ليبيا: تخوفات من إنهاء الدور السياسي للمجلس «الأعلى للدولة»

في ظل تواصل صراع المشري وتكالة على رئاسة المجلس

تكالة والمشري خلال انتخابات رئاسة «الأعلى للدولة» عام 2023 (المجلس)
تكالة والمشري خلال انتخابات رئاسة «الأعلى للدولة» عام 2023 (المجلس)
TT

ليبيا: تخوفات من إنهاء الدور السياسي للمجلس «الأعلى للدولة»

تكالة والمشري خلال انتخابات رئاسة «الأعلى للدولة» عام 2023 (المجلس)
تكالة والمشري خلال انتخابات رئاسة «الأعلى للدولة» عام 2023 (المجلس)

يتخوف أعضاء من المجلس الأعلى للدولة في ليبيا من إنهاء الدور السياسي لمجلسهم لصالح أجسام أخرى، بينما لا يزال يعاني الانقسام والصراع على رئاسته بين خالد المشري، ومحمد تكالة منذ 3 أشهر.

وتنقسم اقتراحات المتخوفين من الوصول إلى هذا المصير لحل الأزمة بين انتظار أحكام القضاء كما يطالب المشري، أو إعادة انتخاب رئاسته كما يذهب تكالة، بينما يدعو فريق آخر من الأعضاء على استحياء لتجاوز الرجلين.

بدايةً، حذر عضو «الأعلى للدولة»، محمد معزب، الذي يؤيد إعادة انتخابات المكتب الرئاسي من أن استمرار الانقسام إلى نهاية العام الحالي «قد يقود لتحوُّل مجلسه لمجرد عنوان على لافتة؛ أو كتلة هلامية لا تفيد لا تكالة أو المشري»، وقال إن «هذا ما يتمناه كثيرون مع الأسف».

من جلسة سابقة للمجلس الأعلى للدولة (المجلس)

وعن رؤيته للحل، أكد معزب لـ«الشرق الأوسط» أن تكالة وعدداً من أعضاء المجلس اتفقوا خلال جلسة عُقدت في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي على تخصيص جلسة أخرى في منتصف نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي، يجري خلالها إعادة الانتخابات»، مشيراً إلى وجود «استجابة عدد كبير من أعضاء المجلس عموماً».

وكانت الانتخابات الدورية لرئاسة المجلس الأعلى للدولة قد شهدت حالة من الجدل، بسبب وجود ورقة انتخابية خلال جولة التصويت الثانية التي جرت بين المشري وتكالة، كُتب عليها اسم الأخير من الخلف؛ ما عُدّ «مخالفة لقانون انتخاب رئيس المجلس».

وتمسك المشري برئاسة «الأعلى للدولة»، وأيدت اللجنة القانونية صحة فوزه، وعلى إثر ذلك دعا خصمه الرئيس السابق للمجلس، تكالة، إلى اللجوء للقضاء لإبداء اعتراضه على نتيجة الانتخابات، مؤكداً أنه «سيلتزم بأحكام القانون».

وفي منتصف الشهر الماضي، قضت محكمة استئناف جنوب طرابلس بوقف ما ترتب عن جلسة انتخاب المكتب السياسي لـ«الأعلى للدولة» في أغسطس (آب) الماضي.

معزب رأى أن البرلمان «في مقدمة المستفيدين من استمرار انقسام الأعلى للدولة» (النواب)

ورأى معزب أن «البرلمان في مقدمة المستفيدين من استمرار انقسام (الأعلى للدولة)، مقارنةً بالمجلس الرئاسي؛ وإن كان الأخير فعلياً يسعى بدوره لتجاوز صلاحيات المجلسين». ويعتقد أن البرلمان «يريد الانفراد بالتشريعات المنظمة للعملية الانتخابية لمعرفته برفض عدد من أعضاء الأعلى للدولة بنودها، خصوصاً المتعلق منها بالترشح لمنصب رئيس الدولة».

ويعد «الأعلى للدولة» بمثابة جسم تشريعي ثانٍ للبلاد، حيث إنه يشترط وفقاً لبنود الاتفاق السياسي (الصخيرات)، الموقَّع نهاية عام 2015، توافُقه مع البرلمان حول الدستور وكل القوانين المتعلقة بالعملية الانتخابية.

ورغم رؤيته بأن استمرار انقسام المجلس سيضعف من دوره السياسي، فإن النائب الأول لرئيس «الأعلى للدولة»، ناجي مختار، انتقد الجلسة التي ينوي تكالة الدعوة إليها لإعادة انتخاب المكتب الرئاسي له. وقال مختار لـ«الشرق الأوسط» إن جلسة انتخاب مكتب الرئاسة لا يُكْتفى فيها بالنصاب القانوني، بل تتطلب حضور غالبية أعضاء المجلس، والأمر يتطلب «توافقاً تاماً بين هؤلاء الأعضاء على طرح إعادة الانتخابات، بما يضمن تعزيز ومصداقية النتائج، وهذا غير متوفر».

وأضاف مختار موضحاً: «نحتاج للتوافق كأعضاء بالمجلس الأعلى للدولة حول آلية لحل النزاع الحالي، سواء أكان انتظار حكم القضاء أو إعادة الانتخابات»، مشيراً إلى أنه «لا ينبغي استمرار هذا الانقسام بدور مجلسنا، الذي يعد الواجهة السياسية للمنطقة الغربية».

وحذر مختار من أن استمرار انقسام المجلس «يعرقل تشكيل حكومة جديدة موحدة للبلاد لتضطلع بمهمة إجراء الانتخابات، وحسم الجدل حول الإطار القانوني المنظم للأخيرة».

وتتنافس على السلطة في ليبيا حكومتان: الأولى هي «الوحدة الوطنية» المؤقتة، ويرأسها عبد الحميد الدبيبة ومقرها طرابلس، والأخرى مكلفة من البرلمان، ويرأسها أسامة حماد، وتوجد في بنغازي.

وتوسط عضو «الأعلى للدولة»، عادل كرموس، الآراء السابقة، كاشفاً عن «جهود يقوم بها عدد كبير من أعضاء مجلسه لعقد جلسة، يترأسها أكبرهم سناً، ويجري خلالها الاستقرار على تحديد آلية لحل النزاع على رئاسته، ما بين خيار انتظار أحكام القضاء، أو إجراء جلسة جديدة للانتخاب المكتب الرئاسي».

وشكك كرموس في إمكانية أن تحظى الجلسة التي سيدعو تكالة لعقدها، بنصاب قانوني، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن «المشري ومؤيديه عقدوا جلسة نهاية أغسطس الماضي لاختيار النائبين الأول والثاني، وكانت بحضور 77 عضواً وممثلاً عن البعثة. ومع ذلك لم يعترف مؤيدو تكالة بشرعيتها وما تمخض عنها من قرارات».

ووفقاً لأصوات سياسية، فإن ازدياد الحديث عن احتمال التوجه لإعادة الانتخاب لمكتب الرئاسة يعني تراجعاً في التمترس خلف المواقف المتنازعين على الرئاسة خصوصاً المشري.

وتوافق كرموس مع الآراء السابقة بأن انقسام مجلسه أدى لتقلُّص دوره لصالح آخرين، معتقداً أنه بسبب هذا الانقسام «أقدم المجلس الرئاسي على تجاوُز اختصاصات المجلسين، وهو ما ظهر في أزمة المصرف المركزي».


مقالات ذات صلة

رئيس «الوحدة» الليبية يطالب مجدداً بـ«قوانين عادلة» لإجراء الانتخابات

شمال افريقيا الدبيبة خلال لقائه عدداً من عمداء البلديات (حكومة الوحدة)

رئيس «الوحدة» الليبية يطالب مجدداً بـ«قوانين عادلة» لإجراء الانتخابات

تمسك عبد الحميد الدبيبة، رئيس حكومة الوحدة الوطنية المؤقتة، مجدداً بضرورة وجود «قوانين عادلة» لإجراء الانتخابات الرئاسية والنيابية المؤجلة.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
خاص تواجه دعوات تحجيب النساء «جبراً» رفضاً لفكرة «تقييد الحريات» في مجتمع غالبية نسائه أصلاً من المحجبات (أ.ف.ب)

خاص دعوات «إلزامية الحجاب» تفجر صراعاً مجتمعياً في ليبيا

بعد إعلان السلطة في غرب ليبيا عن إجراءات واسعة ضد النساء من بينها "فرض الحجاب الإلزامي"، بدت الأوضاع متجه إلى التصعيد ضد "المتبرجات"، في ظل صراع مجتمعي محتدم.

جمال جوهر (القاهرة)
شمال افريقيا الحويج و«الوزير الغيني» (وزارة الخارجية بحكومة حماد)

زيارة «وزير غيني» لحكومة حمّاد تفجر جدلاً في ليبيا

بعد أكثر من أسبوعين أحدثت زيارة أجراها «وزير دولة في غينيا بيساو» لحكومة شرق ليبيا حالة من الجدل بعد وصفه بأنه شخص «مزيف».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا وقفة احتجاجية سابقة لمتضررين من حرق السجل العقاري في عهد النظام السابق (لقطة من مقطع فيديو)

بعد 39 عاماً... مطالبة بالتحقيق في «إحراق» أرشيف السجل العقاري الليبي

بعد 39 عاماً على «إحراق» أرشيف السجل العقاري خلال عهد الرئيس الراحل معمر القذافي، يطالب ليبيون بفتح تحقيق في هذه القضية لـ«تضررهم من الحادثة».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا عدد من رؤساء منظمات المجتمع المدني من ليبيا ومن خارجها (البعثة الأممية)

ليبيا: الأمم المتحدة تبحث فرص نزع سلاح الميليشيات و«تفكيكها»

رعت البعثة الأممية اجتماعاً يضم رؤساء منظمات مجتمع مدني ومسؤولين حكوميين لمناقشة قضية نزع سلاح التشكيلات المسلحة وإعادة إدماجها في مؤسسات الدولة.

جمال جوهر (القاهرة)

تفاعل مصري مع بكاء السيسي خلال لقائه قادة القوات المسلحة

السيسي أكد أن المنطقة تمر بظروف صعبة ومصر تعد عامل استقرار مهماً في ظل الأحداث الراهنة (الرئاسة المصرية)
السيسي أكد أن المنطقة تمر بظروف صعبة ومصر تعد عامل استقرار مهماً في ظل الأحداث الراهنة (الرئاسة المصرية)
TT

تفاعل مصري مع بكاء السيسي خلال لقائه قادة القوات المسلحة

السيسي أكد أن المنطقة تمر بظروف صعبة ومصر تعد عامل استقرار مهماً في ظل الأحداث الراهنة (الرئاسة المصرية)
السيسي أكد أن المنطقة تمر بظروف صعبة ومصر تعد عامل استقرار مهماً في ظل الأحداث الراهنة (الرئاسة المصرية)

تفاعل رواد مواقع التواصل الاجتماعي مع لحظات بكاء وتأثر للرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، خلال لقائه، الخميس، قادة القوات المسلحة المصرية في مقر القيادة الاستراتيجية بالعاصمة الإدارية الجديدة (شرق القاهرة).

وتصدر وسم «#السيسي_القايد» الترند في مصر، مع مشاركة مقاطع فيديو من لقاء السيسي، والاحتفاء بكلماته.

اللقاء الذي حضره القائد العام للقوات المسلحة المصرية، وزير الدفاع والإنتاج الحربي، الفريق أول عبد المجيد صقر، ورئيس أركان حرب القوات المسلحة المصرية، الفريق أحمد خليفة، وقادة الأفرع الرئيسية، تناول، حسب إفادة لـ«الرئاسة المصرية»، تطوّرات الأوضاع على الساحتَين الإقليمية والدولية وانعكاساتها على الأمن والاستقرار بمنطقة الشرق الأوسط».

وخلال اللقاء طلب السيسي من المتحدث العسكري، العقيد غريب عبد الحافظ، أن يسدي له نصيحة، قائلاً: «تنصحني بإيه؟»، ليرد الأخير: «هون على نفسك يا فندم».

وتعليقاً على رد المتحدث العسكري، قال السيسي، الذي بدا عليه التأثر حابساً دموعه: «هما يومان في الدنيا، وبعد ذلك سنموت... يا رب يقبلني».

وأضاف الرئيس المصري مخاطباً المتحدث العسكري أنه «عندما تفهم الحكاية التي نتواجد بسببها في الأرض... لن تهون عليك أبداً»، وتابع: «عندما جاءت السيدة فاطمة أثناء وفاة الرسول محمد صلى الله عليه وسلم، قالت له: (واكرباه). فرد عليها الرسول وهو ينتقل إلى الرفيق الأعلى: (لا كرب بعد اليوم على أبيكِ)».

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي قال إن سياسة بلاده الخارجية تتمتع بالاعتدال (الرئاسة المصرية)

وحرص رواد مواقع «التواصل» على مشاركة مقطع الفيديو، الذي يظهر فيه تأثر الرئيس المصري وهو يرد على المتحدث العسكري، من بينهم الإعلامي المصري أحمد موسى.

بينما دعا مغردون أن يعين الله الرئيس المصري ويؤيده بنصره.

وكتب آخرون، متمنين أن يحمي الله السيسي من «كيد الحاقدين».

كما عد حساب آخر بكاء الرئيس «دليلاً على ثقل الحمل الذي يتحمله».

في المقابل، ظهرت تعليقات و«هاشتاغات» ناقدة ومشككة في المشهد الذي تم بثه عبر القنوات التلفزيونية الرسمية.

وهو ما عده الخبير العسكري المصري، اللواء سمير فرج، «محاولة للتقليل من مكانة البلاد عبر الادعاء بأن حديث السيسي وتأثره هدفهما استعطاف المصريين»، مشيراً إلى أن «وراء هذه الادعاءات جماعات تسعى باستمرار للتشكيك في كل شيء، وفي كل تصريح، بهدف إثارة البلبلة وتحريض الرأي العام».

وأكد فرج لـ«الشرق الأوسط» أن «كلمات الرئيس خلال لقائه قادة القوات المسلحة حظيت بتفاعل واسع في الداخل والخارج»، مشيراً إلى أن «تأثر السيسي خلال اللقاء يعكس حجم التحديات التي تواجهها البلاد». وقال إن «السيسي سبق وقال له إنه كمن يمسك جمراً في يده، نظراً لحجم المخاطر التي تحيط بالبلاد، لا سيما خلال الفترة الأخيرة منذ اندلاع حرب غزة».

وأضاف فرج: «نعيش فترة عصيبة تحتاج حنكة وحكمة في اتخاذ القرارات». وأوضح أن «السيسي تحدث خلال اللقاء عن التهديد الذي يواجه مصر عبر جبهاتها الاستراتيجية الثلاث؛ سيناء شرقاً، وليبيا غرباً، والسودان واليمن جنوباً»، وأكد الرئيس المصري «ضرورة التأني في اتخاذ القرارات حتى لا تفقد البلاد ما بنته من تسليح وتدريب خلال السنوات الماضية».

الرئيس المصري خلال لقاء قادة القوات المسلحة المصرية (الرئاسة المصرية)

ولم يقتصر التفاعل على لحظات التأثر، بل امتد لتصريحات السيسي خلال اللقاء. وقال الإعلامي وعضو ومجلس النواب المصري (البرلمان)، مصطفى بكري، عبر حسابه على «إكس»، إن «حديث الرئيس السيسي مع قادة القوات المسلحة يعكس حرصه على التشاور معهم بشأن التحديات التي تواجه مصر في الوقت الراهن على كافة الاتجاهات الاستراتيجية».

ولفت بكري إلى أن الرئيس المصري أرسل خلال اللقاء رسائل عدة؛ من أبرزها «التأكيد على أن إدارة مصر المتزنة ساهمت في الاستقرار، وأن مصر ليست في معزل عما يدور حولها من أزمات وتحديات، مع التشديد على ضرورة الحفاظ على التدريب والجاهزية للقوات المسلحة للحفاظ على أمن مصر القومي».

من جانبه، أشار الخبير العسكري المصري إلى أن «لقاء السيسي مع الجيش هذه المرة مختلف، حيث حضره قادة الفرق واللواءات، على غير المعتاد في مثل هذه الاجتماعات التي يحضرها (المجلس الأعلى للقوات المسلحة) وقادة الجيوش، ما يعني أن الرئيس أراد أن تصل رسالته لكل جندي».

وحمل لقاء السيسي مع قادة القوات المسلحة «رسائل عدة للداخل والخارج، ملخصها أن الجيش جاهز ومتيقظ»، حسب سمير فرج.

تناول اللقاء، «جهود القوات المسلحة في تأمين جميع الاتجاهات الاستراتيجية للدولة ومدى جاهزيتها لتنفيذ المهام التي تُوكل إليها»، حيث أكد الرئيس المصري أن «القوات المسلحة هي أهم ركيزة للاستقرار في مصر والمنطقة في ظل الأزمات والصراعات التي تحيط بالبلاد على كافة حدودها»، معرباً عن «اطمئنانه تجاه الدور الحيوي الذي يلعبه الجيش في الحفاظ على استقرار البلاد».

وقال السيسي إن «المنطقة تمر بظروف صعبة، ومصر تعد عامل استقرار مهماً في ظل الأحداث الراهنة والتطورات الجارية في الاتجاهات الاستراتيجية المختلفة، في كافة حدود الدولة الغربية والجنوبية والشرقية والشمال الشرقي».

وأضاف أن «سياسة مصر الخارجية تتمتع بالاعتدال»، مشيراً إلى أن «مهمة القوات المسلحة لا تقتصر على التدريب العسكري فحسب، بل تتفاعل أيضاً مع الوضع السياسي والأمني في الداخل والخارج»، وشدد على «أهمية اتخاذ القرارات السليمة مهما كانت جاهزية القوات للحفاظ على كل المكتسبات التي تحققت خلال 10 سنوات مضت».