دفاع الساعدي القذافي عن الوجود التركي في ليبيا يفجر انتقادات

عقب دعوات مؤيدين للنظام السابق إلى طرد «المرتزقة»

الساعدي القذافي (أرشيفة من أ.ف.ب)
الساعدي القذافي (أرشيفة من أ.ف.ب)
TT

دفاع الساعدي القذافي عن الوجود التركي في ليبيا يفجر انتقادات

الساعدي القذافي (أرشيفة من أ.ف.ب)
الساعدي القذافي (أرشيفة من أ.ف.ب)

أثار دفاع الساعدي، نجل الرئيس الراحل معمر القذافي، عن الوجود التركي في ليبيا منذ مئات السنين «موجة انتقادات واسعة في البلاد، ولا سيما بين أنصار النظام السابق، الذين عدوا حديثه تكريساً للاحتلال».

والساعدي، الذي يقيم منذ خروجه من بلده على ما يبدو في تركيا، بدأ ينشط في التدوين على حساب منسوب له عبر منصة «إكس» في قضايا تتعلق بالشأن الداخلي، وبعض القضايا العربية.

وقال الساعدي إن «إخوتنا الأتراك كانوا معنا عبر التاريخ، يدافعون عن الإسلام والعرب والمسلمين منذ مئات السنين، وعندما ضعفت الدولة العثمانية احتُلت فلسطين وتشققت الكتلة الإسلامية، وجاءت (سايكس بيكو)، ووضعت حدودها».

من لقاء سابق بين رئيس حكومة «الوحدة» عبد الحميد الدبيبة والرئيس التركي (الوحدة)

وعدّ الساعدي عبر منصة «إكس» أن «وجود الأتراك أو المصريين، أو أي دولة مسلمة في ليبيا؛ بشرط التنسيق مع السلطات، أمر محمود ومفيد استراتيجياً ودينياً».

وعدّ ليبيون الحديث المنسوب للساعدي «تبريراً غير مقبول» للوجود التركي في ليبيا عبر عناصر (المرتزقة) السوريين، الموجودين في البلاد منذ عام 2019.

ووقعت اتفاقية «سايكس بيكو» بين فرنسا وبريطانيا بشكل سري على اقتسام تركة «الدولة العثمانية» على الأراضي العربية الواقعة شرق المتوسط عام 1916.

وسبق أن برّأت دائرة الجنايات بمحكمة استئناف طرابلس الساعدي في أبريل (نيسان) 2018، من تهمة قتل وتعذيب لاعب كرة القدم عام 2005. وظل النجل الثالث للرئيس الراحل قابعاً في السجن إلى أن أطلق سراحه في 6 من سبتمبر (أيلول) 2021، ليغادر البلاد متوجهاً إلى تركيا، وسط تباين الآراء حول إقامته راهناً.

فريق عسكري تركي خلال إشرافه على تدريب عسكريين بمدرسة عسكرية ضواحي طرابلس (الشرق الأوسط)

وعدّ مصطفي الفيتوري، الكاتب والأكاديمي الليبي، حديث الساعدي «تبريراً للاحتلال التركي السابق لقرون متواصلة بحجة نصر الإسلام وحماية المسلمين»، ورأى أن «الأخطر من هذا؛ التبرير لاتفاقية فائز السراج، رئيس المجلس الرئاسي السابق، مع الرئيس التركي رجب طيب إردوغان عام 2019، التي أعطت لبلاده الحق في إقامة قواعد عسكرية في ليبيا، بالإضافة لجلب عساكرها ومرتزقتها، بعد أن كان بلدنا محرّماً على القواعد والقوات الأجنبية».

وجاءت تصريحات الساعدي في أعقاب انطلاق «حراك اجتماعي ليبي» يطالب بإخراج عناصر «المرتزقة» من البلاد، يتزعمه موالون للنظام السابق، الأمر الذي أثار استغرابهم. و«للعلم لا توجد قوات مصرية في أي منطقة بالأراضي الليبية».

ووجه الفيتوري حديثه للساعدي، قائلاً: «إن كنت تعني بالتنسيق توقيع الاتفاقيات مثلاً فذلك هو الضلال بعينه؛ ومن هذا المنطلق، فإنه إذا وقعت السلطة الليبية اتفاقية تطبيع مع الصهاينة فعلينا أن نقبلها لأنها تمت وفق اتفاق».

رئيس الأركان التركي خلال زيارة سابقة لمركز قيادة العمليات التركي الليبي في طرابلس (وزارة الدفاع التركية)

وبعدما قال الفيتوري إن هذا هو حساب الساعدي على «إكس»، أكد على ضرورة «رفض أي اتفاق يأتينا بالقواعد والقوات الأجنبية»؛ وأرجع أسباب الرفض لأن ذلك «يعد انتقاصاً من السيادة الليبية الوطنية، ويعني تراجعاً عن أهم درس تعلمناه عبر 42 عاماً؛ وهو رفض الوجود الأجنبي المسلح، وبأي صيغة على الأرض الليبية». في إشارة إلى عهد القذافي.

وكان العجمي العتيري، قائد كتيبة «أبو بكر الصديق»، والمسؤول السابق عن تأمين سيف الإسلام، نجل العقيد الراحل معمر القذافي، إبان فترة احتجازه بمدينة الزنتان، قد دعا لإطلاق حملة شعبية لإخراج القوات التركية من ليبيا.

واستدعت تصريحات الساعدي انتقادات عدة من أطراف مختلفة، بينا التمس له البعض الأعذار، وهو ما أقدم عليه صاحب حساب «سيفيون ونفتخر» على موقع التواصل «فيسبوك»، بقوله: «تصريحات الساعدي القذافي لا تعني بالضرورة أنها صحيحة، أو هو من كتبها. الإشارة واضحة إلى أنه تحت الإقامة الجبرية».

بينما رأى صاحب حساب آخر يدعى «القاضي المعلم» أن «من حكموا ليبيا لا يهمهم إلا مصلحتهم فقط»؛ مستغرباً وصف الساعدي للأتراك الذين يحتلون طرابلس بـ«الإخوة».

والساعدي الذي يبدأ عقده السادس، كان لاعب كرة قدم سابقاً، وحاول من دون جدوى أن يؤسس مسيرة كروية في الدوري الإيطالي، قبل أن يقود وحدة نخبة عسكرية في ليبيا.


مقالات ذات صلة

رئيس «الوحدة» الليبية يطالب مجدداً بـ«قوانين عادلة» لإجراء الانتخابات

شمال افريقيا الدبيبة خلال لقائه عدداً من عمداء البلديات (حكومة الوحدة)

رئيس «الوحدة» الليبية يطالب مجدداً بـ«قوانين عادلة» لإجراء الانتخابات

تمسك عبد الحميد الدبيبة، رئيس حكومة الوحدة الوطنية المؤقتة، مجدداً بضرورة وجود «قوانين عادلة» لإجراء الانتخابات الرئاسية والنيابية المؤجلة.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
خاص تواجه دعوات تحجيب النساء «جبراً» رفضاً لفكرة «تقييد الحريات» في مجتمع غالبية نسائه أصلاً من المحجبات (أ.ف.ب)

خاص دعوات «إلزامية الحجاب» تفجر صراعاً مجتمعياً في ليبيا

بعد إعلان السلطة في غرب ليبيا عن إجراءات واسعة ضد النساء من بينها "فرض الحجاب الإلزامي"، بدت الأوضاع متجه إلى التصعيد ضد "المتبرجات"، في ظل صراع مجتمعي محتدم.

جمال جوهر (القاهرة)
شمال افريقيا الحويج و«الوزير الغيني» (وزارة الخارجية بحكومة حماد)

زيارة «وزير غيني» لحكومة حمّاد تفجر جدلاً في ليبيا

بعد أكثر من أسبوعين أحدثت زيارة أجراها «وزير دولة في غينيا بيساو» لحكومة شرق ليبيا حالة من الجدل بعد وصفه بأنه شخص «مزيف».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا وقفة احتجاجية سابقة لمتضررين من حرق السجل العقاري في عهد النظام السابق (لقطة من مقطع فيديو)

بعد 39 عاماً... مطالبة بالتحقيق في «إحراق» أرشيف السجل العقاري الليبي

بعد 39 عاماً على «إحراق» أرشيف السجل العقاري خلال عهد الرئيس الراحل معمر القذافي، يطالب ليبيون بفتح تحقيق في هذه القضية لـ«تضررهم من الحادثة».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا عدد من رؤساء منظمات المجتمع المدني من ليبيا ومن خارجها (البعثة الأممية)

ليبيا: الأمم المتحدة تبحث فرص نزع سلاح الميليشيات و«تفكيكها»

رعت البعثة الأممية اجتماعاً يضم رؤساء منظمات مجتمع مدني ومسؤولين حكوميين لمناقشة قضية نزع سلاح التشكيلات المسلحة وإعادة إدماجها في مؤسسات الدولة.

جمال جوهر (القاهرة)

مصر للحد من «فوضى» الاعتداء على الطواقم الطبية

تسعى الحكومة لتوفير بيئة عمل مناسبة للأطباء (وزارة الصحة المصرية)
تسعى الحكومة لتوفير بيئة عمل مناسبة للأطباء (وزارة الصحة المصرية)
TT

مصر للحد من «فوضى» الاعتداء على الطواقم الطبية

تسعى الحكومة لتوفير بيئة عمل مناسبة للأطباء (وزارة الصحة المصرية)
تسعى الحكومة لتوفير بيئة عمل مناسبة للأطباء (وزارة الصحة المصرية)

تسعى الحكومة المصرية للحد من «فوضى» الاعتداءات على الطواقم الطبية بالمستشفيات، عبر إقرار قانون «تنظيم المسؤولية الطبية وحماية المريض»، الذي وافق عليه مجلس الوزراء أخيراً، وسوف يحيله لمجلس النواب (البرلمان) للموافقة عليه.

وأوضح نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الصحة المصري، خالد عبد الغفار، أن مشروع القانون يهدف إلى «تحسين بيئة العمل الخاصة بالأطباء والفريق الصحي، ويرتكز على ضمان توفير حق المواطن في تلقي الخدمات الطبية المختلفة بالمنشآت الصحية، وتوحيد الإطار الحاكم للمسؤولية المدنية والجنائية التي يخضع لها مزاولو المهن الطبية، بما يضمن عملهم في بيئة عمل جاذبة ومستقرة»، وفق إفادة وزارة «الصحة» المصرية، الجمعة.

وأشار الوزير المصري إلى تضمن القانون «توحيد الإطار الحاكم للمسؤولية المدنية والجنائية التي يخضع لها مزاولو المهن الطبية، بما يكفل الوضوح في هذا الشأن ويراعي صعوبات العمل في المجال الطبي»، مع الحرص على «منع الاعتداء على مقدمي الخدمة الصحية، وتقرير العقوبات اللازمة في حال التعدي اللفظي أو الجسدي أو إهانة مقدمي الخدمات الطبية، أو إتلاف المنشآت، وتشديد العقوبة حال استعمال أي أسلحة أو عصي أو آلات أو أدوات أخرى».

جانب من العمل داخل أحد المستشفيات (وزارة الصحة المصرية)

وحسب عضوة «لجنة الصحة» بمجلس النواب، النائبة إيرين سعيد، فإن «هذه الخطوة تأخرت كثيراً»، مؤكدة لـ«الشرق الأوسط» أن مشروع القانون كان يفترض جاهزيته منذ عامين في ظل مناقشات مستفيضة جرت بشأنه، لافتة إلى أن القانون سيكون على رأس أولويات «لجنة الصحة» فور وصوله البرلمان من الحكومة تمهيداً للانتهاء منه خلال دور الانعقاد الحالي.

لكن وكيل نقابة الأطباء المصرية، جمال عميرة، قال لـ«الشرق الأوسط» إن مشروع القانون «لا يوفر الحماية المطلوبة للأطباء في مقابل مضاعفة العقوبات عليهم حال الاشتباه بارتكابهم أخطاء»، مشيراً إلى أن المطلوب قانون يوفر «بيئة عمل غير ضاغطة على الطواقم الطبية».

وأضاف أن الطبيب حال تعرض المريض لأي مضاعفات عند وصوله إلى المستشفى تتسبب في وفاته، يحول الطبيب إلى قسم الشرطة ويواجه اتهامات بـ«ارتكاب جنحة وتقصير بعمله»، على الرغم من احتمالية عدم ارتكابه أي خطأ طبي، لافتاً إلى أن النقابة تنتظر النسخة الأخيرة من مشروع القانون لإصدار ملاحظات متكاملة بشأنه.

وشهدت مصر في الشهور الماضية تعرض عدد من الأطباء لاعتداءات خلال عملهم بالمستشفيات من أقارب المرضى، من بينها واقعة تعدي الفنان محمد فؤاد على طبيب مستشفى «جامعة عين شمس»، خلال مرافقته شقيقه الذي أصيب بأزمة قلبية الصيف الماضي، والاعتداء على طبيب بمستشفى «الشيخ زايد» في القاهرة من أقارب مريض نهاية الشهر الماضي، وهي الوقائع التي يجري التحقيق فيها قضائياً.

وقائع الاعتداء على الطواقم الطبية بالمستشفيات المصرية تكررت خلال الفترة الأخيرة (وزارة الصحة المصرية)

وينص مشروع القانون الجديد، وفق مقترح الحكومة، على تشكيل «لجنة عليا» تتبع رئيس مجلس الوزراء، وتعد «جهة الخبرة الاستشارية المتعلقة بالأخطاء الطبية، والمعنية بالنظر في الشكاوى، وإصدار الأدلة الإرشادية للتوعية بحقوق متلقي الخدمة بالتنسيق مع النقابات والجهات المعنية»، حسب بيان «الصحة».

وتعوّل إيرين سعيد على «اللجنة العليا الجديدة» باعتبارها ستكون أداة الفصل بين مقدم الخدمة سواء كان طبيباً أو صيدلياً أو من التمريض، ومتلقي الخدمة المتمثل في المواطن، لافتةً إلى أن تشكيل اللجنة من أطباء وقانونيين «سيُنهي غياب التعامل مع الوقائع وفق القوانين الحالية، ومحاسبة الأطباء وفق قانون (العقوبات)».

وأضافت أن مشروع القانون الجديد سيجعل هناك تعريفاً للمريض بطبيعة الإجراءات الطبية التي ستُتخذ معه وتداعياتها المحتملة عليه، مع منحه حرية القبول أو الرفض للإجراءات التي سيبلغه بها الأطباء، وهو «أمر لم يكن موجوداً من قبل بشكل إلزامي في المستشفيات المختلفة».

وهنا يشير وكيل نقابة الأطباء إلى ضرورة وجود ممثلين لمختلف التخصصات الطبية في «اللجنة العليا» وليس فقط الأطباء الشرعيين، مؤكداً تفهم أعضاء لجنة «الصحة» بالبرلمان لما تريده النقابة، وتوافقهم حول التفاصيل التي تستهدف حلاً جذرياً للمشكلات القائمة في الوقت الحالي.