حمدوك: السودان يمر بأكبر كارثة في تاريخه

طالب بحظر للطيران لحماية المدنيين

TT

حمدوك: السودان يمر بأكبر كارثة في تاريخه

رئيس وزراء السودان السابق عبد الله حمدوك (رويترز)
رئيس وزراء السودان السابق عبد الله حمدوك (رويترز)

قال رئيس وزراء السودان السابق، عبد الله حمدوك، الذي يرأس حالياً تحالفاً مدنياً كبيراً تحت اسم «تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية»، المعروفة اختصاراً بـ«تقدم»، إن أولوياته القصوى الآن هي العمل على وقف إطلاق النار، ومعالجة الأزمة الإنسانية وحماية المدنيين، وأخيراً الدخول في عملية سياسية شاملة لإنهاء الحرب.

وأضاف، خلال زيارة له إلى بريطانيا، أن السودان «يمر بأكبر كارثة في تاريخه، وتهدد وجوده؛ إذ يمكن أن نصبح غداً ولا نجد السودان كما نعرفه، فلا بد إذن أن نحرص على بقائه ونعض عليه بالنواجز. فهناك قوى شريرة تعمل على تمزيقه، هذه القوى الظلامية سيطرت على مقدرات السودان طيلة 30 عاماً، وأجهضت كل شيء جميل فيه، أجهضت مؤسساته وخيراته».

وتابع، في ندوة نظمها تحالف «تقدم» في لندن: «أمامنا الآن معسكران... الأول للسلام والخير والديمقراطية والحرية... والآخر للظلام والحرب والخراب والدمار. والخيار هنا واضح جداً بين الاثنين. فالحرب لا يمكن أن تحقق شيئاً، ولا يمكن السيطرة على مقدرات البلد. أعظم إنجازات شعبنا تحقق عندما توحدنا، اختلفنا في زمن الاستعمار بين الاستقلال والاتحاد، وعندما توحدنا نلنا استقلالنا، ثم توحدنا مرة أخرى في أكتوبر (تشرين الأول) عام 1965 وأنجزنا أعظم ثورة حينها، ونفس الشيء تكرر في أبريل (نيسان) 1985. وأخيراً جاءت ثورة ديسمبر (كانون الأول) 2018 امتداداً لهذا الإرث العظيم. وهي ثورة مستمرة ولن تُهزم أبداً».

نظام الفصل العنصري

قيادات من تنسيقية «تقدم» خلال ندوة في لندن الأربعاء (موقع «تقدم» على فيسبوك)

وقال حمدوك أيضاً إن «ما يحفزنا الآن يحفزنا أكثر في المضي بطريق الشهداء، وأكبر نصر لهم هو أن نخلق بلداً ديمقراطياً نفخر به جميعاً. فهذه الحرب اللعينة خلقت قدراً كبيراً من التشظي. الآن الناس يموتون بسبب الهوية والإقليم. قوى الظلام خلقت قانوناً جديداً أسموه (قانون الوجوه الغريبة)، لا شيء يشبه هذا القانون إلا نظام الفصل العنصري في جنوب أفريقيا، لكن الشعب السوداني سيعزلهم ويهزمهم لا محالة».

وتابع رئيس الوزراء السابق: «المطلوب الآن رصّ الصفوف لتكوين أكبر جبهة معادية للحرب، ونحن نعمل في تنسيقية (تقدم) لتأسيس جبهة واسعة من السودانيين على مختلف توجهاتهم. نحن بلد قائم على التعدد، والتعدد هو نعمة وليس نقمة. نريد خلق أكبر جبهة عريضة ضد الحرب، ولا بد أن نحتمل خلافاتنا من أجل البلد، ونذهب إلى الأمام لهزيمة قوى الشر والفساد والظلام. نكوّن جبهة ضد الحرب ومع السلام».

كما قدم حمدوك محاضرة في معهد «تشاتام هاوس»، أحد أكبر الدور البحثية لاتخاذ القرارات ورسم الخطوط العريضة للسياسات الخارجية في بريطانيا، قال فيها: «نحن بحاجة إلى وجود آلية رقابة قوية» في السودان. وأضاف أنه «يجب التفكير في فرض حظر للطيران لتوفير مناطق آمنة داخل البلاد... حتى اللحظة التي يجب أن نتحدث فيها بوضوح عن إدخال قوات على الأرض لحماية المدنيين، وهذه قضية مهمة للغاية».

الدكتور عبد الله حمدوك خلال ندوة في لندن الأربعاء (موقع «تقدم» على فيسبوك)

ودعا حمدوك لمعالجة وضع اللاجئين في دول الجوار، مناشداً المجتمع الدولي الوفاء بتعهداته. وبشأن وقف المساعي لإطلاق النار، قال: «يجب دمجها بحيث تكون جزءاً من العملية السياسية، وأن تستند على الاتفاقيات القائمة، وإيجاد آلية رصد فعالة عبر التكنولوجيا والأقمار الاصطناعية».

عملية تشاركية

وأكد حمدوك أن الحوار السياسي يجب أن يكون شاملاً ومملوكاً للسودانيين، وهذا يتطلب تصميم عملية تشاركية تكون القوى المدنية جزءاً منها. وحض رئيس الوزراء السابق المجتمع الدولي على ممارسة المزيد من الضغوط على طرفَي الحرب لوقف إطلاق النار فوراً، كما ناشد كل الفاعلين في الشأن السوداني المساهمة الإيجابية والبنّاءة في دعم جهود التسوية السلمية.

قائد الجيش عبد الفتاح البرهان وقائد «قوات الدعم السريع» محمد حمدان دقلو أيام تحالفهما (أرشيفية)

وعبّر حمدوك عن زهده في العودة إلى منصب رئيس الوزراء مرة أخرى، قائلاً: «لقد استقلت وغادرت، وعدت بعد اندلاع الحرب، لا يمكنك أن ترى بلدك يحترق وتكتفي بالمشاهدة». وأضاف: «عشية اندلاع الحرب في 15 أبريل العام الماضي، أجريت اتصالات هاتفية مع رئيس مجلس السيادة قائد الجيش عبد الفتاح البرهان، ومع قائد (قوات الدعم السريع) محمد حمدان دقلو (حميدتي)، وناشدتهما أن يفعلا أي شيء لتجنب الحرب». وأضاف: «إن مهمتي تنتهي في اليوم الذي تتوقف فيه الحرب، فهناك آلاف السودانيين المؤهلين لقيادة السودان في المرحلة المقبلة».

وأكد رئيس الوزراء السابق، خلال مشاركته في قمة أفريقيا تحت شعار: «تحقيق نمو مستدام في أفريقيا»، أنه لا توجد حلول عسكرية للحرب في السودان، وأن الحل الوحيد هو التفاوض السلمي الذي يوقف القتال، ويعالج الأزمة الإنسانية، ويستعيد الحياة الديمقراطية المدنية في البلاد. وشدد حمدوك على أهمية توحيد المبادرات تحت مظلة عملية سياسية واحدة ذات مسارات متعددة لوقف الحرب. وقال إن تحالف «تقدم» يمد يده لكل القوى الوطنية المناوئة للحرب والحريصة على إنقاذ السودان من التمزق، لوقف الحرب واستعادة التحول المدني الديمقراطي.


مقالات ذات صلة

​رئيس «أطباء بلا حدود» لـ«الشرق الأوسط»: حرب السودان تخلف صدمات نفسية سيئة

شمال افريقيا نساء وأطفال بمخيم زمزم للنازحين بالقرب من الفاشر شمال دارفور (رويترز)

​رئيس «أطباء بلا حدود» لـ«الشرق الأوسط»: حرب السودان تخلف صدمات نفسية سيئة

آلاف الأسر تفرقت حيث خرج أفرادها من دون أن يحملوا شيئاً أحياناً كانوا حفاة ويسيرون على أقدامهم ومن الصعوبة أن يتم توفير المساعدات لهم من الغذاء والمياه والأدوية

وجدان طلحة (بورتسودان)
شمال افريقيا إيان إيغلاند الأمين العام لـ«المجلس النرويجي للاجئين» (غيتي)

المجلس النرويجي للاجئين يحذر أوروبا من تجاهل الوضع في السودان

مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية: السودان يواجه أكبر أزمة نزوح داخلي في العالم

«الشرق الأوسط» (نيروبي)
شمال افريقيا شاحنة تحمل لاجئين سودانيين من مدينة رينك الحدودية في جنوب السودان (د.ب.أ)

الأمم المتحدة: السودان يواجه أكبر أزمة نزوح داخلي في العالم

أفاد تقرير لمكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، الأحد، بأن السودان يواجه أكبر أزمة نزوح داخلي في العالم.

«الشرق الأوسط» (جنيف)
شمال افريقيا أفراد من الجيش السوداني كما ظهروا في مقطع فيديو للإعلان عن «تحرير» مدينة سنجة عاصمة ولاية سنار من عناصر «قوات الدعم السريع» (الناطق باسم القوات المسلحة السودانية عبر «إكس»)

الجيش السوداني يعلن استعادة مدينة سنجة عاصمة ولاية سنار

أعلن الجيش السوداني اليوم (السبت) «تحرير» مدينة سنجة عاصمة ولاية سنار من عناصر «قوات الدعم السريع».

محمد أمين ياسين (نيروبي)
شمال افريقيا علي عبد الرحمن الشهير بـ«علي كوشيب» المتهم بجرائم حرب في إقليم بدارفور (موقع «الجنائية الدولية»)

«الجنائية الدولية»: ديسمبر للمرافعات الختامية في قضية «كوشيب»

حددت المحكمة الجنائية الدولية ومقرها لاهاي 11 ديسمبر المقبل لبدء المرافعات الختامية في قضية السوداني علي كوشيب، المتهم بارتكاب جرائم حرب وضد الإنسانية بدارفور.

أحمد يونس (كمبالا)

​رئيس «أطباء بلا حدود» لـ«الشرق الأوسط»: حرب السودان تخلف صدمات نفسية سيئة

نساء وأطفال بمخيم زمزم للنازحين بالقرب من الفاشر شمال دارفور (رويترز)
نساء وأطفال بمخيم زمزم للنازحين بالقرب من الفاشر شمال دارفور (رويترز)
TT

​رئيس «أطباء بلا حدود» لـ«الشرق الأوسط»: حرب السودان تخلف صدمات نفسية سيئة

نساء وأطفال بمخيم زمزم للنازحين بالقرب من الفاشر شمال دارفور (رويترز)
نساء وأطفال بمخيم زمزم للنازحين بالقرب من الفاشر شمال دارفور (رويترز)

قال رئيس منظمة «أطباء بلا حدود»، كريستوس كريستو، إن كثيراً من النساء وأطفالهن يعانون من صدمات نفسية سيئة جراء الحرب الدائرة في السودان، مشيراً إلى أن بعض الأطفال الذين لا تتعدى أعمارهم بضعة أشهر تعرضوا لإصابات بالذخيرة الحية في مناطق الرأس والصدر.

وأضاف في تصريح خاص لـ«الشرق الأوسط»، أننا إزاء أسوأ أزمة إنسانية شهدتها المنظمة على الإطلاق... آلاف الأسر تفرقت، خرج أفرادها من دون أن يحملوا شيئاً، أحياناً كانوا حفاة ويسيرون على أقدامهم، ومن الصعوبة أن يتم توفير المساعدات لهم من الغذاء والمياه والأدوية، يبدو هذا الأمر مستحيلاً في بعض أجزاء البلد.

سودانيون فارُّون من منطقة الجزيرة السودانية يصلون إلى مخيم زمزم للنازحين (أ.ف.ب)

ورأى أن «الحرب تعد مشكلة حقيقية للنساء والأطفال تحديداً... أجرينا في أحد المستشفيات العاملة بالعاصمة الخرطوم فحوصات لنحو 4200 امرأة وطفل، ووجدنا أن ثلثهم يعاني من سوء التغذية الحاد، وهذا القياس يدل على أن كل الذين أجريت لهم فحوصات، يعانون من سوء التغذية المتوسط والحاد بدرجات متفاوتة».

وأوضح أن «واحداً من كل 6 جرحى يعالجون في المستشفى ذاته، يعاني من أمراض مصاحبة... لدينا أطفال لا تتعدى أعمارهم شهوراً تعرضوا لإصابات بالرصاص في الرأس أو الصدر، وللأسف في بعض الأحيان لا تتوفر المواد الطبية اللازمة لعلاجهم، في ظل حالة الحصار على المستشفى، ومنع وصول المعونات الطبية إليه».

الوضع في دارفور

وكشف الرئيس الدولي لمنظمة «أطباء بلا حدود»، كريستوس كريستو، عن ارتفاع نسبة حالات الإصابة بسوء التغذية وسط النساء الحوامل والمرضعات والأطفال الرضع في إقليم دارفور (غرب البلاد)، «وهو ما يتسبب في الوفيات لأسباب بسيطة يمكن علاجها لو توفرت الإمدادات الطبية».

امرأة وطفلها في مخيم زمزم للنازحين قرب الفاشر شمال دارفور بالسودان (أرشيفية - رويترز)

وقال إن «نسبة انتشار أمراض سوء التغذية وفقر الدم أعلى بكثير من قدرة فرقنا على علاجها».

وأضاف كريستو: «في أغسطس (آب) الماضي، أجرينا فحوصات لنحو 30 ألف طفل في عمر سنتين وأقل، حيث أثبتت أن ثلث هذا العدد يعاني من سوء تغذية حاد».

وكشف تقرير سابق لمنظمة «أطباء بلا حدود» في فبراير (شباط) الماضي عن وفاة طفل كل ساعتين في «مخيم زمزم» للنازحين في ولاية شمال دارفور.

ووفقاً للمنظمة، فإن الصراع في إقليم دارفور «أخذ طابعاً عرقياً، وعلى وجه الخصوص أحداث العنف التي جرت في ولاية غرب دارفور، وأدت إلى مقتل الآلاف ولجوء أكثر من 500 ألف شخص إلى تشاد».

وتجاوزت نسبة وفيات الأمهات في جنوب دارفور منذ مطلع العام الحالي التي سجلتها مرافق «أطباء بلا حدود»، 7 في المائة، وبينت الفحوصات التي أُجريت لرصد سوء التغذية بين الأطفال، معدلات هائلة تتجاوز عتبات الطوارئ.

وحض كريستو المجتمع الدولي «على بذل مزيد من الجهود للضغط على الأطراف المتحاربة للسماح بمرور المساعدات الإنسانية العاجلة؛ لتوفير الغذاء والدواء للآلاف من المدنيين في السودان».

وعالجت فرق «أطباء بلا حدود» أكثر من 4214 إصابة ناجمة عن العنف، بما في ذلك الأعيرة النارية وانفجارات القنابل، وشكلت نسبة الأطفال دون سن الخامسة عشرة، 16 في المائة منهم.