الجزائر: عفو رئاسي عن 4 آلاف سجين في «سبعينية الثورة»

أبرزهم نشطاء الحراك والصحافي القاضي المعروف بشدة انتقاده للحكومة

صورة لنشطاء بالحراك بعضهم غادر السجن في «سبعينية الثورة» (متداولة)
صورة لنشطاء بالحراك بعضهم غادر السجن في «سبعينية الثورة» (متداولة)
TT

الجزائر: عفو رئاسي عن 4 آلاف سجين في «سبعينية الثورة»

صورة لنشطاء بالحراك بعضهم غادر السجن في «سبعينية الثورة» (متداولة)
صورة لنشطاء بالحراك بعضهم غادر السجن في «سبعينية الثورة» (متداولة)

غادر سجون الجزائر، ليل الخميس، أكثر من 4 آلاف شخص، يوجد من بينهم الصحافي الشهير إحسان القاضي، المعروف بحدة كتاباته ضد الحكومة، وعدد كبير من نشطاء الحراك الشعبي الذي أجبر قبل أكثر من ست سنوات، الرئيس الراحل عبد العزيز بوتفليقة على التنحي.

الصحافي إحسان القاضي لحظة خروجه من السجن ومعه زوجته وابنته (متداولة)

وجاء الإفراج عن المساجين بناء على مرسومَين رئاسيين، صدرا أمس الخميس، بمناسبة الاحتفالات بمرور 70 سنة على «ثورة التحرير» (01 نوفمبر/تشرين الثاني 1954)، أحدهما يخص المحكوم عليهم نهائياً في قضايا القانون العام، والآخر يتعلّق بالقضايا «المخلة بالنظام العام»، وفق ما ذكره بيان للرئاسة.

وتداول صحافيون وناشطون سياسيون، عبر حساباتهم في مواقع التواصل الاجتماعي، صور الصحافي الستيني، القاضي، وهو يغادر سجنه بالعاصمة، في حدود منتصف الليل، حيث كان في استقباله زوجته وابنته، والكثير من العاملين في مؤسسته الإعلامية التي حُظرت، بعد اعتقاله وسجنه عام 2022.

الصحافي الجزائري السجين إحسان القاضي (مراسلون بلا حدود)

كما جرى تداول صور نشطاء بارزين وهم يغادرون السجون، بعد أن قضوا فيها شهوراً طويلة، بسبب مواقفهم المعارضة للحكومة، بعضهم تابعهم القضاء على أساس منشورات في «فيسبوك»، عُدّت «مسّاً بأمن البلاد واستقرارها». ومن أشهر الذين استعادوا حريتهم: محمد تاجديت، الذي عُرف بـ«شاعر الحراك»، وعثمان محمد، وعمر فرحات، وسفيان غيروس، وسمير خنتوش، والعلوي محمد، بالإضافة إلى سعدي أحمد، وسفيان ربيعي، ورابح محروش، وعيدوني ماسينيسا.

وقال نائب رئيس «الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان»، سعيد صالحي، تعليقاً على هذا التطور اللافت في ملف معتقلي الحراك: «نتمنى إطلاق سراح جميع معتقلي الرأي، فالجزائر بحاجة إلى رصّ الصف داخلياً، وإلى استعادة الطمأنينة».

نائب رئيس «الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان» طالب بإطلاق سراح جميع معتقلي الحراك (أ.ف.ب)

ولا يُعرف بالتحديد عدد نشطاء الحراك الذين غادروا السجون، في حين يفوق الذين أدانتهم المحاكم بسبب مواقفهم السياسية الـ200 حسب محامين، علماً بأن مراسيم العفو الرئاسية تستثني المساجين الذين أودعوا طعوناً في الأحكام. كما يُشار إلى أن السلطات ترفض إطلاق صفة «سجين رأي»، أو «سجين سياسي» على الناشط الذي انخرط في الحراك لمعارضتها، لأنه في نظرها «مصدر لإثارة الفوضى، وجالب للتدخل الأجنبي في الشؤون الداخلية للبلاد»، بحكم تركيز المنظمات الحقوقية الدولية على هذه القضايا.

واعتقل الأمن القاضي في 24 من ديسمبر (كانون الأول) 2022 بمنزله في شرق العاصمة، وأودعه قاضي التحقيق الحبس الاحتياطي في 29 من الشهر نفسه، بناء على تهمة «تلقي مبالغ مالية، وامتيازات من أشخاص ومنظمات في البلاد وخارجها، من أجل الانخراط في أنشطة، من شأنها تقويض أمن الدولة واستقرارها». وجاء ذلك في إطار تحقيق حول تمويل شركته الإعلامية، التي كانت تنشر مقالات، وتبث برامج على النت، شديدة الانتقاد لأعمال السلطة. وتضم الشركة صحيفة إلكترونية وإذاعة، أغلقتهما السلطات وشمّعت مقرهما، بعد أيام قليلة من اعتقال مديرها.

وأدانت المحكمة الابتدائية الصحافي بالسجن خمس سنوات، منها ثلاث سنوات موقوفة التنفيذ. ثم رفعت محكمة الاستئناف الحكم في 18 يونيو (حزيران) 2023 إلى السجن بسبع سنوات، منها خمس سنوات من دون تنفيذ. وثبتت «المحكمة العليا» الأحكام في وقت لاحق.

وفي أثناء المرافعات، أكد محامو الصحافي أن تهمة «تلقي أموال من الخارج لا تعدو مبلغاً قيمته 27 ألف جنيه إسترليني، حوّلته ابنته من بريطانيا حيث تقيم إلى حسابه البنكي، لحل مشكلات مالية واجهت المؤسسة الإعلامية، التي كانت تشغّل عدداً محدوداً من الصحافيين والفنيين».

الرئيس تبون وصف الصحافي القاضي بـ«الخبارجي» الذي «يتنقل بين سفارات غربية بالجزائر لإمدادها بالأخبار» (أ.ف.ب)

وصرّح الصحافي أمام القاضي بأن تعاطيه مع الشأن العام في إطار مهنته هو ما تسبّب في سجنه، واحتج بشدة على الرئيس عبد المجيد تبون، لما وصفه في حوار تلفزيوني بـ«الخبارجي»، وكان يقصد أنه «يتنقل بين سفارات غربية (في الجزائر) لإمدادها بالأخبار»، وهي «تهمة» مشحونة بالسلبية محلياً.


مقالات ذات صلة

لائحة الخلافات بين الجزائر وفرنسا في اتساع متزايد

شمال افريقيا من لقاء سابق بين الرئيسين الفرنسي والجزائري (الرئاسة الفرنسية)

لائحة الخلافات بين الجزائر وفرنسا في اتساع متزايد

يقول صنصال إن «أجزاء كبيرة من غرب الجزائر تعود إلى المغرب»، وإن قادة الاستعمار الفرنسي «كانوا سبباً في اقتطاعها، مرتكبين بذلك حماقة».

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا الروائي المعتقل بوعلام صنصال (أ.ف.ب)

كاتب جزائري شهير يواجه السجن بسبب «تحقير الوطن»

يواجه الكاتب الجزائري - الفرنسي الشهير بوعلام صنصال، عقوبة سجن تتراوح بين 12 شهراً و5 سنوات، بسبب تصريحات مستفزة بالنسبة للسلطات، أطلقها في فرنسا.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا الروائي المثير للجدل كمال داود (حسابه بالإعلام الاجتماعي)

«قضية الروائي داود» تأخذ أبعاداً سياسية وقضائية في الجزائر

عقوبة سجن بين 3 و5 سنوات مع التنفيذ ضد «كل من يستعمل، من خلال تصريحاته أو كتاباته أو أي عمل آخر، جراح المأساة الوطنية، أو يعتدّ بها للمساس بمؤسسات الجمهورية».

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا الرئيس تبون مع قائد الجيش (وزارة الدفاع)

الجزائر: شنقريحة يطلق تحذيرات بـ«التصدي للأعمال العدائية»

أطلق قائد الجيش الجزائري الفريق أول سعيد شنقريحة، تحذيرات شديدة اللهجة، في أول ظهور إعلامي له.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا الرئيس وقائد الجيش في آخر نشاط لهما معاً في 14 نوفمبر الحالي (وزارة الدفاع)

الجزائر: إقصاء الأحزاب الموالية للرئيس من الحكومة الجديدة

لاحظ مراقبون في الجزائر غياب «العمق السياسي» عن التعديل الحكومي الذي أحدثه الرئيس عبد المجيد تبون في حكومته.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)

المجلس النرويجي للاجئين يحذر أوروبا من تجاهل الوضع في السودان

إيان إيغلاند الأمين العام لـ«المجلس النرويجي للاجئين» (غيتي)
إيان إيغلاند الأمين العام لـ«المجلس النرويجي للاجئين» (غيتي)
TT

المجلس النرويجي للاجئين يحذر أوروبا من تجاهل الوضع في السودان

إيان إيغلاند الأمين العام لـ«المجلس النرويجي للاجئين» (غيتي)
إيان إيغلاند الأمين العام لـ«المجلس النرويجي للاجئين» (غيتي)

قال إيان إيغلاند الأمين العام لـ«المجلس النرويجي للاجئين»، إن الأزمة الإنسانية في السودان أسوأ من الأزمات في أوكرانيا وغزة والصومال مجتمعة.

وأوضح في حوار مع «وكالة الأنباء الألمانية» بعد زيارته لمنطقة دارفور بغرب السودان ومناطق أخرى: «حياة 24 مليون شخص على المحك في السودان».

وأضاف: «نحن ننظر لعد تنازلي قوي نحو المجاعة واليأس وانهيار حضارة بأكملها». وأكد أن الصراعات مثل الدائرة في أوكرانيا والشرق الأوسط، «يجب ألا تصرف الانتباه عن معاناة المواطنين في السودان».

صورة جوية لملاجئ مؤقتة للسودانيين الذين فرّوا من الصراع بدارفور بأدري في تشاد (رويترز)

وأضاف: «إذا اتفقنا أن حياة الإنسان ذات قيمة متساوية في أي مكان بالعالم، إذن فسيكون السودان على قمة قائمة الأمور المهمة الآن». وأوضح أنه شهد تداعيات الصراع المستمر منذ 600 يوم. ورأى في كثير من المناطق، ومن بينها مناطق كان يعمل بها المجلس سابقاً «دلالات واضحة للغاية على وقوع حرب مروعة. المنزل بعد المنزل والمنطقة بعد المنطقة، تعرضت للحرق والدمار والنهب».

وحذر إيغلاند من أن الوضع «على وشك الانفجار» مثلما حدث عام 2015، عندما عبر الملايين من اللاجئين من مناطق مزقتها الحرب، بما فيها سوريا، البحر المتوسط، ووصلوا إلى عتبات الدول الأوروبية. وقال: «لا أعتقد أن ألمانيا والاتحاد الأوروبي والدول الإسكندنافية وفرنسا يرغبون في ذلك».

وأضاف: «أن الاستثمار في السودان لن يساعد فقط في ثني المواطنين عن السعي نحو فرص أفضل في أماكن أخرى، ولكن أيضاً هو الأمر الوحيد الذي يتوافق مع القيم والمصالح الأوروبية».

وإضافة إلى ذلك، أفاد تقرير لـ«مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية»، الأحد، بأن السودان «يواجه أكبر أزمة نزوح داخلي في العالم»، مشيراً إلى أن أكثر من 3 ملايين طفل نزحوا داخل السودان وخارجه منذ بداية النزاع، وأضاف: «أن واحداً من كل 3 في السودان يعاني من نقص حاد في الأمن الغذائي».

نازحون في مخيم أقيم في القضارف (أ.ف.ب)

وبحسب التقرير الذي نشر على موقع «مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية»، «فقد أسفرت موجة العنف وانعدام الأمن الحالية عن ارتفاع أعداد الضحايا المدنيين، وإلحاق أضرار جسيمة بالبنية التحتية والمرافق الحيوية، فضلاً عن النزوح على نطاق واسع».

وجاء في التقرير: «أُجبر أكثر من 7.4 مليون شخص على مغادرة منازلهم بحثاً عن الأمان داخل السودان وخارجه، إلى جانب 3.8 مليون نازح داخلياً من الصراعات السابقة... يواجه السودان حالياً، أكبر أزمة نزوح داخلي في العالم وأهم أزمة نزوح للأطفال».

وأشار «إلى أن النظام الصحي الهش بالفعل أصبح في حالة يرثى لها، مع تصاعد خطر تفشي الأمراض، بما في ذلك تفشي الكوليرا، فضلاً عن حمى الضنك والحصبة والملاريا».