أكد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، الأربعاء، في الرباط أن باريس عقدت «شراكة أقوى» مع المغرب لمكافحة «الهجرة السرية»، و«كل أشكال التهريب»، تتضمن «التزاماً بتحقيق نتائج». وقال ماكرون في خطاب أمام الجالية الفرنسية في المغرب، في ختام زيارة الدولة التي بدأها الاثنين إلى المملكة: «نريد نحن والمغرب معاً أن نكافح ضد جميع أشكال التهريب... وأن نحارب الهجرة السرية والشبكات التي تستغلها، والجريمة المنظمة وتهريب المخدرات (...) إننا نعقد شراكة قوية، بالتزام قوي، وثقة واحترام قواعد كل طرف، والتزام بتحقيق نتائج».
وحظيت قضية الهجرة باهتمام كبير من الجانب الفرنسي خلال زيارة ماكرون، إذ يريد وزيره الجديد في الداخلية، برونو روتايو، الذي يعتمد نهجاً صارماً بهذا الخصوص، دفع المغرب إلى استعادة مواطنين أوقِفوا لإقامتهم بطريقة غير نظاميّة في فرنسا. وشدّد ماكرون في مؤتمر صحافي على الإرادة المشتركة «لتحديد هوية الأشخاص الذين لا تتوافر وثائق حول أصولهم»؛ بغية «تقليص آجال» ترحيلهم. من جهته، أكد نظيره المغربي عبد الوافي لفتيت أن «مسألة الالتزام بمغادرة الأراضي الفرنسية تحظى بعناية خاصة من الطرفين». وشدّد نصّ الإعلان عن الشراكة الاستراتيجية، الذي وقعه قائدا البلدين الاثنين، على مبادئ «العلاقة بين دولة ودولة، والمساواة في السيادة، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية، وفي اختيارات السياسة الخارجية، واحترام الالتزامات المبرمة».
بدوره، أكد السيد محمد ولد الرشيد، رئيس مجلس المستشارين، أن المصير المشترك للمغرب وفرنسا يملي عليهما مواصلة بناء المستقبل، بكل ثبات وثقة، بما يرقى إلى ما يجمع الشعبين المغربي والفرنسي من وشائج وروابط قوية.
وأبرز ولد الرشيد في كلمة له خلال الجلسة المشتركة التي عقدها مجلسا البرلمان أن هذه الروابط «تزداد متانة وتماسكاً بالإرادة الصادقة لدى القيادتين في البلدين، وعملهما الدؤوب، وحرصهما الأكيد والمتواصل من أجل توطيد الشراكة البناءة، وروابط الإخاء والصداقة، والتعاون المتعدد في ظل الاحترام والتقدير المتبادلين». معرباً عن الاستعداد الدائم لإيلاء البُعد البرلماني ما يستحقه من عناية، والانخراط في مواكبة المجهودات المبذولة في هذا الإطار، لا سيما عبر دبلوماسية برلمانية، قوامها المبادرات والحوارات البرلمانية البناءة، بما يعزز التفاهم المتبادل والتعاون في القضايا المشتركة.
واستأثرت زيارة الدولة التي يقوم بها الرئيس الفرنسي للمغرب، بدعوة من الملك محمد السادس، والتوقيع على عدد من اتفاقيات التعاون الثنائي في مختلف المجالات، باهتمام الصحف الفرنسية، حيث أشادت بشراكة فرنسية - مغربية متجددة قادرة على رفع التحديات المقبلة.
في هذا السياق، أشارت يومية «لوفيغارو» إلى أن المغرب «بلد ما فتئ يتطور. ومن دواعي السرور أن يواصل هذا التقدم جنباً إلى جنب مع الصديق القديم، فرنسا، سواء في مجال السياحة، أو في التعليم والفلاحة والصناعة والدفاع، وكذلك في دبلوماسية متوازنة وواقعية في أفريقيا والشرق الأوسط».
وخصصت «لوفيغارو» مقالاً آخر للمغرب بصفته «قطباً للجاذبية في أفريقيا»، وأشارت إلى أن «المغرب، البلد المستقر جداً سياسياً واقتصادياً، والغني بموارد الصيد البحري والطاقة الشمسية والرياح والفوسفاط، يفرض اليوم نفسه بوصفه منصة اقتصادية رئيسية على مفترق الطرق بين أوروبا وأفريقيا والشرق الأوسط».
وأضافت اليومية الفرنسية: «كونه الحدود الأفريقية الأولى لأوروبا، فالمغرب يتمتع أيضا بواجهتين بحريتين تمنحانه ميزة استراتيجية»، مشيرة إلى ميناء طنجة المتوسط، الذي يحتل المرتبة 19 عالمياً، وأول خط قطار فائق السرعة في أفريقيا، ومحطة ورزازات للطاقة الشمسية، من بين المؤهلات التي جعلت من المملكة رائداً على الصعيد القاري.
من جانبها، سلطت «إذاعة فرنسا الدولية» (آر إف إي) الضوء على أهمية الاتفاقيات، التي تم توقيعها بين المغرب وفرنسا في اليوم الأول من زيارة الدولة التي يقوم بها ماكرون للمملكة، مشيرة في هذا السياق إلى الاتفاقيات الموقعة مع «ألستوم» و«إيجيس» في قطاع السكك الحديدية، والاتفاقية مع شركة «طوطال إينيرجي» بشأن الهيدروجين الأخضر: «وهو قطاع استراتيجي آخر».
وقالت «آر إف إي» إنه تم تحديد الطاقات المتجددة والطاقة الشمسية بوصفهما قطاعين واعدين للتعاون بين فرنسا والمغرب، مشيرة إلى العقد الذي حصلت عليه شركة «سافران» الفرنسية لإنشاء موقع لصيانة وإصلاح محركات الطائرات في الدار البيضاء، في حين أن شركة النقل البحري العالمية «CMA CGM» ستتعاون مع (مرسى المغرب) لتطوير محطة للحاويات بميناء الناظور غرب المتوسط.
ومن بين الاتفاقيات الموقعة، اهتمت يومية «لوموند» بتلك المتعلقة بقطاع السكك الحديدية، والطاقات المتجددة «التي يعتزم المغرب أن يصبح رائداً فيها»، والانتقال الطاقي والتعاون في مجال الربط الطاقي.