء من الحكومة حضروا المناقشات حول قانون «الإجراءات الجنائية» (مجلس الوزراء المصري)

سعياً لتجاوز «الاعتراضات» على مشروع قانون «الإجراءات الجنائية»، يواصل مجلس النواب المصري (البرلمان) مناقشاته بشأن القانون بمشاركة مسؤولين حكوميين، ونقابيين، وحقوقيين، وقانونيين، وسط استمرار تحفظات نقابة الصحافيين المصرية على بعض النصوص.

وفي حين يستهدف البرلمان المصري توسيع الحوار حول نصوص «الإجراءات الجنائية»، فإن برلمانيين وحقوقيين تحدثوا عن «الاستجابة لبعض النقاط المختلف عليها»، وأشاروا إلى أن «باب المناقشات ما زال مفتوحاً أمام بعض الجهات التي ما زالت تتحفظ على مواد بالقانون».

وتوافقت رؤى البرلمان والحكومة المصرية في وقت سابق مع مطالب أحزاب وقوى سياسية بضرورة إصدار قانون جديد «للإجراءات الجنائية» (المنظم لقواعد التقاضي والعقوبات في الجرائم المختلفة)، وإعادة النظر في التشريع الحالي الصادر منذ عام 1950.

وانتهت لجنة فرعية بالبرلمان المصري (تضم قانونيين ومتخصصين وممثلي وزارات وجهات حكومية) من إعداد مشروع جديد للقانون، يضم 540 مادة، غير أن التشريع المقترح واجه اعتراضات من نقابتي الصحافيين والمحامين، فور الإعلان عنه، وجرى الاستجابة لبعض النقاط الخلافية مع المحامين، بينما لا تزال نقابة الصحافيين تتحفظ على بعض مواد القانون.

وجددت نقابة الصحفيين اعتراضها على بعض مواد القانون الجديد، وأرسلت ملاحظاتها على التشريع الجديد إلى نواب البرلمان من الصحافيين؛ لتبني موقف النقابة داخل مجلس النواب، وأشارت في إفادة لها، السبت، إلى أن النقابة لديها 4 ملاحظات، عدّتها متعلقة بـ«العيوب والمخالفات الدستورية التي تعلقت بمشروع القانون، والتي تصل إلى حد إبطال أثره لمجافاته لمواد الدستور، والاتفاقيات الدولية لحقوق الإنسان التي صدّقت عليها مصر»، ونوهت إلى أن ما يقرب من 42 مادة من مواد المشروع شابتها مخالفات دستورية أو خالفت المواثيق الدولية.

وتدعو «الصحافيين» إلى «ضرورة فتح حوار مجتمعي موسع بشأن القانون، يشارك فيه المجتمع لتقديم تشريع يلبي طموح الجميع»، وقالت إن «هدفها يتجاوز النصوص المتعلقة بالصحافة والإعلام إلى عموم نصوص القانون بما يحمي حقوق وحريات المواطنين والمجتمع بأسره، وهو الهدف الأسمى الذي يجب أن يسعى إليه الجميع».

وأكد وكيل «لجنة الشؤون الدستورية والتشريعية» بمجلس النواب المصري، النائب إيهاب الطماوي، أن «مناقشات قانون الإجراءات الجنائية مستمرة داخل البرلمان»، وقال لـ«الشرق الأوسط»، إن «رئيس المجلس أخذ موافقة على استمرار المناقشات بحضور أعضاء اللجنة الفرعية (التي أعدت مشروع القانون) في دلالة على حرص المجلس لإشراك الجميع في المناقشات».

وأدار «النواب» في جلساته، الأسبوع الماضي، مناقشات موسعة على مدار ثلاثة أيام حول مواد القانون الجديد، بحضور وزير الخارجية، بدر عبد العاطي، وأعضاء المجلس القومي لحقوق الإنسان، وحقوقيين مستقلين، ونقابيين، وممثلي النقابات، ومؤسسات المجتمع المدني.

البرلمان المصري خلال مناقشات مبدئية لمشروع قانون «الإجراءات الجنائية» (مجلس الوزراء المصري)

وبحسب رئيس مجلس النواب، المستشار حنفي الجبالي، فإن «الفرصة مستمرة لجميع نواب البرلمان لإبداء رأيهم حول القانون»، مشيراً إلى أن «مناقشات القانون المبدئية ستتواصل إلى الجلسات المقبلة لضمان اتساع دائرة الحوار المجتمعي حول القانون».

ويعتقد عضو «المجلس القومي لحقوق الإنسان» في مصر، عصام شيحة، أن المناقشات والحوارات الأخيرة حول قانون الإجراءات الجنائية «أنتجت توافقات، وزادت من مساحات الاتفاق حوله»، وقال إن «جهة التشريع (البرلمان) أبدت حرصها على الاستجابة إلى الملاحظات والنقاط الخلافية الخاصة بالقانون».

وأوضح شيحة لـ«الشرق الأوسط» أن «(الحوار الوطني) حول مشروع القانون أسهم في الاستجابة لبعض الملاحظات والنقاط الخلافية بما لا يخالف الدستور والمواثيق الموقعة عليها مصر»، إلى جانب «إعادة صياغة بعض المواد». وعدَّ ذلك أنه «حقق خطوات إيجابية في التوافق حول القانون»، وقال إن «ملاحظات وتحفظات نقابة الصحافيين محل اعتبار»، مشيراً إلى أن «استمرار النقاش بشأن ملاحظات (الصحافيين) في صالح القانون».

وكانت منظمات حقوقية دولية منها «هيومان رايتس ووتش»، و«العفو الدولية»، قد طالبت في بيان بـ«إعداد مشروع جديد يتماشى مع المعايير الدولية لحقوق الإنسان، وبالتشاور مع المنظمات غير الحكومية المصرية والدولية».


مقالات ذات صلة

تفاعل مصري مع بكاء السيسي خلال لقائه قادة القوات المسلحة

شمال افريقيا السيسي أكد أن المنطقة تمر بظروف صعبة ومصر تعد عامل استقرار مهماً في ظل الأحداث الراهنة (الرئاسة المصرية)

تفاعل مصري مع بكاء السيسي خلال لقائه قادة القوات المسلحة

تفاعل رواد مواقع التواصل الاجتماعي مع لحظات بكاء وتأثر للرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال لقائه، الخميس، مع قادة القوات المسلحة المصرية.

فتحية الدخاخني (القاهرة)
شمال افريقيا تسعى الحكومة لتوفير بيئة عمل مناسبة للأطباء (وزارة الصحة المصرية)

مصر للحد من «فوضى» الاعتداء على الطواقم الطبية

تسعى الحكومة المصرية للحد من «فوضى» الاعتداءات على الطواقم الطبية بالمستشفيات، عبر إقرار قانون «تنظيم المسؤولية الطبية وحماية المريض».

أحمد عدلي (القاهرة )
شمال افريقيا مشاركون في ندوة جامعة أسيوط عن «الهجرة غير المشروعة» تحدثوا عن «البدائل الآمنة» (المحافظة)

مصر لمكافحة «الهجرة غير المشروعة» عبر جولات في المحافظات

تشير الحكومة المصرية بشكل متكرر إلى «استمرار جهود مواجهة الهجرة غير المشروعة، وذلك بهدف توفير حياة آمنة للمواطنين».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
يوميات الشرق معابد الأقصر تحتضن آثار الحضارة القديمة (مكتبة الإسكندرية)

«تسجيلي» مصري يوثّق تاريخ الأقصر «أقوى عواصم العالم القديم»

لم تكن قوة الأقصر ماديةً فحسب، إنما امتدّت إلى أهلها الذين تميّزوا بشخصيتهم المستقلّة ومهاراتهم العسكرية الفريدة، فقد لعبوا دوراً محورياً في توحيد البلاد.

محمد الكفراوي (القاهرة )
خاص عدد كبير من المصريين يفضل المأكولات السورية (الشرق الأوسط)

خاص كيف أرضى السوريون ذائقة المصريين... وأثاروا قلقهم

تسبب الوجود السوري المتنامي بمصر في إطلاق حملات على مواقع التواصل الاجتماعي بين الحين والآخر تنتقد مشروعاتهم الاستثمارية.

فتحية الدخاخني (القاهرة )

مصر للحد من «فوضى» الاعتداء على الطواقم الطبية

تسعى الحكومة لتوفير بيئة عمل مناسبة للأطباء (وزارة الصحة المصرية)
تسعى الحكومة لتوفير بيئة عمل مناسبة للأطباء (وزارة الصحة المصرية)
TT

مصر للحد من «فوضى» الاعتداء على الطواقم الطبية

تسعى الحكومة لتوفير بيئة عمل مناسبة للأطباء (وزارة الصحة المصرية)
تسعى الحكومة لتوفير بيئة عمل مناسبة للأطباء (وزارة الصحة المصرية)

تسعى الحكومة المصرية للحد من «فوضى» الاعتداءات على الطواقم الطبية بالمستشفيات، عبر إقرار قانون «تنظيم المسؤولية الطبية وحماية المريض»، الذي وافق عليه مجلس الوزراء أخيراً، وسوف يحيله لمجلس النواب (البرلمان) للموافقة عليه.

وأوضح نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الصحة المصري، خالد عبد الغفار، أن مشروع القانون يهدف إلى «تحسين بيئة العمل الخاصة بالأطباء والفريق الصحي، ويرتكز على ضمان توفير حق المواطن في تلقي الخدمات الطبية المختلفة بالمنشآت الصحية، وتوحيد الإطار الحاكم للمسؤولية المدنية والجنائية التي يخضع لها مزاولو المهن الطبية، بما يضمن عملهم في بيئة عمل جاذبة ومستقرة»، وفق إفادة وزارة «الصحة» المصرية، الجمعة.

وأشار الوزير المصري إلى تضمن القانون «توحيد الإطار الحاكم للمسؤولية المدنية والجنائية التي يخضع لها مزاولو المهن الطبية، بما يكفل الوضوح في هذا الشأن ويراعي صعوبات العمل في المجال الطبي»، مع الحرص على «منع الاعتداء على مقدمي الخدمة الصحية، وتقرير العقوبات اللازمة في حال التعدي اللفظي أو الجسدي أو إهانة مقدمي الخدمات الطبية، أو إتلاف المنشآت، وتشديد العقوبة حال استعمال أي أسلحة أو عصي أو آلات أو أدوات أخرى».

جانب من العمل داخل أحد المستشفيات (وزارة الصحة المصرية)

وحسب عضوة «لجنة الصحة» بمجلس النواب، النائبة إيرين سعيد، فإن «هذه الخطوة تأخرت كثيراً»، مؤكدة لـ«الشرق الأوسط» أن مشروع القانون كان يفترض جاهزيته منذ عامين في ظل مناقشات مستفيضة جرت بشأنه، لافتة إلى أن القانون سيكون على رأس أولويات «لجنة الصحة» فور وصوله البرلمان من الحكومة تمهيداً للانتهاء منه خلال دور الانعقاد الحالي.

لكن وكيل نقابة الأطباء المصرية، جمال عميرة، قال لـ«الشرق الأوسط» إن مشروع القانون «لا يوفر الحماية المطلوبة للأطباء في مقابل مضاعفة العقوبات عليهم حال الاشتباه بارتكابهم أخطاء»، مشيراً إلى أن المطلوب قانون يوفر «بيئة عمل غير ضاغطة على الطواقم الطبية».

وأضاف أن الطبيب حال تعرض المريض لأي مضاعفات عند وصوله إلى المستشفى تتسبب في وفاته، يحول الطبيب إلى قسم الشرطة ويواجه اتهامات بـ«ارتكاب جنحة وتقصير بعمله»، على الرغم من احتمالية عدم ارتكابه أي خطأ طبي، لافتاً إلى أن النقابة تنتظر النسخة الأخيرة من مشروع القانون لإصدار ملاحظات متكاملة بشأنه.

وشهدت مصر في الشهور الماضية تعرض عدد من الأطباء لاعتداءات خلال عملهم بالمستشفيات من أقارب المرضى، من بينها واقعة تعدي الفنان محمد فؤاد على طبيب مستشفى «جامعة عين شمس»، خلال مرافقته شقيقه الذي أصيب بأزمة قلبية الصيف الماضي، والاعتداء على طبيب بمستشفى «الشيخ زايد» في القاهرة من أقارب مريض نهاية الشهر الماضي، وهي الوقائع التي يجري التحقيق فيها قضائياً.

وقائع الاعتداء على الطواقم الطبية بالمستشفيات المصرية تكررت خلال الفترة الأخيرة (وزارة الصحة المصرية)

وينص مشروع القانون الجديد، وفق مقترح الحكومة، على تشكيل «لجنة عليا» تتبع رئيس مجلس الوزراء، وتعد «جهة الخبرة الاستشارية المتعلقة بالأخطاء الطبية، والمعنية بالنظر في الشكاوى، وإصدار الأدلة الإرشادية للتوعية بحقوق متلقي الخدمة بالتنسيق مع النقابات والجهات المعنية»، حسب بيان «الصحة».

وتعوّل إيرين سعيد على «اللجنة العليا الجديدة» باعتبارها ستكون أداة الفصل بين مقدم الخدمة سواء كان طبيباً أو صيدلياً أو من التمريض، ومتلقي الخدمة المتمثل في المواطن، لافتةً إلى أن تشكيل اللجنة من أطباء وقانونيين «سيُنهي غياب التعامل مع الوقائع وفق القوانين الحالية، ومحاسبة الأطباء وفق قانون (العقوبات)».

وأضافت أن مشروع القانون الجديد سيجعل هناك تعريفاً للمريض بطبيعة الإجراءات الطبية التي ستُتخذ معه وتداعياتها المحتملة عليه، مع منحه حرية القبول أو الرفض للإجراءات التي سيبلغه بها الأطباء، وهو «أمر لم يكن موجوداً من قبل بشكل إلزامي في المستشفيات المختلفة».

وهنا يشير وكيل نقابة الأطباء إلى ضرورة وجود ممثلين لمختلف التخصصات الطبية في «اللجنة العليا» وليس فقط الأطباء الشرعيين، مؤكداً تفهم أعضاء لجنة «الصحة» بالبرلمان لما تريده النقابة، وتوافقهم حول التفاصيل التي تستهدف حلاً جذرياً للمشكلات القائمة في الوقت الحالي.