رهان دولي على نجاح «المحلية» الليبية في تجاوز «عقدة الرئاسية»

الاستحقاق يجرى الشهر الحالي في 60 بلدية

يأمل معظم الليبيين في أن تنطلق أولى مراحل الانتخابات البلدية بسلام (الشرق الأوسط)
يأمل معظم الليبيين في أن تنطلق أولى مراحل الانتخابات البلدية بسلام (الشرق الأوسط)
TT

رهان دولي على نجاح «المحلية» الليبية في تجاوز «عقدة الرئاسية»

يأمل معظم الليبيين في أن تنطلق أولى مراحل الانتخابات البلدية بسلام (الشرق الأوسط)
يأمل معظم الليبيين في أن تنطلق أولى مراحل الانتخابات البلدية بسلام (الشرق الأوسط)

يتزايد اهتمام المجتمع الدولي بالانتخابات البلدية الليبية، المقررة بعد أسبوعين، فيما وصفه متابعون بأنه رهان من الأمم المتحدة والفاعلين الغربيين على فك «عقدة» الاستحقاقات الانتخابية، بعد قرابة 3 أعوام من تأجيلها.

ومن المقرر إجراء الانتخابات على مرحلتين، تنطلق الأولى في 16 نوفمبر (تشرين ثاني) الحالي في 60 بلدية من أصل 143 بلدية؛ علماً أنه لن تجري الانتخابات إلا في 106 منها، ممن انتهت مدة مجالسها الانتخابية، وفق المفوضية الوطنية للانتخابات في ليبيا.

وإثر إعلان المفوضية عن موعد إجراء تلك الانتخابات، تلاقى وصفا الأمم المتحدة والسفارة الأميركية لهذه الخطوة بـ«الفرصة المهمة»، لكن الأمم المتحدة استبقت الاستحقاق البلدي برسائل محددة إلى «السلطات الليبية والقادة السياسيين والجهات الأمنية الفاعلة»، حيث دعت الرسائل الأممية ساسة وقادة ليبيا إلى «توفير بيئة آمنة، وشفافة وشاملة» لإجراء الانتخابات، إلى جانب ضمان حق النساء في التصويت بحرية، وتمكين المراقبين المحليين من الإشراف المحايد على سير العملية الانتخابية. بينما يتمثل الرهان الدولي الداعم لهذه الانتخابات في أن تتجاوز بسلام «عقدة الرئاسية».

السايح مستقبلاً السفير البريطاني لدى ليبيا (مفوضية الانتخابات الليبية)

ويرى الباحث في المعهد الملكي للشؤون الدولية (تشاتام هاوس)، تيم إيتون، أن «هناك إجماعاً واسع النطاق على أن قدراً من اللامركزية الفعّالة أمر ضروري لتمكين الدولة الليبية من العمل بشكل أكثر فاعلية على المستوى المحلي، وتوفير احتياجات السكان».

ومن هذا المنطلق يلحظ إيتون، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، رؤية المجتمع الدولي للأهمية البالغة للانتخابات البلدية، مع الحاجة إلى «وجود تمثيل فعّال وشرعي على المستوى البلدي في ليبيا».

وإذ يشير الباحث بـ«تشاتام هامس» إلى «اقتراحات باختيار قادة ليبيين جدد على المستوى الوطني، عبر أعضاء المجالس البلدية المنتخبين»، لكنه استبعد أن يكون هذا الخيار هو «نقطة البداية لحل النزاع السياسي»، مرجعاً رأيه إلى ما وصفه بأنه «مصالح راسخة لهؤلاء القادة على المستوى المحلي، ودعم دولي قوي يحظون به».

الاستحقاق الانتخابي المقرر في منتصف نوفمبر الحالي، هو الثاني في تاريخ البلاد، إذ سبقه أول انتخابات بلدية استمرت بين عامي 2013 و2018 بسبب تعثر الأوضاع الأمنية في عدد منها.

السايح وخوري في لقاء سابق بمقر مفوضية الانتخابات الليبية (المكتب الإعلامي للمفوضية)

وتكرر المفوضية العليا للانتخابات التأكيد على «دعم المجتمع الدولي للمسار الديمقراطي في ليبيا»، تزامنا مع لقاءات دبلوماسيين غربيين برئيسها عماد السايح.

وعلى مدار شهر أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، زار المفوضية الوطنية العليا للانتخابات سفراء الاتحاد الأوروبي، نيكولا أورلاندو، والبريطاني مارتن لونغدن، والفرنسي مصطفى المهراج، والهولندي يوست كلارنبيك، وجددوا استعدادهم «لتقديم الدعم الفني والاستشاري» للانتخابات البلدية.

من حملة الانتخابات البلدية السابقة (الشرق الأوسط)

ويرى الباحث المتخصص في الشأن الليبي، جلال حرشاوي، أن نجاح الانتخابات البلدية «أمر مهم وجوهري» للمجتمع الدولي، لافتاً إلى أن سيناريو النجاح - إن حدث - «سيكون إشارة جيدة إلى أن ليبيا تقترب من إجراء انتخابات وطنية في المستقبل القريب».

وتعثرت العملية السياسية بعد انهيار الانتخابات، التي كانت مقررة في ديسمبر (كانون الثاني) 2021، وسط خلافات حول أهلية المرشحين الرئيسيين، خصوصاً من مزدوجي الجنسية والعسكريين.

وربما يشير الزخم الدولي خلف الانتخابات البلدية إلى «رغبة الدول والمجتمع الدولي في تجربة قدرة الدولة الليبية على إجراء هذه الانتخابات، وإن كانت بلدية وليست رئاسية»، بحسب الكاتب الصحافي الليبي أيوب الأوجلي، الذي يرى في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن الانتخابات البلدية «اختبار للقدرات الفنية لمفوضية الانتخابات، ومدى قدرتها على إدارة عملية اقتراع من دون تدخلات»، مشيراً إلى أن «المجتمع الدولي سيتخذ من هذه التجربة حجر الزاوية للذهاب نحو انتخابات رئاسية وبرلمانية».

ناخب ليبي بعد تسجيل صوته خلال الانتخابات البلدية السابقة (الشرق الأوسط)

وإذا ما سار هذا السيناريو إلى نهاية ناجحة، يتوقع الأوجلي أن «تنصب الجهود الدولية على حل الخلافات السياسية والقوانين الانتخابية».

وانطلقت حملات الدعاية الانتخابية للمرشحين لانتخابات البلديات منذ 27 من أكتوبر (تشرين أول) الماضي، وحتى يوم «الصمت الانتخابي» المحدد في 15 نوفمبر الحالي.

من جهته، انتقد الدكتور أحمد الأطرش، أستاذ العلاقات الدولية في جامعة طرابلس، بيان البعثة الأممية الأخير، الذي عده «غير حاسم، ويخاطب سلطات الأمر الواقع التي تجثم على صدور الليبيين، وسط غياب حل دولي حقيقي لمجمل الأزمة»،

وذهب الأطرش إلى القول إن مصالح بعض الأطراف الدولية «تتماهى مع التعامل المباشر مع البلديات»، منتقداً ما عدّه «دوراً سلبياً لبعض السفراء الغربيين، الذين يتعاملون بشكل مباشر مع البلديات لتأمين مصالح دولهم، ومن هنا يأتي اهتمامهم بالانتخابات البلدية».

وبلغ عدد المسجلين في منظومة ناخبي المرحلة الأولى من انتخابات المجالس البلدية أكثر من 210 آلاف ناخب.


مقالات ذات صلة

أفرقاء ليبيا يرحبون ببيان «مجلس الأمن» للحوار... ويتمسكون برؤيتهم للحل

شمال افريقيا الدبيبة مستقبلاً المبعوثة الأممية بالإنابة في لقاء سابق (مكتب الدبيبة)

أفرقاء ليبيا يرحبون ببيان «مجلس الأمن» للحوار... ويتمسكون برؤيتهم للحل

رحبت الأطراف الليبية ببيان مجلس الأمن الدولي الصادر بشأن العملية السياسية المتعثرة في البلاد منذ قرابة 3 سنوات.

جمال جوهر (القاهرة)
شمال افريقيا نائبة المبعوث الأممي ستيفاني خوري في لقاء مع منسقي عدد من الأحزاب والكتل السياسية الليبية (البعثة الأممية)

الأحزاب السياسية الليبية... اتجاه متزايد لـ«الاندماج» لمواجهة «الهشاشة»

وسط تزايد أعداد الأحزاب السياسية في ليبيا خلال العقد الماضي، تباينت آراء سياسيين وحزبيين ليبيين بشأن دوافع الاتجاه الكبير من هذه الكيانات.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا استخراج الجثث من «مقبرة جماعية» بتاجوراء (الجمعية العامة للبحث عن المفقودين)

سلطات ليبيا تحقق لكشف لغز «مقبرة جماعية» بتاجوراء

ينتظر الليبيون نتائج التحقيقات الجارية في العثور على «مقبرة جماعية» في منطقة بئر الأسطى بمدينة تاجوراء غربي البلاد.

«الشرق الأوسط» (القاهرة) «الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا بالقاسم ومحمد أبونيان مؤسس ورئيس مجلس إدارة شركة «أكوا باور» السعودية (صندوق الإعمار الليبي)

بالقاسم حفتر يتهم السياسيين بـ«إرهاق» ليبيا

خلال مشاركته في افتتاح مؤتمر «مبادرة مستقبل الاستثمار» بالمملكة العربية السعودية، اتهم بالقاسم حفتر السياسيين في بلده، بـ«إرهاق» ليبيا.

جمال جوهر (القاهرة)
شمال افريقيا الدبيبة يلتقي عمداء البلديات بشرق ليبيا وجنوبها (حكومة الوحدة)

«البلديات الليبية» ساحة صراع محتدم بين حكومتَي الدبيبة وحمّاد

أظهر اجتماع نظّمته حكومة عبد الحميد الدبيبة، في طرابلس لعدد من عمداء المجالس البلديات «صراعاً محتدماً» مع نظيرتها بشرق ليبيا.

جاكلين زاهر (القاهرة)

«الأمن الدولي» يدعو لحل «واقعي» للنزاع حول الصحراء

مجلس الأمن قرر تمديد تفويض بعثة الأمم المتحدة في الصحراء لمدة عام (المجلس)
مجلس الأمن قرر تمديد تفويض بعثة الأمم المتحدة في الصحراء لمدة عام (المجلس)
TT

«الأمن الدولي» يدعو لحل «واقعي» للنزاع حول الصحراء

مجلس الأمن قرر تمديد تفويض بعثة الأمم المتحدة في الصحراء لمدة عام (المجلس)
مجلس الأمن قرر تمديد تفويض بعثة الأمم المتحدة في الصحراء لمدة عام (المجلس)

دعا مجلس الأمن الدولي، ليلة أمس الخميس، إلى حل سياسي «واقعي ومقبول في الصحراء الغربية» المتنازع عليها بين المغرب وجبهة بوليساريو المدعومة من الجزائر، في قرار مدّد تفويض بعثة الأمم المتحدة فيها لمدة عام. ووفق ما أورده تقرير لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، يمدّد النص، الذي اقترحته الولايات المتحدة، تفويض بعثة الأمم المتحدة للاستفتاء في الصحراء حتى 31 من أكتوبر (تشرين الأول) 2025. وشدّد على وجوب التوصّل إلى «حل سياسي واقعي وقابل للتحقيق ومستدام ومقبول من الطرفين» لوضع المستعمرة الإسبانية السابقة. وأيد القرار 12 من الأعضاء الـ15 في المجلس، في حين لم تُصوّت الجزائر، التي رُفض تعديلاها المقترحان على النص؛ احتجاجاً على ذلك. كما امتنعت روسيا وموزمبيق عن التصويت. ويدعو النص إلى «تجديد التزام الأطراف بدفع العملية السياسية قُدماً»، ويَعدّ «الوضع الراهن غير مقبول». وكانت هذه المنطقة الجغرافية في السابق مستعمرة إسبانية سابقة، وتبلغ مساحتها 266 ألف كيلومتر مربع، وتحتوي على ثروات سمكية واحتياطات كبيرة من الفوسفات، وهي موضع خلاف منذ عقود بين المغرب، وجبهة بوليساريو المدعومة من الجزائر. وقد اقترحت الرباط منحها حكماً ذاتياً تحت سيادتها، في حين دعت بوليساريو (الجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب) إلى إجراء استفتاء لتقرير المصير، برعاية الأمم المتحدة، نصّ عليه اتفاق وقف إطلاق النار المُبرم عام 1991.

الرئيس الفرنسي قال إن بلاده ستنشط «دبلوماسياً» لدعم مقترح الحكم الذاتي الذي يطرحه المغرب (أ.ف.ب)

والأربعاء، وعد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في الرباط بأن بلاده ستنشط «دبلوماسياً» في الأمم المتحدة، والاتحاد الأوروبي، لدعم مقترح الحكم الذاتي الذي يطرحه المغرب بصفته «حلاً وحيداً للنزاع حول الصحراء». وفي منتصف أكتوبر الماضي، عرض مبعوث الأمم المتحدة إلى الصحراء، ستافان دي ميستورا، على مجلس الأمن الدولي مشروعاً «لتقسيم» هذه المنطقة. وعَدَّت جبهة بوليساريو، في ردّها، أنّ الخطة تفشل في «ترسيخ» حق الشعب الصحراوي في تقرير المصير.

مبعوث الأمم المتحدة إلى الصحراء ستافان دي ميستورا في زيارة سابقة للصحراء (رويترز)

وقال ممثل جبهة بوليساريو لدى الأمم المتحدة، سيدي عمر، على موقع «إكس»، إن الحركة «تؤكد بقوة رفضها التام والقاطع لأي مقترحات، أو مبادرات لا تكرس وتضمن بالكامل حق الشعب الصحراوي غير القابل للتصرف، ولا للمساومة ولا للتقادم، في تقرير المصير والاستقلال».