مصر تطالب بتكاتف الجهود العربية لمواجهة «الشح المائي»

وزير الري يناقش مع سفيرة الإمارات تنمية الاستثمارات وتبادل الخبرات

سويلم يلتقي سفيرة الإمارات في القاهرة (وزارة الموارد المائية)
سويلم يلتقي سفيرة الإمارات في القاهرة (وزارة الموارد المائية)
TT

مصر تطالب بتكاتف الجهود العربية لمواجهة «الشح المائي»

سويلم يلتقي سفيرة الإمارات في القاهرة (وزارة الموارد المائية)
سويلم يلتقي سفيرة الإمارات في القاهرة (وزارة الموارد المائية)

طالبت مصر بتكاتف الجهود العربية لمواجهة «الشح المائي» الذي تعاني منه المنطقة عبر إيجاد حلول مبتكرة للتعامل مع تحديات المياه، الأمر الذي عدّه خبراء «ضرورة ملحة»، يمكنه أن يؤدي إلى نتائج إيجابية.

واستقبل وزير الموارد المائية والري المصري هاني سويلم، الثلاثاء، سفيرة الإمارات في القاهرة مريم خليفة الكعبي، حيث أبدى استعداد مصر للتعاون مع الإمارات في مجال الموارد المائية، ونقل الخبرات المصرية المتميزة في مجال معالجة وإعادة استخدام المياه.

وأشار سويلم، وفق بيان للوزارة، إلى أهمية تكاتف الجهود في المنطقة العربية التي تُعد من أكثر المناطق معاناة من الشح المائي في العالم، وذلك للعمل على إيجاد حلول مبتكرة لمواجهة تحديات المياه، مثل التوسع في استخدام المياه غير التقليدية.

ومن المقرر أن يقوم وفد إماراتي بزيارة محطات الدلتا الجديدة لمعالجة مياه الصرف الزراعي خلال الأيام القليلة المقبلة، كما أشار البيان.

وتعاني مصر من «عجز مائي»، بنحو 30 مليار متر مكعب سنوياً، حيث «تبلغ حصتها من مياه نهر النيل 55.5 مليار متر مكعب سنوياً، في حين يتجاوز استهلاكها الحالي 85 مليار متر مكعب، يتم تعويض الفارق من المياه الجوفية، ومشروعات تحلية مياه البحر، وإعادة تدوير مياه الصرف الزراعي»، وفق وزارة الموارد المائية.

مباحثات مصرية إماراتية موسعة في القاهرة حول قضية المياه (وزارة الموارد المائية)

وخلال اللقاء، بحث الوزير المصري مع سفيرة الإمارات «فرص الاستثمارات الإماراتية في مصر، وتبادل الخبرات في مجالات إدارة المياه، وطرق الري الحديثة، والتحلية للإنتاج الكثيف للغذاء، اعتماداً على الطاقة الشمسية، بوصفها أحد الحلول لمواجهة العجز المائي، خاصة في ظل تشابه تحديات الشح المائي التي يواجهها البلدان».

وأكد سويلم «أهمية تطبيق مفهوم الترابط بين المياه والغذاء والطاقة، خاصة أن قطاع الزراعة هو المستهلك الأكبر للمياه، مع الاستفادة من التجارب الناجحة للدول الأخرى في مجال التحلية للإنتاج الكثيف للغذاء، مثل المغرب وإسبانيا وأستراليا، ومواصلة الدراسات والبحوث المعنية بتقليل تكلفة الطاقة لتقليل تكلفة التحلية».

ويرى خبراء، أن التعاون العربي في مجال المياه يمكنه أن يسهم بشكل كبير في مواجهة تحديات «الشح المائي». ويقول المستشار الأسبق لوزير الري المصري خبير الموارد المائية الدكتور ضياء الدين القوصي لـ«الشرق الأوسط»، إن «تكامل الجهود العربية أمر مهم، ويمكن أن يحقق نتائج كبيرة عبر التعاون في إنشاء محطات تحلية مياه البحر والمياه الجوفية، ومحطات إعادة تدوير مياه الصرف الزراعي».

ووفق القوصي، فإن «مصر تمتلك خبرات علمية وتكنولوجية وتقنية كبيرة في مجال معالجة المياه، لكنها تعاني من نقص التمويل والموارد المالية، لذا يمكن أن يسهم التعاون مع الإمارات ودول عربية أخرى في تحقيق التكامل عبر تبادل المنافع والخبرات، وأيضاً عبر إنشاء مصانع تكميلية تتعلق بإنتاج تكنولوجيا تحلية المياه والطاقة الشمسية».

وتأتي الدعوة المصرية إلى تكاتف الجهود العربية لمواجهة «الشح المائي» في وقت تتصاعد فيه التوترات بين القاهرة وأديس أبابا بشأن «سد النهضة» الذي تبنيه إثيوبيا على الرافد الرئيسي لنهر النيل منذ عام 2011، بداعي توليد الكهرباء، لكنّ دولتي المصب، مصر والسودان، تخشيان من تأثر حصة كل واحدة منهما من مياه نهر النيل.

وعدّ وزير الموارد المائية والري المصري الأسبق الدكتور محمد نصر الدين علام، التعاون العربي في مجال المياه بـ«الحتمي»، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «المنطقة العربية من أفقر دول العالم في نصيب الفرد من المياه، ويمكن للتعاون أن يحقق تكاملاً عربياً لمواجهة مشكلة المياه، خاصة أن مصر تمتلك خبرات كبيرة في هذا المجال، كما توجد في مصر فرص استثمارية كبيرة في قطاعات محطات التحلية أو الزراعة، ويمكن نقل الخبرات المصرية في هذا المجال إلى الدول العربية».


مقالات ذات صلة

تراجع حاد في مستويات المياه العذبة عالمياً

يوميات الشرق مهمة القمر الاصطناعي «GRACE-FO» استهدفت الكشف عن تغيرات كتلة المياه على سطح الأرض وتحتها (ناسا)

تراجع حاد في مستويات المياه العذبة عالمياً

كشفت بيانات الأقمار الاصطناعية التابعة لوكالة الفضاء والطيران الأميركية (ناسا) بالتعاون مع ألمانيا، عن تراجع حاد في إجمالي كميات المياه العذبة على كوكب الأرض.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
علوم «فقاعة المياه»... على وشك الانفجار

«فقاعة المياه»... على وشك الانفجار

بسبب البنية التحتية المتقادمة والإهدار

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
شمال افريقيا الوزير المصري سويلم يلتقي السفير الألماني بالقاهرة (وزارة الموارد المائية والري)

مصر تحذّر دول نهر النيل من تفعيل اتفاقية «عنتيبي»

حذّرت مصر دول نهر النيل، من تفعيل «الاتفاقية الإطارية لدول حوض النيل»، المعروفة باسم اتفاقية «عنتيبي»، مؤكّدةً أنها بشكلها الحالي «تخالف قواعد القانون الدولي».

أحمد إمبابي (القاهرة)
شمال افريقيا وزير الموارد المائية المصري هاني سويلم خلال حفل تخريج متدربين أفارقة (وزارة الموارد المائية والري المصرية)

مصر تتمسك بقاعدة «الإجماع» لحل «الخلافات المائية» في حوض النيل

أكّدت مصر تمسكها بضرورة العمل وفق قاعدة «الإجماع» في إدارة وحل «الخلافات المائية» مع دول حوض النيل.

عصام فضل (القاهرة)
يوميات الشرق الطلب على المياه العذبة سوف يتجاوز العرض بنسبة 40 في المائة بحلول نهاية العقد (رويترز)

أزمة المياه العالمية تُعرض نصف إنتاج الغذاء للخطر

حذّر خبراء من أن أكثر من نصف إنتاج العالم من الغذاء سيكون معرضاً للخطر خلال السنوات الخمس والعشرين المقبلة، مع تفاقم أزمة المياه العالمية.

«الشرق الأوسط» (لندن)

«الجنائية الدولية» تعيد سيف الإسلام القذافي إلى واجهة الأحداث في ليبيا

سيف الإسلام القذافي خلال تقدمه بأوراقه للترشح في الانتخابات الرئاسية في 14 نوفمبر 2021 (رويترز)
سيف الإسلام القذافي خلال تقدمه بأوراقه للترشح في الانتخابات الرئاسية في 14 نوفمبر 2021 (رويترز)
TT

«الجنائية الدولية» تعيد سيف الإسلام القذافي إلى واجهة الأحداث في ليبيا

سيف الإسلام القذافي خلال تقدمه بأوراقه للترشح في الانتخابات الرئاسية في 14 نوفمبر 2021 (رويترز)
سيف الإسلام القذافي خلال تقدمه بأوراقه للترشح في الانتخابات الرئاسية في 14 نوفمبر 2021 (رويترز)

بعد تأكيدات المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية كريم خان، الأسبوع الماضي، باستمرار سريان مذكرة التوقيف التي صدرت بحق سيف الإسلام، نجل الرئيس الليبي الراحل معمر القذافي عام 2011، عاد اسم سيف الإسلام ليتصدر واجهة الأحداث بالساحة السياسية في ليبيا.

وتتهم المحكمة الجنائية سيف الإسلام بالمسؤولية عن عمليات «قتل واضطهاد ترقى إلى جرائم ضد الإنسانية» بحق مدنيين، خلال أحداث «ثورة 17 فبراير»، التي خرجت للشارع ضد نظام والده، الذي حكم ليبيا لأكثر من 40 عاماً.

* تنديد بقرار «الجنائية»

بهذا الخصوص، أبرز عضو مجلس النواب الليبي، علي التكبالي، أن القوى الفاعلة في شرق البلاد وغربها «لا تكترث بشكل كبير بنجل القذافي، كونه لا يشكل خطراً عليها، من حيث تهديد نفوذها السياسي في مناطق سيطرتها الجغرافية». وقال لـ«الشرق الأوسط»: «رغم قلة ظهور سيف منذ إطلاق سراحه من السجن 2017، فإن تحديد موقعه واعتقاله لن يكون عائقاً، إذا ما وضعت القوى المسلحة في ليبيا هذا الأمر هدفاً لها».

صورة التُقطت لسيف الإسلام القذافي في الزنتان (متداولة)

وفي منتصف عام 2015 صدر حكم بإعدام سيف الإسلام لاتهامه بـ«ارتكاب جرائم حرب»، وقتل مواطنين خلال «ثورة فبراير»، إلا أن الحكم لم يُنفَّذ، وتم إطلاق سراحه من قبل «كتيبة أبو بكر الصديق»، التي كانت تحتجزه في الزنتان. وبعد إطلاق سراحه، لم تظهر أي معلومات تفصيلية تتعلق بحياة سيف الإسلام، أو تؤكد محل إقامته أو تحركاته، أو مَن يموله أو يوفر له الحماية، حتى ظهر في مقر «المفوضية الوطنية» في مدينة سبها بالجنوب الليبي لتقديم ملف ترشحه للانتخابات الرئاسية في نوفمبر (تشرين الثاني) 2021.

وأضاف التكبالي أن رفض البعض وتنديده بقرار «الجنائية الدولية»، التي تطالب بتسليم سيف القذافي «ليس لقناعتهم ببراءته، بقدر ما يعود ذلك لاعتقادهم بوجوب محاكمة شخصيات ليبية أخرى مارست أيضاً انتهاكات بحقهم خلال السنوات الماضية».

* وجوده لا يشكِّل خطراً

المحلل السياسي الليبي، محمد محفوظ، انضم للرأي السابق بأن سيف الإسلام «لا يمثل خطراً على القوى الرئيسية بالبلاد حتى تسارع لإزاحته من المشهد عبر تسليمه للمحكمة الدولية»، مشيراً إلى إدراك هذه القوى «صعوبة تحركاته وتنقلاته». كما لفت إلى وجود «فيتو روسي» يكمن وراء عدم اعتقال سيف القذافي حتى الآن، معتقداً بأنه يتنقل في مواقع نفوذ أنصار والده في الجنوب الليبي.

بعض مؤيدي حقبة القذافي في استعراض بمدينة الزنتان (متداولة)

وتتنافس على السلطة في ليبيا حكومتان: الأولى وهي حكومة «الوحدة» المؤقتة، التي يرأسها عبد الحميد الدبيبة، وتتخذ من طرابلس مقراً لها، والثانية مكلفة من البرلمان برئاسة أسامة حماد، وهي مدعومة من قائد «الجيش الوطني»، المشير خليفة حفتر، الذي تتمركز قواته بشرق وجنوب البلاد.

بالمقابل، يرى المحلل السياسي الليبي، حسين السويعدي، الذي يعدّ من مؤيدي حقبة القذافي، أن الولاء الذي يتمتع به سيف الإسلام من قبل أنصاره وحاضنته الاجتماعية «يصعّب مهمة أي قوى تُقدم على اعتقاله وتسليمه للمحكمة الجنائية الدولية»، متوقعاً، إذا حدث ذلك، «رد فعل قوياً جداً من قبل أنصاره، قد يمثل شرارة انتفاضة تجتاح المدن الليبية».

ورغم إقراره في تصريح لـ«الشرق الأوسط» بأن «كل القوى الرئيسية بالشرق والغرب الليبيَّين تنظر لسيف الإسلام بوصفه خصماً سياسياً»، فإنه أكد أن نجل القذافي «لا يقع تحت سيطرة ونفوذ أي منهما، كونه دائم التنقل، فضلاً عن افتقاد البلاد حكومة موحدة تسيطر على كامل أراضيها».

ورفض المحلل السياسي ما يتردد عن وجود دعم روسي يحظى به سيف الإسلام، يحُول دون تسليمه للمحكمة الجنائية، قائلاً: «رئيس روسيا ذاته مطلوب للمحكمة ذاتها، والدول الكبرى تحكمها المصالح».

* تكلفة تسليم سيف

من جهته، يرى الباحث بمعهد الخدمات الملكية المتحدة، جلال حرشاوي، أن الوضع المتعلق بـ(الدكتور) سيف الإسلام مرتبط بشكل وثيق بالوضع في الزنتان. وقال إن الأخيرة «تمثل رهانات كبيرة تتجاوز قضيته»، مبرزاً أن «غالبية الزنتان تدعم اللواء أسامة الجويلي، لكنه انخرط منذ عام 2022 بعمق في تحالف مع المشير حفتر، ونحن نعلم أن الأخير يعدّ سيف الإسلام خطراً، ويرغب في اعتقاله، لكنهما لا يرغبان معاً في زعزعة استقرار الزنتان، التي تعدّ ذات أهمية استراتيجية كبيرة».

أبو عجيلة المريمي (متداولة)

ويعتقد حرشاوي في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن الدبيبة يتبع أيضاً سياسة تميل إلى «عدم معارضة القذافي». ففي ديسمبر (كانون الأول) 2022، سلم المشتبه به في قضية لوكربي، أبو عجيلة المريمي، إلى السلطات الأميركية، مما ترتبت عليه «تكلفة سياسية»، «ونتيجة لذلك، لا يرغب الدبيبة حالياً في إزعاج أنصار القذافي. فالدبيبة مشغول بمشكلات أخرى في الوقت الراهن».