سلطات ليبيا تحقق لكشف لغز «مقبرة جماعية» بتاجوراء

الأجهزة المحلية استخرجت منها 46 جثة حتى الآن

استخراج الجثث من «مقبرة جماعية» بتاجوراء (الجمعية العامة للبحث عن المفقودين)
استخراج الجثث من «مقبرة جماعية» بتاجوراء (الجمعية العامة للبحث عن المفقودين)
TT

سلطات ليبيا تحقق لكشف لغز «مقبرة جماعية» بتاجوراء

استخراج الجثث من «مقبرة جماعية» بتاجوراء (الجمعية العامة للبحث عن المفقودين)
استخراج الجثث من «مقبرة جماعية» بتاجوراء (الجمعية العامة للبحث عن المفقودين)

تجري الجهات الأمنية والقضائية في ليبيا تحقيقات موسعة لحل لغز العثور على «مقبرة جماعية» في منطقة بئر الأسطى بمدينة تاجوراء، الواقعة غربي البلاد.

كانت الهيئة العامة للبحث والتعرف على المفقودين بطرابلس قد عثرت على «مقبرة جماعية» بمنطقة بئر الأسطى ميلاد، في 21 من أكتوبر (تشرين الأول) الحالي، استخرجت منها 6 جثامين مجهولة الهوية، بعد إخطار جهات التحقيق بالواقعة، مشيرة إلى أنه جرى بتعاون بين إدارتي البحث عن الرفات والطب الشرعي بالهيئة العامة، أخذ العينات من تلك الجثامين، وإحالتها إلى إدارة المختبرات بالهيئة لإجراء تحليل الحمض النووي بهدف التعرف على هويات الجثامين.

فريق الجمعية العامة للبحث عن المفقودين يواصل استخراج الجثث من «مقبرة جماعية» بتاجوراء (الجمعية)

وفي حين كشفت الهيئة العامة أن هذه الجثث تعود لعام 2011، فإن جهات التحقيق لم تعلن حتى الآن عن الكيفية التي قضوا بها في تلك الأثناء، لكنّ مصدراً بالنيابة العامة قال إن ليبيا شهدت أحداثاً دموية على فترات متقطعة خلال السنوات التي تلت إسقاط نظام الرئيس الراحل معمر القذافي، متوقعاً أن تكون هذه الجثث، التي ارتفع عددها إلى 46 جثة، نتيجة لهذه الأحداث، وقال إنهم سيعلنون قريباً عن معطيات تتعلق بمقبرة بئر الأسطى ميلاد.

فريق الجمعية العامة للبحث عن المفقودين ينتشل عدداً من الجثث (الجمعية العامة للبحث عن المفقودين)

وكانت الهيئة العامة للبحث والتعرف على المفقودين قد أعلنت، مساء أمس (الأربعاء)، أن فرق الهيئة تمكنت من استخراج 21 جثماناً من مقبرة بئر الأسطي خلال اليومين الماضيين، مشيرة إلى أن العدد الإجمالي ارتفع إلى 46 جثة.

في غضون ذلك، تؤكد الهيئة عزمها على مواصلة جهودها للكشف عن مصير المفقودين وتقديم الدعم لذويهم.

وعرفت ليبيا «المقابر الجماعية»، أو حفر الموت، بشكل مفجع بعدما رحلت ميليشيا «الكانيات» عن مدينة ترهونة، الواقعة على بُعد 90 كيلومتراً جنوب شرقي العاصمة الليبية طرابلس.

وفور انتهاء الحرب التي شنها «الجيش الوطني» على العاصمة مطلع يونيو (حزيران) 2020، عثر عدد من المواطنين في ترهونة على «مقابر جماعية»، ضمت مئات الجثث من مختلف الأعمار. وأظهرت مقاطع فيديو آنذاك عمليات الكشف وانتشال عشرات الجثث لأشخاص بعضهم مكبل اليدين، بينهم عدد من الأطفال، من مواقع بصحراء ترهونة، وحاوية حديدية، وبئر معطلة بالقرب من ترهونة، الأمر الذي أحدث ردود فعل محلية ودولية واسعة.

وتواجه «الكانيات» اتهامات بتصفية مئات الأسرى، الذين وقعوا في قبضتها انتقاماً لمقتل آمرها محسن الكاني، وشقيقه عبد العظيم، ودفنهم في «مقابر جماعية» على أطراف مدينة ترهونة.

من عمليات البحث عن الجثث (الجمعية العامة للبحث عن المفقودين)

وتاجوراء منطقة ساحلية تقع في شرق العاصمة طرابلس، وتبعد 21 كيلومتراً من وسط طرابلس. وسبق أن عثرت جمعية «الهلال الأحمر الليبي» في تاجوراء على 7 جثث مجهولة الهوية عام 2015، وقالت حينها إنهم قتلوا بسبب الاشتباكات المسلحة العنيفة التي شهدتها المنطقة.

واكتشف مواطنون خلال السنوات الماضية «مقابر جماعية» في ليبيا، كما عثروا على جثث عليها آثار رصاص ملقاة على قارعة الطريق، لكن لم تصل التحقيقات التي أجريت حينها إلى نتيجة.


مقالات ذات صلة

الأحزاب السياسية الليبية... اتجاه متزايد لـ«الاندماج» لمواجهة «الهشاشة»

شمال افريقيا نائبة المبعوث الأممي ستيفاني خوري في لقاء مع منسقي عدد من الأحزاب والكتل السياسية الليبية (البعثة الأممية)

الأحزاب السياسية الليبية... اتجاه متزايد لـ«الاندماج» لمواجهة «الهشاشة»

وسط تزايد أعداد الأحزاب السياسية في ليبيا خلال العقد الماضي، تباينت آراء سياسيين وحزبيين ليبيين بشأن دوافع الاتجاه الكبير من هذه الكيانات.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا بالقاسم ومحمد أبونيان مؤسس ورئيس مجلس إدارة شركة «أكوا باور» السعودية (صندوق الإعمار الليبي)

بالقاسم حفتر يتهم السياسيين بـ«إرهاق» ليبيا

خلال مشاركته في افتتاح مؤتمر «مبادرة مستقبل الاستثمار» بالمملكة العربية السعودية، اتهم بالقاسم حفتر السياسيين في بلده، بـ«إرهاق» ليبيا.

جمال جوهر (القاهرة)
شمال افريقيا الدبيبة يلتقي عمداء البلديات بشرق ليبيا وجنوبها (حكومة الوحدة)

«البلديات الليبية» ساحة صراع محتدم بين حكومتَي الدبيبة وحمّاد

أظهر اجتماع نظّمته حكومة عبد الحميد الدبيبة، في طرابلس لعدد من عمداء المجالس البلديات «صراعاً محتدماً» مع نظيرتها بشرق ليبيا.

جاكلين زاهر (القاهرة)
شمال افريقيا زيارة اللافي والنمروش مدينة يفرن (المجلس الرئاسي)

«الرئاسي» يدخل على خط احتجاجات أمازيغ ليبيا

وسط استمرار تجاهل حكومة الوحدة الليبية «المؤقتة»، برئاسة عبد الحميد الدبيبة، دخل المجلس الرئاسي على خط أزمة الاحتجاجات، التي شهدتها بعض مناطق الأمازيغ.

خالد محمود (القاهرة )
شمال افريقيا من عملية إنقاذ عدد من المهاجرين من طرف خفر السواحل بغرب ليبيا (وزارة الداخلية بحكومة الوحدة)

غرق 12 مصرياً أمام طبرق الليبية خلال محاولتهم «الهجرة»

أعلنت مؤسسة حقوقية ليبية انقلاب قارب كان يقل 13 مصرياً، أمام ساحل مدينة طبرق (شرق)، غرق منهم 12 فرداً.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

اتهامات للجيش السوداني بقتل مئات المدنيين في جنوب سنار

جنود من الجيش السوداني خلال عرض عسكري (أرشيفية - أ.ف.ب)
جنود من الجيش السوداني خلال عرض عسكري (أرشيفية - أ.ف.ب)
TT

اتهامات للجيش السوداني بقتل مئات المدنيين في جنوب سنار

جنود من الجيش السوداني خلال عرض عسكري (أرشيفية - أ.ف.ب)
جنود من الجيش السوداني خلال عرض عسكري (أرشيفية - أ.ف.ب)

قالت شخصية قبلية سودانية، الخميس، إن الجيش السوداني ارتكب مجازر بشعة جنوب ولاية سنار، وقتل مئات المدنيين وسجن العشرات، تحت ذريعة التعاون مع «قوات الدعم السريع» وأنهم حواضن قبلية في بلدتي الدندر والسوكي، وذلك وسط تكتم شديد وقطع شامل للاتصالات في المنطقة.

وقال ناظر «قبيلة رفاعة»، مالك الحسن أبوروف، لـ«الشرق الأوسط» إن «الجيش السوداني قتل أكثر من 460، واعتقل نحو 150 آخرين. و(قوات العمل الخاص) و(كتائب الإسلاميين) ارتكبوا مجزرة في حق المجموعات السكانية التي تعدّ حواضن لـ(قوات الدعم السريع)».

أفراد من الجيش السوداني (أرشيفية - أ.ف.ب)

واسترد الجيش السوداني في 24 أكتوبر (تشرين الأول) 2024 بلدَتي الدندر والسوكي بولاية سنار من «قوات الدعم السريع» التي كانت قد سيطرت عليهما في يوليو (تموز) الماضي ثم انسحبت أخيراً من البلدتين «تكتيكياً»، على ما أعلنت.

وأوضح الناظر أبوروف أنه حصل على معلومات من ذوي ضحايا في مدينة سنجة (حاضرة ولاية سنار) التي لا تزال تحت سيطرة «قوات الدعم السريع»، مفادها بأن «وحدات الجيش والميليشيات الموالية له من (كتائب الإسلاميين) و(القوات المشتركة)، استهدفت المجموعات ذات الجذور الدارفورية، وقتلت العشرات منهم، وعذبت كل من تعايش مع (قوات الدعم)؛ بمن فيهم النساء، ولم تستثن حتى بائعات الشاي اللاتي تعرضن لتعذيب؛ ما أدى لمقتل اثنتين منهن على الأقل».

وأضاف: «استهدفت تلك القوات القبائل ذات الجذور الدارفورية، وقتلت أكثر من 460 في بلدة الدندر وضواحيها... وما حدث في الدندر يعدّ إبادة جماعية».

وناشد الزعيم العشائري المجتمع الدولي «وضع حد للانتهاكات، والضغط من أجل وقف إطلاق النار»، وقال: «من يدفع ثمن هذه الحرب هو المواطن المسكين، لذا على المجتمع الدولي اتخاذ قرارات حاسمة لوقف إطلاق النار، والتفاوض من أجل إنهاء الحرب».

عناصر من «قوات الدعم السريع» بالعاصمة السودانية الخرطوم (أرشيفية - رويترز)

وتداولت الوسائط الإعلامية بكثافة مقاطع فيديو لجثثت عدد من القتلى ملقاة على الأرض، بينما يظهر جنود بأزياء الجيش وهم يهللون ويكبرون ويستعرضون ملابس لـ«قوات الدعم السريع» وهم يهتفون: «دعامة... دعامة»، ومقاطع أخرى لأشخاص يُضربون بالعصي والسياط.

وقالت مجموعة مدنية باسم «تجمع شباب قبيلة الهوسا»، في بيان، إن «الأحداث المؤسفة التي رافقت دخول الجيش مدينة الدندر وبلدات شرق سنار، وخروج (قوات الدعم السريع)، أسفرت عن قتل أكثر 350 شخصاً، معظمهم من أبناء قبيلة الهوسا» وفقاً لإحصائية أولية.

وحمّل بيان قبيلة «الهوسا» الجيش السوداني «المسؤولية الكاملة عن المجازر»، وأدان «تواطؤ (كتائب البراء بن مالك)»، التي تعمل تحت عباءة الجيش، و«كتائب العمل الخاص»، وتابع: «نعبر عن دهشتنا واستنكارنا تجاه هذه التصرفات الطائشة التي تحمل المواطنين الأبرياء تبعات سقوط الدندر في أيدي ميليشيا (الدعم السريع)».

ووجه التجمع الشبابي نداء عاجلاً إلى منظمات حقوق الإنسان المحلية والإقليمية والدولية، والأمم المتحدة، لتكوين «لجنة تحقيق عاجلة من أجل التحقيق في جرائم بلدتَي الدندر والسوكي وقُرى شرق سنار، وتقديم مرتكبي هذه الجرائم إلى محاكم عادلة تضمن إنصاف الضحايا».

وذكر بيان آخر صادر عن «تنسيقية أبناء الدندر بالخارج» أن «(قوات العمل الخاص)، التابعة للجيش، ارتكبت مجازر بشعة في بلدة الدندر، وقتلت 462 شخصاً، وفق إحصائية أولية؛ بينهم نساء وأطفال».

امرأة وطفلها في مخيم «زمزم» للنازحين قرب الفاشر شمال دارفور بالسودان (أرشيفية - رويترز)

وأوضح البيان أن «ما يحدث يُعدّ جريمة ضد الإنسانية، ولا يمكن تجاهل تبعاتها على السلم الاجتماعي»، واستطرد: «ما يُعرف (من يعرفون) بـ(العمل الخاص) يحاولون دفن الحقيقة مع أجساد الضحايا من أهلنا، لكنّ الدماء الطاهرة التي سفكوها في الدندر ستظل شاهدة على جرائمهم وإرهابهم».

وتعهد البيان بعدم السماح بطمس معالم ما سماها «المأساة»، وتوعد بالعمل مع الفاعلين الحقوقيين «من أجل القصاص للشهداء، وحماية من تبقى من الأهل»، وحذر مما سماه «التصعيد الوحشي»، ووصفه بأنه «استراتيجية مدروسة لتفكيك النسيج الاجتماعي في الدندر وإحداث فوضى تسهل تنفيذ تلك الأجندات القمعية».

وقال البيان: «التشكيلات العسكرية التابعة للجيش التي دخلت الدندر نفذت حملات انتقامية ضد المواطنين، تحت دعاوى التعاون مع (الدعم السريع)»، وتابع: «هذه الادعاءات لا تبرر بأي حال من الأحوال الجرائم المرتكبة بحق الأبرياء، بل تكشف عن النيات المبيتة لفرض السيطرة عبر الإرهاب».