ليبيا: خلافات سياسية جديدة تضرب مؤسسات السلطة

رداً على طلب المنفي من «النواب» إلغاء قانون «المحكمة الدستورية»

صورة وزّعتها حكومة «الاستقرار» لمشاركة رئيسها في ندوة ببنغازي
صورة وزّعتها حكومة «الاستقرار» لمشاركة رئيسها في ندوة ببنغازي
TT

ليبيا: خلافات سياسية جديدة تضرب مؤسسات السلطة

صورة وزّعتها حكومة «الاستقرار» لمشاركة رئيسها في ندوة ببنغازي
صورة وزّعتها حكومة «الاستقرار» لمشاركة رئيسها في ندوة ببنغازي

صعّدت حكومة «الاستقرار»، برئاسة أسامة حماد، من انتقاداتها العلنية لـ«المجلس الرئاسي» بقيادة محمد المنفي، وطالبت الجهات القضائية والرقابية كافة، وعلى رأسها مكتب النائب العام، باتخاذ «كل ما يلزم من إجراءات قانونية حيال ارتكابه وقائع ترتقي لمصافّ الجنايات»، وفتح تحقيق بشأنها تمهيداً لإحالة مرتكبها للقضاء المختص.

وكرّر حماد، خلال كلمته في ندوة نظّمتها حكومته، اليوم (الأحد)، في مدينة بنغازي شرق البلاد، بعنوان «تعزيز الدعم المالي للبلديات»، اتهاماته لـ«المجلس الرئاسي» بإنشاء جسم موازٍ لمفوضية الانتخابات «في محاولة للقفز على اختصاص المؤسسات الشرعية»، وعدّ أن «الرئاسي» يحاول «بثّ الفوضى وتقويض الجهود الرامية لتعزيز مبدأ التداول السلمي للسلطة والوظائف العامة».

وكانت حكومة حماد قد عدّت، في بيان أصدرته فجر اليوم (الأحد)، أن الرسالة التي وجّهها المنفي إلى عقيلة صالح، رئيس مجلس النواب، للمطالبة بإلغاء مشروع القانون الخاص بإنشاء محكمة دستورية جديدة، «محاولة لتعميق الشقاق والانقسام بين مؤسسات الدولة الرسمية»، مشيرة إلى محاولات أخرى سابقة لـ«المجلس الرئاسي، المنتهي الولاية، بإصدار قرارات مخالفة للتشريعات السارية والاتفاق السياسي، متجاوزاً بها حدود صلاحياته الممنوحة له إبان فترة سريان الاتفاق السياسي».

واتهمت الحكومة «الرئاسي» بـ«اختلاق وافتعال» أزمة «المصرف المركزي»، التي تسببت في انهيار الاقتصاد الوطني لفترة معينة، كما اتهمته بـ«تشكيل وخلق جسم موازٍ للمفوضية العليا للانتخابات، وهو ما أطلق عليه مسمى المفوضية الوطنية للاستعلام والاستفتاء الوطني، دون أن يكون مخولاً بذلك».

وحذّرت «مما سيترتب على ذلك من إضاعة الفرصة لإنجاز الاستحقاقات الانتخابية، عبر مؤسسة رسمية معترف بها لدى جميع الأطراف المحلية والدولية». وقالت: «إن المجلس الرئاسي، إصراراً منه على ممارسة مهام وظيفة، انتهت ولاية تكليفه بها بانتهاء مدة الاتفاق السياسي، أمعن واستمر في ارتكاب تصرفات، من شأنها زعزعة الأوضاع، وخلق الفوضى، من خلال التشكيك في شرعية استمرار مجلس النواب».

وأشارت إلى أن المنفي باستمراره في ممارساته «يخالف نصّ القانون، الذى قرّر عقوبة السجن لمدة لا تقل عن 10 سنوات لكل من مارس مهام وظيفة انتهت ولاية تكليفه بها».

ولفتت إلى أن رسالة المنفي لصالح «احتوت على جملة من المغالطات والتناقضات، مثل احتجاجه على صدور قانون إنشاء المحكمة الدستورية الصادر من جهة تشريعية مختصة»، كما «يرسخ رقابة الدستور على كل القوانين والتشريعات في مؤسسة قضائية مستقلة عن القضاء العادي، على غرار دول الجوار والعالم، التي تتبنى نظام المحاكم الدستورية العليا».

وعدّت الحكومة هذه التصرفات والمواقف بـ«مثابة تقويض لكل الجهود المبذولة من كافة الأطراف لتوحيد مؤسسات الدولة، ولا تعبر إلا عن نظرة شخصية ضيقة لصاحبها، ولا تستند لأي معايير قانونية أو أسباب منطقية».

من جهته، نفى المتحدث باسم مجلس النواب، عبد الله بليحق، إصدار المجلس قراراً بتخفيض قيمة الضريبة على العملات الأجنبية إلى «15 في المائة»، مؤكداً أنه سيتم اتخاذ الإجراءات بالخصوص والإعلان عنه لاحقاً.

وحذّر «مصرف ليبيا المركزي» البنوك المحلية من عدم التزامها بتعليماته، بتوزيع السيولة على العملاء، وهدّد بأنه «في حال استمرار إهمالها لمهامها، قد يصل الأمر إلى إيقافها وإحالتها إلى التحقيق».

اجتماع الكوني مع سفير إيطاليا بطرابلس (المجلس الرئاسي)

بدوره، استغل عضو «المجلس الرئاسي»، موسى الكوني، اجتماعه الأحد بطرابلس، مع سفير إيطاليا جيانلوكا البريني، للإعراب عن ثقته في أن «إدارة المصرف المركزي الجديدة ستساهم في تنمية الاقتصاد الليبي وتجاوز كل العقبات التي عرقلت مسيرة التنمية خلال السنوات الماضية».

ونقل عن البريني تأكيده تواصل جهود بلاده لدعم ليبيا «من أجل الوصول إلى حلّ الأزمة السياسية لضمان تحقيق الاستقرار».

من جانبه، قال السفير الروسي، أيدار أغانين، إنه ناقش في طرابلس مع وزير العمل بحكومة الوحدة، علي العابد، التعاون الثنائي في مجال تدريب الكوادر والسلامة المهنية ورأس المال البشري.

من جهتها، نفت السفارة البريطانية وجود تحديثات جديدة خاصة بنصائح سفر إلى ليبيا، أصدرتها المملكة المتحدة، مشيرة في بيان عبر منصة «إكس»، إلى أنها مثل كثير من البلدان الأخرى، تنصح مواطنيها بعدم السفر إلى ليبيا، بشكل مستمر منذ عام 2014.

المشري وتكالة خلال احتفالية سفارة الجزائر (المجلس الأعلى للدولة)

بموازاة ذلك، ظهر الرئيسان الحالي والسابق لـ«المجلس الأعلى للدولة» خالد المشري وغريمه محمد تكالة، في صور وزّعها المشري، بمناسبة حضورهما احتفالية السفارة الجزائرية لإحياء الذكرى الـ70 لاندلاع «ثورة التحرير» الجزائرية، برفقة أعضاء من المجلس، ووزراء في حكومة «الوحدة»، والقائمة بأعمال البعثة الأممية ستيفاني خوري.

قوات من «الجيش الوطني» في شوارع سبها (رئاسة أركان القوات البرية)

إلى ذلك، قالت رئاسة أركان القوات البرية بـ«الجيش الوطني» إنه بناءً على تعليمات قائده العام المشير خليفة حفتر، وتحت متابعة مباشرة من رئيسها نجله صدام، نفّذت «الكتيبة 101» التابعة لها مساء السبت، مسيرة ليلية داخل شوارع مدينة سبها بالجنوب الليبي.

وأوضحت أن «الهدف هو تدريب الأفراد ورفع كفاءتهم وقدراتهم البدنية، بالإضافة إلى التأكد من جاهزيتهم، وتعزيز الأمن في المدينة، ما يعكس الالتزام بتحسين مستوى القوات وتعزيز الاستقرار في المنطقة».


مقالات ذات صلة

دعوات «إلزامية الحجاب» تفجر صراعاً مجتمعياً في ليبيا

خاص تواجه دعوات تحجيب النساء «جبراً» رفضاً لفكرة «تقييد الحريات» في مجتمع غالبية نسائه أصلاً من المحجبات (أ.ف.ب)

دعوات «إلزامية الحجاب» تفجر صراعاً مجتمعياً في ليبيا

بعد إعلان السلطة في غرب ليبيا عن إجراءات واسعة ضد النساء من بينها "فرض الحجاب الإلزامي"، بدت الأوضاع متجه إلى التصعيد ضد "المتبرجات"، في ظل صراع مجتمعي محتدم.

جمال جوهر (القاهرة)
شمال افريقيا الحويج و«الوزير الغيني» (وزارة الخارجية بحكومة حماد)

زيارة «وزير غيني» لحكومة حمّاد تفجر جدلاً في ليبيا

بعد أكثر من أسبوعين أحدثت زيارة أجراها «وزير دولة في غينيا بيساو» لحكومة شرق ليبيا حالة من الجدل بعد وصفه بأنه شخص «مزيف».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا وقفة احتجاجية سابقة لمتضررين من حرق السجل العقاري في عهد النظام السابق (لقطة من مقطع فيديو)

بعد 39 عاماً... مطالبة بالتحقيق في «إحراق» أرشيف السجل العقاري الليبي

بعد 39 عاماً على «إحراق» أرشيف السجل العقاري خلال عهد الرئيس الراحل معمر القذافي، يطالب ليبيون بفتح تحقيق في هذه القضية لـ«تضررهم من الحادثة».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا عدد من رؤساء منظمات المجتمع المدني من ليبيا ومن خارجها (البعثة الأممية)

ليبيا: الأمم المتحدة تبحث فرص نزع سلاح الميليشيات و«تفكيكها»

رعت البعثة الأممية اجتماعاً يضم رؤساء منظمات مجتمع مدني ومسؤولين حكوميين لمناقشة قضية نزع سلاح التشكيلات المسلحة وإعادة إدماجها في مؤسسات الدولة.

جمال جوهر (القاهرة)
شمال افريقيا عدد من مهاجرين غير نظاميين بعد تحريرهم من عصابة للاتجار بالبشر في جنوب شرقي ليبيا (جهاز البحث الجنائي)

لماذا يتجه بعض الليبيين للهروب إلى أوروبا عبر «المتوسط»؟

منذ سنوات، تتعالى أصوات التحذير من ارتياد شباب ليبيين قوارب الموت إلى الشواطئ الأوروبية.

جاكلين زاهر (القاهرة)

«الجنائية الدولية»: 11 ديسمبر للمرافعات الختامية في قضية «كوشيب»

علي عبد الرحمن الشهير بـ«علي كوشيب» المتهم بجرائم حرب في إقليم بدارفور (موقع «الجنائية الدولية»)
علي عبد الرحمن الشهير بـ«علي كوشيب» المتهم بجرائم حرب في إقليم بدارفور (موقع «الجنائية الدولية»)
TT

«الجنائية الدولية»: 11 ديسمبر للمرافعات الختامية في قضية «كوشيب»

علي عبد الرحمن الشهير بـ«علي كوشيب» المتهم بجرائم حرب في إقليم بدارفور (موقع «الجنائية الدولية»)
علي عبد الرحمن الشهير بـ«علي كوشيب» المتهم بجرائم حرب في إقليم بدارفور (موقع «الجنائية الدولية»)

مع اقتراب دفع المحكمة الجنائية الدولية بـ«المرافعات» الختامية في قضية السوداني علي عبد الرحمن، الشهير بـ«علي كوشيب»، المتهم بجرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية في إقليم بدارفور، وصف الدفاع المتهم كوشيب بأنه «كبش فداء» قدّمته الحكومة السودانية للتغطية على المتهمين الرئيسيين، وهم: الرئيس المخلوع عمر البشير، ووزيرا «الدفاع» وقتها عبد الرحيم محمد حسين، و«الداخلية» أحمد هارون.

وقالت المحكمة الجنائية، في «ورشة عمل» عقدتها للصحافيين السودانيين في العاصمة الكينية كمبالا، الجمعة، إن المحكمة قررت تقديم المرافعات الختامية في قضية المدعي العام ضد علي محمد علي عبد الرحمن، الشهير بـ«علي كوشيب»، في الفترة من 11 إلى 13 ديسمبر (كانون الأول) 2024، بمقر المحكمة في مدينة لاهاي الهولندية.

ويواجه عبد الرحمن 31 تهمة تتعلق بجرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية يُزعم أنها ارتُكبت في إقليم بدارفور السودان، خلال الفترة بين أغسطس (آب) 2003، وأبريل (نيسان) 2004، بمناطق مكجر وبندسي ودليج وكدوم بوسط دارفور.

مطالب بتسليم البشير وهارون

وقال المستشار بمكتب المدعي العام داهيرو سان آنا، عبر تقنية مؤتمر فيديو من لاهاي، إن مكتبه يحقق في أحداث دارفور الناجمة عن الحرب الحالية، وإنه كلف فريقاً يقوم بجمع المعلومات في دارفور يتعلق بالقضايا الجديدة، في جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، يتحدث الناس أنها تحدث في الإقليم المضطرب، وبنهاية التحقيقات سيجري تقديم طلبات لقضاة المحكمة لتوجيه اتهامات.

الرئيس السوداني السابق عمر البشير مغادراً مكتب المدعي العام لمكافحة الفساد في الخرطوم 16 يونيو (أرشيفية - رويترز)

وأوضح أن المتهمين الرئيسيين؛ الرئيس السابق عمر البشير، ووزير دفاعه وقتها عبد الرحيم محمد حسين، ووزير داخليته أحمد محمد هارون، لا يزالون دخل السودان. وأضاف: «وفقاً لقرار مجلس الأمن الدولي، يجب تسليمهم للمحكمة، وهو التزام لا يزال قائماً». وتابع أن انقلاب 25 أكتوبر (تشرين الأول) 2021 الذي قاده الجيش صعب الأوضاع المتعلقة بتسليم المتهمين.

وقال داهيرو إن تسليم المتهمين يقع على حكومة السودان التي تَعلم مكان المتهمين. وتابع: «سألناهم، العام الماضي، ولم يعطونا معلومات، وقالوا إنهم يحققون في مكان وجود أحمد هارون». واستطرد: «التحقيقات مع كوشيب أشارت إلى ضلوع هارون في كل الجرائم المرتكبة بواسطة كوشيب، وطالبنا بتسليمه ليحاكَم الرجلان معاً، لكن هذا لم يحدث».

وعادت قضية تسليم أحمد محمد هارون إلى الواجهة مجدداً، بعد تصاعد الصراعات داخل حزب البشير «المؤتمر الوطني»، وانتخاب الرجل رئيساً للحزب، رغم التهم الموجهة له من قِبل المحكمة الجنائية الدولية، والاتهامات التي يواجهها في القضاء المحلي.

مئات الأشخاص يفرون يومياً من دارفور إلى مخيم أدري الحدودي في تشاد هرباً من الحرب (رويترز)

وبإطاحة حكم الرئيس عمر البشير، يواجه الرجال الثلاثة المحاكمة باتهامات تتعلق بتدبير انقلاب 1989، تصل عقوبتها للإعدام. وعقب اندلاع الحرب، في 15 أبريل، خرج هارون ومتهمون آخرون من السجن، ولا يعلم مكان وجودهم، بينما لا تزال السلطات تقول إن البشير وحسين لا يزالان قيد الحبس، دون أن تكشف عن مكان حبسهما.

اتهامات لحكومة السودان

بدوره، قال المتحدث باسم المحكمة، فادي العبد الله، إن المحكمة لا تستطيع توسيع نطاق اختصاصها إزاء الجرائم التي يزعم أن قوات «الدعم السريع» ترتكبها في مناطق جديدة من السودان؛ لأن السودان ليس عضواً في ميثاق روما المكون للمحكمة الجنائية الدولية، وأن اختصاصها يقتصر على قرار مجلس الأمن 1593 الصادر في 2005، الذي أحال الوضع في دافور للمحكمة.

واتهم محامي المتهم سيريل لاوشي، في إفادته، للصحافيين، «حكومة السودان» بأنها قدمت كوشيب «كبش فداء» للتستر على المتهمين الرئيسيين. وقال: «جاء ممثل السودان، وقال: خذوه وحاكموه، فهذا هو الشخص الذي يجب أن تجري محاكمته، على الرغم من وجود المتهمين الرئيسيين؛ عمر البشير ومساعديْه وزيري الدفاع والداخلية».

وأرجع محامي كوشيب تأخير إجراءات المحاكمة إلى عدم مثول المتهمين الآخرين، وأضاف: «كان يمكن أن تسير الإجراءات بشكل يحقق العدالة، بحضور المتهمين». وأقر المحامي لاوشي بوقوع الجرائم موضوع المحاكمة، وطالب بجبر ضرر الضحايا، بقوله: «للمجني عليهم الحق في جبر الضرر، بغض النظر عن إدانة كوشيب أو تبرئته، وحق الضحايا لن يتأثر بكونه مجرماً أو غير مجرم».

صورة من الدمار الذي خلّفه القتال في الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور (أرشيفية - أ.ف.ب)

ووفقاً للمتحدثين باسم محكمة لاهاي، فإن مكتب المدعي العام والممثلين القانونيين للضحايا، وهيئة الدفاع سيدلون بمرافعاتهم الختامية، في الوقت المحدد، أمام الدائرة الابتدائية الأولى المكونة من القاضية جوانا كورنر «قاضية رئيسة»، والقاضيتين راين ألابيني غانسو وألتيا فيوليت أليكسيس.

وبدأت محاكمة كوشيب أمام الدائرة الابتدائية الأولى، في 5 أبريل 2022، على أثر تسليمه نفسه للمحكمة في يونيو (حزيران) 2020، واستجوبت المحكمة، خلال التقاضي، 56 شاهداً، وقفلت قضية الادعاء في 5 يونيو 2023، وينتظر أن تستمع المحكمة إلى مرافعتَي الاتهام والدفاع الختاميتين، قبل اتخاذ قرار بشأن الرجل المحبوس لدى المحكمة في لاهاي.